- إنضم
- 27 ديسمبر 2005
- المشاركات
- 284
- مستوى التفاعل
- 4
- النقاط
- 0
ابو حمادة - رواية اجتماعية مسلسلة
أبو حمادة
بقلم: عماد حنا
القسم الأول
رداء يخلع وآخر يلبس
{1}
كان يسير في ظلام حاملاً معه خيبة الأيام وفشل كفاح دام أعوام... لقد خرج من بيته في جنح الظلام لعل أحداً لا يراه ممن يريدون أن ينالوا منه ...قاصداً القطار المتجه إلى القاهرة ، كان يشعر أنه يحمل أثقال ينوء عن حملها أعتى الرجال وهو الذي لم يتجاوز الخامسة والعشرين بعد... لذلك هو يرى في فشله أكبر فشل يمكن أن يتحمله إنسان
لم يكن من السهل على والده أن يتركه ليرحل لذلك خرج معه إلى محطة القطار... كان الولد يسير في شوارع مدينته الصغيرة كما لو كان يجري بداخله غضب ونيران تشتعل داخل صدره ... بينما يبذل الوالد العجوز كل الجهد في مجاراة خطوته السريعة... حتى وصلا إلى المحطة ... ووقف الشاب دون أن ينبس ببنت شفة ولا يحاول أن ينظر حتى لوالده المسكين... وعندما رأي القطار مقبلا تكلم أخيراً الأب محاولاً أن يثنيه عن قراره ...
- أبق يا ولدي وجرب من جديد ... أنت تعرف كم أحتاجك
لم يستطع الابن أن يمنع نفسه من تلك العواطف الجياشه تجاه والده وهو يتركه ولا يعرف ما إذا كان سيعود من جديد اليه أم لا فتقدم ناحية والده ليعانقه ... ثم قال له
- لا أستطيع أن أبق الآن يا أبتي في هذه البلد ...... وأنا الآن بعد أن سقطت تجارتي مثل البقرة التي وقعت لتستعد سكاكين المذبح في تمذيقها
- لماذا كل هذا يا ولدي ... صحيح أنه ليس بيدي مساعدتك ... ولكن بقليل من الصبر تستطيع أن تنال فرصة جديدة
تنهد الابن المصدوم وقال:
- بلدتنا صغيرة وفرصها ضئيلة ... سأجرب يا أبي من جديد في القاهرة ...
قال هذه الكلمات وأسرع الى القطار تودعه دعوات أبيه أن يعوضه الله عن سنين التعب والشقاء ... وينجح طريقه في عمل يدر عليه بدخل محترم فيستطيع أن يساهم في مصاريف البيت التي لم يعد والده قادر على تحملها.
***
{2}
جلس صديقنا في القطار وأغمض عينيه ليسترح من عناء الأيام القليلة الماضية ... لم يكن والده أو والدته يعرفان حجم المصيبة التي هو فيها ... لقد كانت عليه آلاف مؤلفة على الرغم من أن تجارته صغيرة لا تحتاج الى كل مثل هذه الأموال ... ولكنه لجأ إلى المرابين ليحاول أن يسدد ديون صغيرة فتحولت القروش التي عليه الى جنيهات من الديون ثم تحولت الجنيهات من جديد الى الآف من الجنيهات حتى صارت كثعبان ضخم يلتف حول رقبته يريد أن يضغط عليه ليكسر عنقه بينما هو لا حول له ولا قوة
وفي غفلة من الزمن قرر أن يتوه في العاصمة الكبيرة لذلك استقل قطار الفجر حتى لا يكتشفه أي شخص ممن يحملون معهم شيكاته الخالية من الرصيد فيجرِ الى نقطة الشرطة لتكون النتيجة سنوات وسنوات من السجن.
هرب وفي يديه بضعة عناوين هي كل آماله وطموحاته ... عناوين لأصحاب شركات بعضها معروف بالنسبة له والبعض الآخر مجرد أسم سوف يطرقه... أغمض عينيه يريد تناسي تلك الحقبة من حياته ليسير القطار نحو حياته الجديدة ساعات وساعات . أناس تغادر القطار وأناس تأتي لتحتل المقاعد التي بجاوره وهو ثابت مكانه هدفه نهاية الخط ، ولم يعرف من جلس ومن غادر فالأمر لا يعنيه هو فقط ينظر الى طريقه وهدفه ينتظر بشوف محطة الوصول.
فتح عينيه بعد ساعات لم يدر عددها ليجد فتاة جميلة محجبة تجلس أمامه، وكانت تتأمله.
***
يتبع غدا
أبو حمادة
بقلم: عماد حنا
القسم الأول
رداء يخلع وآخر يلبس
{1}
كان يسير في ظلام حاملاً معه خيبة الأيام وفشل كفاح دام أعوام... لقد خرج من بيته في جنح الظلام لعل أحداً لا يراه ممن يريدون أن ينالوا منه ...قاصداً القطار المتجه إلى القاهرة ، كان يشعر أنه يحمل أثقال ينوء عن حملها أعتى الرجال وهو الذي لم يتجاوز الخامسة والعشرين بعد... لذلك هو يرى في فشله أكبر فشل يمكن أن يتحمله إنسان
لم يكن من السهل على والده أن يتركه ليرحل لذلك خرج معه إلى محطة القطار... كان الولد يسير في شوارع مدينته الصغيرة كما لو كان يجري بداخله غضب ونيران تشتعل داخل صدره ... بينما يبذل الوالد العجوز كل الجهد في مجاراة خطوته السريعة... حتى وصلا إلى المحطة ... ووقف الشاب دون أن ينبس ببنت شفة ولا يحاول أن ينظر حتى لوالده المسكين... وعندما رأي القطار مقبلا تكلم أخيراً الأب محاولاً أن يثنيه عن قراره ...
- أبق يا ولدي وجرب من جديد ... أنت تعرف كم أحتاجك
لم يستطع الابن أن يمنع نفسه من تلك العواطف الجياشه تجاه والده وهو يتركه ولا يعرف ما إذا كان سيعود من جديد اليه أم لا فتقدم ناحية والده ليعانقه ... ثم قال له
- لا أستطيع أن أبق الآن يا أبتي في هذه البلد ...... وأنا الآن بعد أن سقطت تجارتي مثل البقرة التي وقعت لتستعد سكاكين المذبح في تمذيقها
- لماذا كل هذا يا ولدي ... صحيح أنه ليس بيدي مساعدتك ... ولكن بقليل من الصبر تستطيع أن تنال فرصة جديدة
تنهد الابن المصدوم وقال:
- بلدتنا صغيرة وفرصها ضئيلة ... سأجرب يا أبي من جديد في القاهرة ...
قال هذه الكلمات وأسرع الى القطار تودعه دعوات أبيه أن يعوضه الله عن سنين التعب والشقاء ... وينجح طريقه في عمل يدر عليه بدخل محترم فيستطيع أن يساهم في مصاريف البيت التي لم يعد والده قادر على تحملها.
***
{2}
جلس صديقنا في القطار وأغمض عينيه ليسترح من عناء الأيام القليلة الماضية ... لم يكن والده أو والدته يعرفان حجم المصيبة التي هو فيها ... لقد كانت عليه آلاف مؤلفة على الرغم من أن تجارته صغيرة لا تحتاج الى كل مثل هذه الأموال ... ولكنه لجأ إلى المرابين ليحاول أن يسدد ديون صغيرة فتحولت القروش التي عليه الى جنيهات من الديون ثم تحولت الجنيهات من جديد الى الآف من الجنيهات حتى صارت كثعبان ضخم يلتف حول رقبته يريد أن يضغط عليه ليكسر عنقه بينما هو لا حول له ولا قوة
وفي غفلة من الزمن قرر أن يتوه في العاصمة الكبيرة لذلك استقل قطار الفجر حتى لا يكتشفه أي شخص ممن يحملون معهم شيكاته الخالية من الرصيد فيجرِ الى نقطة الشرطة لتكون النتيجة سنوات وسنوات من السجن.
هرب وفي يديه بضعة عناوين هي كل آماله وطموحاته ... عناوين لأصحاب شركات بعضها معروف بالنسبة له والبعض الآخر مجرد أسم سوف يطرقه... أغمض عينيه يريد تناسي تلك الحقبة من حياته ليسير القطار نحو حياته الجديدة ساعات وساعات . أناس تغادر القطار وأناس تأتي لتحتل المقاعد التي بجاوره وهو ثابت مكانه هدفه نهاية الخط ، ولم يعرف من جلس ومن غادر فالأمر لا يعنيه هو فقط ينظر الى طريقه وهدفه ينتظر بشوف محطة الوصول.
فتح عينيه بعد ساعات لم يدر عددها ليجد فتاة جميلة محجبة تجلس أمامه، وكانت تتأمله.
***
يتبع غدا