من عظات القديس مقاريوس الخمسين

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
هذا موضوع دوري خاص مُغلق حسب طلب بعض من الأعضاء
يختص بعِظات القديس مقاريوس الكبير
كل يوم فقرة لأجل البنيان
والأخ مولكا رفع العظات كلها للي يحب يقتنيها
أضغط
على هذا العنوان للتحميل [ عظات القديس مقاريوس الكبير ]
أما من لا يحب أن يقتنيها ويفضل أن يقرأ كل يوم فقرة فليتابع معنا هنا



  • عناوين العظات الخمسين
العظة (1) : النفس عرش الله وهو قائدها.
العظة (2) : الإنسان العتيق والإنسان الجديد.
العظة (3) : الشركة الأخوية. الخلاص بيسوع وحده.
العظة (4) : السعي للملكوت الأبدي - محبة الله الشديدة للإنسان.
العظة (5) : الخليقة الجديدة وبيت الروح الأبدي.
العظة (6) : الصلاة بهدوء - معنى العروش والأكاليل.
العظة (7) : محبة المسيح للانسان.
العظة (8) : حالات الصلاة ودرجة الكمال.
العظة (9) : النعمة والتجارب - الالتصاق بالرب وحده.
العظة (10) : الشركة والاتحاد بالعريس السماوي.
العظة (11) : نار الروح - فداء المسيح للنفس.
العظة (12) : حالة الإنسان قبل السقوط وبعده - مريم ومرثا والنصيب الصالح.
العظة (13) : أولاد الله.
العظة (14) : حلول المسيح في الإنسان - أرض اللاهوت.
العظة (15) : القداسة والنقاوة.
العظة (16) : أنت مدعو إلى فوق رغم التجارب.
العظة (17) : مسحة الروح القدس.
العظة (18) : غنى وكنز الروح القدس.
العظة (19) : وصايا المسيح والامتلاء من الروح القدس.
العظة (20) : لباس الروح.
العظة (21) : الحرب الروحية.
العظة (22) : حالة النفس بعد الموت.
العظة (23) : العائلة السماوية وسلاح الروح.
العظة (24) : الربح العظيم والخميرة السماوية.
العظة (25) : قوة سر الصليب والنار الالهية.
العظة (26) : كرامة النفس - تجارب الشر والانتصار.
العظة (27) : حالة النعمة وحرية الاختيار.
العظة (28) : حالة الإنسان بدون المسيح.
العظة (29) : تدبيرات نعمة الله.
العظة (30) : الولادة من الروح القدس.
العظة (31) : تغيير الذهن والصلاة الحقيقية.
العظة (32) : ثوب المجد الآن وفي القيامة.
العظة (33) : الصلاة بانتباه.
العظة (34) : تمجيد الأجساد في القيامة.
العظة (35) : السبت القديم والسبت الجديد.
العظة (36) : درجات النعمة والمجد.
العظة (37) : الفردوس والناموس الروحي.
العظة (38) : المسيحيون بالحق.
العظة (39) : لماذا أعطانا الله الكتاب المقدس.
العظة (40) : ارتباط الفضائل معاً.
العظة (41) : اعماق النفس.
العظة (42) : روح النعمة وروح الشر.
العظة (43) : القلب.
العظة (44) : تغيير وتجديد الإنسان بالمسيح.
العظة (45) : حضور المسيح وحده يخلص الإنسان ويشفيه.
العظة (46) : أولاد الله وأولاد العالم.
العظة (47) : الرمز والحقيقة.
العظة (48) : الايمان الكامل بالله.
العظة (49) : الشبع الالهي.
العظة (50) : صانع العجائب.



_____ عظة اليوم 10-5-2013 _____

العظــــــــــة الأولى فقرة 1و 2
النفس عرش الله وهو قائدها
" تفسير مجازى للرؤيا الموصوفة في سفر حزقيال النبي"


1 ـ يقص حزقيال النبي المبارك، الرؤيا المجيدة الملهمة التي رآها، ووصفه لهذه الرؤيا يبيّن أنها مليئة بالأسرار التي لا يُنطق بها.
لقد رأى مركبة [1] الشاروبيم وهي عبارة عن أربعة كائنات روحانية حية، لكل منها أربعة أوجه، واحد منها وجه أسد، وآخر وجه نسر، وآخر وجه ثور، والرابع وجه إنسان. ولكل وجه أجنحة بحيث لا توجد أجزاء خلفية لأي واحد منهم، وظهورهم مملوءة عيونًا، وكذلك بطونهم مشحونة ومزدحمة بالعيون، وليس فيهم أي جزء لم يكن مملوءاً عيونًا. وكان أيضًا لكل وجه بكرات، بكرة في وسط بكرة وكان الروح في البكرات.
ورأى حزقيال منظر شبه إنسان قدميه كمنظر حجر العقيق(الياقوت) الأزرق. ومركبة الشاروبيم والكائنات الحيّة كانت تحمل الرب الذي جلس فوقهم. وحيثما شاء أن يسير فإنه يسير والوجه إلى الأمام. ورأى تحت الشاروبيم كمثل يد إنسان تسند وتحمل.

2 ـ وهذا الذي رآه النبي كان في جوهره حقيقيًا وأكيدًا، ولكنه يشير كظل مسبق إلى شيء آخر سرّى وإلهي ـ السر المكتوم بالحقيقة منذ الدهور ومنذ الأجيال (كولوسي 26:1)، ولكنه أُظهر في الأزمنة الأخيرة (1بطرس 10:1) بظهور المسيح، فإن السر الذي رآه هو سر النفس التي كانت ستستقبل ربها وتصير هي ذاتها عرشًا لمجده (متى 31:25). لأن النفس التي تتمتع بامتياز الاشتراك في روح ونور الله وتتشرب بأشعة جمال مجده غير الموصوف ـ وهو الذي هيأها لتكون كرسيًا ومسكنًا له ـ فإنها تصير كلها نورًا وكلها عيناً ! ولا يكون فيها جزءً غير مملوء بعيون النور الروحانية. أي ليس فيها جزءً مظلمًا بل تصير بكليتها نوراً وروحاً، وتمتلئ كلها عيوناً، فلا يكون لها جزءً خلفي بل في كل اتجاه يكون وجهها إلى الأمام بواسطة الجمال الذي يفوق التعبير الذي لمجد نور المسيح الجالس والراكب عليها.
وكما أن الشمس هي بكليتها ذات شبه واحد، بدون أي جزء من الخلف أو من أسفل، بل هي مكسوة بالنور من كل ناحية، وهي بالحقيقة كلها نور، بدون اختلاف بين أجزائها، أو كما أن النار، أي نفس نور النار، هي متشابهة كلها، وليس فيها أول أو آخر، أو أكبر أو أصغر، هكذا أيضًا النفس التي تتشبع تمامًا بالجمال الذي لا يُوصف، جمال مجد نور وجه المسيح. وتكون في شركة تامة مع الروح القدس وتنال الامتياز بأن تكون محل سكن الله وعرشًا له، فإنها تصير كلها عيناً، وكلها نوراً، وكلها وجهاً، وكلها مجداً، وكلها روحاً، والمسيح الذي يقودها، ويرشدها، ويحملها، ويسندها، هو الذي يصنعها ويجعلها هكذا وينعم عليها ويزّينها هكذا بالجمال الروحاني، لأن الكتاب يقول: ويد إنسان كانت تحت الشاروبيم [2] لأنه هو ذاك الذي يركب عليها ويوجهها.


________________________

[1] حزقيال النبي لم يستعمل كلمة " مركبة " في الإصحاح الأول ولكن الكلمة استُعملت في النسخة السبعينية لسفر حزقيال إصحاح 3:43.
[2] حزقيال8:1 ، يفسر القديس مقاريوس "الإنسان" هنا بأنه المسيح (من جهة سر التدبير أي التجسد) ويد إنسان كانت تحت الشاروبيم لأنه هو الذي يركبها ويوجهها



عن كتاب عظات القديس مكاريوس الكبير
ترجمة دكتور نصحى عبد الشهيد يناير 2005

 
التعديل الأخير:

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0

_____ عظة اليوم 11-5-2013 _____
تابع العظة الأولى: النفس عرش الله وهو قائدها
" تفسير مجازى للرؤيا الموصوفة في سفر حزقيال النبي"
الفقرة 3


3 ـ والكائنات الحيّة الأربع التي حملت المركبة إنما كانت رمزًا للملكات (أي القوى) الحاكمة للنفس. فكما أن النسر هو ملك الطيور والأسد ملك الوحوش الضارية، والثور ملك الحيوانات والبهائم، والإنسان ملك المخلوقات عمومًا؛ هكذا النفس أيضًا لها ملكاتها الحاكمة. وهذه الملكات هي الإرادة، والضمير، والعقل، وملكة الحب.
فهذه الملكات تضبط مركبة النفس، وعليها يستريح الله. وبحسب تفسير آخر فإن الرمز يشير إلى كنيسة القديسين في السماء. فكما يُقال هنا إن الكائنات الحيّة كانت مرتفعة جدًا، ومملوءة عيونًا وأنه لم يستطع أحد أن يدرك عدد العيون أو الارتفاع، لأننا لم نُعطَ معرفة، وكما أنه، قد أُعطى لجميع الناس، فيما يخص نجوم السماء، أن ينظروا النجوم ويتعجبوا منها، ولكن لم يُعطَ لهم أن يعرفوا ويدركوا عددها، وكذلك هو الحال مع نباتات الأرض، التمتع بها أُعطى للجميع، ولكن مستحيل أن يعرف أحد عددها، فهكذا أيضًا الحال فيما يخص كنيسة القديسين في السماء. فالدخول إليها والتمتع بها قد أُعطى لكل الذين يرغبون ويجاهدون في طلبها، أما كيفية رؤية وإدراك العدد الذي فيها، فهذا خاص بمعرفة الله وحده.

فالراكب إذن تنقله وتحمله مركبة أو عرش الكائنات الحّية التي كلها عيونًا، أو بمعنى آخر تحمله النفس التي أصبحت عرشًا له وكرسيًا، وهي الآن عين ونور.
إنه يصعد عليها ويحكمها بزمام الروح ويقودها بحسب فكره هو. وكما أن الكائنات الروحانية الحيّة لم تذهب إلى حيث شاءت بل إلى حيث يعرف ويشاء ذاك الذي يجلس عليها ويوجهها، هكذا الحال هنا، فإنه هو نفسه الذي يمسك الزمام ويقود قوى النفس بروحه، حينما تتجه للسير إلى السماء، فهي تسير حسب قيادته وليس بحسب مشيئتها الخاصة.

فأحيانًا يطرح الجسد، ويقود النفس ويأخذها بالفكر إلى السماء،
وأحياناً - حينما يشاء هو - يأتي بها للعمل في الجسد وشئونه، وأحيانًا ـ حينما يشاء هو ـ يأتي بها إلى أقاصي الأرض ويكشف للنفس أسرارًا بلا حجاب.
آه، يا لسموه وصلاحه، ذلك القائد الحقيقي الوحيد (للنفس) !. وبنفس الطريقة، فإن أجسادنا أيضًا ستنال الامتياز في القيامة، بعد أن تكون النفس قد سبقت وتمجّدت منذ الآن على الأرض وامتزجت مع الروح في الحياة الحاضرة.
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
_____ عظة اليوم 12-5-2013 _____
تابع العظة الأولى: أنتم نور العالم ( فقرة 4)


وأما أن نفوس الأبرار تصير نورًا سماويًا، فهذا هو ما أعلنه الرب للرسل، عندما قال " أنتم نور العالم" (متى 14:5) لأنه صيّرهم نوراً أولاً، ثم بعد ذلك أمر بأن يستنير بهم العالم إذ يقول " لا يوقدون سراجاً ويضعونه تحت المكيال، بل على المنارة فيضئ لكل من في البيت، فليضئ نوركم هكذا قدام الناس" (متى 5: 16،15).

وبمعنى آخر، لا تخفوا الموهبة التي قبلتموها منى، بل أعطوا لكل الذين يرغبون أن ينالوها. وقال أيضًا " سراج الجسد هو العين فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً. وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلماً. فإن كان النور الذي فيك ظلاماً فالظلام كم يكون" (متى 23،22:6 ، لوقا 34:11)، فكما أن العينين هما نور الجسد ـ وطالما هما بحالة جيدة ـ فالجسد كله يكون نيراً، ولكن إن حدث لهما حادث فأظلمتا، يصير الجسد كله في ظلمة، هكذا قد جعل الرسل ليكونوا عيوناً ونوراً للعالم كله.
لذلك فإن الرب أمرهم بهذا القول: فأنتم الذين هم بمثابة نور الجسد، إن كنتم تثبتون ولا تنصرفون عنى، فحينئذ يستنير جسد العالم كله، وأما إن كنتم وأنتم النور تكونون مظلمين فما أعظم تلك الظلمة، التي هي ليست شيئًا سوى ظلمة العالم. وهكذا فإن الرسل، إذ كانوا هم أنفسهم نوراً، فقد أعطوا النور لأولئك الذين آمنوا، إذ أناروا قلوبهم بذلك النور السماوي ـ نور الروح الذي كانوا هم أنفسهم مستنيرين به.
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0

_____ عظة اليوم 13-5-2013 _____
تابع العظة الأولى: المِلح والذبيحة والكاهن (فقرة 5 و 6)



وإذ كانوا هم أنفسهم ( الرسل ) ملحًا فإنهم حفظوا وملّحوا كل نفس مؤمنة بملح الروح القدس؛ لأن الرب قال لهم " أنتم مِلح الأرض" (متى 13:5)، ويقصد بالأرض قلوب الناس. إنهم أعطوا لنفوس الناس من الداخل الملح السماوي ـ ملح الروح ـ فيملّحونهم ويجعلونهم أحرارًا من الفساد والتعفن، بدلاً من تلك الحالة الكريهة التي كانوا فيها. إن اللحم، إن لم يُملّح، يفسد ويمتلئ برائحة كريهة، حتى أن الناس كلهم يبتعدون من الرائحة العفنة، ويدب الدود في اللحم الفاسد ويسكن فيه ويتغذى عليه ويختبئ فيه؛ ولكن حينما يلقى عليه الملح يموت الدود الساكن فيه وتنتهي الرائحة الكريهة لأن هذه هي خاصية، الملح أن يقتل الدود ويزيل الرائحة الكريهة.

وبنفس الطريقة فإن كل نفس لا تُصلّح وتُملّح بالروح القدس ولا تشترك في الملح السماوي الذي هو قوة الله فإنها تفسد وتمتلئ برائحة الأفكار الرديئة الكريهة حتى أن وجه الله يتحول عن الرائحة المرعبة النتنة رائحة أفكار الظلمة الباطلة وعن الشهوات التي تسكن في مثل هذه النفس.
والدود الشرير المرعب، الذي هو أرواح الشر وقوات الظلمة، تتمشى وتتجول فيها، وتسكن هناك، وتختبئ وتدب فيها وتأكلها وتأتى بها إلى التحلل والفساد. كما يقول المزمور " قد أنتنت وقاحت جراحاتى" (مزمور 5:38).​

ولكن حينما تهرب النفس إلى الله لأجل الخلاص وتؤمن وتطلب ملح الحياة الذي هو الروح الصالح المحب للبشر، فحينئذ يأتى الملح السماوي ويقتل تلك الديدان المرعبة ويزيل الرائحة النتنة، ويطهّر النفس بعمل قوته الفعّال، وهكذا تصير النفس سليمة صحيحة وحرة من الاضمحلال بواسطة ذلك الملح الحقيقي وتُرد وتُعاد لتكون نافعة لخدمة السيد السماوي وهذا هو السبب الذي من أجله أمر الله، في الناموس مستعملاً الرمز أن كل ذبيحة ينبغي أن تُملّح بملح (لاويين 13:2، أنظر مرقس 49:9).

فالذبيحة ينبغي أولاً أن تُذبح بواسطة الكاهن، وتموت، ثم تُقطع قطعًا وتُملّح، وبعد ذلك توضع على النار. فإن لم يذبح الكاهن الخروف أولاً ويموت، فإنه لا يُملّح ولا يُقرّب كقربان محرقة للرب. هكذا نفسنا أيضاً ينبغي أن تأتى إلى المسيح رئيس الكهنة الحقيقى ليذبحها، وتموت عن هوى فكرها الخاص وعن حياة الخطية الشريرة التي كانت تعيشها قبلاً.
يجب أن تخرج منها الحياة، حياة الأهواء الشريرة. كما أن الجسد إذ خرجت منه النفس يموت، ولا يعود يعيش بالحياة التي سبق أن عاشها، فلا يسمع ولا يمشى، كذلك المسيح، رئيس كهنتنا السماوي ـ حينما يذبح نفسنا بنعمة قوته، ويميتها عن العالم، فإنها تموت عن حياة الشر التي كانت تعيشها، فلا تعود تسمع أو تتكلم أو يكون لها شركة وتوطّن في ظلمة الخطيئة لأن حياتها ـ التي هي الأهواء الشريرة قد خرجت منها بواسطة النعمة. والرسول يصرخ قائلاً: " قد صُلب العالم لي وأنا صُلبت للعالم" (غلاطية 14:6).​

فالنفس التي لا تزال تحيا في العالم وفي ظلام الخطيئة ولم تُمات بواسطة المسيح ولا يزال روح الخبث في داخلها، أعنى نشاط ظلمة، أهواء الشر التي تتحكم فيها، فإن هذه النفس لا تنتمي إلى جسد المسيح، لا تنتمي إلى جسد النور، بل هي في الحقيقة جسد الظلمة ولا تزال جزءً لا ينفصل من الظلمة. أما الذين لهم حياة روح النور، أعنى قوة الروح القدس، فإنهم جزء لا ينفصل من النور.​

 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
_____ عظة اليوم 14-5-2013 _____
تابع العظة الأولى: المِلح والذبيحة والكاهن - فقرة 7



  • ولكن قد يسألني أحدكم قائلاً: كيف تدعو النفس بلقب جسد الظلمة في حين أنها لم تخلق من الظلمة؟
أصغ لي، وأفهمني جيدًا. كما أن ثوبك الذي تلبسه قد صنعه آخر غيرك، وأنت تلبسه، وكما أن بيتك قد بناه آخر وأنت تسكن فيه، هكذا حينما تعدى آدم وصية الله وأطاع الحيّة الخبيثة، صار مُباعاً أو باع نفسه للشيطان فاكتست النفس ـ تلك الخليقة الحسيّة التي صورّها الله على صورته الخاصة ـ اكتست بنفس الشرير مثل رداء. لذلك يقول الرسول: " إذ جرّد الرياسات والسلاطين، ظفر بهم في الصليب" (كولوسي 15:2)، وهذا هو الغرض الذي من أجله جاء الرب (إلى العالم)، لكي ما يطرحهم خارجاً ويسترجع بيته وهيكله، أي الإنسان. لهذا السبب تُسمى النفس "جسد ظلمة الخبث" طالما أن ظلمة الخطية موجودة فيها. لأنها تحيا لعالم الظلمة الشرير، وهي ممسوكة بشدة هناك. لذلك يسميها الرسول جسد الخطيئة أو جسد الموت، قائلاً: " ليبطل جسد الخطية" (رومية 6:6). وأيضًا "من ينقذني من جسد هذا الموت" (رومية 24:7)

ومن الجهة الأخرى فإن النفس التي قد آمنت بالرب وأُنقذت من الخطية وأُميتت عن حياة الظلمة وقد نالت نور الروح القدس كحياة لها، وبهذه الطريقة قد انتقلت حقًا من الموت إلى الحياة، فإنها تصرف زمانها بعد ذلك في نفس هذه الحياة، لأنها تكون هناك ممسوكة بشدة بقوة نور اللاهوت. فإن النفس في ذاتها لا هي من طبيعة اللاهوت، ولا هي من طبيعة ظلمة الخبث، بل هي خليقة عاقلة، جميلة، عظيمة، وعجيبة، وحسنة كمثال وصورة الله. وإنما عن طريق التعدي دخل فيها خبث أهواء الظلمة.
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0

_____ عظة اليوم 15-5-2013 _____
تابع العظة الأولى: المِلح والذبيحة والكاهن
ضرورة المجيء إلى المسيح لنموت ونحيا - فقرة (8)


إذن فما تختلط به النفس فإنها تكون متحدة معه في حركات إرادتها، فإما يكون لها نور الله في داخلها، وتعيش في النور، في كل الفضائل، وتنتسب إلى نور الراحة. وإما يكون لها ظلمة الخطيئة فتقابل الدينونه.
فالنفس التي تشتهي أن تعيش مع الله في الراحة والنور الأبدي يجب أن تأتى ـ كما قلنا سابقًا ـ إلى المسيح رئيس الكهنة الحقيقي لتُذبح وتموت عن العالم وعن حياة ظلمة الخبث السابقة. وتنتقل إلى حياة أخرى وإلى سيرة إلهية.
وكما يحدث عندما يموت إنسان في مدينة ما فإنه لا يسمع صوت الناس الساكنين فيها ولا أحاديثهم ولا الضوضاء التي يصنعونها، بل هو يصير ميتًا مرة واحدة، وينتقل إلى منطقة أخرى حيث لا يوجد أصوات ولا صرخات من تلك المدينة التي خرج منها
كذلك النفس أيضًا حينما تنذبح مرة وتموت عن مدينة الأهواء الشريرة التي تسكن وتعيش فيها فإنها لا تعود تسمع في داخلها صوت أفكار الظلمة، ولا يعود يُسمع فيها حديث وصراخ المنازعات الباطلة الشريرة أو ضجيج أرواح الظلمة، بل تنتقل إلى مدينة مملوءة بالصلاح والسلام، إلى مدينة نور اللاهوت وتعيش هناك، وتسمع وتستوطن وتتكلم وتشارك، وهناك تعمل أعمالها الروحانية التي تليق بالله.
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى