المواجهة مع الوصية وصعوبة تنفيذها

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
في المواجهة مع الوصية دائماً ما نقف ما بين إنسانيتنا الضعيفة وما بين قوة الله، لأننا نجد أن ربنا يسوع المسيح في العهد الجديد، حينما وضع وصيته أمام أعيننا صيرها صعبة للغاية، جعلها مثل حجر صدمة أمام إنسانيتنا الساقطة الضعيفة، حتى حينما نواجها ونحاول أن نطبقها تظهر أنها تفوق قامتنا فنقول: [ كيف أعيش هكذا وأنا إنسان تحت ضعف، أنا لست ملاك، والله يعرف ضعفي، وسأحاول أعيشها على قدر إمكانياتي ]

لكن هيهات لأن الوصية صعبة ثقيلة تفوق كل قدراتي، وهذه حقيقة فعلاً، لا يستطيع أحد أن يُنكرها، بل ولو غصب الإنسان نفسه لكي يحيا بها بكل قدراته الإنسانية، فهو يا إما يتحطم نفسياً، أو يدخل في حالة من الرياء، لأنه يحيا بها شكلاً بوداعة مصطنعة ومحبة متكلفة، وفي النهاية يخدع نفسه حتى أنه يظن أنه أصبح قديساً يحيا الوصية ويُمارس الشعائر الدينية ويقوم بكل واجبة الروحي كما ينبغي، ولكن تمر الأيام وتفوت السنين وعند أول محك يظهر فيه ضيق لأجل الكلمة والحياة مع الله، في داخله يظهر غليان فائق كالطوفان وتسقط القشرة الخارجية، ويصرعه الواقع العملي المُعاش لأنه يجد نفسه يواجه تقلبات المجتمع، فتسقط عنه شكل الوصية المُحتمي فيها، وتظهر حقيقة الداخل أن الوصية لم تكن تسكن قلبه وفكره كما ادَّعى، ويظهر حقيقة الشكل الذي كان مختفي فيه، أي ظهرت عورة قلبه الخفي وأصبح عُريان من النعمة التي ظن أنها تملأ قلبه !!!

يا إخوتي في الحقيقة المسيحية الوصية لا تُعاش بالإنسانية الساقطة، هذا يستحيل على الإنسان الطبيعي الذي اختبر السقوط، لذلك الرب حينما أتى لم يأتي بمجرد وصايا لنحياها من الخارج، ودليل كلامي ظاهر في الرسل أنفسهم قبل أن يسكن فيهم الروح القدس يوم الخمسين، لأن القديس بطرس في جثسيماني استل سيفاً وقطع أذن عبد رئيس الكهنة، وكل الرسل بعد ذلك هربوا ولم يستطيعوا أن يواجهوا الصليب مع المسيح، وذهب كلام القديس بطرس هباء الذي قاله [ يا رب مستعد أن أموت عنك ]، وكل هذا بسبب إنسانيتهم الضعيفة الساقطة التي لم تدخل بعد في قوة قيامة يسوع، أي لم يحصلوا على الخليقة الجديدة التي في المسيح يسوع بكل قوتها لكي يعملوا كل شيء بربنا يسوع...

عموماً نجد أن حينما تكلم الرب عن مثل الزارع، وقال أن بعضه سقط على الصخر، وشرح القصد من المثل قائلاً: [ والذين على الصخر هم الذين متى سمعوا يقبلون الكلمة بفرح، وهؤلاء ليس لهم أصل فيؤمنون إلى حين وفي وقت التجربة يرتدون] (لوقا 8: 13)، وبذلك أظهر أن المشكلة في القلب نفسه، هل هو قلب جديد جيد يتقبل كلمة الله فتزرع فيه وتنمو وتأتي بثمرها، أم أن القلب لازال قلب قديم تستحيل أن تُغرس فيه كلمة الحياة فتنمو وتُثمر، لذلك أن لم تتأصل كلمة الله في النفس التي نالت الإنسان الجديد الفوقاني وتدخل الوصية القلب وتضرب جذورها فيه وتنمو مثل البذرة، فأنه لا محالة من الحياة الحقيقية مع الله، وأن تكون الوصية محببة للنفس وتأتي بثمرها الحلو، لأنها مغروسة فيها بقوة النعمة المُخلِّصة، والروح القدس هو الذي يعطيها قوة ماء الحياة، لذلك يقول يعقوب الرسول: [ لذلك اطرحوا كل نجاسة وكثرة شر، فاقبلوا بوداعة الكلمة المغروسة القادرة ان تخلص نفوسكم ] (يعقوب 1: 21).

لذلك يا إخوتي علينا أن لا نندهش أن كثيرين يقفوا أمام وصية [ أحبوا أعدائكم ]، أو [ أن جاع عدوك اطعمه وأن عطش فاسقه ]، ويتخذوا أمامها موقف مخالف ومُعاند بقوة، ولا يستطيعوا أن يقروها كما هي، لأنها تجرح كرامتهم وتهين إنسانيتهم، ويقولون أن هذا يستحيل أن يكون قصد الرب، وتبدأ الشروحات والتفسيرات التي تنتقد هذه الآية وتحاول أن تعطيها بُعداً آخر على خلاف معناها، لكي يتملص منها كل واحد، ولكنها ستظل تواجه كل قلب وتكشف عن أصل جوهره، هل هو يحيا بالإنسان العتيق الذي يُعاكس وصية الله ولا يحتملها، أم يحيا بالإنسان الجديد الذي يتجدد كل يوم حسب صورة خالقه، لذلك النفس دائماً موضوعه بين اثنين، وهما الجسد، أي الإنسان العتيق بكل قدراته، وبين الروح أي الحياة بحسب الإنسان الجديد في المسيح يسوع، أي المولود من الله، لذلك حسب ما تنحاز النفس وتخضع له تكتب سيرتها، فيا إما في السماء بالروح، يا إما بالجسد على الأرض: [ لأن الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد وهذان يقاوم أحدهما الآخر حتى تفعلون ما لا تريدون ] (غلاطية 5: 17)، فا [ المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح ] (يوحنا 3: 6)، [ لأن من يزرع لجسده فمن الجسد يحصد فساداً، ومن يزرع للروح فمن الروح يحصد حياة أبدية ] (غلاطية 6: 8)

فبأي روح نعيش ولمن نعيش، وبأي قانون نحيا !!!
هل بقانون الإنسان الجديد والحياة في المسيح، أم بقانون الجسد وحسب إنسانيتنا الساقطة التي تعيش تحت ضعف وغير قادرة على الحياة بالروح، وحذاري أن أحد منا يعيش باختلاط بين حياتين، لأنه مكتوب: [ ليس أحد يضع رقعة من ثوب جديد على ثوب عتيق وإلا فالجديد يشقه والعتيق لا توافقه الرقعة التي من الجديد ] (لوقا 5: 36)
ومن هنا يظهر سرّ عدم قدرتنا لقبول الوصية أو حمل الصليب، وأيضاً يظهر لماذا تتمزق الحياة حينما نحاول أن نضع ما للجديد على العتيق، والخلط الذي يتم ما بين ترقيع إنسانيتنا الساقطة بما هو جديد، أو مثل إنسان بسيط له قسط من التعليم، يترك مكانه ويذهب لبلد العلماء والمفكرين العِظام، ويدخل المدينة بتباهي عظيم، لكن عند الجلوس وسطهم يُفتضح أمره ويسقط افتخاره، لأنه لا يفقه ما يقولونه، لأنهم يفوقونه علماً وفي هذه الحالة لا ينفعه افتخاره ولا حكمته التي يراها في نفسه، هكذا كل واحد فينا، لا يقدر أن يرتفع للعلو الحلو الذي للقديسين أن لم يكن مولوداً من فوق، حاصلاً على قوة الله من الأعالي، ودليل هذا هو حفظ الوصية وبخاصة المحبة التي تُظهر هل هذا من الله أم لم يعرفه قط، ولا زال تحت إنسانيته المسكينة لا يقدر أن يرتفع لمستوى الإلهيات والوصية عنده ضد العقل والمنطق، وكل من يحيا بها مخدوع، أو جبان وخائف، وأن تاريخ الكنيسة التي ظهر فيه قوة المحبة هو تاريخ يعلم الجُبن والخنوع وقبول الموت بلا معنى او طائل، مع أن المحبة اقوى من السيف وغالبة الموت، لأن المحبة هو الله:


 
التعديل الأخير:

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
شكراجدا
فى منتهى الروعه
الرب يباركك
 

هشام المهندس

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
15 مايو 2011
المشاركات
4,544
مستوى التفاعل
964
النقاط
0
الإقامة
baghdad
نعم اخي الرائع بكلماته البسيطه السلسه
التي تدخل القلوب قبل قرائتها
شكرا لمجهودك الاروع من كل رائع

 

kalimooo

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
23 يونيو 2008
المشاركات
143,887
مستوى التفاعل
1,787
النقاط
113
الإقامة
LEBANON
نجاهد لنستطيع ان نخرج من التفكير بعقلٍ بشري
مع الاعتراف بصعوبة ذلك
رائع
جزيل الشكر لمجهودك
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
وهبنا الله قوة حياة الوصية ليزرعها في داخل قلبنا
ويهبنا نعمة حتى نخرج بالتمام من إنسانيتنا القديمة
لنحيا خليقة جديدة في المسيح يسوع آمين
 

يوليوس44

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
20 أغسطس 2008
المشاركات
2,693
مستوى التفاعل
365
النقاط
83
مجهود ممتاز يااخى الحبيب الرب معاك
 

REDEMPTION

أنت عظيم يا الله
عضو مبارك
إنضم
13 يونيو 2006
المشاركات
3,612
مستوى التفاعل
634
النقاط
113
الإقامة
على الصخره ..
ربنا يدينا اننا نعيش الوصية .. لا ان نحفظها فقط ..
 

اليعازر

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
17 أكتوبر 2010
المشاركات
3,407
مستوى التفاعل
709
النقاط
0
عندما عرفت المسيح ، عرفته بالمحبة وكنت "باحثاً عن المحبة"..

أسال الرب ان يثبتنا جميعنا في محبته آمين.

شكرا اخي أيمن على مجهودك المثمر..

ربنا يباركك.

.
 

R.O.R.O

اسندنى فى ضعفى
عضو مبارك
إنضم
20 يونيو 2012
المشاركات
18,394
مستوى التفاعل
4,653
النقاط
113
الإقامة
حضن يسوع
موضوعك رائع جدا وعميق
بجد قريته كله واستفدت منه
ميرسى ليك
 

AL MALEKA HELANA

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
20 يوليو 2011
المشاركات
3,814
مستوى التفاعل
1,433
النقاط
113
الإقامة
ســفـر الحــيـاة

فبأي روح نعيش ولمن نعيش، وبأي قانون نحيا !!!
هل بقانون الإنسان الجديد والحياة في المسيح، أم بقانون الجسد وحسب إنسانيتنا الساقطة

ومن هنا يظهر سرّ عدم قدرتنا لقبول الوصية أو حمل الصليب،


ومن له آذنان للسمع فليسمع

شكراااااااا للموضوع الرائع
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
آمين يا إخوتي الأحباء لنُصلي دائماً أن يزرع الله فينا كلمتة لتكون مغروسة فينا
ونحيا وفق ما أعطانا من تجديد بحسب ملء المحبة بسكيب غنى الروح القدس آمين
 

انت شبعي

♥ Mera
عضو مبارك
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
6,544
مستوى التفاعل
1,211
النقاط
0
الإقامة
في عون العلي
الوصية لو اخدناها بمحبة لن نجد صعوبة في تنفيذها لكن لو اخدناها على انها فرض و الزام مش هننفذها
شكرا ع الموضوع الرائع
الرب معك
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
وهبنا الله قوة سكيب المحبة حتى نشبع من دسم الوصية الحلو فتهلل ونزداد فرحاً بالرب كل حين آمين
 

AdmanTios

Ο Ωριγένη&
عضو مبارك
إنضم
22 سبتمبر 2011
المشاركات
2,815
مستوى التفاعل
1,566
النقاط
0
الإقامة
Jesus's Heart

لكنها ستظل تواجه كل قلب وتكشف عن أصل جوهره، هل هو يحيا بالإنسان العتيق الذي يُعاكس وصية الله ولا يحتملها، أم يحيا بالإنسان الجديد الذي يتجدد كل يوم حسب صورة خالقه،




الموضوع رائع و مُميز كالعادة أستاذي الغالي
و ما أجملها دعوة للتأمُل فيما بين السطور
من معاني و عبر هدفها جهاد روحي من الدرجة الأولي

لأن الجهاد الروحي بعمُق مُمارستُه يقودنا نحو العلاقة
الشخصية مع شخص رب المجد الذي يُجدد نفوسنا دوماً
لا لمجرد حفظ وصايا أو شرائع لكن للوصول لغايتها و قيمتها
الحقيقية ...... أيضاً الجهاد الروحي بُعمق نتلمس فيه إفتقاد
ربنا لنا إذ أنه في الشدائد مجرد إمتحان مما يُهدم فكرة و صورة
الضيقات الغير مُحتملة أو ضعف الإنسان العتيق الغير قادر
علي تحمُل التجربة و الضيقة .... فالبوتقة تُنقي كي ما
يصير الذهب ذو قيمة ..... و هو نتاج الخبرات الأعمق
مع شخص الفادي الصالح

خالص الشكر للدعوة بالمُشاركة و نوال بركة العمل
و فرصة التأمُل بهذه الوجبة الدسمة غذاء للعقل
و الروح ...... رب المجد يُكافئ عمل يديك
و كل عمل صالح لمجد أسمُه القدوس
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
وهبنا الله معاً معاً قوة حياة التجديد الذي بها نحتمل التجربة لنتزكى ونتقوى في شخص الكلمة ربنا يسوع
فنحيا الوصية بكل اتساعها الحلو فنكون مأهلين لسكنى الله فينا، كونوا معافين في سرّ المحبة والنعمة آمين
 

بايبل333

حن يارحمــــــن
إنضم
27 سبتمبر 2010
المشاركات
7,650
مستوى التفاعل
582
النقاط
113
الإقامة
+تكفيك نعمتي+
ممكن من حضرتك امثلة فى حياتنا كيف ننفذ الوصية .؟
كنت مرة بسمع برنامج كنيسة وشعب الله قال حاجة حلوة
قالك لم تكون فى الشارع وحد اتعارك معاة وشتمك تعمل اى .؟
قال تقول "ربنا يبارك صباحك "
انت لم تغضب وصنعت برالله
انت اجرحت الذى امامك بتعاليمك المسيحيية
جعلت الذى امامك يرى اعمال ابيك الصالحة ويمجده

محتاجيين امثلة
 
أعلى