رد الدكتورة وفاء سلطان على فيصل القاسم
تريثت أياما قبل أن أرد على مقالة السيّد الدكتور فيصل القاسم "اشتم العرب والمسلمين واصبح مشهورا في أمريكا" كي أتيح الوقت لأغلبية قرّاء المواقع التي نشرتها أن تقرأها، فتصبح تلك الأغلبية قادرة على أن تتذكر من قصد السيد الدكتور في مقالته تلك.
لا شكّ ان المتتبع للصحافة العربية والعالمية والذي قرأ المقالة المذكورة يدرك، ودون أدنى شك، بأن وفاء سلطان قد وقعت ضحيّة الإرهاب الفكري الذي يمارسه ملاّكو الرغيف في قطر عموما وفي الجزيرة خصوصا على السيّد القاسم!
أنا ولدت لأكتب.. وهاجرت لأكتب..
على باب السفارة الأمريكية في دمشق وبعد أن قضيت ليلاً بكامله وقعت عقداً بيني وبين السماء: امنحيني الحريّة أيتها السماء ونذراً لك أن أدافع عن حريّة الآخرين حتى أمنحها لهم أو أموت دون ذلك!
منذ اليوم الأول التي وطأت به قدمي ارض المهجر بدأت الكتابة ولم انحرف قيد أنملة عن الخط الذي رسمه أول حرف صغته!
سبعة عشر عاما وأنا انتقل بين الصحف العربية المحليّة هنا في لوس أنجلوس، تطردني الواحدة للأخرى!
هذا مأجور من قبل صدام وذاك من قبل السعودية وآخر يقتات على فضلات السفارة السوريّة وأنا أتوسل للجميع كي ينشروا لي مقالاً مقابل أن ادفع لهم ثمن اشتراك!
استخدموا جميعهم مقالاتي كورقة رابحة ليضغطوا بها على الجهات الممولة لهم فتزيد من دعمها. وعندما كان الناشر يحقق مأربه كان يرفض الاستمرار في نشرها.. بعضهم يعتذر برفق والبعض الآخر يشتمني.
هذه قصة بداياتي والتي استمرت حتى قرر الأخ الأستاذ بسّام درويش إنشاء موقعه الإلكتروني "الناقد" ودعاني مشكوراً كي أحلق في آفاقه الرحبة.
منذ اليوم الأول لولادة ذلك الموقع لم تعرف أجنحتي حدوداً ، فالسماء لا حدود لها!
في العام الماضي، وتحديدا في أواخر تموز، اتصل بي السيّد القاسم ودعاني للمشاركة في برنامجه " الاتجاه المعاكس".
ليس في بيتي قناة الجزيرة وأنا عموماً ، لست من عشاق التلفزيون وأكاد لا أتفرج عليه إلاً بالمناسبات.
لا اعرف كيف وصل القاسم إلى وفاء سلطان، ولا اعرف حتى تلك اللحظة من كان وراء اختياري ولماذا اختاروني!
معلوماتي عن البرنامج كانت ضحلة للغاية ولم يسمح لي قصر الزمن أن ابحث عن طبيعته، فقبلت العرض دون شروط ليس حبّا بالظهور وإنّما إيماناً برسالتي!
كانت موضوع الحلقة: علاقة الإسلام بالإرهاب ...
لا داعي لشرح الزوابع التي أثارتها فالكلّ يعرف...
لكنني لا املك حيالها إلا أن اشكر السيّد القاسم الذي ساهم في توسيع رقعة جمهوري وتعريف شريحة أوسع من الناس في الوطن العربي عليّ، فالتلفزيون يملك عموماً شريحة اوسع بكثير من شريحة الصحف سواء كانت مطبوعة أم إلكترونية.
لم يطل الزمن اكثر من بضعة اشهر لأفاجأ بالسيّد القاسم يتصل بي ويقترح مشاركة أخرى لي في برنامجه حول موضوع "صراع الحضارات"، ورحبت مرّة أخرى بالفكرة علماً بأنني لم اكن أتوقعها وتساءلت: عجبا هل نسي السيّد القاسم من أنا؟!
وكانت الحلقة..
ولكنها أخذت هذه المرّة بعداً آخرَ شكّل نقطة الانعطاف الأكثر خطورة في عمري الكتابي!
سبعة عشر عاماً من هذا العمر قضيتها هنا في امريكا دون أن يعرف جاري الأمريكي الذي يسكن بيتاً مجاورا لبيتي ما اسمي أو من أنا. كلّما التقت عيناه بعينيّ يرمي عليه التحية: أسعدت وقتا فافا! فهو لا يعرف أن يلفظ اسمي ويختصره بفافا!
وتقتصر معظم دردشاتنا على حديقتي التي تنافس بجمالها حديقته!
سبعة عشر عاماً حققت في حياتي المهجريّة نجاحا لا يمكن أن تحقق اكبر منه امرأة اخرى. فأنا باختصار، أغنى واسعد امرأة في العالم.
بيتي الذي اشتريته بعرق جبيني منذ عشرة أعوام لا تستطيع كلّ قصور ملوك وأمراء النفط أن تنافسه. لا بمساحته ولا بزخرفته وفخامته، وإنّما بالحبّ الذي يعمره وبالسعادة التي تسكنه!.
قصورهم مبنيّة على جماجم الناس ومجبولة بعرقهم ودمائهم ومسروقة من رغيف خبزهم، وبيتي مبنيّ على دعائم من حبّ ومجبول بعرقي وعرق زوجي وأولادي.
حديقتي هي كنزي.. أزهارها وأشجارها تتربع على قمّة جدول أعمالي.. كل زهرة فيها مرويّة بيدي وكلّ شجرة شهدت ولادة مقالة على الأقل من مقالاتي.
الساعة التي اقضيها كلّ فجر مع زوجي نحتسي قهوة الصباح واقرأ صحيفة لوس أنجلوس تايمز في إحدى المقاهي القريبة من بيتي هي أسعد وقت في حياتي، ولا استبدلها بكنوز قطر وكل جيرانها!
احتاج لاستمتع بقهوتي مع قطعة كيك إلى بضعة دولارات ولا احتاج إلى ملايين. و أي عمل شريف في أمريكا كفيل بتأمين تلك البضعة من الدولارات.
بضعة دولارات كل يوم، وهي بالمقياس الأمريكي مبلغ ضئيل للغاية، تكفي لصناعة سعادتي اليوميّة.
فنجان قهوة وقطعة كيك وصحيفتي المفضلة! تلك هي السعادة في قمتها، على الاقل بالنسبة لي!
لن آكل ولن ألبس ذهباً ، لا يعنيني ولست من هواة جمعه! اعرف تماماً أنّ الحياة قصيرة ولن آخذ في حقائبي للعالم الآخر سوى ما قدّمته للبشرية خلال حياتي.
لن اترك لأولادي سوى علمهم وشهاداتهم التي يتلقونها من افضل جامعات العالم وبورصة تأمين على حياتي وحياة والدهم.
كلّ بنوك العالم ليست قادرة أن تدفع لي ثمنا لكتاباتي فهي تفوق بقيمتها كلّ ثمن.
عائلات بأولادها في وطني الأم تعيش على مساعدتي وهذا عامل آخر من عوامل سعادتي.
المبالغ التي أرسلها لهم لا تؤثر على وضعي المادي، بل تصنع الكثير في حياتهم.
تعود ابنتي من مدرستها وتلقي ببعض القطع النقديّة في حصالتها وهي تقول: هذه القطع تكفي لشراء طعام لطفل سوريّ.
علمتهم قيمة القرش لا كي يبخلوا على أنفسهم بل كي يحسّوا بحرمان غيرهم!
يوم واحد في الأسبوع نمتنع فيه عن ارتيداد المطاعم كي نضمن طعاما لعائلة سورية في الشهر.
في المحلات التجارية اختار الحذاء الأرخص من غيره بثلاث دولارات، لا لأنني أبخل على نفسي بل أقرّشها بالعملة السوريّة فأقول: ثلاث دولارات كافية لشراء حقيبة مدرسيّة لطفل سوري!
بعد سبعة عشر عاماً من وجودي في أمريكا ما زلت أقرّش مصروفي هنا بالعملة السوريّة، رغم تفاهتها، لا كي أزيد من رصيدي في البنوك الأمريكيّة بل كي أزيد من رصيدي في بنوك الأسر السوريّة المستورة التي تضوّر جوعا وتبكي ظلما!
تلك هي وفاء سلطان وأنت من أجبرتني على البوح بهويّتها.
أنا ياسيّدي القاسم لا اسبّ ولا اعرف أن اسبّ، فلم أتعلم إلا الحبّ ولن اعلّم إلا الحب!
الشتيمة ليست من شيمي ولا هي طريقي إلى الشهرة. و أنا لا اشتم الإسلام، بل افضحه!
هذه التركيبة العقائديّة ظلمت المرأة في بلادي وجرّدتها من حقوقها و أساءت إلى انسانيّتها.
"تفسد صلاة الرجل المسلم عندما يمر أمامه كلب أو حمار أو امرأة"
أنا لا اشتم الإسلام بل أدفع عني شتائمه!
عندما ارفض أن أصنّف مع الكلب والحمار لا اشتم أحداً بل أرفض أن يشتمني أحد!
أمريكا قد تشتري عملاء نفط ولكنها لا تستطيع أن تشتري عملاء فكر، فمن يملك فكراَ لا يستطيع أن يبيع نفسه، لا لسبب إلاّ لأنه لن يجد ثمنا لقيمة فكره!
لو كانت أمريكا معنيّة بشراء من يشتم الإسلام لما وجدتَ رجلاً واحدا في باكستان، ناهيك عن فقراء إندونيسيا والعرب، إلا وصار شتّاماً!
إن رجلا يبحث في براميل القمامة عن لقمة أطفاله، كما هي الحال في معظم البلدان الإسلامية، لن يتردد لحظة واحدة عن شتم الإسلام لو وجد سوقاً لشتائمه في أمريكا، على حدّ زعمك!
ولأعلنت تلك السوق إفلاسها منذ اللحظة الأولى التي فتحت بها أبوابها للبضائع الإسلامية!
الأسواق الأمريكية ترّحب بالعقول المضاءة والمضيئة وتحتضنها، ثمّ ترمي في براميلها عقولكم وشتائمكم.
اعقلوا يا سيّدي القاسم!
الفكر الذي ينقد أخلاقيّاتكم ويفضح عقيدتكم ليس شتيمة.
عندما كتبت وفاء سلطان عن الرجل السعودي الذي مزق فرج خادمته بأسنانه ويديه ورجليه (كوحش فقد صوابه) وحرق سجائره على جسدها ثم دس في جيبها بضعة دراهم ودفشها في طائرة عائدة إلى بلادها، عندما كتبت وفاء سلطان عن ذلك هي لم تشتم أحداً بل فضحت بذاءة الآية التي تقول: "وما ملكت أيمانكم"!
المرأة ليست ملكاً إلاّ لنفسها، ونفطكم لا يستطيع أن يشتري امرأة بل يستطيع أن يبيع عهراً.
الأسواق الأمريكية لا تشتري من هذا الرجل سوى نفطه، وتترك له أخلاقياته وعقيدته وعهره!
اعقلوا يا سيّدي القاسم!
تعلموا فنّ وأخلاقية النقد!
عندما تكتب مقالة من هذا النوع كن اكثر وضوحاً ، فمصداقية الكلمة تأتي أولاً من وضوحها.
اذكر لقرائك بالاسم من هم الذين شتموا الإسلام فاحتضنتهم أمريكا والصهيونية العالمية وجعلت منهم نجوماً بين ليلة وضحاها! اذكرهم بالاسم واذكر شتائمهم كي تفضحهم أن كنت صادقا مع نفسك أولاً ومع قارئك ثانياً.
لا تلف وتدور على مبدأ: اسمعي يا جارة افهمي يا كنّة!
هذا أسلوب زقاقي كانت تتعامل به جارتنا أم صطيف وهي ترطل شتائمها لضرّتها أم محمد دون أن تذكرها بالاسم خوفاً من سوط أبي محمد.
اخرجوا من أزقّتكم وتعلموا فنّ وأخلاقية وعلوم الكتابة!
القاسم رجل إعلام، ورجل الإعلام هو المثل الذي يقتدي به عادة مشاهدو هذا الإعلام، فكن على مستوى هذا الموقع احتراما ورحمة بالأجيال الشابة التي نساهم في بناء عقولها.
تلك الأجيال التي انبرى شاب منها، على الأغلب بعد قراءة مقالتك ، وكتب في موقع مرآة سورية مقالة بعنوان "القحـ......ـة وفاء سلطان ".
لقد ذكر حرفيّا ما أراد معلمه ومثله الأعلى السيّد القاسم أن يخفيه بين سطور مقالته.
في ثقافتكم كلّ صاحب فكر عميل وكلّ من خالف شريعتكم خائن.
بعد ظهوري الأول على قناة الجزيرة وفي برنامج "الاتجاه المعاكس" سأل الناس أخي، نعم أخي ابن أمي وأبي : ما الذي دفع أختك لموقفها هذا من الإسلام؟!!
فردّ بلا أدني تفكير: الجزيرة دفعت لأختي مليون دولار كي تقول ما قالته!
وانتشرت الإشاعة كي تخترق الكرة الأرضية من قطبها إلى قطبها الآخر وتصل إليً.
عندما سمعت قول أخي ضحكت بدلا من أن أبكي!
على ذمّة أخي دفعت لي الجزيرة مليون دولار في المرّة الأولى، ولا أحد إلا الدكتور القاسم يعرف كم دفعوا لي في المرّة الثانية! المرّة الثانية التي شكّلت أخطر نقطة انعطاف في حياتي الكتابية!
حتى تاريخ تلك اللحظة كان جاري الأمريكي الذي يسكن البيت المجاور لبيتي منذ أكثر من عشر سنوات يناديني فافا، وفي صباح اليوم التالي فاق الشعب الأمريكي ليقرأ على صفحات جرائده:
ومئات العناوين الأخرى التي أكرمت سبعة عشر عاماً من عمري الكتابي!
شكرا للسيّد القاسم الذي علّم، من حيث يدري أو لا يدري، جاري الأمريكي كيف يلفظ اسمي على حقيقته!
منذ تلك اللحظة وحتّى تاريخ اليوم وهاتفي لا يتوقف عن الرنين...
بريدي الإلكتروني لم يعد قادرا أن يستوعب مزيداً من الرسائل.
ساعي البريد يبتسم لي كلّ يوم وهو يلقي الرسائل في علبتي:
Queen of America! How're you doing today?
البرلمان السويدي يريد أن أشاركه في وضع خطة عمل حيال علاقات السويد مع الدول الإسلامية....
البرلمان الهولندي يريد أن يتشرف بزيارتي...
منظمات السلام في سويسرا تنتظر تكريمي في ديسمبر القادم...
جامعات إيطاليا ترحب بي كمحاضرة على منابرها...
مئات الدعوات من كلّ أنحاء العالم....
شكرا للدكتور القاسم الذي علّم العالم، وليس فقط جاري الأمريكي، كيف يلفظ اسمي على حقيقته!
ولكن لماذا يخفي السيّد القاسم مسؤوليته بين سطور مقالته تلك؟!!
لماذا يدّعي بأن أمريكا والصهيونيّة العالمية قد احتضنتني لأنني شتمت الاسلام؟!!
لماذ احتضنني برنامجه في المرّة الأولى وقبل أن تحتضنني أمريكا والصهيونيّة العالميّة؟!!
وإذا كنت قد شتمت الإسلام في المرّة الأولى لماذا دعاني إلى المرّة الثانية؟!!
هذا إذا تجاهلنا المرّة التي دعاني بها لأدلي برأيي حيال انتخاب الشعب الفلسطيني لحماس فاعتذرت بلطف لأنني لا أريد أن أقحم نفسي في السياسة!
"أمريكا والصهيونيّة العالمية" تعرّفا عليّ من خلال الجزيرة، ليس من خلال المرّة الأولى وحسب، بل من خلال المرّة الثانية أيضاً!
كان السؤال الأول الذي طرحته عليّ كلّ الصحف ـ نيويورك تايميز.. لوس انجلوس تايمز.. الصاندي تايمز.. اللوموند الفرنسية...الخ ـ ما الذي أوصلك إلى الجزيرة؟
وكان جوابي دائماً : لا اعرف..اسألوا الجزيرة؟
على صفحتها الأولى كتبت النيويورك تايمز: شكراً للجزيرة التي عرّفتنا على وفاء سلطان!
كم دفعوا لي؟!!
استطيع ان اؤكّد للقرّاء الأعزاء بان المبلغ الذي دفعوه لي لم يتجاوز قرشاً واحدا مجموع المبلغين اللذين دفعتهما لي الجزيرة في المرّة الاولى والثانية!!!
فلماذا لا يرتقي السيّد القاسم الى مستوى مسؤوليته، كرجل اعلام من الطراز الأول، لماذا لا يرتقي إلى مستوى تلك المسؤولية ويعلن للقراء:
ـ من الذي اختار وفاء سلطان لتكون ضيفة برنامجه مرتين؟
ـ طالما شتمت الإسلام في المرّة الأولى لماذا استضافها في المرّة الثانية؟
ـ كم دفعت الجزيرة لوفاء سلطان في المرّة الأولى وكم دفعت لها في المرّة الثانية؟
قرأت مرّة لكاتب يهودي، نسيت اسمه، قصة كتابه الأول يقول فيها بما معناه: رغم كلّ الضغوط والقمع الذي يمارس على الإنسان يستطيع هذا الإنسان أن يحتفظ ولو لنفسه، بنقاء ضميره..
ويتابع:
كنت في غرفة سجني عندما نادوا عليّ كي يقودوني إلى الفرن الغازي. في طريقي إلى المحرقة، والذي لن تستغرق مدته بضع دقائق، وضعت فكرة هذا الكتاب ووعدت نفسي لو تدخل القدر ومنع حرقي سأنشره في أول فرصة، وتدخل القدر وفعلت!
والكتاب كله يدور حول فكرة: لا أحد يستطيع أن يشتري ضمير الإنسان والإنسان يستطيع أن يبقى حراً ، على الأقل في فكره، في أقسى لحظات عمره.
أثناء ظهوري الثاني في برنامج "الاتجاه المعاكس"، ولا أستطيع أن أتصوّر بأن تلك اللحظة اقل ضغطاً من الضغوط التي عاني منها الكاتب اليهودي وهو في طريقة من غرفة السجن إلى المحرقة، فأنا كنت أواجه خلالها إرهاباً عمره أربعة عشر قرنا من الزمن، خلال تلك اللحظة كنت اسمع السّيد القاسم، وكلما لفظ الدكتور الخولي اسم محمد، كنت اسمعه يتمتم: صلّى الله عليه وسلم!
في تلك اللحظة بالذات، ورغم ضغوطها، وضعت فكرة لكتاب بعنوان "الإرهاب الفكري"!
إلى أيّ مدى يؤمن السيّد الدكتور فيصل القاسم بأن الله صلّى على محمد؟!!
يا إلهي! ما أقسى أن يصبح الرغيف حاجزاً للعقل!
نفس الدوافع التي أجبرت السيّد الدكتور فيصل القاسم كي يصلي ويسلّم على محمد، دفعته كي يكتب تلك المقالة.
يحاول أن يثبت لأولياء الرغيف بأنه يؤمن برسولهم، ويحاول أن يثبت لهم بأنّ وفاء سلطان قد شتمت الإسلام وبأنّ أمريكا والصهيونيّة العالمية وراء شهرتها، وفيصل القاسم غير مسؤول عن ذلك!
وأنا بدوري اسأل السيّد القاسم، وهو في أقسى لحظاته، أن يحتفظ بنقاء ضميره ويخرج على الملأ ليعلن لهم:
من أوصل وفاء سلطان وكم دفعوا لها؟
علّه يجلي بشجاعته الغشاوة التي أعمت بصر أخي وبصر السيّد القاسم نفسه وعلّه يعلّم المسلمين، كما علّم جاري الأمريكي ، كي يلفظون اسمي على حقيقته!
إنها أمانة في عنق جهينة، وعند جهينة الخبر القين!
فهل سترتقي إلى مسؤولية أمانتها؟!!
سؤال اترك الاجابة عليه للسيّد القاسم، وسواء أجاب أم تجاهل، ليس لديّ سوى أن اشكره من أعماقي لأنّه علم جاري الأمريكي كيف يلفظ اسمي على حقيقته!
لم أعد مجرّد "فافا" في أمريكا، بل أنا وفاء سلطان وعلى حدّ تعبير الصحافة الأمريكية:
فوليتير المسلمين قد وصل..على الجميع أن يقفوا!
فهل يقف السيّد القاسم؟!!
تريثت أياما قبل أن أرد على مقالة السيّد الدكتور فيصل القاسم "اشتم العرب والمسلمين واصبح مشهورا في أمريكا" كي أتيح الوقت لأغلبية قرّاء المواقع التي نشرتها أن تقرأها، فتصبح تلك الأغلبية قادرة على أن تتذكر من قصد السيد الدكتور في مقالته تلك.
لا شكّ ان المتتبع للصحافة العربية والعالمية والذي قرأ المقالة المذكورة يدرك، ودون أدنى شك، بأن وفاء سلطان قد وقعت ضحيّة الإرهاب الفكري الذي يمارسه ملاّكو الرغيف في قطر عموما وفي الجزيرة خصوصا على السيّد القاسم!
-------------------------------------
أنا ولدت لأكتب.. وهاجرت لأكتب..
على باب السفارة الأمريكية في دمشق وبعد أن قضيت ليلاً بكامله وقعت عقداً بيني وبين السماء: امنحيني الحريّة أيتها السماء ونذراً لك أن أدافع عن حريّة الآخرين حتى أمنحها لهم أو أموت دون ذلك!
منذ اليوم الأول التي وطأت به قدمي ارض المهجر بدأت الكتابة ولم انحرف قيد أنملة عن الخط الذي رسمه أول حرف صغته!
سبعة عشر عاما وأنا انتقل بين الصحف العربية المحليّة هنا في لوس أنجلوس، تطردني الواحدة للأخرى!
هذا مأجور من قبل صدام وذاك من قبل السعودية وآخر يقتات على فضلات السفارة السوريّة وأنا أتوسل للجميع كي ينشروا لي مقالاً مقابل أن ادفع لهم ثمن اشتراك!
استخدموا جميعهم مقالاتي كورقة رابحة ليضغطوا بها على الجهات الممولة لهم فتزيد من دعمها. وعندما كان الناشر يحقق مأربه كان يرفض الاستمرار في نشرها.. بعضهم يعتذر برفق والبعض الآخر يشتمني.
هذه قصة بداياتي والتي استمرت حتى قرر الأخ الأستاذ بسّام درويش إنشاء موقعه الإلكتروني "الناقد" ودعاني مشكوراً كي أحلق في آفاقه الرحبة.
منذ اليوم الأول لولادة ذلك الموقع لم تعرف أجنحتي حدوداً ، فالسماء لا حدود لها!
في العام الماضي، وتحديدا في أواخر تموز، اتصل بي السيّد القاسم ودعاني للمشاركة في برنامجه " الاتجاه المعاكس".
ليس في بيتي قناة الجزيرة وأنا عموماً ، لست من عشاق التلفزيون وأكاد لا أتفرج عليه إلاً بالمناسبات.
لا اعرف كيف وصل القاسم إلى وفاء سلطان، ولا اعرف حتى تلك اللحظة من كان وراء اختياري ولماذا اختاروني!
معلوماتي عن البرنامج كانت ضحلة للغاية ولم يسمح لي قصر الزمن أن ابحث عن طبيعته، فقبلت العرض دون شروط ليس حبّا بالظهور وإنّما إيماناً برسالتي!
كانت موضوع الحلقة: علاقة الإسلام بالإرهاب ...
لا داعي لشرح الزوابع التي أثارتها فالكلّ يعرف...
لكنني لا املك حيالها إلا أن اشكر السيّد القاسم الذي ساهم في توسيع رقعة جمهوري وتعريف شريحة أوسع من الناس في الوطن العربي عليّ، فالتلفزيون يملك عموماً شريحة اوسع بكثير من شريحة الصحف سواء كانت مطبوعة أم إلكترونية.
لم يطل الزمن اكثر من بضعة اشهر لأفاجأ بالسيّد القاسم يتصل بي ويقترح مشاركة أخرى لي في برنامجه حول موضوع "صراع الحضارات"، ورحبت مرّة أخرى بالفكرة علماً بأنني لم اكن أتوقعها وتساءلت: عجبا هل نسي السيّد القاسم من أنا؟!
وكانت الحلقة..
ولكنها أخذت هذه المرّة بعداً آخرَ شكّل نقطة الانعطاف الأكثر خطورة في عمري الكتابي!
*****************
سبعة عشر عاماً من هذا العمر قضيتها هنا في امريكا دون أن يعرف جاري الأمريكي الذي يسكن بيتاً مجاورا لبيتي ما اسمي أو من أنا. كلّما التقت عيناه بعينيّ يرمي عليه التحية: أسعدت وقتا فافا! فهو لا يعرف أن يلفظ اسمي ويختصره بفافا!
وتقتصر معظم دردشاتنا على حديقتي التي تنافس بجمالها حديقته!
سبعة عشر عاماً حققت في حياتي المهجريّة نجاحا لا يمكن أن تحقق اكبر منه امرأة اخرى. فأنا باختصار، أغنى واسعد امرأة في العالم.
بيتي الذي اشتريته بعرق جبيني منذ عشرة أعوام لا تستطيع كلّ قصور ملوك وأمراء النفط أن تنافسه. لا بمساحته ولا بزخرفته وفخامته، وإنّما بالحبّ الذي يعمره وبالسعادة التي تسكنه!.
قصورهم مبنيّة على جماجم الناس ومجبولة بعرقهم ودمائهم ومسروقة من رغيف خبزهم، وبيتي مبنيّ على دعائم من حبّ ومجبول بعرقي وعرق زوجي وأولادي.
حديقتي هي كنزي.. أزهارها وأشجارها تتربع على قمّة جدول أعمالي.. كل زهرة فيها مرويّة بيدي وكلّ شجرة شهدت ولادة مقالة على الأقل من مقالاتي.
الساعة التي اقضيها كلّ فجر مع زوجي نحتسي قهوة الصباح واقرأ صحيفة لوس أنجلوس تايمز في إحدى المقاهي القريبة من بيتي هي أسعد وقت في حياتي، ولا استبدلها بكنوز قطر وكل جيرانها!
احتاج لاستمتع بقهوتي مع قطعة كيك إلى بضعة دولارات ولا احتاج إلى ملايين. و أي عمل شريف في أمريكا كفيل بتأمين تلك البضعة من الدولارات.
بضعة دولارات كل يوم، وهي بالمقياس الأمريكي مبلغ ضئيل للغاية، تكفي لصناعة سعادتي اليوميّة.
فنجان قهوة وقطعة كيك وصحيفتي المفضلة! تلك هي السعادة في قمتها، على الاقل بالنسبة لي!
لن آكل ولن ألبس ذهباً ، لا يعنيني ولست من هواة جمعه! اعرف تماماً أنّ الحياة قصيرة ولن آخذ في حقائبي للعالم الآخر سوى ما قدّمته للبشرية خلال حياتي.
لن اترك لأولادي سوى علمهم وشهاداتهم التي يتلقونها من افضل جامعات العالم وبورصة تأمين على حياتي وحياة والدهم.
كلّ بنوك العالم ليست قادرة أن تدفع لي ثمنا لكتاباتي فهي تفوق بقيمتها كلّ ثمن.
عائلات بأولادها في وطني الأم تعيش على مساعدتي وهذا عامل آخر من عوامل سعادتي.
المبالغ التي أرسلها لهم لا تؤثر على وضعي المادي، بل تصنع الكثير في حياتهم.
تعود ابنتي من مدرستها وتلقي ببعض القطع النقديّة في حصالتها وهي تقول: هذه القطع تكفي لشراء طعام لطفل سوريّ.
علمتهم قيمة القرش لا كي يبخلوا على أنفسهم بل كي يحسّوا بحرمان غيرهم!
يوم واحد في الأسبوع نمتنع فيه عن ارتيداد المطاعم كي نضمن طعاما لعائلة سورية في الشهر.
في المحلات التجارية اختار الحذاء الأرخص من غيره بثلاث دولارات، لا لأنني أبخل على نفسي بل أقرّشها بالعملة السوريّة فأقول: ثلاث دولارات كافية لشراء حقيبة مدرسيّة لطفل سوري!
بعد سبعة عشر عاماً من وجودي في أمريكا ما زلت أقرّش مصروفي هنا بالعملة السوريّة، رغم تفاهتها، لا كي أزيد من رصيدي في البنوك الأمريكيّة بل كي أزيد من رصيدي في بنوك الأسر السوريّة المستورة التي تضوّر جوعا وتبكي ظلما!
تلك هي وفاء سلطان وأنت من أجبرتني على البوح بهويّتها.
****************
أنا ياسيّدي القاسم لا اسبّ ولا اعرف أن اسبّ، فلم أتعلم إلا الحبّ ولن اعلّم إلا الحب!
الشتيمة ليست من شيمي ولا هي طريقي إلى الشهرة. و أنا لا اشتم الإسلام، بل افضحه!
هذه التركيبة العقائديّة ظلمت المرأة في بلادي وجرّدتها من حقوقها و أساءت إلى انسانيّتها.
"تفسد صلاة الرجل المسلم عندما يمر أمامه كلب أو حمار أو امرأة"
أنا لا اشتم الإسلام بل أدفع عني شتائمه!
عندما ارفض أن أصنّف مع الكلب والحمار لا اشتم أحداً بل أرفض أن يشتمني أحد!
أمريكا قد تشتري عملاء نفط ولكنها لا تستطيع أن تشتري عملاء فكر، فمن يملك فكراَ لا يستطيع أن يبيع نفسه، لا لسبب إلاّ لأنه لن يجد ثمنا لقيمة فكره!
لو كانت أمريكا معنيّة بشراء من يشتم الإسلام لما وجدتَ رجلاً واحدا في باكستان، ناهيك عن فقراء إندونيسيا والعرب، إلا وصار شتّاماً!
إن رجلا يبحث في براميل القمامة عن لقمة أطفاله، كما هي الحال في معظم البلدان الإسلامية، لن يتردد لحظة واحدة عن شتم الإسلام لو وجد سوقاً لشتائمه في أمريكا، على حدّ زعمك!
ولأعلنت تلك السوق إفلاسها منذ اللحظة الأولى التي فتحت بها أبوابها للبضائع الإسلامية!
الأسواق الأمريكية ترّحب بالعقول المضاءة والمضيئة وتحتضنها، ثمّ ترمي في براميلها عقولكم وشتائمكم.
****************
اعقلوا يا سيّدي القاسم!
الفكر الذي ينقد أخلاقيّاتكم ويفضح عقيدتكم ليس شتيمة.
عندما كتبت وفاء سلطان عن الرجل السعودي الذي مزق فرج خادمته بأسنانه ويديه ورجليه (كوحش فقد صوابه) وحرق سجائره على جسدها ثم دس في جيبها بضعة دراهم ودفشها في طائرة عائدة إلى بلادها، عندما كتبت وفاء سلطان عن ذلك هي لم تشتم أحداً بل فضحت بذاءة الآية التي تقول: "وما ملكت أيمانكم"!
المرأة ليست ملكاً إلاّ لنفسها، ونفطكم لا يستطيع أن يشتري امرأة بل يستطيع أن يبيع عهراً.
الأسواق الأمريكية لا تشتري من هذا الرجل سوى نفطه، وتترك له أخلاقياته وعقيدته وعهره!
اعقلوا يا سيّدي القاسم!
تعلموا فنّ وأخلاقية النقد!
عندما تكتب مقالة من هذا النوع كن اكثر وضوحاً ، فمصداقية الكلمة تأتي أولاً من وضوحها.
اذكر لقرائك بالاسم من هم الذين شتموا الإسلام فاحتضنتهم أمريكا والصهيونية العالمية وجعلت منهم نجوماً بين ليلة وضحاها! اذكرهم بالاسم واذكر شتائمهم كي تفضحهم أن كنت صادقا مع نفسك أولاً ومع قارئك ثانياً.
لا تلف وتدور على مبدأ: اسمعي يا جارة افهمي يا كنّة!
هذا أسلوب زقاقي كانت تتعامل به جارتنا أم صطيف وهي ترطل شتائمها لضرّتها أم محمد دون أن تذكرها بالاسم خوفاً من سوط أبي محمد.
اخرجوا من أزقّتكم وتعلموا فنّ وأخلاقية وعلوم الكتابة!
القاسم رجل إعلام، ورجل الإعلام هو المثل الذي يقتدي به عادة مشاهدو هذا الإعلام، فكن على مستوى هذا الموقع احتراما ورحمة بالأجيال الشابة التي نساهم في بناء عقولها.
تلك الأجيال التي انبرى شاب منها، على الأغلب بعد قراءة مقالتك ، وكتب في موقع مرآة سورية مقالة بعنوان "القحـ......ـة وفاء سلطان ".
لقد ذكر حرفيّا ما أراد معلمه ومثله الأعلى السيّد القاسم أن يخفيه بين سطور مقالته.
******************
في ثقافتكم كلّ صاحب فكر عميل وكلّ من خالف شريعتكم خائن.
بعد ظهوري الأول على قناة الجزيرة وفي برنامج "الاتجاه المعاكس" سأل الناس أخي، نعم أخي ابن أمي وأبي : ما الذي دفع أختك لموقفها هذا من الإسلام؟!!
فردّ بلا أدني تفكير: الجزيرة دفعت لأختي مليون دولار كي تقول ما قالته!
وانتشرت الإشاعة كي تخترق الكرة الأرضية من قطبها إلى قطبها الآخر وتصل إليً.
عندما سمعت قول أخي ضحكت بدلا من أن أبكي!
******************
على ذمّة أخي دفعت لي الجزيرة مليون دولار في المرّة الأولى، ولا أحد إلا الدكتور القاسم يعرف كم دفعوا لي في المرّة الثانية! المرّة الثانية التي شكّلت أخطر نقطة انعطاف في حياتي الكتابية!
حتى تاريخ تلك اللحظة كان جاري الأمريكي الذي يسكن البيت المجاور لبيتي منذ أكثر من عشر سنوات يناديني فافا، وفي صباح اليوم التالي فاق الشعب الأمريكي ليقرأ على صفحات جرائده:
Stand up…Wafa Sultan is passing!
The Muslim Voltaire has come! He is Wafa Sultan.
The Muslim Voltaire has come! He is Wafa Sultan.
ومئات العناوين الأخرى التي أكرمت سبعة عشر عاماً من عمري الكتابي!
شكرا للسيّد القاسم الذي علّم، من حيث يدري أو لا يدري، جاري الأمريكي كيف يلفظ اسمي على حقيقته!
منذ تلك اللحظة وحتّى تاريخ اليوم وهاتفي لا يتوقف عن الرنين...
بريدي الإلكتروني لم يعد قادرا أن يستوعب مزيداً من الرسائل.
ساعي البريد يبتسم لي كلّ يوم وهو يلقي الرسائل في علبتي:
Queen of America! How're you doing today?
البرلمان السويدي يريد أن أشاركه في وضع خطة عمل حيال علاقات السويد مع الدول الإسلامية....
البرلمان الهولندي يريد أن يتشرف بزيارتي...
منظمات السلام في سويسرا تنتظر تكريمي في ديسمبر القادم...
جامعات إيطاليا ترحب بي كمحاضرة على منابرها...
مئات الدعوات من كلّ أنحاء العالم....
شكرا للدكتور القاسم الذي علّم العالم، وليس فقط جاري الأمريكي، كيف يلفظ اسمي على حقيقته!
********************
ولكن لماذا يخفي السيّد القاسم مسؤوليته بين سطور مقالته تلك؟!!
لماذا يدّعي بأن أمريكا والصهيونيّة العالمية قد احتضنتني لأنني شتمت الاسلام؟!!
لماذ احتضنني برنامجه في المرّة الأولى وقبل أن تحتضنني أمريكا والصهيونيّة العالميّة؟!!
وإذا كنت قد شتمت الإسلام في المرّة الأولى لماذا دعاني إلى المرّة الثانية؟!!
هذا إذا تجاهلنا المرّة التي دعاني بها لأدلي برأيي حيال انتخاب الشعب الفلسطيني لحماس فاعتذرت بلطف لأنني لا أريد أن أقحم نفسي في السياسة!
"أمريكا والصهيونيّة العالمية" تعرّفا عليّ من خلال الجزيرة، ليس من خلال المرّة الأولى وحسب، بل من خلال المرّة الثانية أيضاً!
كان السؤال الأول الذي طرحته عليّ كلّ الصحف ـ نيويورك تايميز.. لوس انجلوس تايمز.. الصاندي تايمز.. اللوموند الفرنسية...الخ ـ ما الذي أوصلك إلى الجزيرة؟
وكان جوابي دائماً : لا اعرف..اسألوا الجزيرة؟
على صفحتها الأولى كتبت النيويورك تايمز: شكراً للجزيرة التي عرّفتنا على وفاء سلطان!
كم دفعوا لي؟!!
استطيع ان اؤكّد للقرّاء الأعزاء بان المبلغ الذي دفعوه لي لم يتجاوز قرشاً واحدا مجموع المبلغين اللذين دفعتهما لي الجزيرة في المرّة الاولى والثانية!!!
فلماذا لا يرتقي السيّد القاسم الى مستوى مسؤوليته، كرجل اعلام من الطراز الأول، لماذا لا يرتقي إلى مستوى تلك المسؤولية ويعلن للقراء:
ـ من الذي اختار وفاء سلطان لتكون ضيفة برنامجه مرتين؟
ـ طالما شتمت الإسلام في المرّة الأولى لماذا استضافها في المرّة الثانية؟
ـ كم دفعت الجزيرة لوفاء سلطان في المرّة الأولى وكم دفعت لها في المرّة الثانية؟
******************
قرأت مرّة لكاتب يهودي، نسيت اسمه، قصة كتابه الأول يقول فيها بما معناه: رغم كلّ الضغوط والقمع الذي يمارس على الإنسان يستطيع هذا الإنسان أن يحتفظ ولو لنفسه، بنقاء ضميره..
ويتابع:
كنت في غرفة سجني عندما نادوا عليّ كي يقودوني إلى الفرن الغازي. في طريقي إلى المحرقة، والذي لن تستغرق مدته بضع دقائق، وضعت فكرة هذا الكتاب ووعدت نفسي لو تدخل القدر ومنع حرقي سأنشره في أول فرصة، وتدخل القدر وفعلت!
والكتاب كله يدور حول فكرة: لا أحد يستطيع أن يشتري ضمير الإنسان والإنسان يستطيع أن يبقى حراً ، على الأقل في فكره، في أقسى لحظات عمره.
أثناء ظهوري الثاني في برنامج "الاتجاه المعاكس"، ولا أستطيع أن أتصوّر بأن تلك اللحظة اقل ضغطاً من الضغوط التي عاني منها الكاتب اليهودي وهو في طريقة من غرفة السجن إلى المحرقة، فأنا كنت أواجه خلالها إرهاباً عمره أربعة عشر قرنا من الزمن، خلال تلك اللحظة كنت اسمع السّيد القاسم، وكلما لفظ الدكتور الخولي اسم محمد، كنت اسمعه يتمتم: صلّى الله عليه وسلم!
في تلك اللحظة بالذات، ورغم ضغوطها، وضعت فكرة لكتاب بعنوان "الإرهاب الفكري"!
إلى أيّ مدى يؤمن السيّد الدكتور فيصل القاسم بأن الله صلّى على محمد؟!!
يا إلهي! ما أقسى أن يصبح الرغيف حاجزاً للعقل!
****************
نفس الدوافع التي أجبرت السيّد الدكتور فيصل القاسم كي يصلي ويسلّم على محمد، دفعته كي يكتب تلك المقالة.
يحاول أن يثبت لأولياء الرغيف بأنه يؤمن برسولهم، ويحاول أن يثبت لهم بأنّ وفاء سلطان قد شتمت الإسلام وبأنّ أمريكا والصهيونيّة العالمية وراء شهرتها، وفيصل القاسم غير مسؤول عن ذلك!
وأنا بدوري اسأل السيّد القاسم، وهو في أقسى لحظاته، أن يحتفظ بنقاء ضميره ويخرج على الملأ ليعلن لهم:
من أوصل وفاء سلطان وكم دفعوا لها؟
علّه يجلي بشجاعته الغشاوة التي أعمت بصر أخي وبصر السيّد القاسم نفسه وعلّه يعلّم المسلمين، كما علّم جاري الأمريكي ، كي يلفظون اسمي على حقيقته!
إنها أمانة في عنق جهينة، وعند جهينة الخبر القين!
فهل سترتقي إلى مسؤولية أمانتها؟!!
سؤال اترك الاجابة عليه للسيّد القاسم، وسواء أجاب أم تجاهل، ليس لديّ سوى أن اشكره من أعماقي لأنّه علم جاري الأمريكي كيف يلفظ اسمي على حقيقته!
لم أعد مجرّد "فافا" في أمريكا، بل أنا وفاء سلطان وعلى حدّ تعبير الصحافة الأمريكية:
فوليتير المسلمين قد وصل..على الجميع أن يقفوا!
فهل يقف السيّد القاسم؟!!
التعديل الأخير: