مقالة جديدة لــ فاطمة ناعوت بعنوان المحبة هى الحلّ

jajageorge

اشتهى الملكوت
عضو مبارك
إنضم
24 مارس 2012
المشاركات
2,980
مستوى التفاعل
261
النقاط
0
الإقامة
lمصر
article135763456030bbadc02aea9c5abe523b8dbdfd638asamorsy.jpg
ابنى «مازن»، الطالب بكلية الهندسة قسم العمارة، استوعب الدرسَ الطيبَ جيدّا. الآن بوسعى أن أطمئنَ أن والده وأنا قد نجحنا، والفضل لله، فى تنشئته النشأة الحسنة التى نفخر بها ونحتسبها عند الله فى ميزان حسناتنا. علّمناه على أن «المحبة هى الحلّ».. علّمناه أن الإنسان إن امتلأ قلبُه بحبِّ الله ما عاد بقلبه متسعٌ لكراهية أحد. دليلى على أن الرسالة قد وصلت صغيرى، ما يلى: طلب الأستاذ من طلاب القسم تصميم قاعة مؤتمرات. وعادة ما يظلّ مازن فى حالة قلق حتى يقفَ على فكرة المشروع the Concept. وفاجأنا بالفكرة: أربع قاعات متصلة، منفصلة.. قاعة على شكل «قلب» كبير، تجاورها ثلاثُ قاعات صغرى، كلّ منها على شكل «مخّ»، بشرى. ثم كتب «فلسفة» التصميم: «مثلث التفوّق: المعرفة- العقل- القلب. المعرفة لا تأتى إلا إذا استخدمنا (العقل) لنتعلّم، و(القلبَ) لنحبَّ». أدرك الصغير أن العقل (وحدَه)، قد يشيِّدُ مجتمعاً عالِماً مثقفاً متطوّراً، لكنه جافٌّ، قاسى المشاعر، أجوفُ الروح. وأن القلبَ (وحدَه)، قد يمنحنا مجتمعاً طيباً متعاطفاً رحوماً، لكنه فى الأخير مجتمعٌ رخوٌ لا قوامَ صلباً له، ولا قانونَ عادلاً يحكمه. العقلُ يضبط ميزانَ القلب؛ فيجعله لا ينحازُ للقريب والنسيب، بل للأكفأ. والقلبُ يضبطُ ميزانَ التحيّز العِرقى والعَقدى والإيديولوجى، فيدفعنا لأن يكون ولاؤنا وانتماؤنا للإنسانية بكاملها؛ دون عنصرية ولا تحيّز. لهذا يقول هنرى برجسون، الفيلسوفُ الفرنسى حاصد نوبل للآداب 1927، فى كتاب «التطوّر الخلاّق»: «الإنسانُ العادى ميالٌ بطبيعته إلى موافقة الجماعة التى ينتمى إليها. أما العبقرىّ الفائق، فيشعر أنه ينتمى إلى البشرية جمعاء، ولذا فهو يخترق حدودَ الجماعة التى نشأ فيها، ويخاطب الإنسانيةَ كلها بلغة من الحبّ». ولأننا غدونا فى عصر يحكمه العقل، أكثر مما ينبغى، (وإن لم يكن العقلَ بمعنى التحضّر والسعى نحو المعرفة، بل هو بالمعنى المادىّ الذى يزنُ المصالح وشهوات السيادة والمطامع) فإن الذى ينقصنا بقوّة، لا سيما فى مصرَ الراهنة، هو المحبة. جرّبنا التخوينَ والتكفيرَ والتباغضَ والتلاعنَ والتشكيكَ فى النوايا والتفتيشَ فى صدور الناس (ونسينا أن نفتّش فى صدورنا)، فأخفقنا.. فهلا جرّبنا «المحبة التى لا تسقطُ أبداً»، كما يقول الإنجيل؟ هلا أجبنا على سؤال السيد المسيح، عليه السلام، حين ساءل قومَه: «إن كنتَ لا تحبُّ أخاك الذى تراه، فكيف تحبُّ الله الذى لا تراه؟!». قال مرشد الإخوان واعظاً عشيرتَه: «سنحاربهم بالحبّ، سنجمعُ شتاتَ هذه الأمة بالحب»! وهنا نتساءلُ، إن كنّا نحن الشعبَ نقفُ مع المرشد على أرض واحدة فى تعريف مصطلح «الحب»: بأى معنى نفسّر «الحب»، بعد كل ما أورثنا حكمُ المرشد من تلاعن واقتتال وبُغضة؟! شكراً «للصغير» الجميل الذى ألهمنى هذا المقال، والعُقبى «للكبار» الذين يحكمون.. المحبة هى الحلّ.

ألمصدر : الوطن
 
أعلى