من اجل ذلك مسحك الله الهك . ( مز 45 : 7 ) للقديس اثناسيوس الرسولي

amgd beshara

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
1 يونيو 2012
المشاركات
2,537
مستوى التفاعل
617
النقاط
113
الإقامة
cairo- egypt
بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ
إِلَهٌ وَاحِدٌ
+آمِينَ+


إن هذا الشرح كما كتبه الرسول، إنما يدحض هؤلاء العديمى التقوى. وما قاله المرنم له أيضًا نفس المعنى المستقيم الذي أساء هؤلاء فهمه. في حين أن منشد المزامير يوضح التقوى لأنه هو أيضًا يقول " عرشك يا الله إلى الدهور، صولجان استقامة هو صولجان ملكك أحببت البر وأبغضت الإثم، من أجل ذلك مسحك الله إلهك بزيت الإبتهاج أكثر من شركائك " (مز7:45ـ8).
انظروا أيها الآريوسيون وميزوا الحقيقة هنا أيضًا. فالمرنم يقول، إننا جميعًا "شركاء" الرب. فلو كان اللوغوس من العدم. وكان هو واحدًا من المخلوقات، لكان هو أيضًا واحدًا من الشركاء، فماذا يجب أن يفهمه الواحد منا، غير أنه آخر غير المخلوقات (مختلف عن المخلوقات). وأنه هو وحده كلمة الله الحق، وهو البهاء والحكمة التى تشارك فيه جميع المخلوقات، وهى تتقدس منه بالروح؟ ولذلك فهو هنا "يُمسح" لا لكي يصير إلهًا، لأنه كان إلهًا حتى قبل أن يُمسح، ولا لكي يصير ملكًا، لأنه قد كان هو المالك على الدوام، إذ أنه صورة الله كما يقول الوحى (انظر 2كو4:4، كو15:1). بل إن هذا أيضًا (أى أنه مسح) قد كتب من أجلنا. لأنه عندما كان الملوك ـ أيام إسرائيل ـ يُمسحون، فعندئذ فقط كانوا يصيرون ملوكًا، حيث أنهم لم يكونوا ملوكًا قبل مسحهم، وذلك مثل داود وحزقيا ويوشيا وغيرهم. أما المخلص فهو على العكس، حيث إنه إذ هو الله، يزاول دائمًا حكم مملكة الآب هو نفسه مانح الروح القدس، إلا أنه يقال الآن إنه يُمسَح. فهو كإنسان يقال عنه إنه يُمسَح بالروح وذلك حتى يبنى فينا نحن البشر سكنى الروح وألفته تمامًا مثلما وهبنا الرفعة والقيامة. وهذا ما عناه هو نفسه عندما أكد الرب عن نفسه فى الإنجيل بحسب يوحنا " أنا قد أرسلتهم إلى العالم ولأجلهم أقدس أنا ذاتى ليكونوا هم أيضًا مقدسين فى الحق " (يو18:17ـ19). وقد أوضح بقوله هذا إنه ليس هو المُقَدَّس بل المُقِدِّس. لأنه لم يُقدَّس من آخر بل هو يقدَّس ذاته. حتى نتقدّس نحن فى الحق. وهذا الذي يقدَّس ذاته إنما هو رب التقديس. كيف إذن حدث هذا؟ وماذا يريد أن يقول بهذا سوى إنه: " كوني أنا كلمة الآب، فأنا نفسى أعطى ذاتى الروح حينما أصير إنسانًا. وأنا الصائر إنسانًا أقدّس نفسي (في الآب) لكي يتقدّس الجميع فيّ. وأنا الذي هو الحق. لأن (كلمتك أنت هى الحق) " (يو17:17).
ـ وإن كان هؤلاء ـ بسبب ما جاء فى المزمور " من أجل هذا مسحك الله إلهك " (مز8:45) يستخدمون التعبير "من أجل هذا" من أجل رغباتهم الخاصة، فليعرف هؤلاء الذين يجهلون الكتب المقدسة، والذين انكشف عدم تقواهم، أن تعبير "من أجل هذا" هنا أيضًا، لا يعنى أجر فضيلة أو سلوكًا خاصًا باللوغوس، بل يعنى السبب الذي من أجله نزل إلينا، ويعنى السبب في مسحة الروح التي مسح بها من أجلنا. لأنه لم يقل "من أجل هذا مسحك" لكي يصير هو إله أو ملك أو ابن أو لوغوس، لأنه كان هكذا وهو دائمًا هكذا من قبل أن يُمسح، كما سبق أن أظهرنا، بل بالأحرى، بما أنك أنت إله وملك، من أجل ذلك أيضًا مُسِحَت. حيث إنه لم يكن في وسع أحد أخر أن يوحّد الإنسان بالروح القدس، سواك أنت الذي هو صورة الله، تلك الصورة التي بحسبها خلقنا منذ البدء، لأن الروح هو روحك أنت. وكل هذا حدث لأن طبيعة المخلوقات لا يركن إليها بخصوص هذا الأمر.

ففي حين تمرد الملائكة، فإن البشر كانوا عصاة. لذلك كان الأمر يحتاج بالضرورة إلى تدخل الله ـ " لأن اللوغوس هو الله " (يو1:1)، وذلك لكي يحرر الذين صاروا تحت عبء اللعنة. فلو كان هو من العدم لكان واحدًا بين الجميع وشريكًا لهم، ولما كان هو المسيح.
ولكن بما أنه إله لكونه ابن الله، فهو ملك أبدى، نظرًا لأنه بهاء الآب وصورته. من أجل ذلك فمن اللائق أن يكون هذا هو المسيح المنتظر، الذي وعد الآب البشر به، كما كشف عنه لأنبيائه القديسين، لكي كما خلقنا به، يصير به هكذا أيضًا خلاص الجميع من خطاياهم، ولكي تكون كل الأشياء تحت حكمه.

وهذا هو سبب المسحة التي صارت له، وسبب "الحضور المتجسد للوغوس". وهذا السبب هو الذي تنبأ به مرنم المزامير مسبحًا بألوهيته وملكوته الأبوي، عندما هتف قائلاً " عرشك يا الله إلى دهر الدهور، صولجان استقامة هو صولجان ملكك " (مز6:45)، ثم يعلن نزوله إلينا بقوله: " من أجل ذلك، مسحك الله، إلهك، بزيت الابتهاج أكثر من شركائك " (مز7:45).


وَ لإِلهَنَا كُلُّ مَجْدٍ وَكَرَامَةٍ إِلَى الأَبَدِ
+آمِينَ+
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضد الاريوسيين الرسالة الاولي . نشر المركز الارثوذكسي للدراسات الابائية . فصل : 12 : 46 , 49
 
أعلى