في مثل هذا اليوم استشهدت العذارى القديسات: أغابي وايريني وسيونية. وهؤلاء كن من أهل تسالونيقية، وكن عابدات للمسيح عن آبائهن، ثم اخترن عيشة البتولية واتفقن علي السلوك في الفضيلة. وكن مداومات علي الأصوام المتواصلة والصلوات الكثيرة. مترددات علي أديرة العذارى، متنسكات مع الراهبات. فلما تملك مكسميانوس الكافر. وأثار عبادة الأصنام، وسفك دماء كثيرين من المسيحيين، خافت القديسات، وهربن إلى الجبل، واختبأن في مغارة، مداومات علي نسكهن وعبادتهن.
وكانت هناك امرأة عجوز مسيحية تفتقدهن، بكل ما يحتجنه كل أسبوع. وتبيع ما يعملنه بأيديهن، وتتصدق عنهن بما يفضل. وحدث أن رأي أحد الأشرار كثرة خروج هذه العجوز إلى الجبل. فتبعها عن بعد، إلى أن عرف المغارة التي تدخل إليها، فاختبأ حتى لا تراه عند عودتها، وكان يظن أنها تخبئ أشياء ثمينة. فلما خرجت من المغارة وابتعدت عنها، دخل إليها فوجد الجواهر النفيسة عرائس المسيح وهن قائمات يصلين، فربطهن وجذبهن وأحضرهن إلى والي تسالونيقية. فسألهن عن إيمانهن فأقررن أنهن مسيحيات عابدات للمصلوب. فحنق الوالي عليهن وعذبهن كثيرا ثم طرحهن في النار، فأسلمن أرواحهن ونلن إكليل الشهادة.
صلاتهن تكون معنا. آمين.
الشهيدات أغابى وسيونيه وإيرينى
عن كتاب الشهيدة ايرينى إصدار دير ابى سيفين للراهبات بمصر القديمة
إن القديسات أغابى وسيونيه وإيرينى هم ثلاث أخوات فى الجسد من مدينة تسالونيكى بمقدونية فى اليونان، وقد ارتبطن معاً برباط المحبة فى الرب، فكن يعبدن الإله الواحد ربنا يسوع المسيح وقد نذرن له بتوليتهن منذ حداثتهن، كما كن يترددن على أحد أديرة العذارى فى المدينة ليتدربن على حياة الفضيلة والتقوى ويمارسن الصوم والصلاة والنسك مقتدين بالحياة الرهبانية الملائكية.
عندما أثار ديوكليتيكانوس وشريكة مكسيميانوس الاضطهاد وأصدر منشوراً فى الثالث والعشرين من شهر فبراير عام 303م، يقضى بهدم الكنائس وحرق الكتب المقدسة وبضرورة تقديم العبادة للآلهة الوثنية، قصدت أولئك العذارى أغابى وسيونيه وإيرينى مغارة فى أحد الجبال حيث خبأن فيها عدداً كبيراً من الكتب الكنسية وكذلك العديد من نسخ الكتاب المقدس ومكثن فيها يداومن على الصلاة والعبادة والحياة النسكية. وكانت تفتقدهن فى المغارة، سيدة مسيحية عجوز، تقدم لهن احتياجاتهن وتبيع عمل أيديهن، وتتصدق بما كان يفضل عنهن.
وعندما لاحظ أحد الوثنيين كثرة تردد هذه العجوز على الجبل، ظن أنها تخفى هناك أشياء ثمينة، فاقتفى أثرها من بعيد حتى عرف موقع المغارة. وفى ذات يوم اقتحم هذا الرجل الوثني المغارة، فوجد عرائس المسيح يصلين، وعلم إنهن مسيحيات ولا يعبدن الآلهة التى تعبدها الإمبراطورية الرومانية. كما رأى الكتب المقدسة العديدة التى اكتظت بها المغارة، فسخر منهن وتوعدهن ثم ربطهن وأحضرهن إلى الحاكم دولسيبيوس مع أربعة أشخاص آخرين.
عندما جلس الحاكم على كرسيه، قال له الكاتب أرتيميوس: "بعد إذن سيادتكم، أود أن أقرأ عليكم رسالة من مندوبنا كاسيندر بخصوص هؤلاء الماثلون أمام عظمتكم." ثم قرأ عليه الرسالة التالية: "من المندوب كاسيندر إلى جلالة دولسيتيوس حاكم مقدونية، مرسل إلى جلالتكم سته فتيات ورجل يدينون بالديانة المسيحية ويرفضون تناول اللحوم المذبوح للآلهة وها هى أسماؤهم: أغابى، سيونيه، إيرينى كاسيا، فيليبا، أوتاكيا ورجل يدعى أغاثون."
سألهم دولسيتيوس عن معتقدهم، فاعترفوا إنهم مسيحيون يعبدون الإله الواحد الحقيقي ربنا يسوع المسيح. فأمرهم بالخضوع والطاعة لأمر المنشور الملكي وأن يأكلوا مما ذبح للأوثان، فرفضوا. حينئذ استدار الحاكم نحو الفتيات وقال لهن: "حقا تعيسات وشقيات أنتن. كيف تتجاسرن وتعصون ولا تخضعن لأوامر الأباطرة؟" ثم توجه بالحديث إلى أغاثون قائلا: "وأنت ياأغاثون، لماذا ترفض أن تتناول ما ذبح للآلهة؟ أجاب أغاثون: "لأني مسيحى." وجه الحاكم دولسيتيوس نفس السؤال إلى الفتيات. فأجابت كل منهن بدورها:
أغابى: "أنى أؤمن بالله الحي ولن أضحى بأبديتى وإكليلي."
سيونيه: "لن أطيع أمر الإمبراطور لأني أؤمن بالله الحي."
إيرينى: "لن أرتكب ما يغضب إلهي."
كاسيا: "إنى أريد خلاصي الأبدي."
الوالي: "ألا تريدين الاشتراك فى ذبائحنا؟"
كاسيا: "ليحفظني الله من هذا الفعل الشنيع."
ثم وجه السؤال إلى فيليبا قائلا: "هل ستجيبين مثلهن؟"
فيليبا: " نعم بكل تأكيد، إنى أفضل الموت علي اسم ربي ومخلصي يسوع المسيح ولن أشترك نهائياً فى ذبائحكم." فقال الحاكم إلى أوتاكيا: "هل ستكونين أنت أيضا مجنونة مثلهن؟"
أوتاكيا: "نعم إني أوافقهن فى الرأي وأفضل أن أضحي بحياتي حتى الموت ولا أخضع البتة لما تطلبه منى."
ولما كانت أوتاكيا امرأة حامل، أمر الحاكم بإيداعها فى السجن إلى أن تضع مولودها. أما عن أولئك العذارى الثلاث أغابي وسيونيه وإيرينى، فلم يمل دولسيتيوس من محاورتهن محاولاً استمالتهن وإقناعهن بشتى الطرق للخضوع لأوامر قيصر. وقد توجه بالحديث أولا إلى أغابي قائلا: "ماذا قررت؟ ألا تريدين تقديم الولاء والطاعة والإقتداء بأولئك الذين يطيعون أوامر أباطرتنا العظام؟"
حينئذ وجه دولسيتيوس سؤاله إلى سيونيه قائلا: "وأنت سيونيه، بماذا تجيبين؟"
أجابت: "أنك لن تنجح فى زعزعة ثباتنا أو تغيير إيماننا فنحن نؤمن بالله الكلى العظمة وبابنه ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وبالعقيدة المقدسة التى ندين بها".
ثم التقى بهن أيضا الإمبراطور ديوكلتيانوس الذى حاول إرجاعهن عن معتقدهن ولكن أغابى أجابته فى جرأة وغيرة قائلة: "أيها الإمبراطور الجليل، من واجبك الاهتمام بالإمبراطورية ورعاية الدول والعناية بالجيش ولكن ليس لك أن تتحدث بالسوء ضد الله الحي الذى بدونه لا تقدر أن تفعل شيئا."
حينئذ التفت الإمبراطور إلى سيونيه، طالباً منها أن تجيب على غباوة أختها. فقالت سيونيه: "أن أختي فى كمال الفهم لأنها تجحد التقدمات الدنسة." فالتفت ديوكليتانوس إلى إيرينى أصغرهن ناصحاً إياها أن تكون أعقل من أختها." فأجابت إيرينى: "أن ما تظنه جنونا فى نظرك، إنما هو كمال العقل والحكمة."
حينئذ أمر ديوكليتانوس بإلقائهن فى السجن، فكانت المرأة العجوز تفتقدهن وتشجعهن. وعندما اضطر ديوكلتيانوس للسفر، سلمهن مرة ثانية للحاكم دولسيتيوس الذى استدعاهن بدوره مرة ثانية للمحاكمة وعندما باءت محاولاته بالفشل، أمر بجلدهن بقسوة وهن عراة. ولما نفذ صبره فى إخضاعهن رغم التعذيب الوحشي، وجه الحديث إليهن قائلا: "نظراً لأنكن لم تخضعن لأوامر أباطرتنا ورفضتن الخضوع والطاعة للمرسوم الملكي وفضلتن الثبات على عنادكن وعصيانكن رغم كل ما بذلناه فى نصحكن لتخضعن لديانة الإمبراطورية ولكنكن قد ازدريتن بأقوالنا وأوامرنا، لذا فإننا سنوقع عليكما العقاب الذى ينص عليه المنشور الإمبراطوري." ثم تابع دولسيتيوس حديثه فى عنف وغيظ قائلا: "نظراً لعناد أغابى وسيونيه وإصرارهما على الثبات فى الديانة المسيحية وازدرائهما بآلهتنا، فإننا نحكم عليهما بالحرق وهما أحياء أما إيرينى، فلتساق إلى السجن مع بقية رفقائها حتى نقرر ما يتعلق بشأنها."
تم تنفيذ الحكم، ونالت عروستا المسيح أغابى وسيونيه إكليل الإستشهاد والمجد الأبدي. وفى اليوم التالى، استدعى دولسيتيوس الفتاة إيرينى محاول تملقها بالوعد ثم بالوعيد لعله يتمكن من زعزعة إيمانها خاصة بعد أن عاينت ما قد حل بأختيها أغابى وسيونيه. وعندما باءت كل محاولاته بالفشل، قال لها: "لقد اتضح اليوم جنونك، لقد عثرنا فى المغارة على العديد من الكتب والأوراق الخاصة بالديانة المسيحية. تلك الديانة التى تحرمها الدولة. ولا تستطيعي الآن إنكار وجود هذه الكتب التى تم إحضارها أمامي. فاعلمي أنى ما زلت أعاملك باللطف، ومازال أمامك فرصة للنجاة من الموت والعذاب المرير الذى سيلحق بك. فقط ضحى للآلهة، ونفذي أوامر أباطرتنا وكلى مما ذبح للآلهة وسأعفو عنك فى الحال."
أجابت إيرينى فى ثبات وشجاعة: "اعلم أيها الوالي إنى لن أنفذ أبداً شيئا مما ذكرته، فأنى لن أسلم نفسي لنار وعذاب أبدى، هذا العذاب الذى أعد لأولئك الذين ينكرون مسيحهم ابن الله الحي من أجل النجاة من عذاب وقتي."
- "أخبريني من الذى حرضك على إخفاء هذه الكتب طوال هذه الفترة؟"
+ "إن إلهي الكلى العظمة أوصانا أن نحبه أكثر من حياتنا. لذا نفضل أن نظل أمناء لله وأن نسلم ذواتنا للحريق ونحن أحياء ولا نسلم أبدا الكتب المقدسة لأيدي عابثة آثمة."
- "هل يعلم أحد بإخفاء هذه الكتب لديكن؟"
+ "لم يعلم أحد بهذا الأمر سوى الله وحده العارف بكل شئ."
- وأين اختبأت أنت وأخواتك طوال العام الماضي منذ إصدار المنشور الملكي؟"
+ "لقد اختبأنا فى الجبل."
- "ومن كان يطعمكن إذا؟"
+ "إلهنا الصالح الذى يهتم بكل خليقته."
- "هل يعلم والدك بكل ذلك؟"
+ "لم يعرف أحدا شيئا."
- "والجيران والأقارب، لا يعلمون هم أيضا شيئا من أمركن؟"
+ "تستطيع أن تسأل وتبحث عما يعنيك من الأمور التى تريد الاستفسار عنها."
- "هل قرأتن هذه الكتب أمام أحد أثناء مكوثكن فى المغارة؟"
+ "لم نقرأ فيها أمام أحد ولم نجرؤ على حملها خارج المغارة. لذا كلنا نخبئها بكل حرص."
- "لقد استوجبت أختاك العقاب الذى يستحقانه. أما أنت فسأذيقك نوعا آخر من العذاب لإخفائك هذه الكتب."
حينئذ أمر دولسيتيوس باقتياد الفتاة إيرينى إلى بيت للأشرار مع الفتيات الساقطات وأن تترك معهن عدة أيام وأن يكون الخبز الجاف هو غذاءها الوحيد وأن تشدد عليها الحراسة ولا يسمح لها بالخروج من هذا المكان لحظة واحدة. وبالفعل نفذ هذا الحكم بكل شدة.
أما إلهنا القدوس فقد أحاط عروسه بعنايته. وكان حافظاً وحامياً لطهارتها وعفتها، فلم يجرؤ أحد على الاقتراب منها. وعندما شعر الوالي أنه اصطدم ببرج حصين ثابت البنيان، اغتاظ جداً. واستدعاها للمثول أمامه وقال لها: "إلى متى ستستمرين فى عنادك وعصيانك؟"
أجابت إيرينى: "أن ما تعتبره عناد وعصيان إنما هو محبة لإلهى وأنى أقر أنني سأظل أمينة له حتى الموت."
عندما سماع الوالي هذه الأقوال، طلب لوحاً وكتب عليه الحكم التالى: "نظراً لأن إيرينى ترفض الخضوع والطاعة لأوامر الأباطرة وترفض التضحية للآلهة وتصر على التصاقها وارتباطها بهذه الجماعة التى تدين بالمسيحية، فإننا نصدر أمراً بإلقائها فى النار حية مثل أختيها."
شكرت إيرينى إلهها ومخلصها وظل قلبها يطفر فرحاً لملاقاة عريسها السماوي وأسرعت بخطى جريئة نحو موضع العذاب، وهو نفس الموضع الذى نال فيه أختاها أغابى وسيونيه أكاليل المجد. بعد إن انتهت من الصلاة، دنت من النار وألقت بنفسها فيها. فطارت روحها الطاهرة إلى الأمجاد السماوية ونالت إكليل المجد الغير المضمحل عام 304م. بركتهم تكون معنا أمين.
يا أولادي الأحباء، كثيرة هي أمجاد القديسين، وينبغي أن نغير من أجلها، ونطلب معرفة تدبيرهم وعملهم، ونفتِّش لنعرف كيف استحقوا الملكوت ونالوا النعيم في تلك الرتبة، لأنهم لم يشتروها بمال بل إنهم اقتفوا فقط آثار القديسين الذين قبلهم. وقد اقتنوا المسكنة وتواضع النفس وانسحاق القلب والمجاهدة في الصلاة والمحبة لكل الناس وخوف الله الذي لم يُفارق قلوبهم والذي لا يُبدِّده الغضب، هذه هي فضائل النفس.
أما الجسد فقد رفضوا جميع شهواته، وكانوا جياعاً عطاشاً لا يُنعِّمون ذواتهم بشيء من شهوات الدنيا. بهذا التدبير نالوا هذا المجد وأخذوا إكليل ملكوت السموات. فالآن أي شيء كان لهم وليس لنا سوى أنهم تركوا كل أهوية قلوبهم من أجل الرب، وحملوا الصليب وتبعوه ولم يفصلهم عن محبته شيء آخر؟
أما نحن فليس فينا حب الله تاماً كاملاً مثل آبائنا القديسين الذين أحبوا الله حبّاً خالصاً ليس فيه غشُّ ولا رياء، ولم يُبعدهم عن محبته شيء من أمور العالم البتّة: لا مال ولا أولاد ولا أهل ولا إمرأة ولا أخ ولا سلطان، مثل إبراهيم الذي أحبّ الله حبّاً تاماَ ولم يُشفق على ابنه اسحق لما أمره أن يذبحه فأطاعه وعمل مرضاته، ومثل الشهداء القديسين الذين اختاروا حبّ الله على حياتهم وصبروا على صعوبة التعذيب وتقطيع أجسادهم وسفك دمائهم لأجل محبة الله التي انغرست فيهم وأكملوا قول بولس الرسول: "ما الذي يُفرِّقني عن حب المسيح؟ أشدّة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عري أم خطر ام سيف، لأن هذه كلها وما هو أعظم منها لا يمكن أن يُفرقني عن محبة الله في المسيح" (رو 8)
فالآن يا أولادي، وجب علينا إذ قد تركنا محبة العالم ولبسنا زيّ العبادة واتبعنا الرب يسوع، أن نحبه أكثر من الأهل والوالدين والإخوة والأولاد وكل الممتلكات الفانية التي في العالم حتى نكمِّل الوصية ونفوز بتتميم أوامره المقدسة، فننال الطوبى مثل القديسين.
يا أولادي، فرُّوا من الخطية واصبروا إلى الموت في حفظ وصايا الرب، ولا تقبلوا مشورة العدو من جهة كسر أي وصية مهما كانت صغيرة، لأن كسر أي وصية صغيرة كانت ام كبيرة يُغضب الله. إنني أريد أن تكون نفوسكم، يا أولادي، مسكناً دائماً لله حتى تتفكروا على قريبكم بالخير دائماً ولا يكون فيكم مَنْ يذكر الشر لأخيه أو يتحرك بالبغضة عليه، فإن القلب الذي يتفكّر بالشر والبغضة لا يمكن أن يكون مسكناً لله.
لقد علمتم المكتوب: "إن أحببتم بعضكم بعضاً فإن الله يكون ساكناً فيكم"، فاقتنوا الحب بعضكم لبعض لكي تقتنوا لأنفسكم كل تدبيرالفضائل الأخرى في رهبنتكم كل أيام حياتكم. اكشفوا عن وجوهكم برقع الظلمة الذي يمنعكم عن ان تُبصروا حلاوة محبة الأخوة وتعرفوا مقدار كرامة هذه الفضيلة. اسمعوا بولس الرسول كيف يقول: "أنا مسكن الله الحي" (1 كو 3)، فامسكوا هذا في قلوبكم ولا تقولوا الشر على قريبكم أو تُحزنوه لئلا تُغضبوا الله الساكن فيه! لأن كل كرامة يكرِّم بها الإنسان أخاه هي واصلة بالمسيح سبحانه، وكذلك كل ما يُكرَّم به المسكين والغريب، لأنه هو القائل: "بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم" (مت 25)
أطلب إليكم، إذن، أن تفرُّوا من كل وقيعة ودينونة لأنها تُهلك نفوسكم، أما النفس التي لا تقبل الوقيعة ولا تفكّر في السوء على أحدٍ ولا تميل إلى حب المال ولا تميل إلى شهوات العالم، فإنها تستضيء مثل الشمس إذ تصبح نقية سالمة من العيوب. فإن تغلَّبَت عليها الشهوة وسَعَت إلى النميمة والوقيعة والحسد وحب الفضة، فإن بقية الخصال الرديئة تكمل فيها فتنتزع منها نعمة النقاوة والاستضاءة.
اعلموا أن الحكيم إذا وقع في حفرة مرة، فإنه يحترس منها حتى لا يقع فيها مرة أخرى، واعلموا أنه كما كانت الحية إناءً للعدو وبواسطتها هلك آدم ووجب عليه الموت، هكذا أفعال السوء فهي مداخل للعدو الذي بها يُهلك نفس فاعلها. فالواجب، إذاً أن نحفظ أنفسنا جداً لئلا نصير آنية للشيطان.
يا أولادي، احفظوا أسماعكم لكي تبقى قلوبكم نقية، واهربوا من كل نجاسة لأن الذئاب في هذا الزمان كثيرة، وهي تسعى لتخطف الخراف الساذجة. وإن اتفق لأحد منكم أن زلّ وأوجع قلب أخيه بكلام أو وقيعة، فعليه أن يندم في الحال ولا يعود إلى ذلك حتى لا يزيد النار حطباً. وإن هو سمع كلاماً رديئاً عن أحد أخوته، فعليه أن يردّ الكلام إلى الصلاح حتى يملك الحب والسلام بينكم، فيثمر فيكم قول المخلص: "طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدعون" (مت 5). وهكذا يحرص كل واحد منكم أن يمدح أخاه في غيبته حتى إذا سمع أخوه ذلك عنه يزداد في محبته.
واعلموا، يا أولادي، هذه الحقيقة: أنّ في قلب الإنسان "سراً إلهياً"، فمتى كان قلب الإنسان غير نقي ونيته غير صافية نحو أخيه أو صاحبه، فلا بدّ أن قلب أخيه يشعر بذلك مهما حاول هو أن يتجمَّل بلسانه نحوه. وكذلك أيضاً من جهة المحبة: إذا كان قلب أخيك يحبك فلا بدّ أن قلبك يشعر بذلك وتحبه. لذلك احرصوا بكل جهد أن لا يتغير قلب أحد منكم على صاحبه. فإن حدث أن سمع أحد كلاماً صدر من أخيه عنه ولم يتحقق أنه صحيح أو كذبٌ، فلا يخبِّئه في قلبه ويحقد عليه ويبدأ أن يتجمَّل بلسانه نحوه وقلبه غير نقي، فهذه الحال تولِّد البُغضة المرّة والحقد، وهي تُغضِب الله.
فالإنسان إذا سمع من أخيه شيئاً يوجع قلبه، عليه في الحال أن يأخذه فيما بينه ويعاتبه عليه، فإن كان صحيحاً يُنبِّهه ألا يعود إلى ذلك، وإن كان كذباً فسيزول ما في قلبه في الحال. ولكن إذا أهمل الإنسان ذلك وتركه جانباً، فإن الحقد يتولّد فيه شيئاً فشيئاً ، وهذا هو هلاك النفس هنا وفي الآخرة !
يا أولادي، كل مَنْ يسمع التأديب ولا يقبله ولا يعمل به فهو خاسرٌ نفسه ويُصبح معذَّب النفس دائماً لا يهداً له سرُّ أبداً، ويصير غضوباً حزينأً كئيباً مهموماً مغموماً كثيرالأفكار، تُطالبه نفسه بعمل الشر وبالكلام الرديء، لأن الأدب هو مثل طريق الملك التي عليها الحراس يحرسونها نهاراً وليلاً، قكل مَنْ يسلكها بالنهار أو الليل يكون آمناً على نفسه. أما الجهالة وقلة السمع والإعجاب بالنفس فهي طريق وعرة غير مسلوكة، وكل مَنْ مشى فيها ضل وتعب وربما هلك، لأن اللصوص والدّعرة موطنهم هناك. وكل مَنْ مشى في الطريق المسلوكة واتفق أن عثر في أمر أو عارضٍ كان عُذره مبسوطاً وعلاجه حاضراً، أما مَنْ ترك عنه طريق الملك واختار أن يسير في الطريق الوعرة فلا عُذر له ولا علاج.
وأنا أطلب منكم بكل قلبي أن لا تغيب الشمس على غضبكم، ولا يبيت أحد منكم وفي قلبه حقد على أخيه، فهل يعلم إن كان يُدركه المحتوم في تلك الليلة فيمضي إلى الرب وهو ملوث القلب نجس الفكر، فيضيع تعبه ويذهب خاسراً الدنيا والآخرة.
أنا أوصيكم، يا أولادي، أن تُبالغوا في خدمة القديسين والمرضى، وادفعوا لهم على قدر قوتكم من عمل أيديكم. واعلموا أنّ عمل كل واحدٍ منكم محسوب له إن كانت خدمة او صلاة أو مطانيات أو دموع أو صوم، حتى الكلمة الواحدة التي يقولها الإنسان بالمحبة لأجل الله للتعزية أو عمل اليدين هذا كله محسوب لكم. فلا تخافوا، يا أولادي، لأن مخلصنا لا يظلمنا بشيء وكل تعبٍ يتعبه أي واحد منا سوف يُستعلن له وقت خروج النفس من الجسد.
فاستيقظوا، يا أحبائي، ولا يظن الذين يأكلون ويشربون ويرقدون بلا مقدار والذين لا يلومون أنفسهم أنهم يتساوون بالذين يتعبون ويسهرون ويحرصون في كل شيء من أجل الله. فاجتهدوا، إذن، وأحبوا التعب. ليكن عندكم تعب الجسد حلواً شهياً بلا ملل، ولكن ليس بتكلُّف، لأن متكلف الشيء ضعيف القدرة عليه ... أمّا المشتهي التعب فيسعى إليه بنشاط وفرح قلب بغير ضجر. وطوبى لمن يبقى في تعبه فرح القلب ويدوم فيه غير متكلِّف عليه، لأنه باب الفردوس المفتوح.
أما الذي يُطيع ضعف الجسد فإنه يصبح في النهاية غريباً من تلك الخيرات المعدّة للمجاهدين، ويستولى عليه الندم في القيامة حينما تُستعلن الأكاليل والمواهب السماوية للذين تعبوا، ويبقى هو بعيداً لا يملك إلاّ الحزن والكآبة التي لا تنفع. ماذا ينتفع الإنسان إذا تنيح (إرتاح) في هذه الدنيا بالطعام والشراب والنعيم الزائل زماناً يسيراً ثم يقع هناك في العذاب الدائم؟!
وأعرِّفكم أيضاً أنّ الذي يُلازم فضيلة واحدة من الصلاح ويفرِّط في فضيلة أخرى يشبه إنساناً أخذ إناءاً وملأه زيتاً وأهمل فيه ثُقباً ثم سافر، فلما وصل إلى نهاية سعيه فرغ الإناء مما فيه ! هكذا كل من يتوقّف عند الاهتمام بوصية واحدة ولا يسلك بالصواب في بقية الفضائل، فإنّ عمله لا يُقبل وتعبه يضيع. فاحرصوا على حالكم وميِّزوا أعمالكم حتى لا يلحقكم تفريطٌ ولا يغلب عليكم هوى، لئلا تصيروا مثل مَنْ يتصدق بكل ما عنده ويعتقد أنه بتلك الصدقة ينجو من عقاب تفريطه في باقي الوصايا.
أو مثل مَنْ يعتقد أنه يخلص بإطعام الآخرين بالخبز أو إضافة الغرباء أو زيارة المحبوسين والمرضى وهو مهمل في بقية الوصايا. أو مثل مَنْ يجتهد في الصلاة ليلاً ونهاراً وهو خالٍ من المحبة أو الرحمة وبقية الوصايا. أو مثل مَنْ يصوم كل زمانه ويحرم نفسه من كل خيرات الدنيا وهو مفرِّطٌ في الوصايا الأخرى. أو مثل مَنْ يتمسّك بالتعفُّف والمسكنة، ثم يقتني الاسترخاء والكسل مقتنعاً أنه بتعففه ومسكنته يخلص. أو مثل مَنْ يلزم الطهارة الجسدية، ثم لا يبتعد من أفكار الشر والوقيعة والحسد، معتقداً أنه بطهارة جسده ينال الملكوت السماوي. هكذا، فإن كل مَنْ يتمسّك بهذه الوصايا المفردة لا يكاد أبداً أن يخلص بها، لأن الوصايا مثل السلسلة متى انفكّت منها عروة تلفت بأكلمها، فمَنْ توانى عن وصية من وصايا ضاع تعبه.
يا أولادي، افهموا كلامي، خذوه وأدخلوه في خزائن قلوبكم، لأنه سيأتي وقتٌ تُسألون فيه عن ثمر كلامي وتعطون جواباً عما سمعتموه مني، فلا تجعلوا كلامي لكم سبب دينونة لأني كلمتكم لأجل خلاصكم وصحة أنفسكم.
اهتموا، يا أولادي، بخلاص نفوسكم وارجعوا إلى الرب بتوبة نقية من الغشِّ، وببكاء وتضرُّع اعترفوا بنقائصكم، ولا تكونوا كالبهيمة التي لا حسّ لها ولا حكمة عقل، تقع في حفرة وتعود إليها. واعلموا أن التوبة قائمة الآن ومستعدة وكل الفضائل تلحقها لكل مَنْ يُجاهد فيها، لأن شأن التوبة جليل وعظيم هو حُسن عاقبتها إلى الأبد ... والذين يثبتون على مرارتها ويتمسكون بمسلكها ولا تتغير قلوبهم عنها يأخذون أجراً عظيماً عنها وينالون الملكوت بسببها، لأن التوبة النقية مفتاح كل الفضائل وبدء كل صلاح وسلّم الخيرات الأبدية، والذي يقتنيها تسهل عليه باقي الوصايا شيئاً فشيئاً.
ولكن التوبة ليست هي عن خطايا الجسد فقط، وإنما عن كل الخطايا سواء كانت للجسد أو للنفس ... وكل مَنْ اجتهد فيها فهو الرجل الكامل الذي بدأ يبني على الصخر!
يا أولادي، أنا أفزع إلى الله مرتعداً من أجلكم حتى لا تُصادوا بفخ الغفلة ولا تميل قلوبكم إلى اعتياد التهاون، لأن ذلك يُبعدكم عن حرارة التوبة ويورِّثكم الندامة في النهاية خيث لا ينفع حينئذ ندم، فما دمتم في الجسد فامسكوا التوبة ولا تدعوها تفلت منكم، لأن كل مَن فارقها فقد فارقته الرحمة وملكوت السموات. اضرعوا دائماً وابكوا بكاءاً قدام مخلصنا حتى تستحقوا سماع الصوت: "مغفورة لك خطاياك". صالح هو مخلصنا، وهو محب البشر يفرح بتوبتكم ويطلب من الآب لأجلكم، ولكن لا تتهانوا أنتم بطيبة قلبه وترجعوا إلى خطاياكم فتصبح الطلبة من أجلكم بلا نتيجة.
فمَنْ هو الجاهل إلاّ الذي ترك عنه التوبة واستكان للاسترخاء والغفلة فينهدم كل ما بناه بالتعب والدموع. أحبوا، إذاً، حلاوة الجهاد لأن التعب والحرص يأتيان بالإنسان إلى الراحة ويُشفيان جميع أوجاع قلبه، ويجلبا له خيرات السماء، وفي النهاية يصير مسكناً للروح القدس.
فلنتُب ما دام لنا زمان قبل أن يأزف الوقت ونُدعى للخروج من الجسد، لأن التوبة هي لزمان قليل بعد، لأن الذي يموت في خطاياه يقول الله إنه لا يذكر له شيئاً من صلاحه. إذن، فلنحرص من الآن حتى نجد عزاءاً في زمان الشدة كالفلاح الذي إذا لم يتعب ويحرث ويزرع في زمان الشتاء لا يجد في زمان الجفاف ما يجمعه إلى مخازنه ولا ما يقتات به.
هكذا نحن، فليحرص كل واحد منّا على قدر قوته، فإذا لم نقدر كلنا أن نُكلَّل مع الكاملين، فلا بأس أن نكون دونهم، ولكن لا نكلّ يا أحبائي في الجهاد لنشارك أحباء المسيح، ولا نكون مع ذلك العبد الذي دفن فضة سيده ولم يعمل شيئاً. نحن نجاهد على قدر قوتنا مهما كان قليلاً، لأن إلهنا صالح وهو يُكافئ عوض القليل الكثير.
ولنجتهد لنتشبه دائماً بالصالحين لئلا نندم عندما نجدهم في النهاية في مجد عظيم، فنبدأ نلوم أنفسنا قائلين: يا ليتنا كنا سلمنا أنفسنا للموت في الجهاد حتى نرث هذه النعمة مثلهم! طوبى، يا أولادي، للذين يعملون الآن بكل قوتهم، فإن ساعة واحدة في ذلك المجد والراحعة تجعلهم ينسون كل تعبهم. احرصوا، إذن، لئلا تُعدَموا تلك النعمة. مكتوب في رسائل القديس بولس الرسول أن اهتمام الجسد موت واهتمام الروح حياة وسلام. فليكن اهتمامنا الآن هو في الروح لكي نحيا إلى الأبد ونرث النعيم الدائم.
يا أولادي، أنا أعطي وصيتي لكل واحد منكم أن لا يدنو من الأسرار المقدسة إلاّ وهو مستبرئٌ نفسه (أي يحاكمها فيجدها بريئة)، أمّا إن كان بينه وبين أخيه وجد أي حقد فليمضِ إليه ويُصالح قلبه ويضرب له مطانية، وبعد ذلك يتناول من الأسرار الطاهرة، عالمين أن محبة الأخوة ومصالحة قلوبهم بعضهم نحو بعض هي النعمة كل النعمة وهي العبادة وهي الملكوت ..
أمّا الغضب والحقد والتعيير والحسد والبغضة والغش والرياء، فهذه هي صناعة العدو الملعون، ومَنْ يتبع شيئاً منها فهو يتشبه بالشيطان ويشتغل بصناعته، والذي يطلب خلاص نفسه يهرب من هذه جميعها. واعلموا انّ مخلصنا لم يُقاتل الشيطان بارتفاع لاهوته، لكنه وضع نفسه وتنازل حتى غلب كبرياءه وتجبُّره، وعلَّمنا أن نُقاتله بهذا التدبير حتى نغلبه، فلنلحق باتضاع معلمنا حتى يعطينا الغلبة في قتال عدوّنا.
يا أحبائي، اجعلوا أنفسكم غرباء عن هذا العالم لكي تصيروا أهلاً للخيرات الأبدية. أول معصية كانت بسبب الطعام في الفردوس، وأول الجهاد الذي جاهد به مخلصنا حتى غلب العدو هو بالصوم. فلنجاهد إذن كما علمنا ونتقدّم الآن إلى جهاد الصوم بحيث يكون تعبه حلواً عندكم، واطلبوا الزيادة حتى تأخذوا المكافاة مضاعفة. واعلموا ان صوم الأربعين المفروض علينا ليس الجهاد به وحده هو الذي يدخل بنا إلى الملكوت، وإنما صوم الأربعين هو الخميرة للسنة كلها، فيجب أن نوفيه باحتراس لأن الخميرة إذا فسدت أفسدت العجين كله.
والصوم مربوطٌ بعدّة فضائل لا يثمر إلا معها وبها، وجميعها أنتم تعرفونها، فاحترسوا في صومكم من الغفلة، لأنّ أعداءنا الذين يحسدوننا إن هم ظفروا بنا فلن يرْثوا لهلاكنا، وكلما غفلنا نحن ازدادوا هم حرصاً على هلاكنا، فلا تُفرِّحوا أعداءنا ولا تُكمِّلوا مشيئة مبغضينا لأنهم يريدون تبديد أتعابنا.
وفي أيام الخماسين، إذا لم تقدروا أن تصوموا أو تضربوا مطانيات فالزموا السهر وقراءة الكتب الإلهية بنشاط، وتمموا خدمتكم بحرص ولا تتوانوا عن الذهاب إلى الكنيسة بمخافة. واعلموا أنّ الملاك الموَّكَّل بالسرائر المقدسة يعرف مَنْ هو المستحق ويفرح به ويطوِّبه، أمّا غير المستحق فيحزن عليه ويعطيه الويل لأنه إنما يأخذ ناراً في جسده. فاحترسوا، يا أولادي، وتحفّظوا حتى لا يتقدم أحدٌ إلى الأسرار المقدسة وهو في شكٍّ لسبب من الأسباب لئلا يهلك وهو لا يدري.
واجعلوا دخولكم إلى الكنيسة مبكراً لتسمعوا المزامير والتسبحة ثم قراءة الكتب - كما علمنا الرسل في قوانينهم - قبل أن تأخذوا جسد المسيح ودمه المحيين، لأنه يطرد من نفوسكم كل قوات الظلمة ويطهِّر قلوبكم من كل دنس، لأنه شفاءُ للنفس وبه تُحفَظ من كل قوات العدو كما قال سيدنا: "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه" (يو 6). أمّا الذي يتهاون ويظل بلا قربان فإن قوات الظلمة تقوى عليه وتدنِّس قلبه ويكون غريباً من النعمة التي أعطاها له مخلصنا.
فيجب علينا ألا نترك في أنفسنا علّةً تمنعنا من التناول، بل نكون ملازمين لنقاوة الضمير وطهارة النفس متحدين دائماً بالمسيح، لأننا بذلك ننعتق من سلطان العدو، ولا يبقى له فينا مطمعٌن ولا يجد إلينا سبيلاً لهلاك أنفسنا وخسارة تعبنا وإبعادنا من خالقنا.
فتيقّظوا بالروح وامتلئوا بالإيمان حتى تمضوا إلى الرب بدالة، ووجوهكم مكشوفة وأعمالكم نيِّرة لتستحقوا الدخول إلى أورشليم السماوية، وتنالوا الإكليل الذي لا يبلى، وطوبى لمَنْ وجد ذلك عند ظهور مخلصنا يسوع المسيح، الذي له المجد مع أبيه وروح قدسه إلى أبد الدهور آمين.
_______________________________
المرجع: فردوس الآباء الجزء الأول، إعداد راهب ببرية شيهيت، والعظة منقولة عن مخطوط رقم س 4 بمكتبة دير أنبا مقار