ولا يهمني

كتب : ‏ يوسف معاطي
000

لكم عندي اليوم قصة‏..‏ ولأصارحكم من البداية ان هذه القصة ليست قصتي والله لولا انه أول مقال ولسه بنسخن لقلت لكم انها قصتي انا‏..‏ ان كل القصص تتشابه‏..‏ بل كل من حولي يعتقدون انهم اصحاب القصص التي اكتبها ولكن لنعترف ان القصة من تأليف الكاتب الروسي العظيم تولستوي‏(‏ولكن لاتعتادوا علي ذلك‏)‏ فسأقص عليكم بعد ذلك قصصا كثيرة وسأنسبها لنفسي‏..‏ انما قبل ان اقص عليكم قصة تولستوي‏..‏ أود أن الفت نظركم الي ان تولستوي نفسه اقتبسها من الكاتب الفرنسي المعروف موباسان واقد اعترف تولستوي بذلك ولم أشأ ان افتش وراء موباسان هو الاخر‏..‏ فربما طلعت مقتبسة مني أنا في الآخر والقصة اسمها غالي جدا وهو يتكلم عن مملكه صغيرة أسمها موناكو تقع بين فرنسا وايطاليا وهذه المملكة الصغيرة لم يكن بها سوي سبعة آلاف نفس ومع ذلك فهذه المملكة اللعبة لم تكن كده وكده وانما كان لها ملك حقيقي له قصر وحاشية ووزراء وجيش والجيش ليس كبيرا ستون رجلا فقط الا انه جيش علي اي حال في تلك المملكة ايضا ضرائب كما في اي مكان آخر‏..‏ ولكن حصيلة الضرائب التي كانت تجبي منهم لم تكن تكفي رواتب الملك وحكومته وعلي ذلك كان لجلالة الملك حفلة تتويج وكان يكافيء ويحكم ويعفو تم
اما مثل باقي الملوك فقط في صورة مصغرة‏..‏ في حدود الميزانية وحدث ان ارتكب جريمة قتل في المملكة لأول مرة‏..‏ فأهالي المملكة مسالمون جدا وقدا اجتمع القضاه وبحثوا المسألة واخيرا قرروا ادانة المتهم وحكموا عليه بالاعدام كما يقضي نص القانون ووقع الملك علي الحكم‏..‏ كانت هناك عقدة واحدة في المسألة وهي انه لم يكن عندهم لامقصلة ولاجلاد‏..‏ وبحث الوزراء المسألة وقرروا ارسال طلب الي حكومة فرنسا يطلبون استيراد مقصله وجلاد لقطع رأس القاتل‏..‏

وبعد اسبوع وصل الرد ليس عند الحكومة الفرنسية مانع من إرسال المقصلة والجلاد والتكاليف‏16‏ الف فرنك وعرض الأمر علي الملك فبحثة مليا‏..16‏ الف فرنك معناه ان يتكلف كل شخص من سكان موناكو‏...‏ فرنكين وشوية والناس لاتتحمل ذلك‏..‏ وقد تحدث ثورة‏..‏ وقرروا ان يرسلوا الطلب الي حكومة ايطاليا‏..‏ فردت الحكومة الايطالية قائلة انه يسرها ان تبعث اليهم بالمقصلة والجلاد وانها لاتطلب سوي‏12‏ الف فرنك غير تكاليف الانتقال الا انه مازال غاليا‏..‏ ودعي مجلس آخر للبحث في الموضوع‏..‏ الا يمكن لاحد من الجنود ان ينفذ الحكم بطريقة بلدي كدة وزي ماتيجي‏..‏

واجتمع القائد بجنوده وقال لهم أمستعدون لقطع رأس المجرم‏.‏ الا ان الجميع رفضوا قائلين لا‏..‏ لا‏..‏ تعرف هذا شيء لم نتعلمه‏..‏ ما العمل‏..‏ ؟‏..‏ اجتمع الوزراء وتوالت اجتماعاتهم وعقدوا لجانا واخذوا بدلات عن حضور اللجان‏..‏ الي ان أستقروا علي ان يستبدل حكم الاعدام بالسجن المؤبد‏..‏ ان هذا به من جهة اظهار رحمة الملك ومن جهة اخري ارخص ووافق الملك ولكن العقبة الوحيدة الان هي انه لايوجد سجن في موناكو ومع ذلك فقد تغلبوا علي هذه الصعوبة اذ تمكنوا من العثور علي مكان لابأس به كسجن ووضعوا فيه المجرم وعينوا شخصا لحراسته يراقبه ويحضر له الطعام من مطبخ القصر‏..‏

وظل السجين عاما كاملا وبينما كان الملك يراجع الميزانية وجد نبدا جديدا في المصاريف خاصا بالمجرم ونفقاته لم يكن المبلغ بسيطا حارس خصوصي وايضا طعام لفردين المجرم والحارس والمصيبة ان المجرم لايزال شابا لوعاش خمسين سنة آخري سيخرب بيت موناكو ودعا الملك وزراءة وقال لهم يجب ان تبحثوا عن طريقة آخري ارخص للتعامل مع هذا المجرم‏..‏ قال احد الوزراء‏..‏ من رأيي ان نستغني عن الحرس ترشيدا للنفقات لكن وزيرا آخر اعترض قائلا ولكن المجرم سوف يهرب فرد الاول‏..‏ فليهرب ان ذلك في مصلحتنا ووافق الملك علي طرد السجان وفعلا طردوا الحارس وتركوا المجرم وحده في السجن ولكن لم يهرب‏.‏

ذهب بنفسه الي مطبخ القصر واحفر الطعام وعاد الي السجن واقفل الباب وراءه‏..‏ وظل هكذا يوميا‏..‏ اما من جهة الهرب فلم تظهر منه اي بادرة‏..‏ واجتمع الوزراء وقالوا يجب ان نقولها صريحة نحن لانريدك‏.‏ واحضره وزير الداخلية وقال له‏..‏ لماذا لاتهرب‏..‏ ليس عليك سجان يراقبك‏..‏ يمكن ان تذهب حيث تشاء والملك متسامح في ذلك‏..‏ قال المجرم ولكن الي أين اهرب؟‏!‏ وماذا يمكنني ان أفعل انا المجرم الوحيد في البلد وسمعتي سيئة سيبتعد الناس عني اينما ذهبت وزيادة علي ذلك فلقد تعودت الكسل‏.‏ انتم السبب حكمتم علي بالاعدام‏..‏ في البداية استخسرتم في ثمني المقصلة وسكت ولم اتمسك بحقي في الاعدام‏..‏ ابدلتم الحكم بالسجن المؤبد ولم تنفذوه وطردتم الحارس واضطررت ان اذهب بنفسي لاحضار الطعام ومع ذلك لم اتكلم وقلت كلنا يجب ان نتحمل ظروف بلدنا والآن تقولون لي أهرب‏.‏

كلا ياسيدي‏..‏ افعلوا ما تشاءون‏..‏ ولكن لن أهرب ما العمل؟‏!!‏ ودعي المجلس مرة أخري لبحث الخطة التي يجب السير عليها‏..‏ وأخيرا رأوا الطريقة التي يمكن أن يتخلصوا منه بها‏..‏ أن يرشوه لكي يهرب‏..‏ وأعطوه مبلغا من المال‏..‏ وهرب فعلا‏..‏ لكن كان يعود من آن لآخر ويبتزهم فيعطونه المزيد من المال‏..‏ ليهرب من جديد‏..‏ وهكذا انتهت القصة ولم يقل موباسان ولاتولستوي الذي اقتبسها منه ان هذا شجع كثيرا من المجرمين في موناكو أن يقلدوا المجرم الهارب الذي ضحك علي الدولة وعاش في نعيم بفلوس الحكومة ودافعي الضرائب‏..‏ فدفعنا الثمن غاليا جدا‏
http://www.ahram.org.eg/Index.asp?CurFN=cari1.htm&DID=8760