الخطية معاندة للروح القدس

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
الخطية معاندة للروح القدس

من
كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث


روح الله الذي فيك، يريدك أن تحيا في القداسة التي تليق بأولاد الله وهو يعمل فيك للخير والبر. فإن سرت في طريق الخطية، تكون معاندًا للروح..

لذلك يقول الكتاب "ولا تحزنوا روح الله القدوس الذي به ختمتم" (أف 4: 30). إذن فكل من يرتكب إحدى الخطايا، إنما يحزن روح الله.. ويقول الكتاب أيضًا "لا تطفئوا الروح" (1 تس 5: 19). أن روح الله عندما يعمل في قلب إنسان. يلهبه بالحب، ويلهبه بالحماس نحو الخير، ويلهبه بالغيرة المقدسة علي نشر ملكوت الله.. لأن إلهنا نار آكله (عب 12: 29). وكل من يحوي الله في داخله إنما يحوي نارًا ملتهبة.. لذلك قيل عن الله:" الذي خلق ملائكته أرواحًا، وخدامه نارًا تلتهب" (مز 104: 4). ولهذا أمرنا الرسول أن نكون "حارين في الروح" (رو 12: 11). لأن كل من يعمل فيه روح الله، لابد أن يلتهب بالحرارة الروحية. أليس أن روح الله عندما حل علي التلاميذ الأطهار، إنما حل عليهم بألسنة "كأنها من نار" (أع 2: 3)؟!

لذلك كله، نقول أن من يفعل خطية، إنما يطفئ الروح كقول الكتاب.. وإطفاء هذه الحرارة، يقوده إلي الفتور. وإذا استمر في الفتور يصل إلي برودة روحية بحيث لا يؤثر فيه شيء من الوسائط الروحية التي تلهب غيره من الناس.. ومع كل هذا يظل روح الله فيه، ولكن حزينًا وحرارته منطفئة.. ولكن أخوف ما نخافه علي الخاطئ أن يفارقه روح الله.. كما فارق شاول الملك فبغتة روح رديء من قبل الرب (1 صل 16: 14). وهذه الحالة المحزنة هي التي صرخ بسببها داود في صلاته قائلًا "لا تطرحني من قدام وجهك، وروحك القدوس لا تنزعه مني"
(مز 51: 11)..

هذه الحالة الخطيرة هي التي يسمونها "التجديف علي الروح القدس".

التجديف علي الروح القدس، هو الرفض الكامل الدائم لعمل الروح القدس في القلب.. من كثرة الشر، يصل الإنسان إلي حالة من قساوة القلب ترفض كل عمل للروح حتى الموت.. وحينئذ لا يمكن أن يتوب، لأن التوبة تأتيه نتيجة لعمل الروح القدس فيه، لأن الروح يبكت الإنسان علي الخطية (يو 16: 8). وإذ لا يتوب لا يمكن أن ينال مغفرة. لن القديسين قد قالوا "ليست خطية بلا مغفرة، إلا التي بلا توبة". وهكذا قيل إن خطية التجديف علي الروح القد س لا مغفرة لها..

لكننا لم نصل بعد إلي هذا الوضع المملوء يأسًا. ما يزال روح الله يعمل فينا للتوبة.. فعلينا أن نستسلم لعمل الروح، ولا نرفضه، بعناد.. أن كنا قد أحزنا روح الله من قبل، فلا نستمر في إحزانه.. وإن كنا قد أطفأنا حرارته فينا، فلا نستمر في لإطفائها.. لا يصح أن نستمر في عناد، لئلا يفارقنا الروح، فنشبه الهابطين في الجب.. ليتنا نكره الخطية، التي تعاند عمل روح الله فينا. فإن الخطية خاطئة جدًا إنها فساد للطبيعة البشرية.
 
أعلى