++ خبرة الصلاة ++

Messias

غالى عليك
عضو مبارك
إنضم
1 نوفمبر 2005
المشاركات
541
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
غريب انا فى الأرض لا تخفى عنى وصياك
خبرة الصلاة




الصلاة هيأعمق اختبارات الإنسان المسيحي، لأنها تمكِّننا - بما فيها من قوة - على فهم الأموروتوجيهها بطريقة صحيحة. فإن كانت صلاتنا كاملة فإن كل شيء سوف يصير حسناً جداً. ولعلنا نتساءل: لماذا يندفع الإنسان الروحاني إلى الصلاة ولا يملُّ منها؟ وللإجابةعلى السؤال نقول: إن جسد الإنسان مجبول من تراب الأرض، لذلك فهو مائت بالطبيعة،ولكن الله منحه الحياة من خلال النفس التي أودعها إياه، فصار الجسد بهذه النفسجسداً حيًّا. ولكن كان يمكن أن تصير حياتها كتلك التي وُهبت لكافة الحيوانات، وهذالم يكن ليسرَّ الله بالطبع، لذلك قام بمنحنا روحه هو حتى نستطيع أن نتمِّم الغرضالذي خُلقنا من أجله وهو: "الحياة في شركة مقدسة معه". فروح الله الذي فينا يسعى دائماً للاتحاد بالله، والوسيلة الوحيدةالمتاحة له وهو في الجسد هي: الصلاة. لذلك فالصلاةنداءٌ أصيل أصالة الفرع بالنسبة للأصل، وهي نداءٌ قديم قِدَم آدم نفسه. الصلاة هيتَرْك المائت من أجل الاتحاد بالحيِّ. لأجل هذا فلنحذر إن كنا لا نصلِّي، لأن هذايعني أننا ننحدر إلى البهيمية بإطفاء روح الله الذي فينا!



درجات الصلاة


للصلاةثلاث درجات هي: الصلاة الصوتية، صلاة العقل، صلاة القلب.



أولاً: الصلاة الصوتية:

يقول الرسـول: "بمزامير وتسابيح وأغاني روحية بنعمة، مـترنِّمين في قلوبكم للرب" (كو 3: 16). إن العبارة الأولى وهي "بمزامير وتسابيح وأغاني روحية" تصف طبيعة الصلاة الصوتية والتي تعتمد على الكلمات. أما تقسيم هذه الصلاة إلى مزامير وتسابيح وأغاني روحية، فليس الغرض منه التمييز بينها، وإنما الغرض هو وصف صلوات الكنيسة بوجه عام. إذ أن هذه الأشكال الثلاثة يصعب التمييز الدقيق لإحداها عن الأخرى لِمَا بينها من تشابه كبير في الشكل والمضمون. فإذا كانت روح الإنسان محمولة إلى الصلاة، فإنها سوف تتنقل، وبصورة تلقائية، فيما بين هذه الأشكال التي هي أصلاً ممتزجة بروح الإنسان. لذلك فكل الصلوات الكنسية من قدَّاسات وتماجيد وتسابيح وغيرها، وكذلك الصلوات التي نؤدِّيها بنفس الطريقة في مخادعنا؛ كل هذا يندرج تحت اسم: "الصلاة الصوتية".
ويصف الرسول هذه الصلوات - في عبارته الأولى - بأنها "روحية". ولكن كيف لي أن أدَّعي بأن صلاتي روحية وأنا أحياناً أردِّد ما صلَّى به آخرون سابقون عليَّ بقرونٍ عديدة؟! وللإجابة نقول: إن المزامير وأشكال الصلاة الصوتية الأخرى لم تكن في أصلها صلوات صوتية، وإنما كانت روحية خالصة، ثم أخذت من الكلمات شكلاً لها - وهذا لم ينزع عنها روحانيتها - لذلك فهي صوتية من حيث شكلها الخارجي، روحية من حيث فاعليتها إن نحن صلينا بها كما ينبغي.
ولكن كيف نصلِّي صلاة صوتية كما ينبغي؟ إننا إن تعمَّقنا في فهم صلواتنا الصوتية، ثم مزجنا معانيها بأفكار قلوبنا واتحدنا بها، ثم صلينا بها كما لو كانت نابعة من قلوبنا؛ فستتحوَّل هذه الصلوات حتماً من مجرد صلوات صوتية فقط إلى صلوات صوتية روحية، وحينئذ سننال كل ما فيها من غنىً روحي حتى لو كنا نكررها باستمرار.
وبناءً على ذلك يتضح لنا أنه ليس حُسنُ التنغيم في التسبيح هو المهم، وإنما ما يهمُّ هو تلك القوة الروحية المتضمَّنة في معنى هذه التسابيح وهي التي نتحد بها ونقدِّمها باسمنا إلى الله. وهذا كله إنما يتم لنا بفعل قوة الروح القدس الساكن فينا.


ولكن ما هو غرض الكنيسة من استخدام التسابيح في صلواتها؟
يقول الرسول في (أف 5: 19): "مكلِّمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحية مترنمين ومرتِّلين في قلوبكم للرب"، وقد تعني هذه الآية أنه إذا امتلأنا بالروح القدس فسيدفعنا هذا وبصورة تلقائية إلى التسبيح، أو إنه إذا أردنا أن نمتلئ بالروح القدس فعلينا بالتسبيح. ونحن هنا نأخذ بالمعنى الثاني، فتسبيحنا لله يُشعل فينا الـروح ويستحثه على العمل داخل نفوسنا. فـالرسول في (أف 5: 18) يحثنا على الامتلاء بالروح القدس قائلاً: "امتلئوا بالروح".
ويجب أن نعلم هنا أنه ليس في وسعنا أن نحث الروح على العمل بداخلنا، لأن هذا الأمر يتوقف فقط على الروح القدس الفاحص لقلوبنا ونفوسنا، ومِن ثمَّ فهو يعمل في الوقت المناسب. وحينما يتحرك الروح بداخلنا، فإن تياره يبعث فينا قوة تدفعنا إلى التسبيح من تلقاء أنفسنا. وكل ما نستطيع عمله حينئذٍ هو التحكُّم في طريقة التسبيح لنجعله مسموعاً أو غير مسموع.
فغرض التسابيح الكنسية هو إشعال شرارة النعمة في داخل نفوسنا، تلك التي تُعطَى لنا في الأسرار. فالمزامير والتسابيح والألحان الروحية... إلخ، وضعتها الكنيسة لكي تجعل من هذه الشرارة شعلة كبيرة، أي أنها بالنسبة لشرارة النعمة كرياح سُلِّطَتْ على جمرة نار موضوعة تحت كومة من الخشب.
وهذه التسابيح لكي تكون مقبولة لدى الله يجب أن تخرج من قلب نقي يفهم ما يُصلِّي به ويعيه. فالمطلوب ليس فقط فهم نص الصلاة، وإنما أيضاً الاتحاد بهذه الصلاة ورفعها إلى الله من أعماق القلب. وإننا إذا أدركنا هذا فإننا سنصبح قادرين على قبول نعمة الروح القدس بكل قوة.
فيا لها من كنوز عظيمة مذخرة لنا في تسابيح الكنيسة إن نحن سبَّحنا كما يجب. على أنه لو اتـَّبع الشخص نفس منهج الصلاة الجماعية السابق في صلواته الخاصة، لنال نفس الغِنَى المذخر فيها.



ثانياً: صلاة العقل:

وهي تسمَّى أيضاً "صلاة العقل القلبية"، وهي تلك الأفكار الجيدة التي تتولَّد في العقل، ثم ينزل بها الإنسان إلى قلبه ويمزجها به، ثم يرفعها صلاةً لله. وهذا النوع من الصلاة يمكن للإنسان أن يُعبِّر عنه بكلمات مسموعة أو غير مسموعة. وتُعتبر صلاة موسى النبي وهو واقف أمام البحر الأحمر مثالاً لهذه الصلاة. والرسول يشير أيضاً لهذا النوع من الصلاة قائلاً: "بنعمة، مُترنـِّمين في قلوبكم للرب" (كو 3: 16). ويُعلِّق القديس يوحنا ذهبي الفم على هذه العبارة قائلاً:
[إن التسبيح "بنعمة" الروح القدس ليس هو تسبيح الشفاه فقط، وإنما هو التسبيح للرب بفكر القلب. وكلمة "للرب" تعني أنه إذا لم تكن صلاتنا موجَّهة للرب من داخل قلوبنا فإنها ستذهب هباءً. فحتى لو كنا نسبِّح في ميدان عام وسط جمهور كبير، فيجب أن يكون هذا التسبيح لله ومن أجل الله].
فمَن يلتمس وجه الرب يجب أن ينزل بالفكر إلى القلب لكي يوقظه ويعرض عليه هذا الفكر، ثم يقف بمخافة وهيبة أمام الله رافعاً إليه أفكاره. وهذا ببساطة يَحُول دون صعود الأفكار الشريرة إلى أذهاننا.
ولكن هل نُعبِّر لله عن أفكارنا بصوت مسموع أم بدون صوت؟ إنه لا تفضيل لطريقة على أخرى في هذا النوع من الصلاة. فأحياناً نصلِّي بصوت مسموع، وأحياناً أخرى بدون صوت، وذلك بحسب ما يُمليه علينا الروح القدس. وفي هذا يقول القديس مكاريوس في العظة الثالثة والثلاثين:

[ينبغي أن نصلِّي، ليس بحسب أي عادة جسدية، ولا بعادة رفع الصوت والصراخ، ولا بعادة الصمت أو إحناء الرُّكَب؛ بل ينبغي أن يكون لنا عقل منتبه، وبهدوء ورزانة ننتظر الله ونتوقَّعه، إلى أن يأتي إلينا ويفتقد النفس من خلال كل مخارجها ومسالكها وحواسها. وهكذا فإننا حينئذ نكون صامتين حينما ينبغي الصمت، ونصلِّي بصوت مرتفع حينما ينبغي ذلك، ونصلِّي بصراخ ما دام العقل مشدوداً بقوة نحو الله.]( )

على أننا يجب أن نعرف أن الصلاة العقلية غير المسموعة تستخدم أيضاً الكلمات لتُعبِّر عن أفكارها، ولكن بصورة داخلية. فالمهم في صلاة العقل أن تكون قلبية



ثالثاً: صلاة القلب:

إذا صلينا صلاة صوتية حقيقية، فإننا سنصل حتماً إلى صلاة العقل، وهذه الأخيرة إذا كانت كما يجب فسوف ننال حينئذٍ هبة الصلاة الداخلية أو ما يُسمَّى بصلاة القلب، والتي هي صلاة داخلية من القلب لا يمكن التعبير عنها بالكلمات إذ أنها انفتاح على سر الحب الإلهي.
والصلاة القلبية تأتي على وجهين:

أولاً: أن تكون نتيجة لمجهود شخصي، وفيها يسعى الإنسان بمؤازرة النعمة إلى التخلُّص من كل الرباطات المادية كي يستطيع أن يتفرغ لِمَا هو فوق الطبيعة. وفي ذلك يقول القديس الروسي صاروفيم (الذي من صاروف):
[حينما ينشغل الإنسان داخلياً بالتأمُّل في النور الأبدي يكون عقله نقياً لا تشوبه تصوُّرات الأشياء المحسوسة، إذ يكون مُبتَلَعاً بتأمُّل ذلك الجمال الفائق غير المخلوق، وينسى كل متعلِّقات الحواس ولا يرغب في التطلُّع لشيء حتى إلى نفسه، ويتوق أن يختفي عن كل الأنظار حتى لا يُحرم من الله].

وهذا هو ما يُسمَّى بالصلاة الداخلية.
ثانياً: الدَّهش وهو حالة اختطاف مؤقت فيها تختفي الكلمات والأفكار، وينفصل الإنسان عن كل ما هو مادي كي يستطيع أن يقترب مما لا يُنطق به. ولكن هذا الفعل لا يحدث بإرادة الشخص، وإنما يحدث بفعل قوة الروح القدس لأولئك الذين هم على استعداد أن يقبلوا مثل هذه النعمة بفضل نقاوة قلوبهم وتمرُّسهم في الصلاة بكافة أشكالها.
ويصف الشيخ الروحاني هذه الحالة قائلاً:
[حينما تستنير النفس، حينئذٍ يرتفع الكل من قدام وجهها وتصير هي بالنسبة لذاتها كأنها غير موجودة، إذ تكون متحدة مع الله بغير إدراك. في هذا الحين تصمت الحواس بدون أي فعل ويقف الضمير بلا أي حركة، إذ تكون النفس قد جازت إلى عالم آخر، ليس هو عالم الحس والحركات، وهناك تستنير بدهش وعجب. هناك تحيا النفس بالحب مع سكان ذلك العالم وتكون بينهم كضيف غير مقيم، تتحدث معهم ولكن بلغة غير مُدرَكة للعقل، إذ لا يكون للِّسان الجسداني نصيب في تركيب حروفها، فلا يستطيع العقل أن يستذكرها، ولا اللسان أن يسترجعها، ولا القلب أن يتصوَّرها].

على أنه في الصلاة القلبية سواء كانت صلاة داخلية، أم صلاة دهش، لا يكون الحال هكذا؛ وإنما هي تُمنح للإنسان من وقت لآخر بزيارة خاصة من النعمة. وزيارات النعمة هذه تزداد كلما ازداد الإنسان نضوجاً في الصلاة ونقاوةً في القلب.

وفي النهاية نقول إن القلب يجب أن يكون مصدر كل صلاة، وأن الانتقال من درجة في الصلاة إلى درجة أخرى يتم بصورة تلقائية بفعل الروح القدس على حسب ما يُناسب كل شخص. فمن المهم أن لا يحاول الإنسان الاكتفاء بالصلاة الصوتية لأن في هذا تقييداً للروح يؤدِّي بالطبع إلى برودة الصلاة وروتينيَّتها. فالصلاة الصوتية وصلاة العقل هدفهما الوصول بالإنسان إلى الصلاة القلبية، والتي ينفتح فيها الإنسان على سر الحب الإلهي. غير أن من ثمار الصلاة القلبية أيضاً إعطاء قوة روحية فعَّالة لكافة أشكال الصلاة الأخرى تمكِّننا من جَنْي ما فيها من ثمار.
 

جيلان

انت لى
مشرف سابق
إنضم
19 سبتمبر 2007
المشاركات
14,422
مستوى التفاعل
445
النقاط
0
رد على: ++ خبرة الصلاة ++

وللإجابةعلى السؤال نقول: إن جسد الإنسان مجبول من تراب الأرض، لذلك فهو مائت بالطبيعة،ولكن الله منحه الحياة من خلال النفس التي أودعها إياه، فصار الجسد بهذه النفسجسداً حيًّا. ولكن كان يمكن أن تصير حياتها كتلك التي وُهبت لكافة الحيوانات، وهذالم يكن ليسرَّ الله بالطبع، لذلك قام بمنحنا روحه هو حتى نستطيع أن نتمِّم الغرضالذي خُلقنا من أجله وهو: "الحياة في شركة مقدسة معه". فروح الله الذي فينا يسعى دائماً للاتحاد بالله،

ميرسى كتير على الموضوع الرائع
ربنا يبارك حياتك
 

وليم تل

زعيم ح الغلاسة
عضو مبارك
إنضم
6 ديسمبر 2007
المشاركات
9,035
مستوى التفاعل
75
النقاط
0
رد على: ++ خبرة الصلاة ++

شكرا مسياس
على الموضوع الرائع
مودتى
 

استفانوس

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
8 أكتوبر 2005
المشاركات
10,535
مستوى التفاعل
162
النقاط
0
رد على: ++ خبرة الصلاة ++

لاتعليق
فقط الشكر والبركة
 
أعلى