التابوت والصليب ...

الكرمه الصغيره

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2012
المشاركات
2,622
مستوى التفاعل
786
النقاط
113

التابوت والصليب

تابوت العهد - وهو أهم قطعة أثاث كانت موجودة في خيمة الاجتماع ثم في هيكل سليمان - كان موضوع تأملاتي. وقد استوقفتني الآية الموجودة في
1ملوك 9:8
"لَمْ يَكُنْ فِي التَّابُوتِ إِلاَّ لَوْحَا الْحَجَرِ اللَّذَانِ وَضَعَهُمَا مُوسَى هُنَاكَ فِي حُورِيبَ حِينَ عَاهَدَ الرَّبُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ."
وقبل أن استطرد في الحديث أقول إن التابوت هو الصندوق الذي يوضع فيه جسد الميت، ويؤكد هذا ما نقرأه عن يوسف
" ثُمَّ مَاتَ يُوسُفُ .. فَحَنَّطُوهُ وَوُضِعَ فِي تَابُوتٍ فِي مِصْرَ."
(تكوين 26:50).

كان الأمر الذي أثار تفكيري هو ما بدا لي من اختلاف بين ما جاء في :
سفر الملوك الأول 9:8
وما جاء في
الرسالة إلى العبرانيين:
" وَوَرَاءَ الْحِجَابِ الثَّانِي الْمَسْكَنُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «قُدْسُ الأَقْدَاسِ»فِيهِ مِبْخَرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَتَابُوتُ الْعَهْدِ مُغَشًّى مِنْ كُلِّ جِهَةٍ بِالذَّهَبِ، الَّذِي فِيهِ قِسْطٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ الْمَنُّ، وَعَصَا هَارُونَ الَّتِي أَفْرَخَتْ، وَلَوْحَا الْعَهْدِ."
(عبرانيين 3:9و 4).

سألت الرب أثناء تأملاتي في :
1ملوك 9:8،
هل ضاعت عصا هرون وضاع قسط المن؟
لماذا لا نجدهما في التابوت الذي وُضع في الهيكل الذي بناه سليمان؟
وجاءني الرد:
إن الآيتين صحيحتان.. إلا أن كلمات الرسالة إلى :
العبرانيين 3:9-4
تتحدث عن التابوت أثناء وجوده في خيمة الاجتماع خلال رحلة بني إسرائيل في البرية، والمن في التابوت حينئذٍ يعلن عناية الله بشعبه وتدبير المن لهم ليسند قلوبهم ... والمن في ذات الوقت يرمز إلى المسيح خبز الحياة.
"هذَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. لَيْسَ كَمَا أَكَلَ آبَاؤُكُمُ الْمَنَّ وَمَاتُوا. مَنْ يَأْكُلْ هذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ"
(يوحنا 58:6).

أما عصا هرون التي أفرخت وأزهرت زهراً وأنضجت لوزاً
(عدد 8:17)
فهي ترمز إلى المسيح المُقام من الأموات، والذي قاد شعبه في رحلة البرية، وروى عطشهم.
"وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَابًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيحَ."
(1كورنثوس 4:10).

وكان الإسرائيليون في حاجة إلى هذا الرمز لتقويتهم في رحلة البرية. أما لوحا العهد، فهما اللوحان اللذان كتب الرب عليهما بإصبعه الوصايا العشر، وهما يعلنان عن المسيح الذي قيل عنه:
" حِينَئِذٍ قُلْتُ:
«هأَنَذَا جِئْتُ. بِدَرْجِ الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّى:
أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ، وَشَرِيعَتُكَ فِي وَسَطِ أَحْشَائِي"
(مزمور 7:40و8).
والذي مات على الصليب لكي يتم حكم الناموس في المؤمنين به كما قال بولس الرسول:
"لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزًا عَنْهُ، فِي مَا كَانَ ضَعِيفًا بِالْجَسَدِ، فَاللهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ، وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ، دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ ، لِكَيْ يَتِمَّ حُكْمُ النَّامُوسِ فِينَا، نَحْنُ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ."
(رومية 3:8و4).

ويجدر بنا أن نلاحظ أنه بعد أن حل بنو إسرائيل في الجلجال، ودحرج الرب عنهم عار مصر، نقرأ عنهم:
"فَحَلَّ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي الْجِلْجَالِ، وَعَمِلُوا الْفِصْحَ فِي الْيَوْمِ الرَّابعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ مَسَاءً فِي عَرَبَاتِ أَرِيحَا . وَأَكَلُوا مِنْ غَلَّةِ الأَرْضِ فِي الْغَدِ بَعْدَ الْفِصْحِ فَطِيرًا وَفَرِيكًا فِي نَفْسِ ذلِكَ الْيَوْمِ. وَانْقَطَعَ الْمَنُّ فِي الْغَدِ عِنْدَ أَكْلِهِمْ مِنْ غَلَّةِ الأَرْضِ، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مَنٌّ. فَأَكَلُوا مِنْ مَحْصُولِ أَرْضِ كَنْعَانَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ."
(يشوع 10:5-12).

انتهت ضرورة وجود قسط المن.. كما انتهت ضرورة وجود عصا هرون التي ترمز إلى المسيح المقام من الأموات، لأن الله أعطى في تابوت العهد وغطائه المصنوع من ذهب نقي، وحديثه مع موسى من على الغطاء - تأكيداً لحضوره الذاتي مع شعبه،
"وَتَصْنَعُ غِطَاءً مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ ... وَفِي التَّابُوتِ تَضَعُ الشَّهَادَةَ الَّتِي أُعْطِيكَ (لوحا العهد). وَأَنَا أَجْتَمِعُ بِكَ هُنَاكَ وَأَتَكَلَّمُ مَعَكَ، مِنْ عَلَى الْغِطَاءِ مِنْ بَيْنِ الْكَرُوبَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى تَابُوتِ الشَّهَادَةِ،"
(خروج 17:25 و21-22).

في هذا الرمز الجميل نرى أن موت المسيح على الصليب، غطى وستر خطايانا، وأصبح من امتيازنا أن نقترب إلى الله وإلى عرش نعمته..
"وَلكِنِ الآنَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، أَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً بَعِيدِينَ، صِرْتُمْ قَرِيبِينَ بِدَمِ الْمَسِيحِ."
(أفسس 13:2 اقرأ حتى عدد 16).
"فلنتقدَّمْ بِثِقةٍ إلى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكيْ ننَالَ رَحْمَة وَنجدَ نِعْمَة عَوْناً فِي حِينِهِ "
(عبرانيين 16:4).
ظهر لي يقيناً أنه لم يكن هناك ضرورة لوجود قسط المن، أو عصا هرون التي أفرخت في التابوت الذي وُضع في هيكل سليمان، ومن هنا لا نجدهما داخل التابوت.
وتيقنت كذلك أن التابوت هو رمز للمسيح المصلوب المقام.. فهو خال من جسد الميت، وهذا ما قاله المسيح ليوحنا في جزيرة بطمس:
" وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتًا، وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ "
(رؤيا 18:1).
وعلى ضوء ما تقدم نعرف الآتي:

*
كان التابوت مصنوعاً من خشب السنط. وخشب السنط غير قابل للتسوّس، وكان مغشّى من داخل ومن خارج بذهب نقي، وكان غطاؤه من ذهب نقي
(خروج 10:25-22)
وهو بهذا يرمز إلى المسيح في كمال إنسانيته، وكمال لاهوته.. أما غطاؤه فهو يرمز إلى كمال عمله الفدائي الذي أكلمه على الصليب.

*
انشق حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى أسفل، وظهر التابوت للجميع وقت صلب المسيح ليعلن الرب أن الطريق إليه أصبح مفتوحاً بموت المسيح الذي قال:
"أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي."
(يوحنا 6:14).

*
كان رئيس الكهنة وحده يدخل إلى قدس الأقداس حيث التابوت ليرشّ عليه الدم، وكان يقوم بهذا العمل مرة في السنة..
(لاويين 34:16).
"وَأَمَّا الْمَسِيحُ، وَهُوَ قَدْ جَاءَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ لِلْخَيْرَاتِ الْعَتِيدَةِ، فَبِالْمَسْكَنِ الأَعْظَمِ وَالأَكْمَلِ، غَيْرِ الْمَصْنُوعِ بِيَدٍ، أَيِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ هذِهِ الْخَلِيقَةِ،.وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُول، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيًّا."
(عبرانيين 11:9و12).
وهذا يؤكد أن التابوت كان رمزاً للمسيح المصلوب المقام .
أشكرك أحبك كثيراً
الرب يسوع المسيح يحبكم
جميعاً فتعال...هو ينتظرك
* * * *
والمجد لربنا القدوس يسوع المسيح
دائماً.. وأبداً.. آمين
 
أعلى