الرحمة في الحروب فكرة عن رؤية مسيحية

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus

الرحمة في الحروب
فكرة عن رؤية مسيحية
(كيف نشأت جمعيات الصليب الأحمر)




هنرى ديونانت
مؤسِّس الصليب




l في شهر يونية من العام الحالي (2009)، وبعد مرور 150 عاماً على بزوغ حركة ”الصليب الأحمر“، اجتمع حوالي 7000 متطوِّع من الحركة في مدينة ”سولفرينو“ بشمال إيطاليا، التي شهدت المعركة الحربية عام 1859، والتي حفَّزت ”هنري ديونانت“ للتفكير في إنشاء هذه الحركة. وهذه هي القصة الكاملة:


مقدِّمة:
كثيراً ما نقرأ عن جمعيات ”الصليب الأحمر“ ودورها في إنقاذ والدفاع عن حُسن معاملة الأسرى في أزمنة الحروب، وكذلك الجرحى وضحايا تحطُّم البواخر في البحر، والمدنيين الرازحين تحت احتلال العدو؛ كل هذا بالإضافة إلى حق رجال هذه الجمعيات في الدخول إلى مناطق الحروب. وإذا قرأنا ”اتفاقيات جنيف“ بشأن معاملة أسرى وجرحى الحروب، فسنجد أن وراء هذه الاتفاقيات رؤية مسيحية حقّاً، وإن كانت غير مُعلنة في هذه الاتفاقيات.

وإذا بحثنا عن أصل هذه الجمعيات وتلك الاتفاقيات، فسنجد أيضاً أن وراءها جندياً مجهولاً اسمه:

”هنري ديونانت“ (1828-1910م).

مَن هو هنرى هذا؟


تكتب الموسوعات العالمية أن ”هنري ديونانت“ أتى من عائلة سويسرية تقية مارست أعمال المحبة والخير. وقد تعثَّر هنري وهو طفل في تعليمه بسبب فقر أسرته، إلاَّ أنه نال جائزة ”حياة التقوى“ في المدرسة لأنه كان مُداوماً على الاستماع إلى العظات التي كانت تُلقى على الأطفال في المدرسة.

وحينما بلغ من العمر 20 عاماً (عام 1848م)، أسَّس مجموعة من الشباب عُرفوا أولاً باسم: ”اجتماع الخميس“، ثم فيما بعد باسم: ”اتحاد جنيف“، وكان هدفهم أن يكونوا ”أكثر نشاطاً في أعمال الخير والمحبة“، ولإشعال القلوب الفاترة في المحبة.

وبتوالي السنين، أظهر هنري مواهبه في تنظيم الجمعيات، بما في ذلك إقامة الجسور بين جماعته والجماعات المثيلة في أفكارها أينما كانت، مثل: ”اتحاد جمعيات الشبان المسيحية“، التي كانت قد تأسَّست في لندن عام 1844م.

وبدأت مواهب هذا الشاب تظهر وتنمو، إلى أن حانت الفرصة بعد سنوات، في ساحة المعارك الدامية التي حدثت في شمال إيطاليا.

المعارك الدامية في شمال إيطاليا:

ففي 24 يونية عام 1859م، توجَّه هنري في طريقه إلى إمبراطور فرنسا ”نابليون الثالث“ لأخذ تصريح منه للسماح له بسد إعواز أهالي الجزائر الفقراء ونشر الإنجيل بينهم؛ لكن لأن الجزائر كانت مستعمرة فرنسية وهو سويسري، فقد منعته السلطات الرسمية الفرنسية في الجزائر ولم تُعطِه التصريح اللازم بذلك. فعقد هنري العزم على الذهاب إلى الإمبراطور لحل مشكلته. وبينما هو في طريقه إلى فرنسا، صادف حادثاً مأساوياً مؤلماً: فقد كانت معركة دموية دائرة في ”سولفرينو“ بشمال إيطاليا من جانب الإيطاليين والفرنسيين الذين كانوا يحاولون معاً طرد القوات النمساوية من الأراضي الإيطالية المحتلة.

ففي صباح 25 يونية، كان الجنود الإيطاليون في هذه المعركة مُلقين في كل مكان، وكان يُقدَّر عددهم بـ 40000 جندي ما بين قتيل وجريح.
وفي المعارك الحربية في أوروبا في القرن التاسع عشر، كان جرح جندي بمثابة حُكْم بالإعدام عليه، ذلك لأن الجيوش آنذاك لم تكن مُزوَّدة بوسائل المواصلات الكافية لنقل الجنود الجرحى بعد العمليات الحربية. فكان الجنود يتعذَّبون من جراء جراحاتهم إلى أن يقضوا نحبهم.

كما أن القوات المتحاربة كانت تعتبر الأطباء والممرضات كمشاركين من الأعداء في الحرب، فكانوا هدفاً أيضاً للقتل. بالإضافة إلى ذلك، فلم يكن أحد يُساعد الجنود الجرحى من العدو، لأن الجندي الجريح المُلقَى على أرض المعركة يمكن أن يكون مُستخدماً كخدعة، فيُطلق النار على الطبيب الذي يحضر لكي يُسعفه. وكانت النتيجة أن الجرحى كانوا ينزفون حتى الموت، أو يُعانون من الجفاف فيموتون، أو يموتون من جراء الالتهابات الشديدة قبل أن يأتي أطباء لكي يُنقذوهم.
ورأى هنرى هذه المناظر بعينيه، ولم يستطع أن يحتمل. ولو كان غيره قد رأى هذه المناظر البشعة لهرب من الفزع. لكن هذا الشاب النابه رأى أنها فرصة لكي يستثمر مواهبه ومهارته في تنظيم الجماعات بأقصى جهد، بالرغم من مصادره المالية المحدودة. وفي الحال، اتصل بأهل المدينة ونظَّمهم، بحيث يُنقل الجرحى إلى البيوت، أو الكنائس، أو قلعة المدينة. وطلب معونة لشراء المواد العلاجية من نُبلاء المدينة.



أطباء عسكريون ألمان يُقدِّمون
الإسعافات الأولية على خط المواجهة
خلال الحرب العالمية الأولى


ومن الأمور المُلفتة للنظر جداً، أنه أقنع الناس أن يعتنوا - بالمساواة - بالجرحى من الأعداء. وكان شعاره (باللغة اللاتينية) Tuttifrate، أي ”الكل إخوة“ (وهي نفس كلمة المسيح: «وأنتم جميعاً إخوة» - مت 23: 8). وهكذا كان يُخاطب المتطوِّعين من أهل المدينة. وكانت مُظاهرة عارمة للمحبة المسيحية!

كتاب الأحزان:

وبعد المعركة، كتب هنري كتاباً صغيراً أسماه: ”ذكريات سولفرينو“ A Memory of Solferino. وقد نشر هذا الكتاب أهوال الحرب، بنفس الطريقة التي نشرت بها قبله عام 1852 ”هاريت بيشرستو“ المؤلِّفة الأمريكية أهوال الرقِّ والعبودية (الذي كان منتشراً في أوروبا في ذلك الوقت) في الكتاب المشهور: ”كوخ العم توم“ Uncle Tom's Cabin. وطبعاً لم تكن الحروب ولا الرقّ مخفية عن أنظار الرأي العام، لكن الكاتب صاحب الضمير الحيِّ هو الذي يستطيع أن يجعل القُرَّاء يتواجهون مع الحقيقة.

وكان ردُّ فعل كتاب ”ذكريات معركة سولفرينو“ نتائج مُذهلة. فالطبعة الأولى من الكتاب نُشرت في نوفمبر عام 1862. وفي فبراير 1863 (أي بعد 3 أشهر) أظهر المزيد من المتطوِّعين الرغبة في عمل شيء حاسم، مما أدَّى إلى تكوين لجنة من خمسة أشخاص لوضع الخطط لعمل شيء محدد. وفي أكتوبر 1863، استطاع هنري أن يجمع في جنيف 31 مندوباً يُمثِّلون 16 دولة لمناقشة الفكرة. وكان إطار فكرة هنري هو ”الحيادية“. فإذا أمكن أن يُعتَبَر الأشخاص المنتمون للهيئات الطبية كأطراف مُحايدين، فسوف يمكن معالجة الجرحى، وبالتالي يُنقذ الكثيرون من الموت. وكانت الفكرة محل نقاش، لكن هنري ديونانت ربح المعركة في ذلك اليوم.
واقترح أحد أعضاء اللجنة رمزاً لهؤلاء: صليباً أحمر على خلفية بيضاء (عكس العلم السويسري). على أن يُطبع هذا الرمز على سيارات الإسعاف، وعلى ساحات المعارك، ويمكن للأطباء والممرضين والممرضات أن يحملوا هذا الرمز على شارة تُعلَّق على أذرعهم.

وهكذا انتهى مؤتمر عام 1863 بالنجاح، ولكن كان ما يزال هناك احتياج إلى تأييد أوسع نطاقاً ومزيداً من الاتفاق الرسمي. لذلك تم التخطيط لمؤتمر للدبلوماسيين في صيف عام 1864.
وكان عام 1863، هو عام إطلاق إبراهام لينكولن (رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق) إعلان تحرير العبيد في أمريكا، وسُرَّ هنرى ديونانت بالضربة الجريئة التي قضى بها لينكولن على الرقِّ في أمريكا. ومع رُعب الشركاء الأوروبيين من خطوة لينكولن، دعا هنري، بل ضغط على الرئيس الأمريكي، أن يبعث بمندوبين إلى المؤتمر. لكن لينكولن كان مرتبطاً بشدة باهتمامات سياسية أخرى، فلم يُرسل إلاَّ مراقبين للمؤتمر.

وكان من نتائج مؤتمر أغسطس 1864، أن وقَّعت 12 دولة على البنود العشرة التي تضمَّنتها اتفاقية جنيف الأولى. وقد ضمنت هذه الاتفاقية: ”حيادية سيارات الإسعاف والمستشفيات الميدانية في ساحات المعارك، والعاملين من الهيئات الطبية ومعدَّاتهم، وكذلك السكان المدنيين الذين يُساعدون الجرحى، بما فيهم الجرحى من الأعداء“، كذلك طلبت أن يُعالَج المُعتقلون من جروحهم وعمل الترتيبات اللازمة لذلك. كما تضمنت التزام الجيوش بالبحث عن الجرحى وتجميعهم لتسهيل علاجهم. كما تحدَّد ”رمز الصليب الأحمر على أرضية بيضاء كرمز دولي للحماية وللمعونة المحايدة في أزمنة الحرب“. هذا هو مُلخَّص بنود الاتفاقية.

وبحلول نهاية عام 1867م، كان عدد الدول المُوقِّعة على الاتفاقية 21 دولة.




”الصليب الأحمر في أفغانستان“
ممرضة تابعة للجنة الدولية تعتني
بمولود جديد في القسم المخصَّص
لطب الأطفال في المستشفى


الإذلال، ثم الإكرام:

هذا النجاح كان أعلى قمة في حياة هنري ديونانت، التي سرعان ما تدهورت إلى الحضيض. لقد كانت حملاته الخيرية الإنسانية قد شتتت هنري عن مصالحه الشخصية وأعماله التجارية. ولسببٍ أو لآخر، أُصيبت أعماله المالية بالإفلاس، وقامت بتوبيخه محكمة القضاء المدني بسبب خسائره والكوارث التي حدثت له. واتُّهم هنري بأنه خدع شركاءه، ونُشر هذا الحُكْم في الجرائد السويسرية.
وحينما بلغ هنرى من العمر التاسعة والثلاثين، أي بعد 8 سنوات من معركة ”سولفرينو“، كان قد خسر كل شيء، وفَقَدَ هويَّته كمواطن في جنيف، وأُشْهِرَ إفلاسه ووُسِمَ علناً بأنه كان السبب في كوارثه المالية، وأسوأ من كل هذا، فإنه فَقَدَ مركزه في الصليب الأحمر في جنيف!

لقد كان ”الإفلاس“ مُعتَبَراً أنه عار كبير في جنيف في ذلك الزمان، وبالرغم من أن هنري تعهَّد بأن يعمل كل جهده ليُسدِّد كل ديونه؛ إلاَّ أن الكثيرين من أصدقائه لم يُسامحوه في ديونهم عليه. وبسبب كل هذا الإذلال، غادر هنري ديونانت جنيف إلى الأبد.

وتوجَّه هنري إلى باريس، وظل نشطاً في قضاياه الإنسانية. ولسوء حظه، فإن أيّاً من مشاريعه المالية لم يكن قد صادف نجاحاً، واستقرَّ به الحال أخيراً إلى الفقر المُدقع. وبدأ هنري في التجوال، ذهاباً وإياباً، ما بين باريس وتريستا (بإيطاليا) ولندن وشتوتجارت وكورفو وجزر الوايت، وبلدان أخرى في ألمانيا.

وأخيراً في يولية عام 1887، عاد إلى سويسرا ”مريضاً، رث الملابس، وعجوزاً“، واستقر مقامه في قرية على الجبل في هايدن. ومن مكانه الريفي هذا كتب رسائل لمعارفه القدامى مُحاولاً أن يُعيد تأهيل نفسه، ولكنه قوبل بالقليل من النجاح.

لا شكَّ أن العالم كفَّ عن السماع عن هنري ديونانت مرة أخرى، لولا أن صحفياً صعد على الجبال القريبة من هايدن. وفي حديث غير مقصود، سمع هذا الصحفي عن رجل عجوز يعيش في مستشفى في قرية هايدن، يدَّعي بأنه مؤسِّس حركة ”الصليب الأحمر“. وبحاسته الصحفية، وجد مادة خصبة في خبر جيد يمكن أن يكتبه في جريدته؛ فأخذ موعداً من هنري ليُجري معه حديثاً صحفياً.

وكان من نتيجة نشر هذا التحقيق الصحفي أن أحيا موجة من الالتفات إلى هذا الحالم المسيحي، ثم بدأ إرجاع الكرامة له والاعتراف به مرة أخرى.
وكان الإكرام الرئيسي لهنري ديونانت عام 1901، حيث نال أول جائزة نوبل للسلام، بالاشتراك مع شخص آخر هو ”فريدريك باسيه“ مؤسِّس أول منظمة فرنسية للسلام.

لقد كان التكريم الذي نتج عن نوال هنري ديونانت جائزة نوبل للسلام، هو البلسم الذي أبرأ مشاعر الإذلال العميق لدى هنري، بالرغم من أنه لم ينفق ولا مليماً واحداً من المبلغ المالي المتحصِّل من جائزة نوبل؛ بل بالعكس، ترك وصية بهذا الإرث للأشخاص الذين اعتنوا به في هايدن، كهبة لإنشاء غرفة مجانية في مستشفى لفقراء هايدن، ومبالغ أخرى لجمعيات خيرية في النرويج وسويسرا.
لقد عاش هنرى ديونانت كإنسان مسيحي حتى النهاية.


اللجنة الدولية للصليب الأحمر
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى: تصفح, البحث
اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر International Committee of the Red Cross
Emblem of the ICRC.svg
نوع المنظمة منظمة إنسانية خاصة
سنة التأسيس 1863
المقر جنيف, سويسرا
الروؤساء جيكوب كيلنبيرجر, (الرئيس)
أنجيلو جنايدنجر (المدير العام)
حقل العمل مساعدة إنسانية.
الغاية حماية جرحى الحروب والاجئين والمسجونين.
الميزانية CHF 822.8 مليون (2004)[1]
146.9 مليون للمقر الرئيسي
675.9 مليون للعمليات
الموظفين 1,330 موظف في حقل العمليات (2004)[2]
الموقع الرسمي www.icrc.org

تم تأسيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر منذ قرابة قرن ونصف القرن. وتسعى هذه المنظمة إلى الحفاظ على قدر من الإنسانية في خضم الحروب. ويسترشد عملها بالمبدأ القائل بوضع حدود للحرب نفسها: أي حدود لتسيير الأعمال الحربية وحدود لسلوك الجنود. وتُعرف مجموعة الأحكام التي وضعت استنادا إلى هذا المبدأ والتي أقرتها كل أمم العالم تقريبا، بالقانون الدولي الإنساني الذي تشكل اتفاقيات جنيف حجر أساسه.

اللجنة الدولية للصليب الأحمر منظمة مستقلة ومحايدة تقوم بمهام الحماية الإنسانية وتقديم المساعدة لضحايا الحرب والعنف المسلح. وقد أوكلت إلى اللجنة الدولية، بموجب القانون الدولي، مهمة دائمة بالعمل غير المتحيز لصالح السجناء والجرحى والمرضى والسكان المدنيين المتضررين من النزاعات. وإلى جانب مقرها الرئيسي في جنيف، هناك مراكز للجنة الدولية في حوالي 80 بلداً ويعمل معها عدد من الموظفين يتجاوز مجموعهم 12000 موظف. هذا وفي حالات النزاع، تتولى اللجنة الدولية تنسيق العمل الذي تقوم به الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر واتحادها العام. واللجنة الدولية هي مؤسس الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر ومصدر إنشاء القانون الدولي الإنساني لاسيما اتفاقيات جنيف.[3]

نشأتها وتاريخها

يعود الفضل في نشأة اللجنة الدولية إلى رؤية وإصرار رجل واحد. الزمان: 24 حزيران/يونيو 1859. المكان: سولفرينو, بلدة في شمال إيطاليا. اشتبك الجيشان النمساوي والفرنسي في معركة ضارية, وبعد ست عشرة ساعة من القتال كانت ساحة القتال تغص بأجساد أربعين ألف من القتلى والجرحى. وفي مساء اليوم نفسه وصل مواطن سويسري يُدعى "هنري دونان" إلى المنطقة في رحلة عمل. وهناك راعته رؤية آلاف الجنود من الجيشين وقد تركوا يعانون بسبب ندرة الخدمات الطبية الملائمة. ووجّه إذ ذاك نداء إلى السكان المحليين طالباً منهم مساعدته على رعاية الجرحى وملحاً على واجب العناية بالجنود الجرحى من كلا الجانبين. وعند عودته إلى سويسرا نشر "دونان" كتاب "تذكار سولفرينو", الذي وجّه فيه نداءين مهيبين: الأول يدعو فيه إلى تشكيل جمعيات إغاثة في وقت السلم تضم ممرضين وممرضات مستعدين لرعاية الجرحى وقت الحرب; والثاني يدعو فيه إلى الاعتراف بأولئك المتطوعين الذين يتعين عليهم مساعدة الخدمات الطبية التابعة للجيش وحمايتهم بموجب اتفاق دولي. وفي عام 1863 شَكَّلت "جمعية جنيف للمنفعة العامة", وهي جمعية خيرية بمدينة جنيف, لجنة من خمسة أعضاء لبحث إمكانية تطبيق أفكار "دونان". وأنشأت هذه اللجنة ـ التي ضمّت "غوستاف موانييه" و"غيوم-هنري دوفور" و"لوي أبيا" و"تيودور مونوار", فضلاً عن دونان نفسه ـ "اللجنة الدولية لإغاثة الجرحى" التي أصبحت فيما بعد "اللجنة الدولية للصليب الأحمر". بعد تأسيس اللجنة شرع مؤسسوها الخمسة في تحويل الأفكار التي طرحها كتاب "دونان" إلى واقع. وتلبية لدعوة منهم أوفدت 16 دولة وأربع جمعيات إنسانية ممثلين لها إلى المؤتمر الدولي الذي افتتح في جنيف في 26 تشرين الأول/أكتوبر 1863. وكان ذلك المؤتمر هو الذي اعتمد الشارة المميِّزة ـ شارة الصليب الأحمر على أرضية بيضاء ـ والذي ولدت من خلاله مؤسسة الصليب الأحمر. ومن أجل إضفاء الطابع الرسمي على حماية الخدمات الطبية في ميدان القتال والحصول على اعتراف دولي بالصليب الأحمر ومثله العليا, عقدت الحكومة السويسرية مؤتمراً دبلوماسياً في جنيف عام 1864,شارك فيه ممثلو اثنتي عشرة حكومة واعتمدوا معاهدة بعنوان "اتفاقية جنيف لتحسين حال جرحى الجيوش في الميدان", والتي غدت أولى معاهدات القانون الإنساني. وعقدت مؤتمرات أخرى لاحقاً وسَّعت نطاق القانون الأساسي ليشمل فئات أخرى من الضحايا كأسرى الحرب مثلاً. وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية عقد مؤتمر دبلوماسي دامت مداولاته أربعة أشهر واعتمدت على أثره اتفاقيات جنيف الأربع في 1949 التي عززت حماية المدنيين في أوقات الحرب. وأُكْمِلت هذه الاتفاقيات في 1977 ببروتوكولين إضافيين.


مهامها

وتشمل مهامها:

زيارة أسرى الحرب والمحتجزين المدنيين. البحث عن المفقودين. نقل الرسائل بين أبناء الأسر التي شتتها النزاع. إعادة الروابط الأسرية. توفير الغذاء والمياه والمساعدة الطبية للمدنيين المحرومين من هذه الضروريات الأساسية. نشر المعرفة بالقانون الإنساني. مراقبة الالتزام بهذا القانون. لفت الانتباه إلى الانتهاكات والإسهام في تطور القانون الإنساني.

إن دور اللجنة الدولية الخاص قد عهدت إليها به الدول من خلال الصكوك المتعددة للقانون الإنساني. ومع ذلك, وبينما تحافظ اللجنة الدولية على حوار مستمر مع الدول, فإنها تصر في كافة الأوقات على استقلالها. ذلك أنها ما لم تتمتع بحرية العمل مستقلة عن أي حكومة أو سلطة أخرى, فإنه لن يكون بوسعها خدمة المصالح الحقيقية لضحايا النزاع, وهو ما يقع في صميم مهمتها الإنسانية.

تعطي الصفحات التالية فكرة عن هذه المنظمة الفريدة, عن نشأتها وأهدافها ومثلها. وهي تبيّن أيضاً طريقة عمل اللجنة الدولية وأسباب تصرفها على نحو بعينه وطبيعة المستفيدين من أعمالها.

رغم أن اللجنة الدولية نشأت عن مبادرة سويسرية خاصة فإن عملها ونطاق اهتماماتها له طابع دولي. للمنظمة مندوبون في نحو 60 بلداً عبر أنحاء العالم بينما تمتد أنشطتها لتشمل أكثر من 80 بلداً, ويعمل معها قرابة 12 ألف موظف أغلبهم من مواطني البلدان التي تعمل فيها. ويوفر نحو 800 شخص الدعم والمساندة اللازمين لعمليات اللجنة الدولية في الميدان انطلاقاً من مقرها في جنيف بسويسرا.

تتولى البعثات الميدانية بالأساس أنشطة الحماية أو المساعدة أو الوقاية لصالح ضحايا حالات النزاع المسلح أو الاقتتال الداخلي القائمة أو الناشئة. (للتعرف على تفاصيل حول هذه الأنشطة أنظر الفصل الخاص بها.)

تغطي البعثات الإقليمية تقريباً جميع البلدان غير المتضررة من النزاعات المسلحة مباشرة. وتضطلع هذه البعثات بمهمات محددة تتصل بالأنشطة الميدانية من جهة و"الدبلوماسية الإنسانية" من جهة أخرى. ويساعد وجود هذه البعثات في منطقة من المناطق على رصد تطور الأحداث الخطرة المحتملة وعلى العمل كجهاز إنذار مبكر, وهو ما يسمح للجنة الدولية بالاستعداد للعمل الإنساني السريع عند الضرورة.

الوضع القانوني

اللجنة الدولية للصليب الأحمر منظمة غير متحيزة ومحايدة ومستقلة, وهي غير حكومية من حيث طبيعتها وتشكيلها. وقد أسندت إليها الدول مهمة حماية ومساعدة ضحايا النزاع المسلح من خلال اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977, تلك الصكوك التي خلفت عن جدارة اتفاقية جنيف الأولى لعام 1864.

إن مهمة اللجنة الدولية ووضعها القانوني يميزانها عن كلٍ من الوكالات الحكومية الدولية, كمنظمات الأمم المتحدة مثلاً, والمنظمات غير الحكومية. وفي غالبية البلدان التي تعمل فيها عقدت اللجنة الدولية اتفاقات مقر مع السلطات. ومن خلال هذه الاتفاقات التي تخضع لأحكام القانون الدولي تتمتع اللجنة الدولية بالامتيازات والحصانات التي لا تُمنح عادة سوى للمنظمات الحكومية الدولية, وتشمل هذه الحصانات الحصانة القضائية, التي تحمي اللجنة من التعرض للملاحقة الإدارية والقضائية, وحصانة المباني والمحفوظات وغيرها من الوثائق. إن هذه الامتيازات والحصانات لا غنى عنها للجنة الدولية حيث تكفل شرطين ضروريين للعمل الذي تضطلع به, ألا وهما الحياد والاستقلال. وقد عقدت المنظمة اتفاقاً من هذا النوع مع سويسرا, الأمر الذي يكفل استقلالها وحرية عملها عن الحكومة السويسرية. ==

عام من العمل لمساعدة المضارين من النزاعات خلال عام 2005, زار مندوبو اللجنة الدولية للصليب الأحمر حوالي 528 ألف شخص من المحرومين من حريتهم في 76 دولة. كما ساهمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مشاريع المياه والصرف الصحي والبناء لمساعدة حوالي 11 مليون شخص. وفي العام نفسه, قدمت اللجنة الدعم للمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية لخدمة حوالي 2.4 مليون شخص في حين لم تتوانى عن تقديم المساعدات العاجلة لحوالي 3 ملايين شخص.

تجميعات + http://ar.wikipedia.org/wiki/اللجنة_الدولية_للصليب_الأحمر
 

kalimooo

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
23 يونيو 2008
المشاركات
143,887
مستوى التفاعل
1,787
النقاط
113
الإقامة
LEBANON
جميل جداااا اخي

شكراااااا على المعلومات القيمة

ربنا يبارك حياتك
 
أعلى