مخاوف حقوقية من انتهاك حرية الرأي والتعبير بدعوى مهاجمة الأديان

اثناسيوس الرسول

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
2 فبراير 2007
المشاركات
2,424
مستوى التفاعل
18
النقاط
0
مخاوف حقوقية من انتهاك حرية الرأي والتعبير بدعوى مهاجمة الأديان
تقرير(هاني دانيال )
أبدت منظمات حقوقية قلقهما العميق من القرار الذي أعتمده كلا ًمن مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة، حول مناهضة "تشويه صورة الأديان"، والذي من الممكن أن يسمح للحكومات في المنطقة العربية من استخدامه لفرض مزيد من القيود على حرية الرأي والتعبير، وفرض مزيد من الوصاية والرقابة على جميع أشكال التعبير، بحجة "أنها لا تعطي التقدير أو الاحترام الكافي للدين"، مثل ما حدث مع رواية "أولاد حارتنا" للأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ، والتي اتهم فيها بالإلحاد والخروج عن الملة، وقضية المدون المصري كريم عامر في مصر والذي تم سجنه بسبب أرائه السياسية والدينية واتهامه بالتحريض ضد الإسلام.
عقدت المنظمات الثلاث وهى مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالتعاون مع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومنظمة المادة 19 ندوة بمقر المجلس بجنيف، بحضور عدد من ممثلي الدول والمنظمات الدولية، حول قضية تشويه صورة الأديان واستخدامها كأداة لتقييد حرية الرأي والتعبير وحرية الدين والمعتقد، تحدث فيها د. سيجال بارما، المستشار القانوني لمنظمة المادة 19، حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، معتز الفجيري المدير التنفيذي لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وحضرها 48 مشارك، وممثلي ست دول. تناولت تأثيرات القيود الدينية ودعاوى ازدراء الأديان على حرية التعبير خاصة في العالم العربي، وناقشت محاولات التقييد التي تمت على الصعيد الإقليمي، ومنها إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، والوثيقة الإقليمية الخاصة بقواعد البث السمعي والبصري الصادرة جامعة الدول العربية، وما يتم على الصعيد التشريعي، مثل قوانين (التجديف أو التكفير، الإساءة للمؤسسات الدينية)، فضلاً عن محاكمات بعض الأشخاص بسبب ممارسة حقهم في التعبير، مثل قضية إعدام محمود محمد طه في السودان عام 1984،بسبب اجتهاداته في الإسلام، وكذلك قضية مدرس الكيمياء والذي حكم القضاء السعودي بحبسه 3 سنوات وجلده 750 جلدة بسبب تحدثه مع تلاميذه عن المسيحية واليهودية وأسباب الإرهاب، وآخرها الفتوى التي أصدرها أحد كبار القضاة في السعودية، بجواز قتل أصحاب الفضائيات التي تبث محتويات غير أخلاقية من وجهة نظره.
أكدت المنظمات -في الأوراق التي قدمتها وحصل الأقباط متحدون على نسخة منها- أن مفهوم تشويه صورة الأديان ذاته غير واضح وليس له أساس كافٍ في القانون الدولي، فهذا المفهوم لم يتم تعريفه في القرارات، مما يربط بينه وبين مجال واسع من المشكلات الاجتماعية المختلفة بدءاً من الصور النمطية ووصولاً إلى التصوير العرقي واحترام الأديان والدعوة إلى الكراهية، ويشير المعنى العام لتشويه الصورة القذف غير المبرر لسمعة المرء، ولا يمكن القول بأن الأديان شأنها في ذلك شأن كافة المعتقدات الأخرى لها سمعة خاصة بها.
كما أكدت أن المشكلة الرئيسية في تلك القرارات هي أنها لا تسعى إلى حماية الأفراد أو الجماعات التي تعتنق ديانة ما فحسب، بل تسعى إلى حماية الديانة نفسها بصفتها تلك.
ومن ثم، فإن الفقرة 10 من القرار الأخير تشير إلى حماية الدين من الازدراء بينما تناشد الفقرة 11 المسئولين احترام كافة الأديان (وأيضاً عدم التمييز بين الأشخاص)، وكما أشار كل من المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد (السيدة أسماء جاهنجير) والمقرر الخاص المعني بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب (السيد دودو ديان): "يحمي الحق في حرية الدين أو المعتقد الفرد بصفة رئيسية والحقوق الجماعية للمجتمع المعني إلى حد ما، ولكنه لا يحمي الأديان أو المعتقدات في حد ذاتها".
نوّهت أيضاً إلى أن التمييز والكراهية ضد المنتمين للأقليات الدينية اللذان تمارسهما الدولة والأطراف الأخرى من غير الدول مشكلة بالغة الخطورة، كما كشفت التقارير الأخيرة للمقرر الخاص بحرية الدين أو المعتقد، علاوة على ذلك تقتضي المعايير الدولية من الدول "اتخاذ تدابير لتهيئة الظروف المواتية لتمكين الأشخاص المنتمين إلى أقليات من التعبير عن خصائصهم ومن تطوير ثقافتهم ولغتهم ودينهم وتقاليدهم وعاداتهم"، ولا تسهم القرارات بالكثير في التعامل مع تلك المشكلة وأخفقت لاسيما في التعامل مع أوضاع تعتنق فيها الديانات المختلفة وجهات نظر متقابلة بشأن مسألة محددة.
وفي مثل هذه الأوضاع يمكن استخدام القرارات لتبرير كبت المعارضة في الرأي الديني وقهر الأقليات الدينية.
وأكدت المنظمات دعمها للمبادرات الرامية إلى مكافحة التحيز والتمييز والتعصب، بيد أن تلك المبادرات تكون مشروعة فقط عندما تحترم ضمانات حقوق الإنسان المعترف بها، بما فيها حرية التعبير، حيثما تكون مؤثرة في تشجيع المساواة وأينما تكون مصممة بعناية كي تضع حداً لإمكانية سوء استخدامها. ولم تفلح القرارات الخاصة بمكافحة الإساءة لصورة الأديان في استيفاء تلك الشروط ولا يجب على أعضاء هيئة الأمم المتحدة أن يدعموها.
 
أعلى