خدمة توصيل التعذيب للمنازل
21/08/2007
زبانية الأقسام قتلوا أكثر من 500 مواطن خلال 11 عاما
البديل - محمد علي الدين ، رشا جدة
المنتزه ، والعمرانية، وحلوان والبساتين وقصر النيل والخليفة أسوأ أقسام التعذيب في مصر
مركز شرطة المنصورة دخل موسوعة السلخانات بقتل 3 مواطنين بينهم طفلان خلال شهر واحد
التعليق، والصعق بالكهرباء، والاغتصاب أكثر أساليب التعذيب استخداما وعلي المتضرر اللجوء لله
أخذوها من المنزل بعد منتصف الليل، واقتادوها إلي قسم شرطة حلوان، ثم طلبوا منها أن تخبرهم عن مكان أخيها المشتبه بارتكابه جريمة قتل. "سامية" - هذا هو اسمها الكودي - لم يكن لديها إجابة عن سؤال ضباط قسم حلوان، فأجبروها علي خلع ملابسها، وضربوها بالكرابيج في جميع أنحاء جسمها ثم صعقوها بالكهرباء في عدة أماكن حساسة من جسدها، وأخيرا تناوبوا علي اغتصابها واحدا تلو الاخر. لم تكن سامية وحدها التي تعرضت لجحيم التعذيب في قسم حلوان، بل نال عشرة من عائلتها -رجالا ونساء- نفس المصير لإجبار أخيهم المشتبه به علي تسليم نفسه.
التعذيب في أقسام الشرطة المصرية ليس تجاوزا فرديا يرتكبه بعض الضباط وأمناء الشرطة كما تدعي وزارة الداخلية دائما وأبدا، وإنما سياسة منهجية تطبقها وزارة الداخلية، وتلقنها لضباطها بشكل مستمر، كما يؤكد طارق خاطر، جمعية المساعدة القانونية، وبالتالي فالتعذيب في مصر منهجي، ويهدف الي إخضاع وإذلال المصريين عبر أدوات رخيصة يمثلها هؤلاء الجلادون الموزعون علي كل أقسام الشرطة في مصر.
ويضيف خاطر أن رئيس الجمهورية، ووزير الداخلية مسؤولان عن سياسة التعذيب المطبقة في أقسام الشرطة المصرية حتي إن مبارك لا يعتبرها سببا كافيا لإقالة وزير الداخلية. ويشير خاطر إلي أن أكبر المفارقات الدالة علي ذلك عندما أقال مبارك وزير الداخلية السابق حسن الألفي جراء مقتل 59 سائحا أجنبيا في حادثة مدينة الاقصر في حين لم يفكر في إقالة وزير الداخلية الحالي حبيب العادلي رغم ما رصدته التقارير الحقوقية حول مقتل أكثر من 500 ضحية جراء التعذيب داخل أقسام الشرطة منذ عام 1996 وحتي العام الحالي.
التعذيب كالماء والهواء
رغم أن التعذيب في أقسام الشرطة بات ـ كـ"الماء والهواء" ـ فرضا علي الجميع، وأصبح الأسلوب الأسرع والأسهل لتلفيق القضايا وانتزاع الاعترافات فإن هناك مجموعة من هذه الأقسام تضمها القائمة السوداء لـ"سلخانات التعذيب" في مصر. يعتلي القائمة قسم المنتزه باعتباره واحدا من الأقسام الأكثر ممارسة للتعذيب، وانتهاكا لحقوق الانسان. وقد أسفر التعذيب الممارس في قسم المنتزه عن مقتل " فريد شوقي عبدالعال" يعد ان قامت قوة من قسم المنتزه بالقبض علي الضحية، والاعتداء عليه بالضرب بالفلكة، واللكم، وتقييده من يديه ورجليه، والضغط علي عنقه حتي الموت، ثم أجبر والده علي دفن الجثة الساعة 2.50 فجرا، وفي حراسة 6سيارات أمن مركزي إلا أن النيابة أمرت باستخراج الجثة، وجاء تقرير الطب الشرعي ليثبت أن وفاة "فريد شوقي" جاءت نتيجة التعذيب لكن جميع المتهمين نالوا البراءة.
لم يمر عام 1996 حتي أثبت قسم المنتزه انه السلخانه الأولي في مصر عندما ذهب "محمد بدرالدين جمعه" للابلاغ عن اختفاء ابنته-8سنوات- ليفاجأ بعد 7شهور بالقبض عليه، وتعذيبه علي يد 12 ضابطا من قسم المنتزه للاعتراف بأنه قاتل ابنته. تعرض "بدر الدين" خلال هذه الفترة لأسوأ أنواع التعذيب من ضرب بالكرباج وبالفلكة والصعق بالكهرباء لكن المفاجأة حدثت عندما ظهرت ابنته بعد عدة شهور ليتضح للجميع انها علي قيد الحياة في حين أجبر والدها علي الاعتراف بقتلها.
قسم المنتزه .. الأسوأ
يتفق كل من د.طارق خاطر - جمعية المساعدة القانونية - ود.ماجدة علي - مركز النديم - علي تصدر قسم المنتزه قائمة أقسام الشرطة الأسوأ في مصر، حيث جاء عام 2005 لتكشف النيابة أثناء جولاتها التفتيشية عن احتجاز القسم 55 مواطنا دون وجه حق وإجبارهم علي توقيع محاضر علي بياض. ولم ينته عام 2007 حتي كشفت النيابة وللمرة الثانية احتجاز قسم المنتزه40 مواطنا بينهم سيدات وأطفال رضع دون وجه حق مع عدم إدراجهم في السجلات، بالإضافة لأدوات التعذيب كالكرابيج، ناهيك عن زجاجات خمور، وأسلحة، ومخدرات لم تقيد كأحراز، وهو ما يعني أنها كانت تستخدم لتلفيق التهم للمواطنين، كما توضح د.ماجدة علي.
يروي طارق خاطر كيف نجحت جمعية المساعدة القانونية في تصوير "دفتر حصر الشكاوي" الخاص بقسم المنتزه وتحديدا خلال فترة احتجاز "محمد بدرالدين" لتكشف وجود 176 بلاغا مقدما ضد القسم خلال 6شهور فقط جميعها تتعلق بالاحتجاز دون وجه حق، واستعمال القوة والتعذيب.
ع.ج .. إلا مباحث أمن الدولة
توضح د.ماجدة علي أن ما حدث في قسم المنتزه من كشف لفضائح التعذيب بواسطة النيابة لا يتكرر كثيرا، وهو مجرد عمل فردي فالنيابة عادة لا تمارس دورها في التفتيش علي أقسام الشرطة. في حين يضيف محمد بهنسي -المساعدة القانونية- أنه حتي اذا قامت النيابة بالتفتيش علي أقسام الشرطة فلا يمكنها التفتيش علي مراكز الاعتقال الموجودة بمقار مباحث أمن الدولة التي ُيمارس فيها التعذيب بشكل أكثر منهجية وقسوة، وتحدث فيها كل التجاوزات غير المتوقعة، ورغم ذلك فقرار النائب العام لأعضاء النيابة العامة بتفتيش مراكز الاحتجاز لم يتضمن مراكز الاحتجاز بمقار مباحث أمن الدولة. لذا يطالب محمد بهنسي بضرورة استقلال النيابة العامة، وتحريرها من سيطرة السلطة التنفيذية لضمان استقلالها، وعدم تعرضها لأي ضغوط.
اللي "اتعذبوا" ماتوا
يأتي في المرتبة الثانية من القائمة السوداء لأقسام الشرطة، قسم العمرانية، حيث شهد أعلي معدل وفيات نتيجة التعذيب بلغ 5 ضحايا خلال 3 سنوات فقط، أي منذ تاريخ إنشاء القسم، وآخرها كان إلقاء "ناصر"- سباك العمرانية- من شرفة منزله وأمام أهله. رغم أنه في المرتبة الثالثة إلا أنه الأبشع علي الإطلاق، فقسم حلوان دأب منذ التسعينيات علي ممارسة التعذيب، وتحديدا في عام 1995 أودي التعذيب بحياة "فتح الباب عبد المنعم" الذي تعرض للتعذيب علي يد الضابط "محسن بدوي" الذي عاقبته المحكمة بعد ذلك بسنة سجن مع إيقاف التنفيذ. جاء عام 2003 ليثبت قسم حلوان أنه سلخانة من سلخانات التعذيب في مصر حيث ألقي أفراد القسم القبض علي 11 شخصا من عائلة واحدة، بينهم نساء وأطفال، تعرضوا جميعا للتعذيب الوحشي علي أيدي ضباط وأمناء شرطة القسم بهدف إجبارهم علي الاعتراف علي أحد أفراد الأسرة المشتبه في ارتكابه جريمة قتل. تعرضت الأسرة لجحيم التعذيب الذي بدأ بتعليق الرجال، والضرب بالكرابيج، والتعذيب بالكهرباء في أماكن حساسة، وانتهي بإجبار النساء علي خلع ملابسهن، واغتصابهن.
ع. ج هنا.. قسم البساتين
يشير محمد بهنسي - جمعية المساعدة القانونية - إلي أن قسم البساتين يعد أكثر الأقسام التي تمارس التعذيب ضد المواطنين، ولعل أبرز هذه الوقائع ما تعرضت له "مريم" - طبقا لاسمها الكودي - عندما ذهبت إلي قسم البساتين لتحرر محضرا بعد اختفاء زوجها لمدة يومين، فوجئت "مريم" بوجود بلاغ ضدها من حماتها تتهمها فيه بقتل ابنها. احتجز قسم البساتين "مريم" وابنتها 7 أيام تعرضت خلالها للضرب بالفلكة، والكرابيج، والعصي مع ربط يديها للخلف مع التهديد بتعريتها، وصعقها بالكهرباء، واغتصابها هي وابنتها. جلادو "مريم" وابنتها لم يكتفوا بممارسة دور الجلاد، لكنهم تحولوا إلي لصوص حيث أخذوا منها كل أموالها وحُليها. اكتشف "مريم" في النهاية أن زوجها كان محتجزا طوال هذه المدة في قسم الشرطة نفسه.
ع. ج المنصورة New Record
تؤكد د.ماجدة علي أن الشرطة في المنصورة حققت رقما قياسيا في مجال انتهاك حقوق الإنسان وممارسة التعذيب بأبشع صوره، عندما شهد مركز شرطة المنصورة حالتي وفاة نتجتا عن التعذيب خلال شهر واحد فقط، وهم "نصر أحمد عبد الله" -35 عاما- ، و"محمد ممدوح عبد العزيز" -13 عاما- فيما كشف مصدر حقوقي وجود حالة ثالثة لفتي يدعي "محمود الروش"، ُيرجح أنه توفي بعد تعرضه للتعذيب ثم تم إلقاؤه من إحدي النوافذ. القائمة السوداء تمتد كما يقول محمد بهنسي لتضم أقسام بولاق الدكرور، والأزبكية، والسيدة زينب، والمرج، وأبو كبير بالشرقية، وفايد بالاسماعيلية. أما قسم قصر النيل فقد نال سمعته السيئة بعد أن اعتاد اختطاف وتعذيب النشطاء السياسيين والتنكيل بهم بسبب مشاركتهم في مظاهرات تناهض النظام المصري، حيث كان المدون محمد الشرقاوي، والصحفية عبير العسكري من أبرز الحالات التي تعرضت للتعذيب علي يد ضباط قسم قصر النيل.
ع.ج كهربااااااا
تبدو "سلخانات التعذيب" في مصر، وكأن لكل منها أسلوبه وطريقته ومدرسته الخاصة في إيلام الناس وتشويه أجسادهم، وبث الرعب في نفوسهم. لكن د.ماجدة علي ترفض هذه الفكرة باعتبارها ستفتح الباب أمام اعتبار ما يحدث من تعذيب "أخطاء فردية يرتكبها البعض"، لكن الوقائع تؤكد أن التعذيب في مصر مدرسة واحدة يتناقل أساليبها الضباط من جيل إلي جيل، ويستخدمون الأدوات نفسها التي يتم شراؤها بأموال دافعي الضرائب لتعذيبهم بها، وتشرح د.ماجدة علي طرق وأساليب التعذيب المستخدمة في أقسام الشرطة حيث تشير إلي "التعليق" باعتباره أكثر أساليب التعذيب المستخدمة، وهو عبارة عن تقييد يدي الضحية وربطها إلي الخلف، وعادة ما تتسبب في شد وتهتك "الضفيرة العصبية" في حين يتم إضافة أنبوبة بوتاجاز أو شيكارة أسمنت زيادة في التنكيل بالضحية. وتعتبر د. ماجدة علي أن التعليق من الرجلين يستخدم ولكن بشكل أقل نسبيا من الأسلوب السابق في حين يستخدم عادة الضرب بكعب البندقية والشوم والعصي كإحدي الوسائل التقليدية للتعذيب.
ع. ج.. واغتصاب
توضح د.ماجدة علي أن استخدام "التغمية" أثناء التعذيب يكون بغرض شل حركة الضحية من خلال إرباك المخ والآليات العصبية بحيث يصعب عليه تحديد مصدر الضربات المتوالية التي يتعرض لها، وبالتالي يستحيل عليه تفادي الضربات. تستخدم أقسام الشرطة عادة الصعق بالكهرباء باعتباره أسرع الطرق التي ستجبر الضحايا علي الاعتراف بكل شيء وباي شيء، وغالبا ما يتم الصعق في مناطق حساسة من الجسد كالأعضاء التناسلية، وحلمات الصدر، وحلق الفم في حين يأتي الاغتصاب باعتباره وسيلة تعذيب وإذلال للضحايا، ويستخدم ضد الرجال بواسطة عصي كما في حالة عماد الكبير أو بواسطة رجل آخر، وهي تحدث بنسبة أق، أما اغتصاب النساء فيكون بواسطة رجل آخر أو عدة رجال يتناوبون اغتصاب الضحية.
ع.ج التلاجة
يذكر ضحايا التعذيب أساليب جديدة تم استخدامها ضدهم كالوقوف علي رأس وجسد المحتجز لفترات طويلة كما يحدث في قسم عابدين بالإضافة إلي رش المياه علي الأرض التي يجلس عليها المحتجز، وإجباره علي ارتداء ملابس نسائية. أما قسم الخليفة فيلجأ جلادوه إلي إطلاق عيار ناري بجوار أذن المحتجز مما يصيبه بانهيار تام، ويشير طارق خاطر إلي حجرة "التلاجه" الموجودة في كل أقسام الشرطة في مصر، وهي عبارة عن حجرة غير آدمية عادة ما تكون رطبة، وبلا تهوية أو إضاءة ينتشر في جوانبها البول والفضلات ويبقي فيها الضحية حتي يأتي دوره في التعذيب.
زبانية الأقسام قتلوا أكثر من 500 مواطن خلال 11 عاما
البديل - محمد علي الدين ، رشا جدة
المنتزه ، والعمرانية، وحلوان والبساتين وقصر النيل والخليفة أسوأ أقسام التعذيب في مصر
مركز شرطة المنصورة دخل موسوعة السلخانات بقتل 3 مواطنين بينهم طفلان خلال شهر واحد
التعليق، والصعق بالكهرباء، والاغتصاب أكثر أساليب التعذيب استخداما وعلي المتضرر اللجوء لله
أخذوها من المنزل بعد منتصف الليل، واقتادوها إلي قسم شرطة حلوان، ثم طلبوا منها أن تخبرهم عن مكان أخيها المشتبه بارتكابه جريمة قتل. "سامية" - هذا هو اسمها الكودي - لم يكن لديها إجابة عن سؤال ضباط قسم حلوان، فأجبروها علي خلع ملابسها، وضربوها بالكرابيج في جميع أنحاء جسمها ثم صعقوها بالكهرباء في عدة أماكن حساسة من جسدها، وأخيرا تناوبوا علي اغتصابها واحدا تلو الاخر. لم تكن سامية وحدها التي تعرضت لجحيم التعذيب في قسم حلوان، بل نال عشرة من عائلتها -رجالا ونساء- نفس المصير لإجبار أخيهم المشتبه به علي تسليم نفسه.
التعذيب في أقسام الشرطة المصرية ليس تجاوزا فرديا يرتكبه بعض الضباط وأمناء الشرطة كما تدعي وزارة الداخلية دائما وأبدا، وإنما سياسة منهجية تطبقها وزارة الداخلية، وتلقنها لضباطها بشكل مستمر، كما يؤكد طارق خاطر، جمعية المساعدة القانونية، وبالتالي فالتعذيب في مصر منهجي، ويهدف الي إخضاع وإذلال المصريين عبر أدوات رخيصة يمثلها هؤلاء الجلادون الموزعون علي كل أقسام الشرطة في مصر.
ويضيف خاطر أن رئيس الجمهورية، ووزير الداخلية مسؤولان عن سياسة التعذيب المطبقة في أقسام الشرطة المصرية حتي إن مبارك لا يعتبرها سببا كافيا لإقالة وزير الداخلية. ويشير خاطر إلي أن أكبر المفارقات الدالة علي ذلك عندما أقال مبارك وزير الداخلية السابق حسن الألفي جراء مقتل 59 سائحا أجنبيا في حادثة مدينة الاقصر في حين لم يفكر في إقالة وزير الداخلية الحالي حبيب العادلي رغم ما رصدته التقارير الحقوقية حول مقتل أكثر من 500 ضحية جراء التعذيب داخل أقسام الشرطة منذ عام 1996 وحتي العام الحالي.
التعذيب كالماء والهواء
رغم أن التعذيب في أقسام الشرطة بات ـ كـ"الماء والهواء" ـ فرضا علي الجميع، وأصبح الأسلوب الأسرع والأسهل لتلفيق القضايا وانتزاع الاعترافات فإن هناك مجموعة من هذه الأقسام تضمها القائمة السوداء لـ"سلخانات التعذيب" في مصر. يعتلي القائمة قسم المنتزه باعتباره واحدا من الأقسام الأكثر ممارسة للتعذيب، وانتهاكا لحقوق الانسان. وقد أسفر التعذيب الممارس في قسم المنتزه عن مقتل " فريد شوقي عبدالعال" يعد ان قامت قوة من قسم المنتزه بالقبض علي الضحية، والاعتداء عليه بالضرب بالفلكة، واللكم، وتقييده من يديه ورجليه، والضغط علي عنقه حتي الموت، ثم أجبر والده علي دفن الجثة الساعة 2.50 فجرا، وفي حراسة 6سيارات أمن مركزي إلا أن النيابة أمرت باستخراج الجثة، وجاء تقرير الطب الشرعي ليثبت أن وفاة "فريد شوقي" جاءت نتيجة التعذيب لكن جميع المتهمين نالوا البراءة.
لم يمر عام 1996 حتي أثبت قسم المنتزه انه السلخانه الأولي في مصر عندما ذهب "محمد بدرالدين جمعه" للابلاغ عن اختفاء ابنته-8سنوات- ليفاجأ بعد 7شهور بالقبض عليه، وتعذيبه علي يد 12 ضابطا من قسم المنتزه للاعتراف بأنه قاتل ابنته. تعرض "بدر الدين" خلال هذه الفترة لأسوأ أنواع التعذيب من ضرب بالكرباج وبالفلكة والصعق بالكهرباء لكن المفاجأة حدثت عندما ظهرت ابنته بعد عدة شهور ليتضح للجميع انها علي قيد الحياة في حين أجبر والدها علي الاعتراف بقتلها.
قسم المنتزه .. الأسوأ
يتفق كل من د.طارق خاطر - جمعية المساعدة القانونية - ود.ماجدة علي - مركز النديم - علي تصدر قسم المنتزه قائمة أقسام الشرطة الأسوأ في مصر، حيث جاء عام 2005 لتكشف النيابة أثناء جولاتها التفتيشية عن احتجاز القسم 55 مواطنا دون وجه حق وإجبارهم علي توقيع محاضر علي بياض. ولم ينته عام 2007 حتي كشفت النيابة وللمرة الثانية احتجاز قسم المنتزه40 مواطنا بينهم سيدات وأطفال رضع دون وجه حق مع عدم إدراجهم في السجلات، بالإضافة لأدوات التعذيب كالكرابيج، ناهيك عن زجاجات خمور، وأسلحة، ومخدرات لم تقيد كأحراز، وهو ما يعني أنها كانت تستخدم لتلفيق التهم للمواطنين، كما توضح د.ماجدة علي.
يروي طارق خاطر كيف نجحت جمعية المساعدة القانونية في تصوير "دفتر حصر الشكاوي" الخاص بقسم المنتزه وتحديدا خلال فترة احتجاز "محمد بدرالدين" لتكشف وجود 176 بلاغا مقدما ضد القسم خلال 6شهور فقط جميعها تتعلق بالاحتجاز دون وجه حق، واستعمال القوة والتعذيب.
ع.ج .. إلا مباحث أمن الدولة
توضح د.ماجدة علي أن ما حدث في قسم المنتزه من كشف لفضائح التعذيب بواسطة النيابة لا يتكرر كثيرا، وهو مجرد عمل فردي فالنيابة عادة لا تمارس دورها في التفتيش علي أقسام الشرطة. في حين يضيف محمد بهنسي -المساعدة القانونية- أنه حتي اذا قامت النيابة بالتفتيش علي أقسام الشرطة فلا يمكنها التفتيش علي مراكز الاعتقال الموجودة بمقار مباحث أمن الدولة التي ُيمارس فيها التعذيب بشكل أكثر منهجية وقسوة، وتحدث فيها كل التجاوزات غير المتوقعة، ورغم ذلك فقرار النائب العام لأعضاء النيابة العامة بتفتيش مراكز الاحتجاز لم يتضمن مراكز الاحتجاز بمقار مباحث أمن الدولة. لذا يطالب محمد بهنسي بضرورة استقلال النيابة العامة، وتحريرها من سيطرة السلطة التنفيذية لضمان استقلالها، وعدم تعرضها لأي ضغوط.
اللي "اتعذبوا" ماتوا
يأتي في المرتبة الثانية من القائمة السوداء لأقسام الشرطة، قسم العمرانية، حيث شهد أعلي معدل وفيات نتيجة التعذيب بلغ 5 ضحايا خلال 3 سنوات فقط، أي منذ تاريخ إنشاء القسم، وآخرها كان إلقاء "ناصر"- سباك العمرانية- من شرفة منزله وأمام أهله. رغم أنه في المرتبة الثالثة إلا أنه الأبشع علي الإطلاق، فقسم حلوان دأب منذ التسعينيات علي ممارسة التعذيب، وتحديدا في عام 1995 أودي التعذيب بحياة "فتح الباب عبد المنعم" الذي تعرض للتعذيب علي يد الضابط "محسن بدوي" الذي عاقبته المحكمة بعد ذلك بسنة سجن مع إيقاف التنفيذ. جاء عام 2003 ليثبت قسم حلوان أنه سلخانة من سلخانات التعذيب في مصر حيث ألقي أفراد القسم القبض علي 11 شخصا من عائلة واحدة، بينهم نساء وأطفال، تعرضوا جميعا للتعذيب الوحشي علي أيدي ضباط وأمناء شرطة القسم بهدف إجبارهم علي الاعتراف علي أحد أفراد الأسرة المشتبه في ارتكابه جريمة قتل. تعرضت الأسرة لجحيم التعذيب الذي بدأ بتعليق الرجال، والضرب بالكرابيج، والتعذيب بالكهرباء في أماكن حساسة، وانتهي بإجبار النساء علي خلع ملابسهن، واغتصابهن.
ع. ج هنا.. قسم البساتين
يشير محمد بهنسي - جمعية المساعدة القانونية - إلي أن قسم البساتين يعد أكثر الأقسام التي تمارس التعذيب ضد المواطنين، ولعل أبرز هذه الوقائع ما تعرضت له "مريم" - طبقا لاسمها الكودي - عندما ذهبت إلي قسم البساتين لتحرر محضرا بعد اختفاء زوجها لمدة يومين، فوجئت "مريم" بوجود بلاغ ضدها من حماتها تتهمها فيه بقتل ابنها. احتجز قسم البساتين "مريم" وابنتها 7 أيام تعرضت خلالها للضرب بالفلكة، والكرابيج، والعصي مع ربط يديها للخلف مع التهديد بتعريتها، وصعقها بالكهرباء، واغتصابها هي وابنتها. جلادو "مريم" وابنتها لم يكتفوا بممارسة دور الجلاد، لكنهم تحولوا إلي لصوص حيث أخذوا منها كل أموالها وحُليها. اكتشف "مريم" في النهاية أن زوجها كان محتجزا طوال هذه المدة في قسم الشرطة نفسه.
ع. ج المنصورة New Record
تؤكد د.ماجدة علي أن الشرطة في المنصورة حققت رقما قياسيا في مجال انتهاك حقوق الإنسان وممارسة التعذيب بأبشع صوره، عندما شهد مركز شرطة المنصورة حالتي وفاة نتجتا عن التعذيب خلال شهر واحد فقط، وهم "نصر أحمد عبد الله" -35 عاما- ، و"محمد ممدوح عبد العزيز" -13 عاما- فيما كشف مصدر حقوقي وجود حالة ثالثة لفتي يدعي "محمود الروش"، ُيرجح أنه توفي بعد تعرضه للتعذيب ثم تم إلقاؤه من إحدي النوافذ. القائمة السوداء تمتد كما يقول محمد بهنسي لتضم أقسام بولاق الدكرور، والأزبكية، والسيدة زينب، والمرج، وأبو كبير بالشرقية، وفايد بالاسماعيلية. أما قسم قصر النيل فقد نال سمعته السيئة بعد أن اعتاد اختطاف وتعذيب النشطاء السياسيين والتنكيل بهم بسبب مشاركتهم في مظاهرات تناهض النظام المصري، حيث كان المدون محمد الشرقاوي، والصحفية عبير العسكري من أبرز الحالات التي تعرضت للتعذيب علي يد ضباط قسم قصر النيل.
ع.ج كهربااااااا
تبدو "سلخانات التعذيب" في مصر، وكأن لكل منها أسلوبه وطريقته ومدرسته الخاصة في إيلام الناس وتشويه أجسادهم، وبث الرعب في نفوسهم. لكن د.ماجدة علي ترفض هذه الفكرة باعتبارها ستفتح الباب أمام اعتبار ما يحدث من تعذيب "أخطاء فردية يرتكبها البعض"، لكن الوقائع تؤكد أن التعذيب في مصر مدرسة واحدة يتناقل أساليبها الضباط من جيل إلي جيل، ويستخدمون الأدوات نفسها التي يتم شراؤها بأموال دافعي الضرائب لتعذيبهم بها، وتشرح د.ماجدة علي طرق وأساليب التعذيب المستخدمة في أقسام الشرطة حيث تشير إلي "التعليق" باعتباره أكثر أساليب التعذيب المستخدمة، وهو عبارة عن تقييد يدي الضحية وربطها إلي الخلف، وعادة ما تتسبب في شد وتهتك "الضفيرة العصبية" في حين يتم إضافة أنبوبة بوتاجاز أو شيكارة أسمنت زيادة في التنكيل بالضحية. وتعتبر د. ماجدة علي أن التعليق من الرجلين يستخدم ولكن بشكل أقل نسبيا من الأسلوب السابق في حين يستخدم عادة الضرب بكعب البندقية والشوم والعصي كإحدي الوسائل التقليدية للتعذيب.
ع. ج.. واغتصاب
توضح د.ماجدة علي أن استخدام "التغمية" أثناء التعذيب يكون بغرض شل حركة الضحية من خلال إرباك المخ والآليات العصبية بحيث يصعب عليه تحديد مصدر الضربات المتوالية التي يتعرض لها، وبالتالي يستحيل عليه تفادي الضربات. تستخدم أقسام الشرطة عادة الصعق بالكهرباء باعتباره أسرع الطرق التي ستجبر الضحايا علي الاعتراف بكل شيء وباي شيء، وغالبا ما يتم الصعق في مناطق حساسة من الجسد كالأعضاء التناسلية، وحلمات الصدر، وحلق الفم في حين يأتي الاغتصاب باعتباره وسيلة تعذيب وإذلال للضحايا، ويستخدم ضد الرجال بواسطة عصي كما في حالة عماد الكبير أو بواسطة رجل آخر، وهي تحدث بنسبة أق، أما اغتصاب النساء فيكون بواسطة رجل آخر أو عدة رجال يتناوبون اغتصاب الضحية.
ع.ج التلاجة
يذكر ضحايا التعذيب أساليب جديدة تم استخدامها ضدهم كالوقوف علي رأس وجسد المحتجز لفترات طويلة كما يحدث في قسم عابدين بالإضافة إلي رش المياه علي الأرض التي يجلس عليها المحتجز، وإجباره علي ارتداء ملابس نسائية. أما قسم الخليفة فيلجأ جلادوه إلي إطلاق عيار ناري بجوار أذن المحتجز مما يصيبه بانهيار تام، ويشير طارق خاطر إلي حجرة "التلاجه" الموجودة في كل أقسام الشرطة في مصر، وهي عبارة عن حجرة غير آدمية عادة ما تكون رطبة، وبلا تهوية أو إضاءة ينتشر في جوانبها البول والفضلات ويبقي فيها الضحية حتي يأتي دوره في التعذيب.
