- إنضم
- 2 فبراير 2007
- المشاركات
- 2,424
- مستوى التفاعل
- 18
- النقاط
- 0
مأساة المواطنة في مصر
المستشار / د. نجيب جبرائيل
درج النظام في مصر على استخدام ما نصت عليه المادة 46 من الدستور من أن المواطنون متساوون جميعاً أمام القانون ذلك الاستخدام الذي جاء خالياً من المضمون وكأن تلك العبارة مجرد تجميل للقوانين حتى تنسق وتتفق مع المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر وكأن ما يفعله النظام هو ذر للرماد في العيون كما يقولون وإن كان هذا الخلل في تطبيق نصوص الدستور قد نال معظم طبقات الشعب المصري لكن كانت الطامة الكبرى والمأساة العظمى من تغيب أقباط مصر وليس أدل على ذلك من الأحداث الطائفية والتي سادت مصر خاصةً في العقود الأربعة الأخيرة ويمكن القول أن الخلل في تطبيق قاعدة المواطنة في مصر كانت مازالت نتاج غياب مفاهيم الديمقراطية الحقيقية التي يعرفها العالم المتحضر وكما قلت ربما نال الأقباط ما لم تنله طائفة أو قطاع من قطاعات المجتمع المصري فبدءاً من أحداث الخانكة والزاوية في السبعينات وإغفال تقرير لجنة العطيفي الخاصة بتقصي الحقائق ومروراً بأحداث قتل المسحيين في ديروط وصنبو والكشح 1 ، 2 والاعتداءات المتوالية على الكنائس في مغاغة والمنيا وأخيراً أحداث العديسات والعياط والاعتداء على المصلين بالكنائس بالإسكندرية حتى أن الرهبان العزل في الصحراء لم يسلموا من اعتداءات ذات مخزون ثقافي وطائفي مرير أفرزه تكريس مفهوم ديني أحادي فقد تم الاعتداءات على دير الأنبا انطونيوس بالبحر الأحمر ودير بطمس بطريق مصر السويس ودير أبو فانا بالمنيا ودير المحرق بالقوصية بأسيوط هذا ناهيك عن اضطهاد المرموقين من الأقباط والمأساة الكبرى أن ذلك قد استشرى حتى فيما نظن أنه مستقبل مصر في الأوساط الجامعية هل تعلمون أن أستاذة في كلية طب بنها قسم السموم دعاها رئيس القسم العائد من السعودية إلى الإسلام فعندما أدرك هذا الأستاذ أن زميلته الأستاذة لم تأخذ دعوته بمأخذ الجد أحاك الدسائس والمشاكل مما كان من نتاج ذلك إلى إحالتها لمجلس التأديب. وقضية الدكتورة ميرا وهي مدرجة ضمن شكاوي المجلس القومي لحقوق الإنسان والذي بسبب اضطهادها استقال بسببها أستاذ جامعي مسلم الديانة. وقصة مأساة مدرس بالثانوي اتهم بدون تحقيق أنه سب الرسول وقد خلت الأوراق من ثمة دليل سوى فتاتين في المدرسة مما أدى إلى أن قدم إجازة مفتوحة عملاً بنصيحة العقلاء من المسلمين لئلا يكون مصيره القتل وتصفيته.. هذه نماذج قليلة جداً.
أسباب أزمة المواطنة في مصر:
لعل المتتبع لأحداث الفتنة الطائفية في مصر يجد أنها قد بدأت منذ ما تقرب من أربعة عقود بدأت من إعارة المدرسين إلى بعض دول الخليج وجلب " ثقافة عدم قبول الآخر وثقافة أن الدين عند الله الإسلام " وليس هناك دين سواه حسب مفاهيم الثقافة التي وفدوا بها ورسخت في وجدانهم وما ترتب على ذلك من آثار تلك الأزمة التي بدأت ذروتها أيضاً بإعلان رئيس مصري راحل أنه رئيس مسلم لدولة مسلمة. والتي بالقطع وفرت في معين كل شخص غير مسيحي أنه قد أعطى القوة واتخاذ القرار تجاه غير المسلمين من مفهوم الأحادية وتهميش غير المسلم وانسحب ذلك على من بيدهم سلطة تنفيذ ما أعلنه هذا الرئيس ويتمثل ذلك في مناهج تعليمية احتشدت بالتنفير والحض على كراهية الأقباط والديانة المسيحية فقد جعلت كتب اللغة العربية سواء بطريق الآيات يحشوها آيات يفهم منها كراهته المسيحية أو عن طريق السلب بما حلت معه هذه المناهج من الإشارة إلى أن هناك ديانة أخرى في مصر اسمها المسيحية تحض على المحبة والسلام مما غذت معه هذه المناهج في الأطفال الصغار فكرة الأحادية وإنه لا وجود إلا للإسلام والمسلمين في مصر ومن ثم تنامى هذا الفكر وتدرج بطبيعة الحال بتدرج المراحل التعليمية حتى وصل التطرف والتعصب إلى أعلى مستوى من التعليم في الجامعة بل أساتذة الجامعة ومنهم كما سردنا سلفاً.
حتى أن التاريخ القبطي الذي عمره من تاريخ دخول المسيحية في مصر منذ أكثر من ألفي سنة أختزل في وريقات قليلة هو عبارة عن دخول عمرو بن العاص مصر ودعوته إلى البطريرك بنيامين وأستأمنه على الأقباط والكنائس ونسوا أن تاريخ الأقباط حافل بعصر الاستشهاد وعصر الفيلسوف بولس الرسول وبطرس خاتم الشهداء وأنه كما قال أحد أساتذة القانون الدكتور محمد الزناتي في كتابة "تاريخ القانون" الذي يدرس على طلبة السنة الثانية بكليات الحقوق "أن كنيسة الإسكندرية كانت تقرض الدولة" وأن أول كلية لاهوت في العالم كانت هي مدرسة الإسكندرية، وأن الموسيقار العالمي بتهوفن كان أول مصدر استقى منه موسيقاه هو الألحان القبطية، وأن أول رهبنة في العالم بدأت من مصر الذي أسسها القديس الأنبا أنطونيوس، الذي انطلقت منه رهبانيات العالم والتي عادت إلى مصر تلك الرهبانيات في صور رهبانيات تعليمية من مدارس ومستشفيات ومؤسسات للمساعدات الاجتماعية.
أليس من العار أن نجد أن هناك أقساماً للغة الفارسية والعبرية في كليات الآداب بجميع جامعات مصر بينما تخلو هذه الكليات من وجود قسم واحد لدراسة اللغة القبطية وآدابها إلا وريقات متناثرة بين مناهج الآداب، على عكس ما هو مخصص في جامعة كمبردج وجامعة لندن؟ ألم يخجل النظام المصري من أن تقوم الجامعة الأمريكية في مصر بعمل احتفالية ضخمة على مرور مائة عام برائد الألحان الكنسية في مصر المرحوم راغب مفتاح؟! أليس تطبيق مفهوم المواطنة وقاعدة المساواة؛ أنه كما تدرس الفتوحات الإسلامية والتاريخ الإسلامي بكل تفاصيله وأبعاده والتي يتكون معه الوجدان الوطني أن تدرس أيضاً الحقبة القبطية.
الإعلام وتهميش الأقباط سواء عن طريق الإيجاب أو السلب وكان نتاج ما سبق ونتيجة لمخزون ثقافي مغلوط أن ينسحب هذا الفكر على الإعلام فخابرت خريطة الإعلام وقد خلت من الموضوعات القبطية إلا فيما ندر وقد تمثل هذا الندر اليسير في قداس عيد الميلاد والقيامة المجيد لا يتعدى سويعات قليلة وبعض دقائق متمثلة في لقاءات مع البابا وبعض تسجيلات البعض المقادس المسيحية بينما امتلأت الخريطة الإعلامية بما لا يقل عن 99% من البرامج الإعلامية منها لا يقل عن ثلاثين أو أربعين في المائة مخصصة للجانب الإسلامي وإن كنا نحن نطالب الآن بالمساواة وإعمال قاعدة المواطنة يقتضي فيه كأقباط ومسلمين أن تخلوا البرامج الإعلامية من أي مفاهيم طائفية وعلى سبيل المثال فإن التلفزيون المصري وعلى مدى الأعوام الخمس الأخيرة وخاصةً في شهر رمضان كان يقدم مثالاً للوحدة الوطنية النموذج الأصيل للتعايش من الأقباط والمسلمين وهو زواج الشاب المسلم من الفتاة المسيحية! ولم يحترم العقيدة المسيحية التي تحرم هذا الزواج. فنحن نعلم أن الديانة الإسلامية تجيز زواج الذمية من المسلم لكن المسيحية لا تجيز ذلك ومن ثم يجيء احترام عقائد كل إنسان فكما يحترم إن الإسلام يحظر زواج المسلمة من المسيحي فأيضاً يجب احترام العقيدة المسيحية وقس على ذلك أيضاً ما يقدمه التلفزيون الحكومي من عدم مراعاة مشاعر المسيحيين من استضافة أجانب وقد أشهروا إسلامهم وكان التعليق أنهم اهتدوا إلى دين الحق والرشد وأنا هنا أترك التعليق لمن يفهم بحقوق الإنسان فهما سليماً.
المستشار / د. نجيب جبرائيل
درج النظام في مصر على استخدام ما نصت عليه المادة 46 من الدستور من أن المواطنون متساوون جميعاً أمام القانون ذلك الاستخدام الذي جاء خالياً من المضمون وكأن تلك العبارة مجرد تجميل للقوانين حتى تنسق وتتفق مع المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر وكأن ما يفعله النظام هو ذر للرماد في العيون كما يقولون وإن كان هذا الخلل في تطبيق نصوص الدستور قد نال معظم طبقات الشعب المصري لكن كانت الطامة الكبرى والمأساة العظمى من تغيب أقباط مصر وليس أدل على ذلك من الأحداث الطائفية والتي سادت مصر خاصةً في العقود الأربعة الأخيرة ويمكن القول أن الخلل في تطبيق قاعدة المواطنة في مصر كانت مازالت نتاج غياب مفاهيم الديمقراطية الحقيقية التي يعرفها العالم المتحضر وكما قلت ربما نال الأقباط ما لم تنله طائفة أو قطاع من قطاعات المجتمع المصري فبدءاً من أحداث الخانكة والزاوية في السبعينات وإغفال تقرير لجنة العطيفي الخاصة بتقصي الحقائق ومروراً بأحداث قتل المسحيين في ديروط وصنبو والكشح 1 ، 2 والاعتداءات المتوالية على الكنائس في مغاغة والمنيا وأخيراً أحداث العديسات والعياط والاعتداء على المصلين بالكنائس بالإسكندرية حتى أن الرهبان العزل في الصحراء لم يسلموا من اعتداءات ذات مخزون ثقافي وطائفي مرير أفرزه تكريس مفهوم ديني أحادي فقد تم الاعتداءات على دير الأنبا انطونيوس بالبحر الأحمر ودير بطمس بطريق مصر السويس ودير أبو فانا بالمنيا ودير المحرق بالقوصية بأسيوط هذا ناهيك عن اضطهاد المرموقين من الأقباط والمأساة الكبرى أن ذلك قد استشرى حتى فيما نظن أنه مستقبل مصر في الأوساط الجامعية هل تعلمون أن أستاذة في كلية طب بنها قسم السموم دعاها رئيس القسم العائد من السعودية إلى الإسلام فعندما أدرك هذا الأستاذ أن زميلته الأستاذة لم تأخذ دعوته بمأخذ الجد أحاك الدسائس والمشاكل مما كان من نتاج ذلك إلى إحالتها لمجلس التأديب. وقضية الدكتورة ميرا وهي مدرجة ضمن شكاوي المجلس القومي لحقوق الإنسان والذي بسبب اضطهادها استقال بسببها أستاذ جامعي مسلم الديانة. وقصة مأساة مدرس بالثانوي اتهم بدون تحقيق أنه سب الرسول وقد خلت الأوراق من ثمة دليل سوى فتاتين في المدرسة مما أدى إلى أن قدم إجازة مفتوحة عملاً بنصيحة العقلاء من المسلمين لئلا يكون مصيره القتل وتصفيته.. هذه نماذج قليلة جداً.
أسباب أزمة المواطنة في مصر:
لعل المتتبع لأحداث الفتنة الطائفية في مصر يجد أنها قد بدأت منذ ما تقرب من أربعة عقود بدأت من إعارة المدرسين إلى بعض دول الخليج وجلب " ثقافة عدم قبول الآخر وثقافة أن الدين عند الله الإسلام " وليس هناك دين سواه حسب مفاهيم الثقافة التي وفدوا بها ورسخت في وجدانهم وما ترتب على ذلك من آثار تلك الأزمة التي بدأت ذروتها أيضاً بإعلان رئيس مصري راحل أنه رئيس مسلم لدولة مسلمة. والتي بالقطع وفرت في معين كل شخص غير مسيحي أنه قد أعطى القوة واتخاذ القرار تجاه غير المسلمين من مفهوم الأحادية وتهميش غير المسلم وانسحب ذلك على من بيدهم سلطة تنفيذ ما أعلنه هذا الرئيس ويتمثل ذلك في مناهج تعليمية احتشدت بالتنفير والحض على كراهية الأقباط والديانة المسيحية فقد جعلت كتب اللغة العربية سواء بطريق الآيات يحشوها آيات يفهم منها كراهته المسيحية أو عن طريق السلب بما حلت معه هذه المناهج من الإشارة إلى أن هناك ديانة أخرى في مصر اسمها المسيحية تحض على المحبة والسلام مما غذت معه هذه المناهج في الأطفال الصغار فكرة الأحادية وإنه لا وجود إلا للإسلام والمسلمين في مصر ومن ثم تنامى هذا الفكر وتدرج بطبيعة الحال بتدرج المراحل التعليمية حتى وصل التطرف والتعصب إلى أعلى مستوى من التعليم في الجامعة بل أساتذة الجامعة ومنهم كما سردنا سلفاً.
حتى أن التاريخ القبطي الذي عمره من تاريخ دخول المسيحية في مصر منذ أكثر من ألفي سنة أختزل في وريقات قليلة هو عبارة عن دخول عمرو بن العاص مصر ودعوته إلى البطريرك بنيامين وأستأمنه على الأقباط والكنائس ونسوا أن تاريخ الأقباط حافل بعصر الاستشهاد وعصر الفيلسوف بولس الرسول وبطرس خاتم الشهداء وأنه كما قال أحد أساتذة القانون الدكتور محمد الزناتي في كتابة "تاريخ القانون" الذي يدرس على طلبة السنة الثانية بكليات الحقوق "أن كنيسة الإسكندرية كانت تقرض الدولة" وأن أول كلية لاهوت في العالم كانت هي مدرسة الإسكندرية، وأن الموسيقار العالمي بتهوفن كان أول مصدر استقى منه موسيقاه هو الألحان القبطية، وأن أول رهبنة في العالم بدأت من مصر الذي أسسها القديس الأنبا أنطونيوس، الذي انطلقت منه رهبانيات العالم والتي عادت إلى مصر تلك الرهبانيات في صور رهبانيات تعليمية من مدارس ومستشفيات ومؤسسات للمساعدات الاجتماعية.
أليس من العار أن نجد أن هناك أقساماً للغة الفارسية والعبرية في كليات الآداب بجميع جامعات مصر بينما تخلو هذه الكليات من وجود قسم واحد لدراسة اللغة القبطية وآدابها إلا وريقات متناثرة بين مناهج الآداب، على عكس ما هو مخصص في جامعة كمبردج وجامعة لندن؟ ألم يخجل النظام المصري من أن تقوم الجامعة الأمريكية في مصر بعمل احتفالية ضخمة على مرور مائة عام برائد الألحان الكنسية في مصر المرحوم راغب مفتاح؟! أليس تطبيق مفهوم المواطنة وقاعدة المساواة؛ أنه كما تدرس الفتوحات الإسلامية والتاريخ الإسلامي بكل تفاصيله وأبعاده والتي يتكون معه الوجدان الوطني أن تدرس أيضاً الحقبة القبطية.
الإعلام وتهميش الأقباط سواء عن طريق الإيجاب أو السلب وكان نتاج ما سبق ونتيجة لمخزون ثقافي مغلوط أن ينسحب هذا الفكر على الإعلام فخابرت خريطة الإعلام وقد خلت من الموضوعات القبطية إلا فيما ندر وقد تمثل هذا الندر اليسير في قداس عيد الميلاد والقيامة المجيد لا يتعدى سويعات قليلة وبعض دقائق متمثلة في لقاءات مع البابا وبعض تسجيلات البعض المقادس المسيحية بينما امتلأت الخريطة الإعلامية بما لا يقل عن 99% من البرامج الإعلامية منها لا يقل عن ثلاثين أو أربعين في المائة مخصصة للجانب الإسلامي وإن كنا نحن نطالب الآن بالمساواة وإعمال قاعدة المواطنة يقتضي فيه كأقباط ومسلمين أن تخلوا البرامج الإعلامية من أي مفاهيم طائفية وعلى سبيل المثال فإن التلفزيون المصري وعلى مدى الأعوام الخمس الأخيرة وخاصةً في شهر رمضان كان يقدم مثالاً للوحدة الوطنية النموذج الأصيل للتعايش من الأقباط والمسلمين وهو زواج الشاب المسلم من الفتاة المسيحية! ولم يحترم العقيدة المسيحية التي تحرم هذا الزواج. فنحن نعلم أن الديانة الإسلامية تجيز زواج الذمية من المسلم لكن المسيحية لا تجيز ذلك ومن ثم يجيء احترام عقائد كل إنسان فكما يحترم إن الإسلام يحظر زواج المسلمة من المسيحي فأيضاً يجب احترام العقيدة المسيحية وقس على ذلك أيضاً ما يقدمه التلفزيون الحكومي من عدم مراعاة مشاعر المسيحيين من استضافة أجانب وقد أشهروا إسلامهم وكان التعليق أنهم اهتدوا إلى دين الحق والرشد وأنا هنا أترك التعليق لمن يفهم بحقوق الإنسان فهما سليماً.