"المحبة تتأنى و ترفق.. ولا تحتد.. و تحتمل كل شيء و تصدق كل شيء و ترجو كل شيء و تصبر علي كل شيء" (1 كو 13: 4-8)
"افتحي لي يا أختي يا حبيبتي يا حمامتي يا كاملتي لأن رأسي امتلأ من الطل و قصصي من ندي الليل. قد خلعت ثوبي فكيف ألبسه. قد غسلت رجلي فكيف أوسخهما. حبيبي مد يده من الكوة فأنت عليه أحشائي. قمت لأفتح لحبيبي و يداي تقطران مر قاطر علي مقبض القفل. فتحت لحبيبي لكن حبيبي تحول و عبر. نفسي خرجت عندما أدبر. طلبته فما وجدته دعوته فما أجابني" (نش 5: 2-6)
لفترة كبيرة من حياتي شعرت أن الحب ضعف, لأنك تعطي لمن تحب سلطان عليك و تصبح في احتياج له.. و هذا ما كنت أستهجنه!!
كيف تحتمل المحبة كل شيء؟ كيف؟ و كيف تصبر؟
و لكن إن كان "الله محبة" فلا يمكن أن يكون الله ضعيف –حاشا.
كثير منا يخلط بين الحب و التعلق, و هذا الأخير هو عَرض مرضي للحب لأن التعلق يجعلك تستجدي تعلق الآخر بك في المقابل و تناضل كي تحصل منه علي التقدير الواجب لك.. مما يجعل منك شخصية ضعيفة مملة!!
الحب كنسيم الصيف, لطيف خفيف محبوب.. قوي أحيانا به كل العنفوان و الحيوية.
أما التعلق فهو كحر القيلولة, ثقيل و سخيف و سمج خصوصا عندما يكون أحادي الاتجاه.
الحب الناضج يعكس – أو المفروض أن يعكس- شخصية لها تقدير لذاتها و من ثم للآخرين, و من هذا التقدير الثنائي تأتي قوة الحب بصورة أقرب لأن تكون تلقائية؛ فهو يحتمل و يصبر و يتأنى ولا يحتد.
المحب شخصية "ثرية" علي المستوي العاطفي و النفسي.. تشعر بشبع من الله تعطي بلا انتظار لمقابل لأنها تأخذ من الله دون مقابل, لكن في نفس الوقت لا تعطي "عمّال علي بطّال", و هنا يتداخل الحب مع فضائل أخري كالحكمة.
"إن جاع عدوك فأطعمه و إن عطش فأسقه" (أم 25: 21) هذا الاحتياج من قبل الطرف الآخر أحيانا يكون ضروريا لتقديم الحب, و شبيه ذلك ما حدث في حالة عذراء النشيد.
الحب إن لم يعكس هذا الامتلاء و تلك الحكمة, فهو كائن مشوه و ليس حبا يتعب صاحبه و يصدع رؤوس من حوله.