بيشوى رمزى رياض يكتب: وداعًا يا صاحب القلب الحنون والعقل المستنير

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
بيشوى رمزى رياض يكتب: وداعًا يا صاحب القلب الحنون والعقل المستنير

الإثنين، 19 مارس 2012 - 23:03

s3201218135332.jpg

البابا شنودة



رحل عنا قداسة البابا شنودة الثالث، بعد رحلة طويلة من الحب والعطاء، شعر بها ليس فقط أبناء الكنيسة القبطية، وإنما الملايين من المصريين والعرب، حتى إن الكثيرين من المفكرين، قد أطلقوا عليه "بابا العرب".

ربما تكون الحقبة، التى قضاها الأنبا شنودة الثالث على كرسى القديس مرقص الإنجيلى، من أكثر الفترات ثراء فى تاريخ الكنيسة القبطية على الاطلاق، سواء على المستوى الكنسى أو الروحى من ناحية وعلى المستوى الوطنى من ناحية أخرى.

قد ظل البابا شنودة الثالث، قائدا روحيا للكنيسة لأربعة عقود من الزمان، استطاع من خلالها أن ينشر الكرازة إلى كافة أنحاء العالم، من خلال إنشاء الكنائس القبطية بالخارج لخدمة المصريين المغتربين بالخارج، وهو ما يعنى اهتمام الكنيسة فى ظل إدارته بكل نفس مسيحية وهو ما يعكس إدراك قداسته بثقل المسئولية التى سيسأله عنها الله فى اليوم الأخير، إلا أن الأهم من ذلك أن البابا شنودة، كان دائما ما يضع أمامه المصلحة الوطنية كأولوية قصوى، ربما قبل المصلحة الضيقة للأقباط والكنيسة القبطية، وقد ظهر ذلك جليا من خلال مواقفه المتعددة، التى رفض من خلالها أن يجعل من القضية القبطية سببا فى التدخل الأجنبى فى الشأن المصرى، خاصة فى ظل محاولات مضنية بذلتها العديد من القوى الغربية لاستغلال ما قد يعانيه أقباط مصر من مشكلات من أجل الضغط على السلطة الحاكمة فى مصر لتحقيق مصالح معينة.

لم يتوقف الدور، الذى لعبته الكنيسة فى عهد البابا شنودة الثالث، على المستوى الوطنى المصرى، وإنما امتد كذلك للمستويين الإقليمى والقارى، فقد دعمت الكنيسة فى عهده قضية الحق الفلسطينى، عندما رفض السماح للأقباط بزيارة القدس، إلا جنبا إلى جنب، مع إخوانهم المسلمين، رغم أن قراره فى هذا الشأن كان تحديا للسلطة الحاكمة فى مصر آنذاك، وهو ما يؤكد أن نظرة قداسته لم تكن تقتصر أبدا على المصلحة الضيقة لأبناء طائفته، وإنما كانت تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، واضعا فى حسبانه قضية الحق الفلسطينى، التى لا ينبغى التنازل عنها بأى حال من الأحوال للكيان الصهيونى، حتى على المستوى الأفريقى، فقد تمتعت الكنيسة القبطية بعلاقات وثيقة بالكنائس الأفريقية الأخرى كالكنيسة الأثيوبية، والكنيسة الإريترية، وهى الكنائس التى تعد امتدادا للكنيسة الأم فى مصر، وهو ما يعد سببا رئيسيا فى تصريحات عديدة أطلقها بعض الدبلوماسيين المصريين، ومن بينهم السفيرة منى عمر حول دور ملموس لكنيسة البابا شنودة، فى بعض القضايا التى تتعلق بمصر خاصة مع تلك الدول الأفريقية التى تعد عمقا استراتيجيا لمصر وترتبط مباشرة بأمنها القومى.

لم يكن نظير جيد روفائيل رقما بسيطا فى تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وإنما كان شخصية أسطورية منذ ولادته عندما فقد أمه فى أيامه الأولى فى الدنيا، لتشترك نساء قريته فى إرضاعه فيصير الطفل نظير منذ طفولته ابنا لأمهات مسلمات وأقباط، وكأنها إشارة سمائية للدور الذى سيلعبه فيما بعد كأحد رموز الوحدة الوطنية.

قد كان مؤثرا فى كل من حوله، فكان معلما قبل أن يصير أسقفا للتعليم، فتعلم على يديه أجيال كثيرة ليس فقط من تلاميذه أبناء الكلية الإكليركية، وإنما أيضا ممن تتلمذوا على مقالاته، التى كانت تنشرها مجلة مدارس الأحد التى رأس تحريرها قبل رهبنته.

وظل قداسته، يؤدى رسالته التى اختاره الله من أجلها حتى النفس الأخير وهى رسالة التعليم دون كلل أو ملل.

أعتقد أننا سنفتقد وداعتك ومحبتك يا أبى الحبيب، سنفتقد ابتسامتك وأبوتك، وسنفتقد أيضا حزمك وقوتك، حتى صمتك يا قداسة البابا سنفتقده كثيرا، لأننا قد تعلمنا منكم متى يكون الصمت درسا، لمن لا يتعلمون من مشاعره الأبوة والحمام.

وهنا لا أجد سوى كلمة "وداعا يا سيدنا" سأفتقدك كثيرا ولكنى أثق أنك فى مكان أفضل بكثير مما نحن فيه الآن.


http://www2.youm7.com/News.asp?NewsID=631291&SecID=190


 
أعلى