- إنضم
- 27 مايو 2012
- المشاركات
- 858
- مستوى التفاعل
- 176
- النقاط
- 43
عندما اجلس الي ذاتي
إنها يارب ساعة مباركة ، تلك التي أجلس فيها إلي ذاتي . ذلك لأني عندما أجلس إلي ذاتي ، إنما أجلس معك . إذ أنت في داخلي ، وأن كنت لا أراك كما كنت في العالم ، والعالم لم يعرفك .
لذلك يارب كانت احدي خطاياي الكبري في العالم ، هي الهروب من ذاتي .
لم يكن لي وقت لأجلس فيه مع ذاتي . وكل وقت كنت تفرغني فيه من المشغوليات والاهتمامات ، ويعطيني فرصة أجلس فيها إلي ذاتي ، وأجلس فيها معك ، كنت أنا – لفرط جهلي – أبحث عن مشغولية جديدة أو اهتمام جديد ، لأشغل بها الوقت ! كان الجلوس إلي ذاتي نوعا من الكسل ! كنت وأنا في العالم أعرف نظريا أهمية الجلوس إلي النفس ، ولكنني من الناحية العملية لم اعر هذا الأمر اهتماما . أو أن الشيطان لم يسمح لي أن أهتم بذلك . فكنت مشغولا علي الدوام ، مشغولية مستمرة لا تنقطع ...
من أجل ذلك يارب ، لم أر الكنز الموجود داخل نفسي ، الذي هو أنت ...
وعندما كنت أجلس بعض الوقت إلي ذاتي واري ولو شعاعا ضئيلا من ذلك الكنز ، كنت أخفيه إلي أن اجد وقتا أطول أتفرغ فيه له ، كنت اخفيه حتي أذهب أولا ، وأدفت أبي . واري حقلي واختبر بقري !
وأخيرا يارب ، عندما سمحت لي في يوم ما لا استطيع تحديده تماما ، أن أجلس إلي نفسي ذلك الجلسه الطويلة الهادئة . وأكتشف ذلك الكنز المخبأ فيها،عند ذلك بعت كل شئ وأشتريته ذلك الكنز الذي هو أنت ، فصرت ..
وهانذا يارب أعترف لك :
انني عندما أجلس غلي نفسي ، اشعر في كل مرة ان نفس أثمن من العالم كله { لأنه مذا يستفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ؟! } .
وعندما أشعر أن نفسي أثمن من العالم ، يصغر العالم في عيني جدا ، واخذ منك نعمة الزهد في كل شئ . وعندما أزهد كل شئ ، أنظر فأجدك أمامي تشجعني وتقول لي { لا تخف .. أنا معك }.
وعندما أجلس يارب إلي ذاتي ، ,اكتشف ما بداخلها ، وأري أيضاً ما فعله الغرباء الذين تطالوا علي مقادسك فيها .. وعندما اري ذلك ، وأعرضه عليك ، لكي تحفظ من الغرباء نفسي ، عندئذ تطول بي الجلسة ، وأجد اشياء كثيرة لأقولها لك ولها . عند ذلك تضؤل أمامي التعزيات البشرية ، ولا ابحث عن الاستئناس بالناس ، بل بالأكثر أحب الوحدة والخلوة والسكون ، حتي لا أحرم من تلك الجلسة اللازمة لي جدا ، التي تجلب لي الانسحاق والنقاوة . وأحيانا يارب ، عندما أجلس غلي ذاتي وأتعمق في بحثي داخلها ، اجد في بعض اركانها حيات وعقارب كامنة نائمة ، أو هي تحاول أن تأكل حبات قلبي في صمت أو في خفية ، وتنفث سمومها في دمي وفي فكري وفي مشاعري ، دون أن أردي ...
وهذه عندما كنت أنظر إليها ، كانت تستيقظ وتلدغ ضميري وتتبعني . ولكني كثيرا ما كنت أتركها نائمة حتي لا تتعب نفسي ولكن ما الفائدة يارب في ان اتركها هكذا ، وأتعابي عنها باحثا عن نياح نفساني ؟!
خداع هو في الحقيقة ، وهرب من النفس ...
أليس من الأفضل أن أكشف هذه الحيات وأقاتلها ؟ ارحمني يارب فإني ضعيف ، وشاعر وعجزي من مقاتلة أصغرها . الصلح أن اكشفها لك يارب ، وانت تقاتل عني { علي رجز الأعداء تمد يدك وتخلصني يمينك }.
وعندما أجلس يارب غلي نفسي ، اعرف حقيقتي ، وأردك انني تراب ورماد قدامك ، فتتضع نفسي في داخلي ، وتشعر بأن مجد العالم إنما هو طلاء خارجي زائف لا يغير من حقيقة النفس شئياً ...
وعندما أجلس إلي ذاتي وأشعر بضعفي ، التصق بك بالأكثر . متأكدا أنني بدونك لا استطيع شيئا . وكلما ألتصق بك ، تكشف لي ذاتك ، فأري أنك أربع جمالا من بني البشر ، فأحبك ، وأحب الجلوس معك اكثر من جلوسي مع سائر الناس .. وفي كل مرة أعرف عنك شيئا جديدا ، فتزداد نفسي تعلقا بك .
أعطني يارب أن اترك الناس ، وانشغل بنفسي ، لربطها بك ثم اعطني يارب أن انسي نفسي ، وأنشغل بك
للبابا شنودة " انطلاق الروح "