سلام المسيح:
الحب والجنس والله
مقدمة:يحاول الانسان في عالمنا اليوم أن يتحرر من مختلف القيود التي تكبّله وتأسر حريّته وانطلاقته. ولكنّ تحرره من قيوده لا يكون سليما وناضجاً ، الاّ اذا كان واعيا ومدركا معنى وجوده وما يختلج في أعماق نفسه والاّ انتقل من عبوديّة الى عبوديّة وبقي في دوامة من الغربة عن ذاته الأصليّة . ففي مجال الجنس والحب كثيرا ما نجد الإنسان المعاصر مستعبداً ومقيّداً بأغلال تكبل انسانيته بالرغم من تكرار محاولته أن يتحرر من هذه القيود التي تأسر انطلاقته العاطفيّة. ويعود سبب ذلك الى أنّ الانسان ليس واعيا في كل حين أو مدركاً معنى الجنس والحب في أعماق كيانه الانسانيّ مما يجعله لا يعيش حياته الانسانيّة في عمقها. ومن هنا أهميّة معالجة موضوع الجنس والحب في اطار الأبعاد المختلفة التي تقوم عليها حياة الانسان.ينطلق هذا البحث أولاً من الواقع الحياتي المعاش في البيت وموقف الأهل من الجنس ثم يسلط الأضواء على جوانب الانسان المختلفة: الاجتماعيّة والفلسفيّة والدينيّة والنفسيّة فيحاول التوصل الى نظرة متكاملة الى الجنس. ويتطرق البحث بعد ذلك الى موضوع الحب في واقعه الحاليّ وفي عمقه الإنسانيّ ثم الى علاقة الحب مع الله في سره الثالوثي وينتهي بكلمة عن البتوليّة المكرّسة واكتمال إغلاقاً للحلقة التي تبدأ مع الله وتنتهي فيه.
1- التربيّة الجنسيّة في البيت
يقول أحد الاختصاصيين في التربية والعلاج النفسي إنه، مدة عشرين سنة قضاها في ممارسة العلاج النفسي ، كان يسأل من يعالجهم عن التربية الجنسية التي تلقوها في محيطهم البيتيّ فكان فكان تسعون بالمائة من هؤلاء يجيبون بأنهم لم يتلقّوا أية تربية جنسيّة في بيوتهم. ويضيف هذا الاختصاصيّ أنه يفهم تماما هذا الجواب لأنه عانى هو أيضا من النقص التربوي نفسه في محيطه وهناك احصاء تمّ على مئة شخص مراهق تبين أن عشرون شخصاً تلقوا تربية جنسية من أهلهم وثمانون لم يتلقوا أي شيىء عن ذلك.
هناك ولا شك إهمال كبير في مجال التوعية الجنسيّة في البيت، وغالباً تعود أسباب ذلك الى موقف الأهل السلبي من الجنس. فنجد أن أسئلة الأولاد عن الجنس تضع على المحك موقف الأهل من هذا الموضوع وتكشف عن صعوباتهم في هذا المجال الخفيّ من حياتهم وتشعرهم في آخر المطاف بحياتهم الجنسيّة الخاصة، التي يحيطونها بالتحفظ الزائد والسرية وموقف الأهل هذا له طبعاً ما يبرره نظرا الى الرغبة الطبيعية والمشروعة لدى الانسان في أن يحيط بالسرية والغموض النواحي الحميمة من حياته الشخصيًة ولكن يا للأسف فإنه ما يتعدى الأمر هذا التحفظ الطبيعي والمشروع فيصل الى ردود فعل غير سليمة مما يدل حقيقة على عدم التآلف السليم مع الناحية الجنسية من الحياة الزوجيّة المشروعة.فكثير من الناس ينتابهم شعور مبهم وتعلق تجاه الجنس وهذه الناحية الحميمة من حياتهم قد تصبح بالنسبة إليهم مرتبطة بنحو أو بأخر بالخلاعة والمجون.
أما الشعور غير السليم بالقلق والإثم تجاه الجنس فله من الناحية النفسية ما يفسره على أصعدة مختلفة. فقد يرجع إلى رواسب الصراع العاطفي في سن الطفولة ويستمر في مناخ تربوي غير سليم حتى الكبر . وقد يرجع هذا الشعور غير المتزن غلى التربية التي تقمع الجنس والتي تلقاها الأهل في طفولتهم مما يجعلهم يواجهون بدون إتزان حياة أولادهم الجنسية . فثمة أسباب خفية وعميقة تصد الأهل وتمنعهم من توعية أولادهم في أمور الجنس. حتى في حال اقتناعهم النظري بضرورة التوعية الصحيحة في هذا المجال .
ونتيجة لتهرب الأهل من الإيجابة السليمة والناضجة على أسئلة أولادهم العفوية في مجال الجنس فقد يشعر الأولاد تدريجياً بأن ميدان الجنس غامض ومحرم . ولهذا فكثيراً ما يتقمص الأولاد موقف أهلهم من الجنس فيحاولون أن يتهربوا من مواجهة نزعتهم الجنسية مواجهة صريحة وجريئة فيتجاهلون وجودها أو يقمعون حركتها فيهم. كل هذا قد يؤدي ولا شك إلى الكبت الجنسي بلغة فرويد مؤسس التحليل النفسي ، مما يجعل الإنسان يقمع لا إرادياً وعفوياً إندفاعه الجنسي فينتج بسبب ذلك نفور غير سليم من الجنس نفور قد يرافق الإنسان مدى الحياة وقد ينعكس سلباً على علاقته بالجنس الأخر وقد يتسبب عند الزواج في تعكير الحياة الزوجية أو في تهديمها . ومن ناحية أخرى فقد يؤدي الكبت الجنسي إلى تعطيل الطاقة الجنسية بمنع تطويرها وانضاجها وأنسنتها . فقد تبقى هذه الطاقة الحيوية المهمة في حالتها البدائية الغريزية فيصبح الإنسان لا يعرف إلا الإشباع الجنسي الفوري واللامشروط ولا يستطيع التوصل إلى مستوى العلاقة الجنسية الناضجة والحب السليم .
فما هي النظرة الإيجابية الى الجنس التي تساعد الإنسان على أن يكتشف إندفاعه الجنسي فيفجر بالمقابل طاقاته للحب في جوّ سليم ومتزن ؟ هذه النظرة الإيجابية الناضجة مرتبطة حتماً بالنظرة المتكاملة الى الإنسان في جوانبه المختلفة : الفلسفية والنفسية والدينية ، إذ إن الله خلق الإنسان وحدة متكاملة فلا يمكننا أن نفهم جيداً رغبته الجنسية دون أن نفهم مقوماته الأخرى التي من ضمن كيانه الإنساني ككل .
2 – الفلسفة والجنس
ما هو الإنسان وكيف نعرّفه ؟ ثمة تعريفات كثيرة للإنسان إنطلاقاً من أبعاد كيانه المختلفة . فإذا إنطلقنا من بعده الإجتماعي فبإمكاننا أن نعرفه على أنه الكائن الإجتماعي الذي يسعى الى إقامة شركة مع الأخرين . فهو يحس في أعماقه بأنه لا يكتمل ولا يحقق ذاته إلا بهذه الشركة والوحدة مع الأخرين . وقد حدد الفيلسوف الإغريقي أرسطو الإنسان على أنه " حيوان إجتماعي" . ولا يعني هذا طبعاً أن الإنسان فصيلة خاصة من الحيوانات إذ هو يختلف جوهرياً عن الحيوان بسبب مقوماته المميزة : والتفكير والإرادة الحرة ومشاركته البنوية في حياة الله . فالإنسان وهو يشبه الحيوان جسميّاً يختلف عنه جوهريّاً بأنه اجتماعي . ففي عالم الحيوان هناك ولا شك مجتمعات أوبالأحرى تجمعات لا تتعدى كونها تكاملاً غريزياً ووظائف متكاملة . أما في عالمنا الإنساني فإن العزلة التي نشكو منها لا تزول أبداً بالتكامل الغرائزي والفطري بل بالإنفتاح الإراديّ والإختياريّ على شخص آخر بالإتحاد الكيانيّ به . وهناك اسطورة رواها الفيلسوف الإغريقي أفلاطون وهي تصور رمزياً السعي الإجتماعي الذي يقوم به الإنسان من خلال سعيه الجنسي الى الإتحاد بشخص آخر يكمل كيانه انها اسطورة " الأندروجين " . وتقول هذه الأسطورة انه في قديم الزمن كان ثمة كائنات بشرية تجمع في جسدٍ واحد أعضاء الذكر والأنثى إلاّ أن غضب الآلهة شطرها ، فأصبح منذ ذلك الحين كل من الشطرين يحن الى اللقاء بالشطر الآخر ليسترجع منه الكيان الواحد الأصيل . هذه أسطورة طبعاً وليست حقيقة تاريخية ولكنها تشير ولا شك الى المعنى الأعمق للنزعة الجنسية في الإنسان ذاك المعنى الذي يجعله يتخطى الجانب الحيواني الغريزي الى الإتحاد الشخصي الأكمل .
2- الكتاب المقدس والجنس
وفي سفر التكوين من الكتاب المقدس ورد نص يعبّر بعمق عن نزعة الجنس الاتحادية عند الانسان فنقرأ: " وأما آدم فلم يوجد له عون بإزائه . فأوقع الرب الاله سباتا على آدم فنام فاستلّ إحدى أضلاعه وسدّ مكانها بلحم وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة فاتى بها آدم . فقال آدم : هذه المرأة هي عظم من عظامي ولحم من لحمي .هذه تسمى امرأة لأنها من امرىء أخذت ولذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته فيصيران جسداً واحداً ." ( تك2/20-24) فاذا تعمقنا في دراستنا لهذا النص الكتابي من سفر التكوين وجدنا أنه ليس تفسيرا بيولوجيّا عن كيفيّة خلق المرأة الأولى بل إنه يعبر بأسلوبه الأسطوري تعبيرا عميقا عن العلامة الصحيحة التي تشدّ الرجل والمرأة أحدهما الى الآخر. فكل منهما يتجه بطبيعته الى الآخر لأنه لا يكتمل بدونه فيحن الى الاكتمال به حتى اذا اتحد به بالزواج يؤلف وإياه جسداً واحداً بالمعنى الكتابي لكلمة الجسد وهي تشير الى الانسان بكيانه الكلي : جسماً وعقلاً وإرادة وعاطفة وانفعالات ورغبات الى أخره.
4- علماء النفس والجنس
يتبع
الحب والجنس والله
مقدمة:يحاول الانسان في عالمنا اليوم أن يتحرر من مختلف القيود التي تكبّله وتأسر حريّته وانطلاقته. ولكنّ تحرره من قيوده لا يكون سليما وناضجاً ، الاّ اذا كان واعيا ومدركا معنى وجوده وما يختلج في أعماق نفسه والاّ انتقل من عبوديّة الى عبوديّة وبقي في دوامة من الغربة عن ذاته الأصليّة . ففي مجال الجنس والحب كثيرا ما نجد الإنسان المعاصر مستعبداً ومقيّداً بأغلال تكبل انسانيته بالرغم من تكرار محاولته أن يتحرر من هذه القيود التي تأسر انطلاقته العاطفيّة. ويعود سبب ذلك الى أنّ الانسان ليس واعيا في كل حين أو مدركاً معنى الجنس والحب في أعماق كيانه الانسانيّ مما يجعله لا يعيش حياته الانسانيّة في عمقها. ومن هنا أهميّة معالجة موضوع الجنس والحب في اطار الأبعاد المختلفة التي تقوم عليها حياة الانسان.ينطلق هذا البحث أولاً من الواقع الحياتي المعاش في البيت وموقف الأهل من الجنس ثم يسلط الأضواء على جوانب الانسان المختلفة: الاجتماعيّة والفلسفيّة والدينيّة والنفسيّة فيحاول التوصل الى نظرة متكاملة الى الجنس. ويتطرق البحث بعد ذلك الى موضوع الحب في واقعه الحاليّ وفي عمقه الإنسانيّ ثم الى علاقة الحب مع الله في سره الثالوثي وينتهي بكلمة عن البتوليّة المكرّسة واكتمال إغلاقاً للحلقة التي تبدأ مع الله وتنتهي فيه.
1- التربيّة الجنسيّة في البيت
يقول أحد الاختصاصيين في التربية والعلاج النفسي إنه، مدة عشرين سنة قضاها في ممارسة العلاج النفسي ، كان يسأل من يعالجهم عن التربية الجنسية التي تلقوها في محيطهم البيتيّ فكان فكان تسعون بالمائة من هؤلاء يجيبون بأنهم لم يتلقّوا أية تربية جنسيّة في بيوتهم. ويضيف هذا الاختصاصيّ أنه يفهم تماما هذا الجواب لأنه عانى هو أيضا من النقص التربوي نفسه في محيطه وهناك احصاء تمّ على مئة شخص مراهق تبين أن عشرون شخصاً تلقوا تربية جنسية من أهلهم وثمانون لم يتلقوا أي شيىء عن ذلك.
هناك ولا شك إهمال كبير في مجال التوعية الجنسيّة في البيت، وغالباً تعود أسباب ذلك الى موقف الأهل السلبي من الجنس. فنجد أن أسئلة الأولاد عن الجنس تضع على المحك موقف الأهل من هذا الموضوع وتكشف عن صعوباتهم في هذا المجال الخفيّ من حياتهم وتشعرهم في آخر المطاف بحياتهم الجنسيّة الخاصة، التي يحيطونها بالتحفظ الزائد والسرية وموقف الأهل هذا له طبعاً ما يبرره نظرا الى الرغبة الطبيعية والمشروعة لدى الانسان في أن يحيط بالسرية والغموض النواحي الحميمة من حياته الشخصيًة ولكن يا للأسف فإنه ما يتعدى الأمر هذا التحفظ الطبيعي والمشروع فيصل الى ردود فعل غير سليمة مما يدل حقيقة على عدم التآلف السليم مع الناحية الجنسية من الحياة الزوجيّة المشروعة.فكثير من الناس ينتابهم شعور مبهم وتعلق تجاه الجنس وهذه الناحية الحميمة من حياتهم قد تصبح بالنسبة إليهم مرتبطة بنحو أو بأخر بالخلاعة والمجون.
أما الشعور غير السليم بالقلق والإثم تجاه الجنس فله من الناحية النفسية ما يفسره على أصعدة مختلفة. فقد يرجع إلى رواسب الصراع العاطفي في سن الطفولة ويستمر في مناخ تربوي غير سليم حتى الكبر . وقد يرجع هذا الشعور غير المتزن غلى التربية التي تقمع الجنس والتي تلقاها الأهل في طفولتهم مما يجعلهم يواجهون بدون إتزان حياة أولادهم الجنسية . فثمة أسباب خفية وعميقة تصد الأهل وتمنعهم من توعية أولادهم في أمور الجنس. حتى في حال اقتناعهم النظري بضرورة التوعية الصحيحة في هذا المجال .
ونتيجة لتهرب الأهل من الإيجابة السليمة والناضجة على أسئلة أولادهم العفوية في مجال الجنس فقد يشعر الأولاد تدريجياً بأن ميدان الجنس غامض ومحرم . ولهذا فكثيراً ما يتقمص الأولاد موقف أهلهم من الجنس فيحاولون أن يتهربوا من مواجهة نزعتهم الجنسية مواجهة صريحة وجريئة فيتجاهلون وجودها أو يقمعون حركتها فيهم. كل هذا قد يؤدي ولا شك إلى الكبت الجنسي بلغة فرويد مؤسس التحليل النفسي ، مما يجعل الإنسان يقمع لا إرادياً وعفوياً إندفاعه الجنسي فينتج بسبب ذلك نفور غير سليم من الجنس نفور قد يرافق الإنسان مدى الحياة وقد ينعكس سلباً على علاقته بالجنس الأخر وقد يتسبب عند الزواج في تعكير الحياة الزوجية أو في تهديمها . ومن ناحية أخرى فقد يؤدي الكبت الجنسي إلى تعطيل الطاقة الجنسية بمنع تطويرها وانضاجها وأنسنتها . فقد تبقى هذه الطاقة الحيوية المهمة في حالتها البدائية الغريزية فيصبح الإنسان لا يعرف إلا الإشباع الجنسي الفوري واللامشروط ولا يستطيع التوصل إلى مستوى العلاقة الجنسية الناضجة والحب السليم .
فما هي النظرة الإيجابية الى الجنس التي تساعد الإنسان على أن يكتشف إندفاعه الجنسي فيفجر بالمقابل طاقاته للحب في جوّ سليم ومتزن ؟ هذه النظرة الإيجابية الناضجة مرتبطة حتماً بالنظرة المتكاملة الى الإنسان في جوانبه المختلفة : الفلسفية والنفسية والدينية ، إذ إن الله خلق الإنسان وحدة متكاملة فلا يمكننا أن نفهم جيداً رغبته الجنسية دون أن نفهم مقوماته الأخرى التي من ضمن كيانه الإنساني ككل .
2 – الفلسفة والجنس
ما هو الإنسان وكيف نعرّفه ؟ ثمة تعريفات كثيرة للإنسان إنطلاقاً من أبعاد كيانه المختلفة . فإذا إنطلقنا من بعده الإجتماعي فبإمكاننا أن نعرفه على أنه الكائن الإجتماعي الذي يسعى الى إقامة شركة مع الأخرين . فهو يحس في أعماقه بأنه لا يكتمل ولا يحقق ذاته إلا بهذه الشركة والوحدة مع الأخرين . وقد حدد الفيلسوف الإغريقي أرسطو الإنسان على أنه " حيوان إجتماعي" . ولا يعني هذا طبعاً أن الإنسان فصيلة خاصة من الحيوانات إذ هو يختلف جوهرياً عن الحيوان بسبب مقوماته المميزة : والتفكير والإرادة الحرة ومشاركته البنوية في حياة الله . فالإنسان وهو يشبه الحيوان جسميّاً يختلف عنه جوهريّاً بأنه اجتماعي . ففي عالم الحيوان هناك ولا شك مجتمعات أوبالأحرى تجمعات لا تتعدى كونها تكاملاً غريزياً ووظائف متكاملة . أما في عالمنا الإنساني فإن العزلة التي نشكو منها لا تزول أبداً بالتكامل الغرائزي والفطري بل بالإنفتاح الإراديّ والإختياريّ على شخص آخر بالإتحاد الكيانيّ به . وهناك اسطورة رواها الفيلسوف الإغريقي أفلاطون وهي تصور رمزياً السعي الإجتماعي الذي يقوم به الإنسان من خلال سعيه الجنسي الى الإتحاد بشخص آخر يكمل كيانه انها اسطورة " الأندروجين " . وتقول هذه الأسطورة انه في قديم الزمن كان ثمة كائنات بشرية تجمع في جسدٍ واحد أعضاء الذكر والأنثى إلاّ أن غضب الآلهة شطرها ، فأصبح منذ ذلك الحين كل من الشطرين يحن الى اللقاء بالشطر الآخر ليسترجع منه الكيان الواحد الأصيل . هذه أسطورة طبعاً وليست حقيقة تاريخية ولكنها تشير ولا شك الى المعنى الأعمق للنزعة الجنسية في الإنسان ذاك المعنى الذي يجعله يتخطى الجانب الحيواني الغريزي الى الإتحاد الشخصي الأكمل .
2- الكتاب المقدس والجنس
وفي سفر التكوين من الكتاب المقدس ورد نص يعبّر بعمق عن نزعة الجنس الاتحادية عند الانسان فنقرأ: " وأما آدم فلم يوجد له عون بإزائه . فأوقع الرب الاله سباتا على آدم فنام فاستلّ إحدى أضلاعه وسدّ مكانها بلحم وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة فاتى بها آدم . فقال آدم : هذه المرأة هي عظم من عظامي ولحم من لحمي .هذه تسمى امرأة لأنها من امرىء أخذت ولذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته فيصيران جسداً واحداً ." ( تك2/20-24) فاذا تعمقنا في دراستنا لهذا النص الكتابي من سفر التكوين وجدنا أنه ليس تفسيرا بيولوجيّا عن كيفيّة خلق المرأة الأولى بل إنه يعبر بأسلوبه الأسطوري تعبيرا عميقا عن العلامة الصحيحة التي تشدّ الرجل والمرأة أحدهما الى الآخر. فكل منهما يتجه بطبيعته الى الآخر لأنه لا يكتمل بدونه فيحن الى الاكتمال به حتى اذا اتحد به بالزواج يؤلف وإياه جسداً واحداً بالمعنى الكتابي لكلمة الجسد وهي تشير الى الانسان بكيانه الكلي : جسماً وعقلاً وإرادة وعاطفة وانفعالات ورغبات الى أخره.
4- علماء النفس والجنس
يتبع