القمص متى باسيلى

الينور

New member
إنضم
29 ديسمبر 2006
المشاركات
28
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
القمص متـــى باسيلــي
' ولد هذا الأب البار فى عام 1870م بالقرب من دير الأمير تاوضروس ( تادرس ) المحارب بالأقصر من عائلة تقية خائفة الرب وسُمى فاخوري وكان والده باسيلى شيخا للقرية ربى ابنائه على حب الكنيسة فنشأ فاخوري نشأة مسيحية حقة . توفى والده وهو فى سن الشباب فأصبح هو المسئول عن اخوته فتولى الاشراف على زراعة الأرض التي يملكونها وفي الوقت نفسه التحق بالعمل مع بعثة أمريكية تُنقب عن الآثار . على أن عمله لكسب العيش ولتربية اخوته لم ينسه الخدمة الروحية فكان شماسا بدير المحارب ولم تقتصر خدمته على التسابيح والصلوات فقط بل كان منوطا به عمل الترتيبات اللازمة لراحة زوار الدير الذين كانوا يتوافدون على الدير بالمئات وكان يصر على أخذ زوار الدير إلى بيته بعد الانتهاء من القداس الإلهي ليقدم لهم طعام الافطار وقد التف حوله الجميع في هذه السن المبكرة وأحبوه وأكرموه .

أولما كانت العائلة التي ينتمي إليها فاخوري من تلك العائلات التي تأصلت في اعماقها روح المسيحية فقد زكاه الجميع للكهنوت واستلم الأنبا مرقس مطران الأقصر في ذلك الوقت التزكيات واحتفظ بها ليصوم ويصلي حتى يرشده الله لأن هذا الحبر الجليل كان لا يضع يده على رأس أي مرشح قبل ان يرى رؤيا بخصوصه ولأن الرب كان يعلم مدى نقاوة قلب فاخوري فقد منحه أن يرى هو والأب المطران الحلم التالي : رأى انه جاءه غفير يطلب منه الحضور إلى مقابلة عمدة البلدة ويحضر عملية الانتخاب فقام وذهب فلا وما ان دخل إلى المنزل حتى اعطاه رئيس لجنة الانتخاب ورقة مقسمة إلى خانات وداخل كل خانة وظيفة معينة وفي الخانة الأخيرة مكتوب (( الكهنوت )) فلوقته أختار هذه الوظيفة . فوقف رئيس اللجنة وهنأه بفرح وابتهاج ... ولم تمض غير ثلاثة ايام على هذا الحلم حتى ارسل الانبا مرقس يستدعى فاخوري وحدد له موعدا لرسامته كاهنا وتمت الرسامة فى كنيسة العذراء بالأقصر حوالى سنة 1895 م وقد دعاه الأنبا مرقس باسم القس متى .. وقد رُسم معه ابن عمه ايضا باسم القس متياس ، وقد نالا كلاهما بركة الخدمة في دير المحارب وقد شملت خدمتهما القرى المجاورة للدير .

– ومنذ ان بدأ القس متى خدمته الروحية إلة نهاية حياته عود نفسه على افتقاد الشعب ورعايته بلا هوادة ولسعة قلبه الملئ بالمحبة كان يخدم الكل من غير تفرقة فخدم القبط والمسلمين على السواء وكان يخدم الفقراء أضعاف خدمته للأغنياء وكان بيته اشبه بالمضيفة اذ كان مفتوحا طوال النهار وإلى ساعات متأخرة من الليل .. كذلك منحه الأب السماوي موهبة شفاء الأمراض وإخراج الشياطين .

أ ولشدة عطفه على الفقراء خصص لهم مكانا فى بيته ليستريحوا فيه وكان يجلس معهم بنفسه يشاركهم الطعام ويقدم لهم الطعام بنفسه .. وذات يوم جاء إليه رجلا في مسيس الحاجة إلى المساعدة فقال لأهل بيته : أعطوه كل الدقيق الذى عندنا .. وحاولوا أن يقنعوه بتقديم جزء واستبقاء جزء اخر فكرر عليهم : انا قلت اعطوه كل الدقيق الذي عندنا ولا تستبقوا منه شيئا .. فأطاعوه .. وبعد ساعة واحدة وصل إلى بيته رجلا يقود جملا على ظهره أردبان من القمح مرسلان لأبينا متى من أحد الأغنياء !! وتلقى أهل بيته العطية فى شكر صامت وقد ازدادوا يقينا بالنعمة الإلهية التي غمرت قلب أبونا متى ..

E وكان يعلم شعبه باستمرار بقوله : احبــوا الله والناس يحبكـم الله والناس .. وقد مارس هذا القول فعلا بل عاشه وقد تجلت هذه المحبة حينما انتشر وباء الملاريا فى البلاد فقد حدث أن مات سبعة أشخاص في يوم واحد وكان هو فى الدير يصلي على المتوفين فبعد أن انتهى من الصلاة على آخر واحد منهم وقف أمام حجاب الهيكل وكان يصلي بدموع ويقول : كفاية يارب .. ارفع الوباء عن الناس وتراءف عليهم ... وفى تلك الليلة رأى رؤيا عجيبة . رأى طائرة كلها انوار من الداخل والخارج وقد وقفت امام باب الدير ونزل منها شخصا وتقدم إليه قائلا : تعال قابل الملك لأنك طلبته وهو عاوز يشوفك فسار معه إلى سلم الطائرة واذ بالملك المسيح نازلا إليه فسجد أبونا امامه وكرر الطلب : ياسيدي ارفع الوباء فأجابه ملك الملوك : لا تخف فصلواتك قد قبلت ومن اليوم سأرفع الوباء .. ولما استيقظ ابونا متى أحس بفرح عظيم وأخبر اهل بته بما رأى ففرحوا هم ايضا وتهللوا ... وبالفعل لم يمت بعدها أحد بالملاريا إذ قد تلاشى الوباء بتلبية رب المجد لضراعة قديسه ابونا متى باسيلى ..

J ولقد سبق القول بأن ابونا متى قد اتسع قلبه ليحب الجميع وبدت هذه المحبة فى استجابته لطلبات المسلمين تماما كما يستجب لطلبات المسيحيين وعلى سبيل المثال فقد أتى اليه رجلا مسلم من أهالي المنطقة هو وامرأته لم يرزقهما الله طفلا على الرغم من زواجهما منذ سنوات طويلة وللوقت رفع ابونا متى يديه بالصلاة إلى الاب السماوي راجيا اياه ان يفرح قلب الزوجين بولد وبعد حوالى سنة جاء الرجل وزوجته ومعهما طفلهما استجابة لصلوات ابونا متى ، وقدما للدير عجلا وفاء لنذر كانا قد نذراه .

أ ورغم ان الكل كان يحب ابونا متى ويهابه إلا ان لكل قاعدة شواذ . فمثلا اراد أحد اللصوص الأشقياء أن يزعجه فتربص له ذات ليلة وهو عائدا من افتقاد أحد القرى وقطع عليه الطريق وهو يزعق بأعلى صوته : وقف عندك .. فأجابه رجل الله بهدوء تام : انـت اللــى توقــف عنــدك .. وبهذه الكلمات أصيب الشقي بالجمـود التام ولم يستطيـع الحركـة . ومضى ابونا فى طريقه بسلام ، أما الذي زعم أن يخيفه فقد ظل واقفا في مكانه حتى أشرقت الشمس ورآه الناس وهو فى طريقهم لأعمالهم وعرفوا منه ما حدث وعندها أنفك من رباطه وتمكن من الحركة . فصحبه بعضهم إلى بيت ابونا متى الذي سامحه وأوصاه بالتوبة .. فحقا عجيبة هي اعمال الله في قديسيه ..

—–وذات يوم كان ذاهبا للسؤال عن بعض ابنائه وعندما جاء ليعبر الشارع رآه سائق عربة حنطور واقفا ملاصقا للحائط فتعمد أن يعود بالعربة إلى حيث كان ابونا واقفا ويخبطه ويوقعه على الأرض وفي تلك اللحظة كان يمر احد الأطباء وكان من احباء ابونا متى فتوقف على الفور ورفعه من على الأرض وأجلسه داخل سيارته ثم قال لأبينا متى لابد ان آخذ العربجي للقسم لأنه تعمد ايذاءك .. فأجابه رجل الله فى هدوئه المعتاد : لأ يا بني سيبه .. منــــــه لربنـــــــا .. فأطاع الطبيب وأخذ ابونا إلى عيادته وفحصه جيدا فتبين أنه لم يصب الا ببعض الرضوض التى تطلبت بعض الراحة في منزله .. وبعد ذلك بثلاثة ايام كان هذا العربجى واقفا بعربته وكان فى هذا اليوم احتفالا بأحد المناسبات الوطنية فكان يمر في هذه الساعة لورى يحمل زينات للاحتفال بهذه المناسبة وفي مروره اشتبك بأحد اسلاك الانارة فى الشارع فانقطع السلك ونزل طرفه المقطوع على ظهر حصان العربة فصعقه فى الحال ... وبعدها ذهب العربجي إلى ابونا متى وقال له : لماذا لم تشتكيني للشرطة ؟ لماذا تركتنى لربنا ؟ أجابه : انا يا ولدى ماليش غيره فلا أشتكي لإنسان .. وهنا سرد العربجي ما حدث لحصانه فانهالت الدموع من عينى ابونا متى وقال : الله يسامحك يا ابني ويبارك لك فى الحصان اللى باقي لك .. ثم وضع فى يده مبلغا من المال تعزية لقلبه ...

L وفى ايام الصوم الأربعيني المقدس لسنة 1968م أصابه مرض الشيخوخة إذ قد منحه الله أن يناهز القرن من العمر واضطره المرض إلى ملازمة الفراش فى بيت له بمدينة الأقصر .. وفى الاسبوع الأخير من حياته كانت ابنته وزوجة ابنه القمص عازر تسهران لخدمته ليلا وكانت معهما فى البيت شابة تخدم ابونا متى كانت تعيش كواحدة من بناته اللواتى انجبهن وذات ليلة تغلب النوم على كل من ابنته وزوجة ابنه بينما كانت هذه الشابة تغالب النعاس وطلب ابونا منها كوبا من الماء ولكنها لم تستطع لثقل جفنيها وخلال نصف اليقظة التي كانت فيها رأت طفلا يشع بالنور جاءه وقدم له كوب الماء وسقاه بيده واستمر هذا الطفل النوراني ساهرا على جانبه .. وفي الصباح بينما السيدتان تعتذران وتتأسفان على ان النوم غلبهما قصت عليهما هذه الشابة ما حدث بالليل ..
وبعد ذلك بليلتين كان ابونا متى نائما نوما عميقا وفي عمق نومه أخذ يصلي القداس الإلهي بصوت واضح ثابت كأنه شاب قوي وقد استمتع بهذه الصلوات الرائعة أهل بيته والجيران المحيطون بهم .

—v– وفي السبت الأخير من عمره قال لابنه القمص عازر وزوجته وكل الحاضرون حوله : استعدوا وحضروا نفسكم لأنى مروح يوم الاربعاء . خلاص .. وفي يوم الاثنين الذي يليه جاء غفير دير المحارب ليسأل عن صحته فسأله ابونا : عملتوا ايه فى الفسقية اللى قدام المدافن ؟ اجابه الغفير : خلصت يا ابونا وبقت حلوة وان شاء الله تبقى كويس وتيجى تشوفها بنفسك ... عند ذلك قال ابونا : يا ولدى انا جاى اسكن فيها يوم الاربع .. ثم حدث ان دخل فى غيبوبة يوم الثلاثاء فظنت احدى السيدات الحاضرات انه قد انتقل بالفعل فصرخت بصوت عال فصرخت بقية الحاضرات .. وأفاق رجل اله من الغيبوبة وقال لهن : ليه بتعملوا كده ؟ بكرة انا ماشي واياكم تصرخوا ..
وبسبب هذا التكرار ارسل ابنه القمص عازر إلى كل اولاده ومحبيه ليحضروا لكي يودعوه فتوافد الجميع إلى البيت وسمع الجيران والاصدقاء فجاءوا هم ايضا حتى ضاق بهم البيت .. وفي صباح الاربعاء منح بركته الأبوية لهذا الجمع الحاشد ثم رقد فى الرب عن عمر يناهز 98 عاما فى يوم 4 ابريل سنة 1968

Vومن محبة ابونا متى الغامرة لأولاده اعطاه الرب ان يعمل معهم معجزات باهرة حتى بعد انتقاله إلى الفردوس ومن اعماله تلك الحادثة التى يحكيها ابن اخيه فيقول : كنت مجندا فى سنة 1974 وكنت ادير كانتين الفرقة بالاضافة إلى عملي فى فرع الماليات وحدث انى قمت باجازة فلما عدت بعدها إلى الوحدة واخذت اراجع الاوراق والماليات لم أجد المبلغ الخاص برأس مال الكانتين وهو تسعمائة وخمسون جنيها .. وأحسست ان صاعقة نزلت عليّ وبخاصة وانا مجند في القوات المسلحة ولكنى رأيت ان اول واجب عليّ هو ابلاغ رئيس الشئون المالية بالأمر ولما استمع إلىّ قال : انا واثق انك برئ ولكن الميري لازم ياخد مجراه .. وقام لفوره وابلغ قائد الوحدة الذي امر بالبدء فورا فى اجراءات الماكمة العسكرية بتهمة الاختلاس ثم قال لى القائد : احضر غدا وتحت الحراسة ..
وقضيت الليل كله في الصلاة والاستشفاع بالقديسين وطلبت بالحاح من عمي القمص متى أن يشفع فيّ وفى صباح اليوم التالي ذهبت تحت الحراسة إلى مكتب القائد فكان اول سؤال بادرني به هو : من هو العقيد متـى ؟ وكيف وصلت إليه ؟ اجبته : انا لا اعرف عقيدا بهذا الاسم فقال لي : ان هذا العقيد الذي اسمه متى ظل طوال الليل على اتصال مستمر بي وهو يسأل عنك ويقول انك برئ .. ولما ابديت دهشتى قال : يكفي هذا اليوم وصرفنى من أمامه ..
وبينما كنت انا عند القائد وفى اجتماع الطابور الصباحى وجدوا شخصا اسمه سالم كان قد تجند وانا فى الاجازة ولاحظ مدير الشئون غيابه هذا اليوم فارسل ضابط الأمن وجنوده للبحث عنه فلما وصل الضابط وزميلاه إلى احدى نقاط الشرطة العسكرية وجدوا سالم هذا مقبوضا عليه وكان السبب فى القبض عليه هو مخالفته التعليمات الميرى فيما يتعلق بالزى العسكري فرأى ضابط الأمن ان يقوم بتفتيشه وهنا حدثت المفاجأة إذ قد وجدوا المبلغ المفقود كله معه .. وعند التحقيق اعترف بانه هو الذى اختلس المبلغ وعلى ذلك حوكم عسكريا .. أما انا فقد ادركت من هو العقيد متى الذي لم يهدأ طوال الليل والذي بتدخله أرجأ المحاكمة إلى ان يظهر السارق ...

هذة الامثلة من الكثير الذي اظهرته النعمة الإلهية بشفاعة قديسه القمص متى باسيلى .. وسيرة هذا القديس المعاصر وعجائبه هي لتذكيرنا بأن الله هو هو امس واليوم وإلى الابد وانه يعلن اياته فى قديسيه . بل أنه له المجد حتى فى عصرنا هذا الملئ بالبلبلات له قديسيـــه العائشين فيـه وبـه ومعـه .. انهم بركته التى يغدقها على الناس فى كل العصور ..
صلاة ابونا متـــى باسيلى تكون معنا أميـــن:94: :94:
 
أعلى