عزيزي المفخخ.. لحظة من فضلك
عزيزي المفخخ.. لحظة من فضلك
كتب عدنان فرزات :
رسالة إلى رجل مفخخ وهو يتوجّه إلى تفجير كنيسة في العراق.
عزيزي المفخخ.. أرجو أن تقرأ هذه الرسالة وأنت في طريقك لتفجير كنيسة في العراق.. اقرأها.. فلن تأخذ منك وقتاً طويلاً، بضع دقائق فقط، حتى وإن كانت مقدرتك على القراءة صعبة ـ وهذا هو سبب أنهم اختاروك لتكون القنبلة ـ لكني تعمّدتُ كتابة الكلمات بعبارات مبسطة، كي تتمكن من فهمها بشكل إنساني عميق.
دقائق فقط عزيزي المفخخ، قد تنقذ فيها رب أسرة كسيح يبيع ماء دجلة المقطر في أسواق بغداد، أو تمنح فرصة العيش لطفل لم يأكل سندويتش الماء والزعتر في المدرسة، كي يعود بها إلى أخيه الصغير في المنزل، كونه بات بلا عشاء.
عزيزي المفخخ إذ أكتب إليك رسالتي هذه وأنت متوجه لتفجير الكنيسة، أعلمك بأنني مسلم مثلك، وللتو أنهيت فرض صلاة الجمعة ودعوت لك بالهداية . لذلك أرجو أن تأخذ رسالتي هذه على محمل الجد.
إن الذين أرسلوك لتفجير الكنيسة معظمهم يعيشون الآن في الغرب متنعمين برفاهية «النصارى»، يستفيد من ضماناتهم الاجتماعية والصحية، ويتزوج من نسائهم، ويتناول طعامهم، ويتجول في أسواقهم، وهؤلاء يعلمون أنهم إن لم يرسلوك لتفجر نفسك في كنائس الشرق الطيب، فلن يستطيعوا الاستمرار في هذا النعيم.
عزيزي.. تذكر وأنت تقطع الشارع للوصول إلى الكنيسة، سيدتنا مارية بنت شمعون القبطية زوجة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، والتي أنجبت له إبراهيم.. تذكر أن إبراهيم ـ أيضاً ـ هو اسم مشترك بيننا وبينهم.. تذكر أن هناك أشياء كثيرة مشتركة بيننا وبينهم، مثلاً.. «أرجو أن تسمعني ولو أخذت قليلاً من وقتك».. كان لدي صديقة مسيحية رائعة جداً اسمها سأقوله بيني وبينك إن عدت سالماً ولم تفجّر نفسك.. هذه الصديقة يا عزيزي رقيقة مثل خطوات قمر قريب فوق معصم طفل يمد يده ليتناول ثدي أمه في لحظة جوع قاهرة.. أخبرتني صديقتي هذه مرة بأنها تحب سماع صوت القرآن الكريم وهي متوجهة إلى عملها.. حسناً أعطها الفرصة لتسمع، هل سيكون قلبها أغلظ من قلب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في جاهليته.. وها هو استمع إلى القرآن فأسلم.. أيهما أفضل لك.. مسيحي يسلم من دون إكراه، أم مسيحي ميت؟
عزيزي المفخخ.. صديقتي هذه، أيضاً، لا تمانع أن تتزوج مسلماً، هي ترى أن محاولة إلصاق تهمة الإرهاب بهم تهمة باطلة، فلا تغير لها وجهة نظرها أرجوك.. لا أريد أن أفقد صوتها وهي ترفع السماعة من أقاصي الدنيا لتقول لي بمناسبة عيد الأضحى «كل عام وأنا مورق كأول قطفة كرز».. كنت أتمنى لو سمعت نبرة حزنها وهي تفارق حياً كل سكانه من المسلمين، وحين عادت على سبيل الزيارة من مهجرها حرصت على اللقاء بهم مرة أخرى.. لم يمنعها الغرب (الكافر) من تلك الزيارة.
عزيزي المفخخ هناك أشياء كثيرة كنت أود أن أقولها لك قبل أن تصل إلى «الهدف» الذي حددوه لك وسيَّروك إليه بالريموت كنترول، لكن مساحة الورق ضيقة.. ولي عندك رجاء أخير، وهو أن تغير رأيك وتخلع الحزام الناسف لتتيح لي أن أشرب فنجان القهوة الذي ترسله لي صديقتي كل صباح من مهجرها.. مفخخاً.. بالحب.
المصدر
القدس
عزيزي المفخخ.. لحظة من فضلك
12/11/2010
كتب عدنان فرزات :
رسالة إلى رجل مفخخ وهو يتوجّه إلى تفجير كنيسة في العراق.
عزيزي المفخخ.. أرجو أن تقرأ هذه الرسالة وأنت في طريقك لتفجير كنيسة في العراق.. اقرأها.. فلن تأخذ منك وقتاً طويلاً، بضع دقائق فقط، حتى وإن كانت مقدرتك على القراءة صعبة ـ وهذا هو سبب أنهم اختاروك لتكون القنبلة ـ لكني تعمّدتُ كتابة الكلمات بعبارات مبسطة، كي تتمكن من فهمها بشكل إنساني عميق.
دقائق فقط عزيزي المفخخ، قد تنقذ فيها رب أسرة كسيح يبيع ماء دجلة المقطر في أسواق بغداد، أو تمنح فرصة العيش لطفل لم يأكل سندويتش الماء والزعتر في المدرسة، كي يعود بها إلى أخيه الصغير في المنزل، كونه بات بلا عشاء.
عزيزي المفخخ إذ أكتب إليك رسالتي هذه وأنت متوجه لتفجير الكنيسة، أعلمك بأنني مسلم مثلك، وللتو أنهيت فرض صلاة الجمعة ودعوت لك بالهداية . لذلك أرجو أن تأخذ رسالتي هذه على محمل الجد.
إن الذين أرسلوك لتفجير الكنيسة معظمهم يعيشون الآن في الغرب متنعمين برفاهية «النصارى»، يستفيد من ضماناتهم الاجتماعية والصحية، ويتزوج من نسائهم، ويتناول طعامهم، ويتجول في أسواقهم، وهؤلاء يعلمون أنهم إن لم يرسلوك لتفجر نفسك في كنائس الشرق الطيب، فلن يستطيعوا الاستمرار في هذا النعيم.
عزيزي.. تذكر وأنت تقطع الشارع للوصول إلى الكنيسة، سيدتنا مارية بنت شمعون القبطية زوجة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، والتي أنجبت له إبراهيم.. تذكر أن إبراهيم ـ أيضاً ـ هو اسم مشترك بيننا وبينهم.. تذكر أن هناك أشياء كثيرة مشتركة بيننا وبينهم، مثلاً.. «أرجو أن تسمعني ولو أخذت قليلاً من وقتك».. كان لدي صديقة مسيحية رائعة جداً اسمها سأقوله بيني وبينك إن عدت سالماً ولم تفجّر نفسك.. هذه الصديقة يا عزيزي رقيقة مثل خطوات قمر قريب فوق معصم طفل يمد يده ليتناول ثدي أمه في لحظة جوع قاهرة.. أخبرتني صديقتي هذه مرة بأنها تحب سماع صوت القرآن الكريم وهي متوجهة إلى عملها.. حسناً أعطها الفرصة لتسمع، هل سيكون قلبها أغلظ من قلب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في جاهليته.. وها هو استمع إلى القرآن فأسلم.. أيهما أفضل لك.. مسيحي يسلم من دون إكراه، أم مسيحي ميت؟
عزيزي المفخخ.. صديقتي هذه، أيضاً، لا تمانع أن تتزوج مسلماً، هي ترى أن محاولة إلصاق تهمة الإرهاب بهم تهمة باطلة، فلا تغير لها وجهة نظرها أرجوك.. لا أريد أن أفقد صوتها وهي ترفع السماعة من أقاصي الدنيا لتقول لي بمناسبة عيد الأضحى «كل عام وأنا مورق كأول قطفة كرز».. كنت أتمنى لو سمعت نبرة حزنها وهي تفارق حياً كل سكانه من المسلمين، وحين عادت على سبيل الزيارة من مهجرها حرصت على اللقاء بهم مرة أخرى.. لم يمنعها الغرب (الكافر) من تلك الزيارة.
عزيزي المفخخ هناك أشياء كثيرة كنت أود أن أقولها لك قبل أن تصل إلى «الهدف» الذي حددوه لك وسيَّروك إليه بالريموت كنترول، لكن مساحة الورق ضيقة.. ولي عندك رجاء أخير، وهو أن تغير رأيك وتخلع الحزام الناسف لتتيح لي أن أشرب فنجان القهوة الذي ترسله لي صديقتي كل صباح من مهجرها.. مفخخاً.. بالحب.
المصدر
القدس