تفسير سفر إرميا - الأصحاح 14 | تفسير انطونيوس فكري


العدد 1- 9:
الأيات 1-9 :- كلمة الرب التي صارت الى ارميا من جهة القحط. ناحت يهوذا و ابوابها ذبلت حزنت الى الارض و صعد عويل اورشليم. و اشرافهم ارسلوا اصاغرهم للماء اتوا الى الاجباب فلم يجدوا ماء رجعوا بانيتهم فارغة خزوا و خجلوا و غطوا رؤوسهم. من اجل ان الارض قد تشققت لانه لم يكن مطر على الارض خزي الفلاحون غطوا رؤوسهم. حتى ان الايلة ايضا في الحقل ولدت و تركت لانه لم يكن كلا. الفراء وقفت على الهضاب تستنشق الريح مثل بنات اوى كلت عيونها لانه ليس عشب. و ان تكن اثامنا تشهد علينا يا رب فاعمل لاجل اسمك لان معاصينا كثرت اليك اخطانا. يا رجاء اسرائيل مخلصه في زمان الضيق لماذا تكون كغريب في الارض و كمسافر يميل ليبيت. لماذا تكون كانسان قد تحير كجبار لا يستطيع ان يخلص و انت في وسطنا يا رب و قد دعينا باسمك لا تتركنا.

غالباً الآيات (1-6) نبوة للتحذير من القحط قبل وقوعه. لأن هذه الكلمات هى كلمة الرب التى صارت لإرمياء ثم فى الأيات (7-9) صلاة أرمياء لرفع الضيقة أو تكون هذه الأيات كلها هى صلاة أرمياء بدأت بالشكوى من قسوة القحط ثم طلب إلى الله لرفع هذه الغمة ويكون معنى كلمة الرب التى صارت لإرمياء. أن هذه الصلاة وضعها الرب فى فمه فكل صلاة حقيقية وضعها الله فى قلوبنا (رو26:8).

ولنلاحظ أن سبب عدم إستجابة الله لصلاة أرمياء، وصلاة الناس أنفسهم، وأن الله لم يعط مطراً مع كل هذه الصلوات، هذا راجع لأنهم يطلبون الخيرات الزمنية غير مبالين بحياتهم الأبدية، أى دون أن يقدموا توبة حقيقية. فلنصلى لكى نمتلىء بالروح (ورمزه المياه يو37:7-39) على أن نقدم توبة حقيقية.

وفى (2) أبوابها ذبلت = أبواب أسوار المدن هى أماكن إجتماع الرجال للحديث والقضاء، ومنها تأتى إمدادات الطعام، بل منها خرج الشعب ولم يعد بحثاً عن طعام فى أماكن أخرى. حزنت إلى الأرض = هذه إشارة إلى أردية الحزن السوداء الطويلة. غطوا رؤوسهم = علامة الرعب والحزن. وصعد عويل أورشليم = لأن السماء صارت نحاساً والأرض حديداً (تث23:28) أى لا خيرات بسبب تركهم الرب، وذلك ما حذرهم به موسى من قبل. وفى (4) الأرض قد تشققت = ولكن ألم يتركوا هم ينبوع المياه الحية وحفروا لأنفسهم أباراً مشققة لا تضبط ماء. وبسبب خطية الإنسان تُلعن الأرض، وها هى الحيوانات تتألم (6،5) قارن مع (رو22،20:8) تستنشق الريح = الفرا هو الحمار الوحشى، وهذا يحيا فى البرية، ومن العطش ها هو يلهث طالباً هواءً بارداً رطباً يستنشقه. وصلاة النبى عنهم هنا فيها إعتراف بالخطية وأنهم يستحقون ما هم فيه. ثم طلب مراحم اللله ليس عن إستحقاق بل من أجل مجد إسمك أى ليتمجد إسمك بمراحمك. والإسم يعنى سمة الشخص الأساسية (7). وفى (8) المسافر الذى يبيت فى فندق ليلة واحدة لا يهتم بأمور الفندق وأرمياء هنا يعاتب الله قائلاً أليست أورشليم هى بيتك، فلماذا تركت بيتك، لماذا صرت بالنسبة لأورشليم كمسافر فى فندق ما عاد يهتم به أى بأورشليم أو لماذا صارت أورشليم لك كفندق وليس بيتك الخاص الذى تهتم به. وكثيراً ما يبدو المسيح هكذا، كأنه غير مهتم:

1. إما لغضبه كما هى الحالة هنا.

2. أو ليزداد إيماننا كما كان نائماً فى السفينة، كما لو كان متغافلاً مع تلاميذه فى المركب أثناء العاصفة الخطرة لكنه أبداً ليس هكذا.

وفى (9) كلام أشد لهجة حتى يحث الله أن يتدخل ولكن لماذا يتدخل الله والدرس لم يأتى بثماره ولم يقدَم الناس توبة. فلابد أن نتعلم الدرس وراء كل تجربة تمر بنا ونتعلم ما يريده الله منا ولا نتوقف عند مجرد طلب الخلاص من التجربة. ولنلاحظ فى هذه الصلاة أننا فى صلواتنا يجب أن نهتم بمجد الله لا بأنفسنا.


العدد 10- 16:
أيات 10-16:- هكذا قال الرب لهذا الشعب هكذا احبوا ان يجولوا لم يمنعوا ارجلهم فالرب لم يقبلهم الان يذكر اثمهم و يعاقب خطاياهم. و قال الرب لي لا تصل لاجل هذا الشعب للخير. حين يصومون لا اسمع صراخهم و حين يصعدون محرقة و تقدمة لا اقبلهم بل بالسيف و الجوع و الوبا انا افنيهم. فقلت اه ايها السيد الرب هوذا الانبياء يقولون لهم لا ترون سيفا و لا يكون لكم جوع بل سلاما ثابتا اعطيكم في هذا الموضع. فقال الرب لي بالكذب يتنبا الانبياء باسمي لم ارسلهم و لا امرتهم و لا كلمتهم برؤيا كاذبة و عرافة و باطل و مكر قلوبهم هم يتنباون لكم. لذلك هكذا قال الرب عن الانبياء الذين يتنباون باسمي و انا لم ارسلهم و هم يقولون لا يكون سيف و لا جوع في هذه الارض بالسيف و الجوع يفنى اولئك الانبياء. و الشعب الذي يتنباون له يكون مطروحا في شوارع اورشليم من جرى الجوع و السيف و ليس من يدفنهم هم و نساؤهم و بنوهم و بناتهم و اسكب عليهم شرهم.

فى (10) يقول لهذا الشعب ولم يقل شعبى فالله رفضهم لكسرهم وصاياه. وهم لا ميل ولا رغبة لهم للرجوع = هكذا أحبوا أن يجولوا إذاً فإنحرافهم ناشىء عن ميلهم للخطية وسرورهم بها. هم لم يكونوا مضطرين بل هم أحبوا هذا. والخطية هى جولان الإنسان بعيداً عن الله وهذا يحرمه من إحسانات الله. وهم سمعوا بهذا وعرفوا عقوبة خطاياهم ولكنهم لم يمنعوا أرجلهم. ولذلك فالله لن يقبلهم ولن يقبل حتى محرقاتهم ولا حتى صلوات النبى عنهم (12،11) وفى (13) يحاول النبى أن يجد لهم عذراً بأن الأنبياء الكذبة قد خدعوهم ولكن الله يقول كلاهما سيهلك الخادع والمخادع (16،15) وسيأتى عليهم السيف علامة على كذب هؤلاء الأنبياء الذين قالوا لا سيف. ولكن قبل أن يأتى السيف فهناك علامة أخرى على كذب الأنبياء وهى قلوبهم التى إنعدم منها السلام فسلام القلب علامة على صدق النبوات لو إتبعناها. ولكن هم أحبوا كلمات الأنبياء الكذبة ولم يحبوا كلمات النبى أرمياء لأنهُ يدعوهم للتوبة وهذا ضد شهواتهم "أعمى يقود أعمى" (12) حين يصومون لا أسمع = فهناك أصوام غير مقبولة، وهذه هى أصوام من لا يقدم مع صومه توبة، بل يصوم وهو مُصَرْ على خطيته.
العدد 17- 22:
أيات 17-22 :- و تقول لهم هذه الكلمة لتذرف عيناي دموعا ليلا و نهارا و لا تكفا لان العذراء بنت شعبي سحقت سحقا عظيما بضربة موجعة جدا. اذا خرجت الى الحقل فاذا القتلى بالسيف و اذا دخلت المدينة فاذا المرضى بالجوع لان النبي و الكاهن كليهما يطوفان في الارض و لا يعرفان شيئا. هل رفضت يهوذا رفضا او كرهت نفسك صهيون لماذا ضربتنا و لا شفاء لنا انتظرنا السلام فلم يكن خير و زمان الشفاء فاذا رعب. قد عرفنا يا رب شرنا اثم ابائنا لاننا قد اخطانا اليك. لا ترفض لاجل اسمك لا تهن كرسي مجدك اذكر لا تنقض عهدك معنا. هل يوجد في اباطيل الامم من يمطر او هل تعطي السماوات وابلا اما انت هو الرب الهنا فنرجوك لانك انت صنعت كل هذه.

يستمر النبى فى شفاعته عن شعبه بالرغم من أن الله طلب منهُ أن يكف عن ذلك ربما لأنه أحس أن الله لم يحرَم عليه ذلك بل هو لا يشجعه على الصلاة من أجلهم. وهو هنا يبكى على خراب أورشليم بتوجيه من الله حتى يؤثر فى سامعيه ويشعروا بالمصيبة القادمة وفى (17) يتكلم ويبكى كأنه رأى هذه المصيبة القادمة على العذراء بنت شعبى = فهى عزيزة علىَ كأنها بنتى. وفى (18) الكاهن والنبى لا يعرفان شيئاً وفقد حدث لهم عمى روحى ولم يعد الروح القدس يكشف لهم شىء بسبب إنغماسهم فى الخطية فلا شركة للنور مع الظلمة وفى (21) يصلى النبى للرب حتى لو أحزنتنا لا ترفضنا للنهاية، ولو كانت يدك علينا فلا تجعل قلبك يستدير ضدنا. ولا تهن كرسى مجدك = حتى لا تقول الشعوب أنه غير قادر على خلاصنا وفى (22) يتشفع من أجل مسألة المطر التى يحتاجونها الأن. فهو إله الطبيعة المسيطر عليها.


أسفار الكتاب المقدس
أعلى