آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
كلمة "أب" في الحضارة المسيحية القديمة
في العهد القديم كان إيمان شعب الله يقوم على إيمان "الآباء"، وكان الله يُدعى "إلهُ الآباء" (خر3 / 15). في الديانة اليهوديةكان الاعتراف بقيمة الآباء مهماًوقد امتدح الشعب هذه الشخصيات الأساسية في تاريخ الخلاص واعتبرها مثالاً يحتذى في الإيمان (راجع سي 44 ـ 50).
إلى جانب هذا كانت كلمة أب تُطلَق على المعلِّمين، كالأنبياء مثلاً الذين كانوا بمثابةِ آباء لتلاميذهم، فنجد تعبير "أبناء الأنبياء" (1مل 20 / 35). نجد ذات الشيء في الأدب الحكمي، حيث توصف العلاقة معلم - تلميذ كعلاقة أب - ابن (مثل 1 / 8؛ 3 / 1).
أيضاً في العهد_الجديد نجد استعمال مماثل لكلمة "أب" (لو 1 / 55. 72؛ عب 1 / 1). ومع أن يسوع يفضِّل استعمال هذه التسمية فقط بالنسبة للآب السماوي (مت 23 / 9)، نجد أن بولس الرسول يستعملها للحديث عن علاقة الإيمان، حيث يدعو إبراهيم أبا المؤمنين (رو4 / 16)، ويرى أن التبشير بالإنجيل يولد علاقة أبوية بين المبشِّر والكنيسة (غل 4 / 9؛ 1كو 4 / 14 ـ 15؛ فيل 10). لذا علينا ألا نفسِّر وصية يسوع بشكل حرفي بل بشكل روحي، إذ أنه في الحقيقة لنا أب واحد هو الله. ومما يؤكد هذا الاتجاه استعمال العهد الجديد ذاته لكلمة آباء للدلالة على الجيل الأول من المسيحيين (2بط 3 / 4).
استمر الآباء الرسوليون في استعمال هذه الكلمة للدلالة على بطاركة العهد القديم. لكن استعمال كلمة أب للدلالة على الأسقف نجد منذ العضور الأولى للمسيحية. الشهادة الأولى نجدها بشأن بوليكاربوس أسقف ازمير، فقد دعاهُ الوثنيون "معلم آسيا وأب المسيحيين". وفي عام 177 م يتوجّه مسيحيّو فيينّا وليون في غالية إلى أسقف روما الِوْثيرُسداعينه "أباً". هذه التسمية التي أُطلِقَت على أساقفة الكراسي الرئيسية، تحولت منذ القرن السابع الميلادي إلى تسمية تخص أسقف روما.


استعمال كلمة "أب" بالمعنى العقائدي
عندما اشتدت حدة الخلافات العقائدية في القرنين الرابع والخامس الميلادي، أصبحت تسمية أب تُطلَق على الأساقفة مستقيمي الإيمان. حدث ذلك خصوصاً في مجمع نيقيا (325 م)، حيث دعيَ أساقفة المجمع آباءً، ومن ثمَّ أصبحت هذه التسمية تُميِّز الأساقفة المستقيمي الإيمان عن الهراطقة.
يتكلَّم القديس أغسطينوس عن المبادئ التي تسمح لنا بأن نميِّز السلطان التعليمي لأحد الآباء: المبدأ الأساسي هو تطابق تعليمه مع الكتاب المقدس بحسب تأويل الكنيسة. الكتاب المقدس - يقول أغسطينوس - هو كنزٌ مفتاحهُ قاعدة إيمان الكنيسة. فالآباء يعلّمون الكنيسة ما تعلّموا في الكنيسة.
توضَّحت هذه الأفكار عبر الزمن حتى ظهرت في القرن الخامس أربع ميِّزات لآباء الكنيسة: يُدعى أباً للكنيسة من كان:
- إيمانهُ مستقيماً؛
- سالكاً بقداسة الحياة؛
- حائزاً على مصادقة الكنيسة؛
- منتمياً إلى جيل القدماء.


مكانة الآباء في الكنيسة
في تقليد الكنيسة الحي والمقدس، المُستمر منذ تأسيس الكنيسة حتى أيامنا هذه، يحتل آباء الكنيسة مكانة خاصة، تجعلهم يتميَّزون عن أي شخصية أخرى في تاريخ الكنيسة. فالآباء هم أول من وضع الخطوط العريضة لبنية الكنيسة، التنظيمية، العقائدية والرعوية، وما قدَّموه يحتفظ بقيمتهِ بشكل دائم.
من الآباء حصلنا على قانون الكتاب المقدس، قوانين الإيمان، قوانين الحياة الكنسيّة، الليتورجيا، أوائل الخلاصات اللاهوتية والتعليمية، أضف إلى ذلك التأملات في الحياة الروحية، الزهدية والصوفية. لهذا فإن سلطان تعليمهم في الأمور اللاهوتية يبقى فريداً في تاريخ الكنيسة.
على أننا يجب أن نبقى يقظين لئلا نجعل من "لاهوت الآباء" عبارة جامدة، يمكنها أن تختصر كل الخبرات والآراء المتنوّعة في مسيرة واحدة، فالبحث اللاهوتي كان لا يزال في بداياتهِ، كما أن المواقف الرسمية للكنيسة من بعض الأمور العقائدية قد نضجت مع الزمن، لهذا ففي دراسة الآباء علينا أن نحذر تبسيط الأمور، وألا يكون استشهادنا بأقوالهم عفوياً خالياً من الموضوعية والدراسة النقدية للمحيط الزمني والمكاني الذي عاشوا فيهِ.


آباء الكنيسة وحضارة زمنهم
الكنيسة ومنذ بدايتها تعلَّمت أن تعلن رسالة المسيح بإستعمالها لغة العصر الذي وُجِدَت فيهِ. وقد اجتهدت أن تترجم بلغة الفلسفة والحكمة، الحقيقة الإلهية الموحاة في شخص يسوع المسيح، كيما تكون قريبة من لغة العقل والمنطق، واثقة بأن المنطق لا يخالف الإيمان، حتى لو أن هذا الأخير يتجاوز حدود المنطق.
إن آباء الكنيسة وبسبب وعيهم لقيمة الوحي الإلهي الشمولية، قد شرعوا بما ندعوه اليوم بالإنثقاف، أي ترجمة الإيمان بلغة العصر. هذا التعبير قبل أن يكون "برنامج عمل" هو حقيقة المسيحية ذاتها، التي نشأت بتجسُّد كلمة الله، فكان عليها هي أيضاً أن "تتجسَّد" في حضارات الشعوب كي تجعل الله حاضراً فيها، عن طريق بشارة الخلاص. كانت هذه قناعة المسيحيين منذ البداية: "... صِرتُ لِليَهودِ كاليَهودِيّ لأَربَحَ اليَهود، ولِلَّذينَ هم في حُكْمِ الشَّريعةِ كالَّذي في حُكْمِ الشَّريعة [...] لأَربَحَ الَّذينَ في حُكْمِ الشَّريعة، وصِرتُ لِلَّذينَ لَيسَ لَهم شَريعة كالَّذي لَيسَ لَه شَريعة [...] لأَربَحَ الَّذينَ لَيسَ لَهم شَريعة [...]، وصِرتُ لِلضُّعَفاءَ ضَعيفًا لأَربَحَ الضُّعَفاء، وصِرتُ لِلنَّاسِ كُلِّهِم كُلَّ شَيء لأَُخَلِّصَ بَعضَهُم مَهْما يَكُنِ الأَمْر. وأَفعَلُ هذا كُلَّه في سَبيلِ البِشارة." (1كو 9 / 19 ـ 23).
ومع أن هذا الأمر رافق كل تاريخ الكنيسة (بدرجات متفاوتة)، إلا أنه يُعتَبَر مرتبطاً بشكل خاص بالآباء، الذين عاشوا في ظل الحضارة الهلّينية، فأيقنوا وجوب ترجمة البشارة بحسب الأشكال الفكرية السائدة في ذاك الوقت. البعض سمّى هذه الظاهرة "تهلُّن المسيحية"، إلا أن الحقيقة كانت "تمسحُن الهلّينية"، حيث نجح الآباء في اختراق وتعميد العالم الوثني وفلسفتهِ، بالرغم من كل المحاولات التي أرادت أن تحوِّل المسيحية إلى شكل من أشكال الفلسفة اليونانية، والتي ظهرت عن طريق هرطقات، لم ينجح أصحابها في تبنّي أشكال فكرية جديدة مطابقة للوحي المسيحي بكل ما فيهِ من تجديد. لقد برع الآباء في تمييز ماهو صالح وخادم لرسالة الإنجيل في العالم الوثني فاعتمدوه واستخدموه (على سبيل المثال فكرة الله الواحد في الفلسفة الأفلاطونية)، عمّا هو طالح ومتناقض مع الوحي، فشجبوه. بهذا كان الآباء ومازالوا مثالاً ومنارة للكنيسة، في اللقاء المثمر بين الوحي الإلهي والحضارة، بين الإيمان والمنطق.


فهرست الأباء /حسب رقم المشاركة/
2- أثناسيوس الإسكندري
3- أغسطينوس الأسقف ومعلّم الكنيسة
4- أغناطيوس الأنطاكي
5- أفرام السرياني
6- اكليمنضُس الإسكندري
7- اكليمنضس (كليمنس) الأول
8- أمبروسيوس أسقف ميلانو
9- أنطونيوس الكبير
10- أوريجانوس
11- أوسابيوس القيصري
12- إيريناوس أسقف ليون
13- بوليكاربس أسقف ازمير
14- تاتيانوس السوري
15- ترتليانوس
16- جيروم (هيرونيمس)
17- غريغوريوس الأول، البابا (غريغوريوس الكبير)
18- غريغوريوس النازيانزي
19- غريغوريوس النيصي
20- كبريانوس أسقف قرطاجة
21- كيرلّس الإسكندري
22- مكسيموس المعترف
23- هيبوليتوس
24- يوحنا الدمشقي
25- يوستينوس الفيلسوف والشهيد




يرجى التثبيت للأهمية
اتمنى ان تنال اعجابكم والمصدر هو المسوعة العربية المسيحية
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

أثناسيوس الإسكندري

athanasio.jpg


1. حياته
من أبرز معلّمي الكنيسة وآبائها، فقد كان المدافع الكبير عن الإيمان النيقاوي. اضطر خمسَ مرات إلى ترك مقر أسقفيتهِ وأن يأكل خبز المنفى لمدة تزيد عن 17 سنة.
ولد أثناسيوس في الإسكندرية عام 295 م ويبدو أنه كان على اتصال بنسّاك طيبة. اشترك في
مجمع نيقيا بصفتهِ شماساً وسكرتير الأسقف ألكسندروس وهناك فنَّد آراء الآريوسيين. نال الدرجة الأسقفية عام 328 م.
عندما رفض قبول آريوس في حضن الكنيسة خُلِعَ بعد أن لُفّقت لهُ التهم الباطلة في سينودس صور 335 م ونفي إلى تريف وهناك تعلَّم اللاتينية. عاد إلى الإسكندرية بعد موت الإمبراطور عام 337 م. خلعه سينودس أنطاكية عام 339 م، فلجأ إلى روما إلى البابا يوليوس الأول الذي أرجعهُ عام 341 م، ولكنه لم يدخل الإسكندرية إلا بعد موت الأسقف الدخيل غريغوريوس القبادوقي عام 345 م إذ سمحَ له الأمبراطور كونستانس بالعودة بناء على طلب سينودس سرديكيا عام 343 م.
لمّا خلعه سينودس ميلانو عام 355 م مرة أخرى أضطر أثناسيوس إلى الهرب لدى الرهبان في صحراء مصر. عام 362 م استدعاهُ الأمبراطور يوليانوس وعمل كل ما في وسعهِ لمصالحة شبه الأريوسيين مع أتباع نيقيا، ولكنه نفي فيما بعد بسبب غيرته واتهم بأنه "معكر السلام وعدو الآلهة". أما النفي الأخير عام 365 م فقد إضطرَّه لأن يختبئ في قبرِ أبيهِ، ولما ثار الشعب ضد الحكّام أعادوه بعد أربع شهور فساس أبرشيتهِ إلى يوم وفاتهِ في 2 / 5 / 373 م.
يُحتَفَل بذكراه في التقويم الغربي يوم 2 أيار (مايو).

2. أفكاره
تعود أهميَّته إلى شرحه ل
عقيدة الثالوث، وخاصة عقيدة اللوغوس. لقد دافع عن مساواة الابن بالآب وقد عرض أيضاً طبيعة ولادة الكلمة. وفيما كان آريوس يُعلِّم بأن الله كان في حاجة اللوغوس ككائن وسيط لأجل خلق العالم، كان أثناسيوس يؤكد أن الله غير عاجز عن خلق العالم دون وسيط. وبينما يسمّي الآريوسيون الابن "خليقة الآب" و"ثمرة إرادة الآب" فإن أثناسيوس كان يعلن أن اسم الابن في ذاته يحمل فكرة الولادة أي الخروج من ذات جوهر الآب. وبما أن الله روح غير قابل للإنقسام فالولادة لديه يجب أن تُفهَم كشعاع الشمس، فالابن هو أزلي كالآب لأنه من ذات طبيعة الآب.
هذا كانَ مرتبطاً بشكلٍ وثيق بخلاصنا ذلك أننا لم نكن لنخلص لو أن الله لم يأخذ طبيعتنا البشرية ليؤلهها. في ذات الوقت يؤكد أثناسيوس لاهوت الروح القدس الذي ينبثق "من الآب بالابن".

3. مؤلفاته
من أعماله العديدة نذكر:
ـ كتابات دفاعية وعقائدية:
ـ الصلاة: ضد الأمم وعن تجسد الكلمة.
ـ 3 كتب ضد الآريوسيين.
ـ التجسد ضد الآريوسيين
ـ رسائل دفاعية: كان الغرض منها صد هجوم الأعداء أو مهاجمتهم:
ـ الرسالة العامة إلى الأساقفة: يحتج فيها على خلعِه (عام 340).
ـ رسالة عن قرارات مجمع نيقيا يدافع فيها عن قرارات المجمع.
ـ الرسالة العامة إلى أساقفة مصر وليبيا (عام 356).
ـ الدفاع الموجّه إلى الامبراطور قسطنطين (عام 357).
ـ تاريخ الآريوسيين إلى الرهبان (عام 358).
ـ رسالة إلى سينودس رميني في إيطاليا وسلوقية (عام 259).
ـ إلى الأنطاكيين (عام 362).
ـ أربع رسائل إلى الأسقف سيرابيون.
ـ كتب تفسيرية ونسكية
ـ شرح المزامير.
ـ عن البتولية.
ـ حياة القديس أنطونيوس التي ترجمت إلى اللاتينية.
ـ الرسائل الفصحية.
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

أغسطينوس الأسقف ومعلّم الكنيسة

agostino.jpg


يُذكر في التقويم الروماني في 28 آب.

1. لمحة عن حياته
فيلسوف وقديس. أحد أهم آباء الكنيسة ومعلِّميها. ابن لأب وثني ولأم مسيحية، في عام 371 انتقل أوريليوس أغسطينوس إلى قرطاجة لدراسة علم البلاغة. وهناك عاش مع امرأة بصفة غير شرعية لمدة خمس عشرة سنة، وجاءه منها ولد دعاهُ "أديوداتو" أي "عطية الله".

2. أفكاره
عندما كان ابن ثمان عشرة سنة، اكتشف ميولهُ الفلسفية عن طريق قراءته لشيشيرون؛ بعدها بوقت قصير صار مانوياً، وهي ديانة من أصل فارسي انتشرت في شمال افريقيا.
منذ عام 373 عمل مدرّساً للقواعد والبلاغة في تاغاست ثم في قرطاجة. انتقل عام 383 إلى روما حيث كان يأمل بحظ أوفر في عملهِ. في عام 384 ذهب إلى ميلانو حيث نال بفضل مساعدة بعض الأصدقاء المانويين، منصب المدّرس الأول لعلم البلاغة.
كانت هذه الخبرة في ميلانو أحدى أهم خبرات أغسطينوس، حيث التقى بأسقف المدينة أمبروسيوس، و تعلَّم منهُ التفسير المجازي للكتاب المقدس واكتشف كتابات الفلاسفة الأفلاطونيين الجدد، وخاصة أفلوطين. كل هذا أسهم في اهتدائه إلى المسيحية. وهكذا صار أغسطينوس موعوظاً عام 385 ونال سر المعمودية عن يدي أمبروسيوس عام 387.
بتعرُّفهِ على الفلسفة الأفلاطونية الجديدة، فهم أغسطينوس تفوُّق الميتافيزيقية المسيحية، لأنها تفسِّر مشكلة الشر على أنها نقص أو غياب في الكيان، دون أن تعتبره جوهراً قائماً بحدِّ ذاتهِ، كما كان يفعل المانويون.
فالفلسفة إذاً هي معرفة الكيان وهي قادرة على أن توضح منطقياً ما يعتبره الإيمان حقائق مطلقة، هذا يكون بجعل قلب الإنسان ذاتهُ مركز البحث الفلسفي: بحسب أغسطينوس الطريق الذي نسلكه في النفس البشرية لنصل إلى حقيقة الإيمان هو درب الخلاص المسيحي. الدوافع الأساسية لهذا الأسلوب هي الذاكرة والزمن.
يتكلَّم أغسطينوس عن هذه الأمور كخبرة شخصية حميمة في كتابه الشهير الإعترافات (397). يقول بأن الذاكرة التي تحفظ الذكريات الماضية، تحفظ أيضاً الحقائق العلمية الأولى (هذا بحسب الفكرة الأفلاطونية القائلة بأن المعرفة هي تذكُّر)، الإحساسات والإنفعالات (التي اتخذت أشكالها الثابتة عبر الزمن وتجرَّدت من قوتها الإنفعالية الأصلية) فصارت هي ذاتها (الذاكرة) مكان حضور الله في النفس البشرية.
هذا الميل لدى أغسطينوس لجعل البحث أمراً يخص داخل الإنسان بصفة أولى، نراه حاضراً أيضاً في فكرته عن الزمن، الذي لا يعتبره أمراً موضوعياً، بل قائماً فقط في روح الإنسان. الماضي، الحاضر والمستقبل هي أمور تُذكَر في ثلاث مظاهر مختلفة للنفس البشرية ذاتها: حاضر الماضي وهو ذكرى الأمور الماضية؛ حاضر الحاضر، وهو حدس الأمور الحاضرة؛ حاضر المستقبل أي توقُّع الأمور المستقبلية.
3. أغسطينوس الأسقف واللاهوتي
عاد أغسطينوس عام 389 إلى تاغاست وتفرَّغ للدرس والتأمل. في عام 391 سيمَ كاهناً وعام 397 أسقفاً على مدينة هيبون، في زمن اتسم بالفوضى السياسية والمنازعات اللاهوتية: حيث كان البرابرة يهدّدون حدود الإمبراطورية، وكانت الكنيسة مهدّدة بالإنقسام بسبب كثرة البدع.
جاهد أغسطينوس بكل قواه لمحاربة المانوية والدوناطية والبيلاجية، وهذا كان دافعاً له ليصيغَ تعليمه الخاص بالخطيئة الأصلية، بالنعمة الإلهية وبالاختيار المسبق.
لقد حاول أغسطينوس أن يجد حلاً وسطاً بين البيلاجية والمانوية فأكد وجود الخطيئة في الإنسان وضرورة تدخُّل نعمة الله من أجل الخلاص، لكنه لم ينفِ دور إرادة الإنسان الحرَّة في قبول النعمة.
4. أعماله
من أعماله العديدة نذكر أهمها:
- الاعترافات: عبارة عن مذكرات شخصية، لا تخلو من الأفكار الفلسفية. يرسم فيها أغسطينوس الطريق العقلاني الذي يؤول بالإنسان إلى الإعتراف بالحقيقة الحاضرة في أعماق كيانهِ، هذه الحقيقة هي الله ذاته.
- مدينة الله (412 - 426): أحد أهم المؤلفات في تاريخ الفلسفة المسيحية؛ وهوعبارة عن مؤَلَّف دفاعي، يقارن بين الحضارة المسيحية وتلك الوثنية. صاغ أغسطينوس في هذا المؤلَّف نظرتهُ اللاهوتية إلى تطور الحضارة الإنسانية، التي يعتبرها "التحقيق في الزمن لمخطط العناية الإلهية". يضم هذا العمل اثنا وعشرين كتاباً: العشرة الأولى هي نقد لتعدُّد الآلهة، أما ما تبقّى فيبحث في نشوء وتطور الكنيسة (مدينة الله) جماعة الأبرار المُخلَّصين.
- الرسائل: وهي مختلفة التأريخ تغطي الزمن من 386 إلى 429.
- حرية الإرادة (388 ـ 395).
- التعليم المسيحي (397 ـ 426).
- في المعمودية ضد الدوناطيين (401).
- في النعمة ضد بيلاجوس (415).
- في الثالوث (399 ـ 419).
- تفاسير كتابية عديدة وخاصة لكتاب التكوين.
 
التعديل الأخير:

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

أغناطيوس الأنطاكي

ignatius.jpg


يُذكر في التقويم الروماني في 17 تشرين الأول

1. لمحة عن حياته
من آباء الكنيسة الشرقية، ثاني أساقفة كرسي أنطاكية وإحدى أهم الشخصيات في تاريخ الكنيسة على الإطلاق. عاش في نهاية القرن الأول وبداية الثاني، وفي حوالي عام 110 م في عهد الامبراطور ترايانوس، حُكِمَ عليه بالموت ملقىً كفريسة للوحوش، فأُسِرَ وقيد من سوريا إلى روما حيث استشهد.
من أقواله:
"أفضل ما يمكن أن تقدموه لي، هو أن تتركوني أُقّدَّم ضحية على مذبح الرب [...] لأنه ارتضى أن يجد أسقف سوريا أهلاً، فأتى به من الشرق إلى الغرب. خير لي أن أغيب عن هذه الحياة لأستقبل شروق حياةٍ جديدة مع الله".
2. رسائله
خلال رحلته من أنطاكية السورية إلى روما حرَّرَ سبع رسائل وهي الكتابات الوحيدة التي وصلتنا منه. وهي موجهة إلى كنائس أفسس، ماغنيزيا، ترالّي، فيلادلفيا وإزمير وروما بالإضافة إلى رسالة موجهة إلى بوليكاربوس أسقف إزمير.
في إزمير، المدينة التي أرسلت موفدين ليسلّموا عليه خلال مروره منها، دوّن رسائله لأفسس وماغنيزيا وترالّي. فيها كتب ليشكر الكنائس لأجل مظاهر الود التي أحاطوه بها خلال سفره، و ليحثّهم على الطاعة لرؤسائهم الكنسيين وليحذرهم من التعاليم المضللة. من هناك أيضاً أرسل أهم رسائله أي تلك الموجهة إلى كنيسة روما، المدينة التي كان متجهاً نحوها، حيث كان يرجو المؤمنين ألا يقوموا بأي تدبير يمنع عنه نعمة الشهادة التي كان يصبو إليها بكل رغبته. لأن الموت بالنسبة له لم يكن سوى بداية الحياة الحقيقية: "كم هو مجيد أن يكون المرء شمساً عند الغروب، قرب الله، ليتني اسمو إلى محضره!" (روما 2 / 2).
من طروادة، حيث وصل إليه نبأ انتهاء الإضطهادات في أنطاكية، بعث رسائله لفيلادلفيا وإزمير، كما بعث من هناك أيضاً بالرسالة إلى بوليكاربوس. تشبه هذه الرسائل في مضمونها تلك المُرسلة من إزمير، ففيها يُظهر أغناطيوس دفاعاً قوياً عن وحدة الإيمان ويطلب من المؤمنين أن يشاركوا اخوتهم في أنطاكية فرح السلام الذي كانوا يرجونه وذلك بإرسال وفد إليها. كما كان يحثهم على أن يكونوا في علاقة وثيقة مع أسقفهم. أما الرسالة إلى بوليكاربوس فتتضمن شرحاً عن كيفية ممارسة الخدمة الأسقفية.

3. أهمية الرسائل

تلقي هذه الرسائل ضوءاً على حالة الجماعات المسيحية الأولى. وهي تجعلنا ندخل إلى أعماق الأسقف الشهيد، المملوءة حماساً وحرارة. وعدا ذلك فهي تُعدّ ذات أهمية بالغة في دراسة تاريخ العقيدة.
4. أصالة الرسائل
في القديم شكك البروتستانتيون كثيراً في أصالة هذه الرسائل. فلم يكن معقولاً بالنسبة لهم أن نجد في عهد ترايانوس تنظيماً كنسيّاً تراتبياً دقيقاً كما تصفه رسائل أغناطيوس. لذلك كانوا يعتقدون بأن هذه الرسائل مزيّفة وتهدف للدفاع عن الأسقفية التراتبية. أما اليوم وبعد الأبحاث المعمّقة التي قام بها كل من لايتفوت (Lightfoot)، هارناك (A. v. Harnack)، زاهن (Th. Zahn) و فونك (F. X. Funk)، لم تعد تشكل تلك الإعتراضات أية أهمية، ولذلك فإن أصالة الرسائل مقبولة بشكل عام من الجميع.
كما أننا نملك بشأنها شهادات معاصرة لها. فقد كتب بوليكاربوس، بعد موت أغناطيوس، في رسالته إلى أهل فيليبي يقول: "كما طلبتم منا، ها إننا نرسل لكم مع هذه الرسالة، رسائل أغناطيوس، تلك التي أرسلها لنا وللآخرين والتي هي بحوذتنا؛ ستجدون فيها فائدة عظيمة، لأنها تحتوي على الإيمان
والصبر وكل بناء يخص ربنا" (فيليبي 13 / 2). يتطابق هذا الوصف تماماً مع ما جاء في رسائل أغناطيوس. من ناحية أخرى يذكر كل من أوريجانوس وإيريناوس الرسائل السبع بأسمائها بحسب ترتيبها التقليدي، كجزء ثابت من التقليد الذي تسلّموه.
5. النسخ المتوفرة
وصلت إلينا رسائل أغناطيوس في ثلاثة أشكال:
أ. النسخة القصيرة: وهي النسخة الأصلية، وهي موجودة باللغة اليونانية فقط وتعود للقرن الثاني، وهي محفوظة في الـ (Codex Medieus Laurentianus). لا نجد في هذه النسخة الرسالة إلى روما، لكنها اكتشفت فيما بعد في نص الـ (Codex Paris. Graec., n. 1457) العائد للقرن العاشر.
ب. النسخة الطويلة: في القرن الرابع للميلاد، قام أحدهم بإدخال إضافات على النسخة الأصلية، ومن الواضح أنه كان قريباً من الأبوليناريين. كما أنه أضاف 6 رسائل أخرى تحت اسم أغناطيوس. نجد هذه النسخة الطويلة في مخطوطات عديدة باليونانية واللاتينية. وقد عُرفت قبل القصيرة. طُبعت باللاتينية عام 1489 وباليونانية عام 1557.
ج. الخلاصة السريانية: نشر كُريتون (W. Cureton) عام 1845 نسخة سريانية تحوي الرسالة إلى أفسس، روما وبوليكاربوس. وكان يعتبرها أصلية. أما لايتفوت (Lightfoot) وغيره فقد برهنوا صحة النظرية القائلة بأنها ليست سوى خلاصة لترجمة سريانية.

6. لاهوته
أ. تحتل فكرة "التدبير الإلهي" المكان المحوري في لاهوت أغناطيوس. فالله يريد تحرير العالم والإنسانية من عبودية أمير هذا العالم أي إبليس. لذلك هيّأ العالم لهذا الخلاص عن طريق الديانة اليهودية بواسطة الأنبياء، الذين كانوا ينتظرون تحقيق الوعود في شخص المسيح.
ب. إن مسيحانية (كريستولوجية) أغناطيوس واضحة تماماً بشأن لاهوت المسيح وناسوته، وهي متأثرة في مجملها بلاهوت يوحنا الإنجيلي: "لا يوجد سوى طبيب واحد، جسدي وروحاني، مولود وغير مولود، الله الصائر جسداً [...] من مريم ومن الله" (إلى أفسس 7 / 2).
حاربَ أغناطيوس بدعة الظاهرية (الدوسيتية) التي كانت تنكر طبيعة المسيح الإنسانية، وبالتالي آلامه: "فإذا كان، كما يقول بعض الملحدين، بأنه لم يتألم إلا في الظاهر، لماذا إذاً أجدني في القيود؟ ولِمَ عليّ أن أرجو مصارعة الوحوش؟ سيكون موتي عبثاً؛ وكل ما قلته عن الرب سيكون كذباً! اهربوا من هذه النباتات الشريرة المستغِلّة؛ فهي تحمل ثمار الموت، فإن ذاق منها أحدٌ يهلك فوراً (إلى ترالّي 10-11 / 1). هم بعيدون عن الإفخارستيا وعن الصلاة لأنهم لا يريدون أن يعترفوا بأن الإفخارستيا هي جسد ربنا المخلص يسوع المسيح، الذي تألم لأجل خطايانا والذي أقامه الآب بصلاحه (إلى إزمير 7).
ج. يسمّي أغناطيوس الكنيسة "مكان الذبيحة" (إلى أفسس 5 / 2؛ إلى ترالّي 7 / 2؛ إلى فيليبي 4). من المرجّح أن هذه التسمية تلمّح للإفخارستيا كذبيحة الكنيسة: "اجتهدوا ألا تشتركوا إلا في إفخارستيا واحدة، ذلك أنه واحدٌ جسد ربنا يسوع المسيح، واحدٌ هو الكأس الذي يوحّدنا بدمه، واحدٌ هو المذبح، كما أنه واحدٌ الأسقف الذي تلتفّ حوله جماعة الكهنة والشمامسة، شركائي في الخدمة" (إلى فيليبي 4).
د. أغناطيوس هو أول من أطلق على الكنيسة صفة "كاثوليكية (جامعة)"، بها يقصد كل جماعة المسيحيين (إزمير 8 / 2).
هـ. يُعتَبَر أغناطيوس أول شاهد في التاريخ عن وجود الدرجات الكنسيّة: الأسقفية، الكهنوت، الشمّاسية. تُظهر رسائله اهتماماً كبيراً بكرامة الأسقف في الكنيسة، فهو يمثّل المسيح في الجماعة، ولهذا تكتسب وظيفته بُعداً روحياً سامياً، فلا يحق لأحد أن يشك في سلطان أسقفٍ ما حتى وإن كان شاباً. فهو معلم الإيمان واتباعه يعني الاحتماء من خطر الهرطقات، كما أنه الحبر الأعظم في الليتورجيا، فبدونه لا يمكن الإحتفال لا بالمعمودية ولا بالإفخارستيا. على نفس الشاكلة يجب على الزواج المسيحي أن يُقام في حضرته.
ز. تقوم نظرة أغناطيوس للزواج على أساس نظرة القديس بولس له، فيرى فيه رمز الرباط الأبدي بين المسيح والكنيسة، لكنه مع ذلك يفضّل البتولية عليه (إلى بوليكاربوس 5 / 2). ح. من خلال مقارنة الرسائل نجد أن أغناطيوس يحتفظ بتكريم خاص لروما، فيدعو كنيستها بـ "المترئسة في المحبة". لقد اختلفت تفسيرات العلماء بشأن هذه العبارة فمنهم من وجد فيها مديحاً لكنيسة روما لتفوقها في أعمال المحبة وآخرون وجدوا فيها تلميحاً إلى أولية كرسي روما.
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

أفرام السرياني
EphrKont.jpg



1. حياته
من أعظم كتّاب وشعراء الشرق المسيحي. قد لُقِّبَ بقيثارة الروح القدس، أفرام هو قديس وأحد آباء ومعلّمي الكنيسة. ولِد عام 306م في مدينة نصيبين (شرقي نهر الخابور)، من أسرة مسيحية. سيمَ شماساً قبل عام 338 م وبقي كذلك حتى وفاتِهِ. أسس المدرسة اللاهوتية في نصيبين. في عام 363 م عندما ترك الامبراطور يوفانوس المدينة في يد الساسانيين، انتقل أفرام إلى الرها (آنذاك تحت الحكم الروماني) وتوفي هناك عام 373.
مع تعاطيه لحياة التصوف، فقد ظل عاكفاً على الكرازة وتفسير الكتاب المقدس وعقائد الإيمان القويم. ألَّف الأناشيد الكثيرة باللغة السريانية، فكانت من روائع الأدب السوري المسيحي رقةً وجمالاً وتفكيراً وتعبيراً. ومازالت تتلى حتى اليوم في الطقس السرياني. امتاز بمديح العذراء مريم. في عام 1920 م أعلنهُ البابا بندكتس الخامس عشر معلماً في الكنيسة.
يحتفل بذكراه في التقويم الروماني يوم 9 حزيران (يونيو)، وفي التقويم البيزنطي يوم 28 كانون الثاني (يناير).

2. أفكاره

يُعتَبَر أفرام شاهداً ممتازاً على تقليد الكنيسة الفارسية التي كان يعرف لغتها. في أناشيده الـ 80 حول الإيمان نجد أن أفرام كانَ بعيداً عن تأثير الفلسفة اليونانية. لذا فلا نتوقع أن نجد في كتبهِ عرضاً منسقاً حول التعليم الصحيح فيما يتعلق بالمسائل العقائدية. كان يرفض العقلانية معتبراً إياها صفة الهراطقة التي كان يحاربهم، لذلك نجده حتى في كلامهِ عن الإيمان شاعراً يستخدم أسلوباً غنياً بالصور. لم يكن يعرف التمييز بين كلمتي "ذات" و"طبيعة". كما أنّه في حديثه عن الروح القدس لا يذكر صراحةً أنه الله رغم أنه لا يشك في مساواتهِ في الجوهر لله الآب.
في حديثه عن مريم العذراء يقول: " جمالك أنت فقط (يا يسوع) وجمال أمّك يفوقان جمال أي مخلوق آخر، وهذا لأنه ليس فيكَ أيّ دنس وليس في أمّك أيّ ظلّ".
بالنسبة للإفخارستيا من الواضح إيمان أفرام بأنها ذبيحة جسد ودم الرب إذ يقول في إحدى وصاياه: "بعد موتي بثلاثين يوماً قدّموا لأجلي الذبيحة المقدسة، فإن الذبيحة التي يحتفل بها الأحياء تعود بالنفع على الأموات".

3. مؤلفاته
لقد ترك لنا أفرام كتابات كثيرة لم تأخذ حقها من الدراسة. كانت كتاباته تدور حول المحور الأخلاقي. الكثير منها تُرجِمَ فوراً إلى عدة لغات منها اليونانية والأرمنية، ومن الجدير بالذكر أن الترجمة اللاتينية قد أُخِذَت عن هذه الترجمات.
من أهم مؤلفاتهِ لدينا الـ 77 نشيد نصيبيني، فيهِ يتحدَّث أفرام أيضاً عن الحوادث أيام الحرب. لدينا أيضاً تفسير كتاب التكوين، الخروج والدياتيسارون. وفي النهاية هناك "وصية أفرام" التي تحوي نواة أصليّة من تأليفهِ، فيها تحياتهِ لتلاميذه قبل وفاته
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

اكليمنضُس الإسكندري
clementealessandrino.jpg


1. حياته
وُلِدَ
تيتوس فلافيوس إكليمنضس سنة 150 م في أثينا. وكانَ في شبابهِ يميل إلى التعمُّق في فلسفات العصر، فانكبَّ عليها حتى أفضى به سعيهُ الدائب للحقيقة إلى اعتناق المسيحية. قام بعدة أسفار زار خلالها جنوب إيطاليا وسوريا وفلسطين، وظلَّ يتنقّل من بلد إلى آخر حتى استقرّ في نهاية المطاف في مدينة الإسكندرية. هناك تعرَّف إكليمنضس إلى بانتينوس مؤسس المدرسة الإسكندرية فانخرط في مدرستِهِ وأضحى اليد اليمنى لمعلّمهِ فذاعَ صيته. ولمّا توفي بانتينوس أسندت إدارة المدرسة إلى إكليمنضس الذي توصَّل إلى مدّ جسر التقارب بين الفلسفة الهلّينية من جهة والمسيحية من جهة أخرى.
في مطلع القرن الثالث وعندما ثار إضطهاد الامبراطور سبتيموس ساويروس ضدّ الكنيسة، إضطرَّ إكليمنضس إلى الهرب إلى قبادوقية، حيثُ حلَّ ضيفاً على تلميذه ألكسندروس الذي صارَ فيما بعد أسقفاً على أورشليم. وقد توفي سنة 215 على الأرجح.

2. كتاباته:
جمعَ إكليمنضس بين الفلسفة والشعر وعلم الآثار والميثولوجيا والأدب، واستشهد بالعهد القديم أكثر من ألف وخمس مئة مرة، وبالعهد الجديد أكثر من ألفي مرة، واستوحى الأدب اليوناني أكثر من ثلاث مئة وستين مرة. وقد أعلن أنه لا تناقض بين الفلسفة الحقيقية والإيمان، معتبراً أن العلوم تخدم علم اللاهوت وأن المسيحية هي تاج جميع الحقائق ومجدها.
أبرز ما وصلنا من مؤلفاتهِ:
ـ التحريض: كان الغرض الأساسي منهُ حَمْل اليونانيين على هجر عبادة الأصنام. جديد هذا الكتاب الدفاعي يتجلّى في اقتناع إكليمنضس بعدم الرد على أصحاب الفتن والسعايات التي كانت تُحاك ضد المسيحية آنذاك.
ـ المربّي: فيهِ ينصرف إكليمنضس إلى تربية كل من اتبع إرشاداتهِ في كتابهِ الأول واهتدى إلى المسيحية.
ـ البُسُط: يحتوي على ثمانية أجزاء تهدف بمجملها إلى توطيد العلاقة بين الإيمان المسيحي من جهة والفلسفة الهلّينية من جهة أخرى.

3. تعاليمه:
لقد كانت فكرة اللوغوس ـ الكلمة كوسيط بين الله والإنسان هي قاعدة مذهبه الفكري، ومع أنّ هذه الفكرة ليست بجديدة إلا أنّ مفهومه لها فاق بكثير أسلافه. في رأيه اللوغوس هو الخالق والمحرّك الأول لظهور العظمة الإلهية في العهد القديم وحتى في الفلسفة اليونانية؛ ولمّا بلغَ ملء الزمان واتّحدت الأرض بالسماء بواسطة تجسده، أزاح الستار عن الغموض الذي كان يكتنف سر الله.
في حديثه عن الكنيسة يشدّد على ضرورة ترسيخ الوحدة بين المؤمنين، لإقتناعهِ بأن الكنيسة هي صورة الثالوث الأقدس على الأرض. وهو يذكر الرتب الكنسيّة الثلاث، الأسقفية والكهنوتية والشموسية، فيشهد بذلك على استمرارية الكنيسة ومدى تفاعلها مع تقليد الرسل ومع تراثها.
يتحدَّث إكليمنضس أيضاً عن أسرار الكنيسة كالمعمودية والتثبيت والإفخارستيا. وهو يؤكّد بأن المناولة الإفخارستية هي اتّحاد بالكلمة ونعمة مجيدة وعظيمة، من يشترك فيها بإيمان يتقدَّس بجسده وروحهِ. أمّا فيما يختص بالتوبة فقد كانَ يعتقد بأنه ليس هناك سوى توبة واحدة بعد المعمودية. وفي حديثه عن الزواج يُفنّد إدّعاءات الغنوصيين الذين كانوا يرفضون الزواج، ويعلّم بأنّه سر شريف ومقدس، يشترك فيهِ الإنسان مع الله بالخلق للحفاظ على استمرارية الحياة.
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

اكليمنضس (كليمنس) الأول

clementeI.jpg

يُذكر في التقويم الروماني في 23 تشرين الثاني

1. لمحة عن حياته

بحسب شهادة إيريناوس في كتابه "ضد الهرطقات" (3 / 3 / 3) اكليمنضس هو ثالث أساقفة روما بعد القديس بطرس وقد عَرَفَ شخصياً القديسين بطرس وبولس.
يخبرنا أوسابيوس القيصري في "تاريخ الكنيسة" (3 / 15 / 34) بأن فترة حبرية اكليمنضس قد بدأت في السنة الثانية عشرة من حكم الإمبراطور دوميطيانوس أي في عام 92 م. بحسب ترتليانوس قد نال سيامته الأسقفية من القديس بطرس نفسه الذي كان في أواخر أيامه. يؤكد إيبيفانيوس هذا الأمر ويزيد عليه نظريةً تحاول التوفيق بينه وبين الخبر القائل بأن اكليمنضس هو ثالث أساقفة روما بعد بطرس، فيعتقد بأن اكليمنضس فضّل أن يترك الحبرية للينوس وقد استعادها بعد وفاة أناكليتوس وذلك "حرصاً منه على السلام".
نظرية أخرى أطلقها روفينوس دي أكويلايا تقول بأن لينوس وأناكليتوس قد مارسا الخدمة الأسقفية على كرسي روما خلال حياة القديس بطرس الذي كان قد تفرّغ للخدمة كرسول للمسيح، وبعد وفاته خلفه اكليمنضس.
كل هذه المحاولات كانت تهدف لأن تحافظ على مكانة اكليمنضس بين أساقفة روما، كشخص قريب جداً من الرسل، لكننا لا نعرف بشكلٍ دقيق مدى صحتها. كما أننا نجهل حياته قبل هذه الفترة. فما يقوله أوريجانوس وأوسابيوس من أن اكليمنضس هو نفسه المذكور في رسالة بولس إلى أهل فيليبي (4 / 3) يفتقر إلى براهين، شأنه شأن من يقول بأنه هو نفسه القنصل تيطس فلافيوس اكليمنضس الذي قُتِل عام 95 أو 96 بسبب انتسابه للمسيحية.
أما عن وفاته فقد تضاربت الأنباء، فبعضها تجعل منه شهيداً في اليونان (
Liber pontificalis) وغيرها تجعل منه شهيداً في كريمايا أو في أنقرة (Passio sancti Clementis).
2. الرسالة لأهل كورنثوس (إقرأ من الرسالة) تُعدّ رسالة اكليمنضس لأهل كورنثوس (حوالي 96) من أهم وثائق المسيحية على الإطلاق، للتعرف على حياة الكنيسة الأولى، على تعليمها وتنظيمها. كُتبت في عهد الإمبراطور دوميطيانوس بهدف وضع حد للخلافات في تلك الكنيسة، فقد قام البعض - على ما يبدو - بالتمرد على السلطة الكنسية وخلعوا الرؤساء الروحيين من خدمتهم، ولم يبقَ إلا عدد قليل من المؤمنين الذي ظلّوا أمناء لتلك السلطة. عن طريق هذه الرسالة حاول اكليمنضس أن يحل المصالحة بين الأطراف ويتفادى الشهادة السيئة التي أدتها هذه الكنيسة أمام الوثنيين.
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

أمبروسيوس أسقف ميلانو
ambrogio.jpg


1. حياته
من أهم معلّمي الكنيسة وآبائها في الغرب. وُلِدَ أمبروسيوس من عائلة رومانية مسيحية. درسَ البلاغة وعمل في حقل السياسة. بقي موعوظاً حتى حادثة تدخلّه لتهدئة الوضع القائم بين المسيحيين والآريوسيين آنذاك بسبب خلافهم في موضوع الأسقف الآريوسي أسينطيوس. بعد هذا نادى بهِ الشعب أسقفاً فنال المعمودية في 7 كانون الأول (ديسمبر) 374 م وبعدها بأسبوع سيمَ أسقفاً.
انكب أمبروسيوس على دراسة الكتب المقدسة والآباء اليونان وخاصة
أوريجانوس وباسيليوس، بالإضافة إلى الفيلسوف اليهودي فيلون الإسكندري. ساهم بشكل فعّال في اهتداء القديس أغسطينوس حيث منحه سر المعمودية عام 386 م.
في سنوات خدمتهِ كانت البدعة
الآريوسية شغله الشاغل. كان مؤمناً بأن الكنيسة الكاثوليكية هي الوحيدة التي لها حق الوجود الشرعي: لهذا تدخّل ليمنع الرومان غير المسيحيين من أن يضعوا تمثال النصر في صالة الشيوخ (384). كما أنكر على الآريوسيين حقهم في بناءِ كنيسة لهم في ميلانو (386). في الحقل الرعوي شجّع كثيراً تكريم الشهداء والحياة الرهبانية للذكور والإناث. توفي عام 397 م.
يُحتَفَل بذكراه في التقويم الغربي يوم 7 كانون الأول (ديسمبر)
2. أفكاره
كانت أفكار أمبروسيوس اللاهوتية تستند إلى قاعدتين هما الكتاب المقدس ومجمع نيقيا. كان بارعاً في جمع اللاهوت الشرقي (أوريجانوس، أثناسيوس، باسيليوس) مع الغربي (ترتليانوس وهيلاريوس). في التعليم حول الثالوث كان يدافع عن وحدة الذات الإلهية والتمييز بين الأقانيم الثلاثة: "الآب هو مصدر وأصل الابن؛ الابن هو مصدر الروح القدس". في المسألة الكريستولوجية كان أمبروسيوس يجادل بشدّة الظاهريين والأبوليناريّين، وكان يعبّر عن اتّزان كامل في تعليمهِ فيميِّز في المسيح طبيعتان وإرادتانِ، دون أن يمسّ بوحدة شخصهِ الإلهي، تماماً كما علّمت المجامع المسكونية اللاحقة. لقد كانَ تعليمهُ واضحاً أيضاً بشأن العذراء مريم فكان يدعوها "أم الله"، وكان يعترف بدورها الخاص في تدبير الخلاص وببتوليتها بعد الولادة. لكن فيما يخص الحبل بها بلا دنس الخطيئة الأصلية فلا يذكر أي شيء.
في شرحه للكتاب المقدس كان يهتمّ بإبراز قيمة العهد القديم، فقد كانت معظم أعماله تهتم بشرحه. كان ينطلق من النقطة القائلة بتوافق العهدين القديم والجديد فيما يخص المسيح. وكان في شرحهِ يميل إلى استخدام الطريقة الرمزية التمثيلية وذلك لسبب تأثره بأوريجانوس وأفلاطون.
إضافة إلى هذا كان أمبروسيوس مهتماً بالناحية الأخلاقية من الحياة المسيحية، فكان يؤكد على أن الإنجيل يتطلّب من المؤمن الإهتمام بالواقع الإجتماعي لمساعدة الفقراء وإغاثة المظلومين والدفاع عنهم ضدّ أنانية الأغنياء والعظماء. في هذا أظهر أمبروسيوس أن تعليمه مازال واقعياً وعملياً في أيامنا هذه.

3. مؤلفاته
إن معظم أعمال أمبروسيوس جاءت ثمرة إهتمامه بالعمل الرعوي والوعظ. فقد كان رجلاً عملياً وواقعياً بعيداً عن المماحكات العقائدية.
كتب تفسيرات كتابية تتعلق كلها بالعهد القديم، عدا كتاباً واحداً وهو "شرح إنجيل لوقا". أمّا فيما يتعلق ب
العقيدة فقد كتب أمبروسيوس حول الثالوث والكريستولوجيا. له أعمال هامة جداً في تاريخ الليترجيا والأسرار. له أيضاً أعمال أخلاقية وتقشّفيّة تتحدث بشكل خاص عن منافع البتولية في سبيل ملكوت الله.
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

أنطونيوس الكبير
antonioilgrande.jpg


أول راهب معروف في تاريخ المسيحية. أنطونيوس هو ابن عائلة غنية مالكة لعدة أراضٍ، بعد أن تيَتَّم، وزَّع كل ما له على الفقراء واعتزل الحياة العامة ليعيش متزهداً.
جمع حوله تلاميذ عديدين، تحولوا فيما بعد إلى مجموعات رهبانية، حيث كان يُترَك لكل راهب مجالاً من الحرية في تنظيم حياته الروحية تحت إشراف أحد الشيوخ.
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

أوريجانوس
origene.jpg


1. حياته
ولد حوالي عام 185م من عائلة مسيحية صالحة، وقد أظهَرَ منذُ حداثته اهتماماً بالغاً بالدين.

مات أبوه شهيداً عام 202/203م تحت اضطهاد الامبراطور سيبتّيموس سيفيروس. كان مازال شاباً عندما سَلَّم إليهِ أسقف الإسكندرية آنذاك ديميتريوس مدرسة الموعوظين، بسبب الحاجة إلى معلمين بعدَ عواقب الاضطهاد. كانت هذه فرصةً رائعة لأوريجانوس للبدء بدراسة الكتب المقدسة والفلسفة.
إبان إقامتهِ في الإسكندرية أرسلَ حاكم بلاد العرب في طلبهِ ليلقّنهُ أصول الديانة المسيحية، فلبّى النداء وأتمَ مهمَّته وفي طريق عودتهِ عام 230
م عرج إلى فلسطين وبينما كان في مدينة القيصرية نال الدرجة الكهنوتية من ثيوكتيستوس أسقف تلك المدينة، كان هذا سبباً لمشكلة كبيرة وصلت أصداؤها حتى روما، بسبب قبوله الدرجة الكهنوتية دون إذنٍ مُسبَق من أسقفهِ ديميتريوس، الذي عقد سينودسيَن ومنعهُ على إثرهما من التعليم ومن الإقامة في الإسكندرية، وقد ثبَّت البابا بونتيانوس هذا التدبير، ذلك أن أوريجانوس كان قد ارتكب خطأً فادحاً في خَصْي ذاتهِ، مُفَسراً بشكل حرفي ما ورد في مت 19/12. لكن من المحتمل أن هناك أسباباً أبعد من ذلك، تتعلَّقُ بصحة تعليمهِ.
بسبب هذه الأحداث انتقل أوريجانوس ليعيش في القيصرية تحت ظل الأسقف ثيوكتيستوس، حيث باشر بتأسيس مدرسة لاهوتية على شاكلة تلك التي كان عمل بها في الإسكندرية، بمساعدة صديقهِ أمبروسيوس الذي كان
غنوصياً قد اهتدى إلى الإيمان. وأمضى أوريجانوس الباقي من حياتهِ هناك حيث علَّم ووعظ.
خلال اضطهاد الامبراطور داسيوس (249 ـ 251
م) سُجِنَ وعُذِّبَ بسبب الإيمان، ثم خرج حياً لكن لم يدم طويلاً فتُوفي عام 253م.

2. كتاباته:
لم تشهَد المسيحية في تاريخها رجلاً غزير الإنتاج نظير أوريجانوس. فقد طرق كل المجالات الفكرية من شرح للكتاب المقدس وتفسير العقائد ودحض البدع. فأبيفانوس أسقف سلمين ينسب إليهِ ستة آلاف مجلّد وأوسابيوس ألفين. بيد أن هذه الأرقام الخيالية تبقى موضوع تساؤل.
من أهم كتبهِ في شرح الكتاب المقدس "السداسي" و"السخولية" و"الفيلوكالية". أما في مجال الدفاع عن الإيمان فلدينا "الرد على كِلس". في الحقل العقائدي تفرَّد أوريجانوس في مؤلفاتهِ وكان أول لاهوتي أقحم الفكر المسيحي في قالبٍ منهجي منظَّم فترك لنا "الحوار مع هراقليذس" و"حول القيامة" و"كتاب البسط".
وهنالك كتابات أخرى لأوريجانوس مثل: "رسالة في التحريض على الإستشهاد" يدعو فيها كل مسيحي إلى التمسُّك بإيمانهِ حتى ولو أدى ذلك للإستشهاد، و"رسالة إلى تلميذه غريغوريوس العجائبي" يحثه فيها على الأخذ من الفلسفة اليونانية بما هو مفيد للمسيحية، مع التشديد على أولية الأسفار المقدسة كمرجع أول لك مسيحي، و"وسالة إلى يوليوس الأفريقي" وهي دراسة عن قانونية بعض الفصول اليونانية من سفر دانيال النبي.
3. تعاليمه:
تأثر أوريجانوس بالفلسفة الأفلاطونية فاستعارَ تحديد أفلاطون للكائن البشري المركَّب من ثلاثة عناصر، الجسد والنفس والروح، وطبَّقه على تفسير الكتاب المقدس بقولهِ أن للكتاب ثلاثة مفاهيم: المفهوم الحرفي والمفهوم الأخلاقي والمفهوم الروحي. وقد كان أوريجانوس أول من ابتكر علم التأويل والإستعارة محمّلاً النصوص الكتابية أبعاداً ورموزاً جديدة لا مثيل لها.
بالنسبة للعقيدة الثالوثية فقد شدَّد على المساواة بين الآب والابن لكنه كان يعتبر الروح القدس أدنى مرتبة من الابن. لا شك أن هذا يخالف العقيدة المسيحية كما أعلنت في المجامع المسكونية، لكن لا يغب عن بالنا بأن العقيدة المسيحية كانت في تلك الآونة تتلمَّس طريقها لتجد صيغة تسبك فيها الأسرار المسيحية على أساس سليم.
في مجال علم المسيح (الكريستولوجيا) فقد ابتكر أوريجانوس مصطلحات ما نزال نستعملها في أيامنا هذه مثل "طبيعة" و"جوهر" و"مساوٍ في الجوهر" و"إله ـ إنسان". وقد لعبت هذه العبارات في النقاشات اللاهوتية دوراً مهمّاً خلال القرنين الرابع والخامس الميلادي.
من التعاليم الجديدة التي أنشأها أوريجانوس هي فكرة "الإصلاح النهائي الشامل". فهو يقول بأن الشرَّ بما أنه عنصر من عناصر العالم فهو زائل لا محالة، ولذلك فإن العالم مدعو برمتهِ إلى الخلاص الشامل. هذه النظرية مرتبطة بنظرية الوجود السابق للنفس، ككائن روحي، حكم عليها أن تعيش في الجسد كعقاب لها على خطيئة ارتكبتها. فالإصلاح النهائي هو إذاً إعادة الصورة القديمة للنفس إلى أصلها بمعونة المسيح مخلص العالم. لم تقبل الكنيسة هذا التعليم وشجبته في المجمع المسكوني الخامس (القسطنيطينة الثاني) وحكمت على أتباعهِ.

 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

أوسابيوس القيصري
eusebio.jpg


1. حياته
مفسِّر ومؤرِّخ كبير للعصور المسيحية الأولى. وُلِدَ أوسابيوس في فلسطين ودرس في مدينة القيصرية على يد بانفيلوس وقد استخدم المكتبة الكبرى التي تركها أوريجانوس. كان لإضطهاد الإمبراطور ديوقلاطيانوس (303 ـ 310) أثراً كبيراً في حياتهِ، فقد سُجِنَ على اثره فترة في مصر كما أنَّ معلّمه قد توفيَ بسبب هذا الإضطهاد.
في عام 313 م أقيمَ أسقفاً على مدينة القيصرية وقد أُنعِمَ عليهِ برؤية الحقبة القسطنطينية حين نالت الكنيسة حرية التعبير عن إيمانها. في عام 325 م شارك في
مجمع نيقيا الأول حيث ألقى الكلمة الإفتتاحية وفيها عبَّر عن قبولهِ لقانون إيمان القديس أثناسيوس، إلا أنهُ أظهرَ ميولاً آريوسية في سينودوسي أنطاكية وصور. كان قريباً بشكل دائم من البلاط الملكي. توفي عام 339 م.

2. أفكاره

لقد كان أوسابيوس رجلاً ذا ثقافةٍ واسعة، هذا واضح من خلال أعماله الدفاعية والتاريخية. وبالرغم من محدوديّة هذه الأعمال إلا أن بدونها يصعب علينا جداً معرفة الثقافة القديمة وتاريخ الكنيسة في القرون الثلاثة الأولى.
بالنسبة للعقيدة الثالوثية تأثر أوسابيوس بشكل كبير بأوريجانوس، إلا أن فكره يميل أكثر إلى البساطة. هو يعتقد بأن الآب هو وحده الله العليّ والأزليّ، بينما الابن ـ الكلمة هو "إلهٌ ثانوي" تابع للآب وأما الروح القدس فهو نعمة مخلوقة. وبالرغم من رفضه لبدعة آريوس التي تنكر ألوهية الابن إلا أنه يرى في تعبير "مساوٍ للآب في الجوهر" الذي صاغه مجمع نيقيا خطر
الصابلية الشكليّة.
في الكريستولوجية يرى أوسابيوس في الكلمة المتجسِّد "معلّم الحقيقة"، لكنهُ يتحفَّظ كثيراً في موضوع كمال طبيعته البشرية.

3. مؤلفاته
كتب أوسابيوس العديد من الأعمال التاريخية نذكر منها
ـ التقويم: عبارة عن تاريخ العالم وقد نُشِرَ عام 303 م.
ـ القوانين الإنجيلية: وهو نظام مَراجع للأناجيل، فقد حسَّنَ أوسابيوس من خلال هذا العمل ما كان قد قام بهِ اللاهوتي الإسكندري أَمّون في القرن الثالث.
ـ التاريخ الكنسي: سرد فيهِ تاريخ الكنيسة من بدايتها وحتى عام 324 م.
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

إيريناوس أسقف ليون
ireneodilione.jpg

يُذكر في التقويم الروماني في 28 حزيران

1. لمحة عن حياته
إيريناوس هو قديس وأحد آباء الكنيسة، وواحد من أهم لاهوتيي القرن الثاني الميلادي، ولد على الأرجح بين عام 140 و160 م في مدينة إزمير. تلميذُ للقديس بوليكاربس. ترك آسيا الصغرى لأسباب مجهولة وذهب إلى غالية. كان كاهناً في مدينة ليون على أيام الإمبراطور مرقس أوريليوس. أُرسل إلى روما ليحصل على إيضاحات بشأن مشكلة المونتانية وبعد عودته منها بين عام 177 و 178 م أقيم أسقفاً على ليون خلفاً لأسقفها الشهيد فوتينوس. عندما حرم البابا فيكتور الأول أساقفة آسية الصغرى بسبب الخلافات الفصحية، قام إيريناوس بحثّهم على المصالحة. يقول عنه أوسابيوس بأنه عاش فعلاً ما يعنيه اسمه أي "صانع السلام" (تاريخ الكنيسة 5 / 24 / 17). في صراعه ضد الغنوصية، نجح إيريناوس في هدايةِ الكثير من أهل المنطقة إلى المسيحية. عن باقي حياته لا نعرف شيئاً أكيداً. بالنسبة لوفاته يخبرنا كل من جيروم وغريغوريوس دي تور بأنه استُشهد خلال عهد الامبراطور لوسيوس سيبتيموس سيفيروس نحو عام 202 م، لكن هناك بعض الشك في صحة هذا الخبر.
2. كتاباته
لم يبقَ لدينا من كتاباته العديدة بلغته الأم (اليونانية) سوى مؤلَّفين. أحدهما يُعتبر الأهم وعنوانه المتداول "ضد الهرطقات"(Adversus haereses)، كتبه تفنيداً للغنوصية يفضح به هذه البدعة. ومما ساعده على ذلك فضلاً عن حماسه الديني هو معرفته الواسعة للتقليد المقدس الذي استلمه من بوليكاربوس ومن باقي تلامذة الرسل. ومع أنه تصعب قراءة المؤلَّف بسبب أسلوبه المعقّد أحياناً والمليء بالإعادات إلا أن إيريناوس نجح في تقديم صورة واضحة عن عقيدة الكنيسة ولاهوتها القديم.
حتى عام 1904 لم نكن نعرف من المؤلَّف الثاني سوى عنوانه: "برهان تعليم الرسل" (تاريخ الكنيسة لأوسابيوس 5 / 26)، لكن في ذلك العام اكتُشفَت ترجمة أرمنية لهذا الكتاب ونُشرت عام 1907. يتكلم الكتاب عن الحقائق الأساسية في المسيحية: الأقانيم الثلاثة، الخليقة، خطيئة الإنسان، تجسّد الله والفداء. يبرهن الكاتب عن صحة هذه العقائد بإستشهاده من كتب العهد القديم.
3. لاهوته
هناك سببان جعلا من إيريناوس أحد أهم لاهوتيي القرن الثاني: الأول هو كشفه لزيف بدعة الغنوصية والثاني هو أنه أول مَن عبَّر عن التعليم المسيحي بطريقة عقائدية:
أ. يؤكد إيريناوس بأن الله الواحد هو نفسه خالق العالم وأبو الكلمة (اللوغوس). هو لا يشرح العلاقة بين الأقانيم الإلهية، إلا أنه مقتنع تماماً بأن تاريخ الخلاص يُثبتُ وجودهم منذ الأزل. إن كلمات سفر التكوين: "لنصنع الإنسان على صورتنا كمثالنا" (تك 1 / 26) لموجّهة من الله الآب إلى الإبن والروح القدس اللذين يشبههما إيريناوس بيدي الله الآب، التي صنع بهما العالم.
ب. يصف إيريناوس ولادة الإبن من الآب بالأمر الذي لا يُدرك ولا يُوصَف ويقول: "أظهر الله نفسه بواسطة الإبن الذي هو في الآب والذي فيه الآب" (3 / 6 / 2).
ج. تحتل فكرة "الجمع تحت رأس واحد" (avnakefalai,wsij) المركز المحوري في مسيحانية إيريناوس وبالتالي في كل فكره اللاهوتي. اتّخذ هذه الفكرة من القديس بولس (أف 1 / 10) وطوّرها: فمن خلال عمل الله الذي يجمع كل خليقته تحت رأس واحد هو المسيح، تتجدّد الخليقة وتمحى آثار عصيان آدم الأول لأن آدم الثاني (المسيح) قد صارع الشرير وغلبه فجدَّد كل شيء.
د. لقد أثرت الفكرة السابقة في نظرة إيريناوس لمريم العذراء. ومع أن يوستينوس كان أول من قارن بين حواء ومريم إلا أن إيريناوس تعمّق أكثر في هذه المقارنة: كما أن الخليقة سقطت بعصيان إمرأة (حواء) هكذا تنجو بطاعة إمرأة (مريم) لأنها ولدت آدم الجديد، لذا تستحق أن تُدعى "محامية حواء"، وهي بالحقيقة أم الخليقة الجديدة.
هـ. نجد أيضاً مفهوم الكنيسة (إكلسيولوجيا) متأثراً بفكرة "الجمع تحت رأس واحد": فالله قد أراد أن يحقق ويكمل في الكنيسة عمله الإلهي بأن يجمع الكل تحت رأس واحد هو المسيح.
من جهة أخرى يعتبر إيريناوس أن مصدر الإيمان الحق هو تعليم الرسل الثابت
. وهو يعرض الإيمان المسيحي متّبعاً قانون إيمان الرسل بحذافيره. لهذا فإن الكنائس المؤسَّسة من قِبَل الرسل هي وحدها القادرة على حفظ الإيمان القويم، فخلافة الأساقفة غير المنقطعة تضمن لها عدم الحياد عن التعليم الصحيح. هذا تماماً ما يفتقده الهراطقة.
و. في حديثه عن الإفخارستيا يؤكد إيريناوس حضور جسد ودم المسيح فيها، ومنها يستنتج قيامة الجسد: "بما أن الكأس الممزوج بالماء والخبز المصنوع ينالا إفخارستيا دم وجسد المسيح، فيمنحا جسدنا غذاءً ودعماً، فكيف يقول البعض أنه لا يمكن للجسد أن يقتبل عطية الله أي الحياة الأبدية؟!".
ز. يحتوي قانون العهد الجديد حسب إيريناوس على: الأناجيل الأربعة، رسائل بولس، أعمال الرسل، رسائل ورؤيا يوحنا، رسالة بطرس الأولى وكتاب راعي هرماس. يعتبر هذه الكتب ملهمة على مثال كتب العهد القديم وللكنيسة الكلمة الحاسمة في تفسيرها ذلك أنها "أشجار مزروعة في حديقة الكنيسة".
ح. في ما يتعلق بالإنسان يعلِّم إيريناوس بأنه مؤلَّف من جسد ونفس وروح. فالروح (وهنا من الصعب تحديد طبيعته: أي إن كان المقصود به روح الله أم روح الإنسان!) هو الذي يجعل الإنسان كاملاً. إلا أنه في تفنيده فكرة الغنوصيين القائلة بأن النفس خالدة بطبيعتها وبمعزلٍ عن سيرتها الأخلاقية ذهب إيريناوس إلى حد القول بأن النفس ليست خالدة بطبيعتها بل بسبب سيرتها الأخلاقية الصالحة!.
ط. إن لؤلؤة إيريناوس الحقيقية في لاهوته حول الخلاص (سوتِريولوجيا) هو تأكيده بأن كل إنسان بحاجة للفداء وقابل له. فبعد خطيئة أبوينا الأولين فَقَدَ الإنسان صورة الله فيه، لكن خلاص المسيح جدَّدَ فيه هذه الصورة.
في حديثه عن الخلاص يتحاشى إيريناوس استعمال تعبير "تأليه"
%qeopoi,hsij$ ويستعمل بدلاً منه تعبير "المشاركة في مجد الله"، فقد كان حريصاً على عدم إلغاء الحدود بين الله والإنسان كما كانت تفعل بعض الديانات الوثنية والغنوصية
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

بوليكاربس أسقف ازمير
policarpodismirne.jpg

يُحتَفَل بذكراه في التقويم الروماني يوم 23 شباط.

من وجهاء المسيحيين، آخر آباء الكنيسة الرسوليين، قديس وشهيد.
أُقيم اسقفاً على
ازمير - بحسب شهادة تلميذه إيريناوس - من قِبَل القديس يوحنا الإنجيلي.في عام 155 م مثَّل كنائس آسيا الصغرى في روما خلال اللقاءآت مع البابا أنيقيطوس والتي نوقش فيها تاريخ عيد الفصح.استُشهِدَ حرقاً في ازمير عن عمر يناهز السابعة والثمانين.
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

تاتيانوس السوري
ولد في سوريا من عائلة وثنية، وبعد بحث شاق اعتنق المسيحية معتبراً إياها الفلسفة الحقيقية الوحيدة.
جرى اهتداؤه على الأرجح في روما حيث تتلمذ على يد يوستينوس، لكن خلافاً لمعلمه رفض بشكل قاطع الفلسفة اليونانية ومظاهر الحضارة والفن والعلم الاغريقي.
بعد عودته إلى الشرق (حوالي عام 172 م) أسس بدعة"المتزهِّدين" وهي واحدة من سبع هرطقات مسيحية، كانيرفض الزواج معتبراً إياه زناً، ويمنع أكل اللحوم بأي شكل من الأشكال؛ وقد وصل إلى حد إبدال الخمر بالماء في الاحتفال الافخارستي. أمّا عن تاريخ وفاته فلم يردنا أي خبر.
من كتاباته الباقية "الحوار مع الاغريق" الذي كان يستخدمه كدعوة للإنضمام إلى مدرسته؛ والـ "دياتيسّارون" وهو عبارة عن نص وحيد جمع فيهِ الأناجيل الأربعة ويُعتبر أهم أعمال تاتيانوس. هذا النص استُخدِم من قِبَل الكنيسة السريانية حتى القرن الخامس.
في عام 1934 اكتشفت بعثة أمريكية في"دورا أوروبوس" (صالحية الفرات في سوريا) قطعة من هذا المخطوط وهو باللغة اليونانية. وكان قد تُرجِم إلى عدة لغات منها اللاتينية والأرمنية والعربية. وقد علَّق عليه القديس أفرام السرياني (القرن الرابع الميلادي).
وهناك عدة كتابات أخرى لتاتيانوس ولكنها قد فُقِدَت جميعاً
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

ترتليانوس
tertulliano.JPG


1. سيرته
هو كوِنتوس سيبتيموس فلورنس ترتليانوس، ابن قائد مئة روماني، درس الحقوق ومن المحتمل بأنه عمل كمحامي في روما.
بين عامي 190 و 195 في أثناء وجوده في روما أثّرت فيهِ شجاعة الشهداء المسيحيين، فإعتنق المسيحية ثم رحل إلى اليونان وربما إلى آسيا الصغرى. عاد عام 197 إلى قرطاجة حيث تزوَّج. بحسب شهادة
جيروم، سيمَ ترتليانوس كاهناً في كنيستهِ المحليَة، لكنه في كتاباتهِ لا يذكر هذا الأمر لا من قريبٍ ولا من بعيد.
أصبح عام 207 داعيةً
للمونطانية، إحدى الفرق التي كانت تدعو إلى حياة تقشُّفية متشدّدة، والتي اعتبرتها الكنيسة فيما بعد بدعة. بعد عام 220 لم تصلنا عنهِ أية معلومات.
كان ترتليانوس في زمنهِ أحد أكثر دعاة المسيحية حماساً. لديهِ كتابات لاهوتية عديدة، وصلنا منها 31 كتاباً في الإيمان والدفاع عن العقيدة ضد الهراطقة والأخلاقيات المسيحية.
أثر ترتليانوس بشكل كبير في آباء الكنيسة بالأخص الآباء الغربيين، وخصوصاً
كبريانوس. وقد كان علَّامةً في اللغتين اليونانية واللاتينية، فكان أول من كتب عن اللاهوت باللاتينية، وفي هذا المجال لا يمكن أن يُنسى بأنهُ أول من صـاغَ كلمة ثالوث (Trinitas) وأدخَل كلمة أقنوم (Persona)، وأوضح بعض المفاهيم الثالوثية والكريستولوجية.
2. من أهم أعمالهِ
ـ المنافحة (أو الدفاع عن التوحيد: Apologeticus)، وهو عبارة عن دفاع عن المسيحية ضد الاتهامات التي كانت توجَّه إليها مِن قِبل الوثنيين.
ـ في تحديد الهراطقة (De prae******ione haereticorum)، وفيهِ يوضِّح كيف أنه للكنيسة وحدها الحق في تحديد عقائد الإيمان القويم وماهي الهرطقات.
ـ في المعمودية (De Baptismo).
ـ في الصلاة (De Oratione).
ـ في التوبة (De Poenitentia).
ـ في الطهارة (De Pudicitia).

3. لاهوته
قد اتّسمَ فكر ترتليانوس اللاهوتي بالدفاع ضد الغنوصية، فكان بذلك تلميذاً لإيريناوس أسقف ليون، مما يجعلهُ يؤكد وحدة الكتاب المقدس كعهدين (ضد مَرقِيون)، أهميةإيمان الكنيسة في تأويلهِ، وفوق كل شيء حقيقة "جسد" المسيح، أي ولادته الحقيقية، موته وقيامتهُ، ضد كل محاولات التفسير الرمزيّة أو الظاهرية.يبرز دور ترتليانوس مهماً في تتبُّع أشكال ممارسة سر التوبة في تاريخ الكنيسة. إن كتابه "في التوبة" (De Poenitentia)الذي ألَّفهُ بينما كان مايزال في حضن الكنيسة، كان يحث الخطأة على التوبة في الكنيسة، حيثُ كان يعتبرها فرصة تمنح لمرَّة واحدة فقط، وقد كان يُشـدّد على موضوع الاعتراف العلني (exhomologesis)، أما في كتابهِ الذي ألفه في الفترة بعد اعتناقهِ المونطانية، فقد كان يعتبر بأن الخطايا هي مقسمة إلى نوعين: خطايا عرضية وهي الخطايا القابلة للغفران، وخطايا لا تُغتَفر أي الزنى والقتل والإجحاد. وكان يعتقد بأن غفران الخطايا هو قدرة أعطاها الله فقط للأشخاص الروحيين، وليس للأساقفة.وقدكان ترتليانوس كجميع المونطانيين يقول بأنه على المسيحيين أن يقبلوا بالإضطهاد وألا يُظهروا أية مقاومة أو محاولة للدفاع عن النفس أمام الشهادة.
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

جيروم (هيرونيمس)
girolamo.jpg


1. حياته
قديس ومعلّم في الكنيسة. وُلِدَ جيروم في دَلماطية نحو عام 347 م. درس الآداب في روما حيث نال أيضاً المعمودية. في تريفيتي عرَفَ حركة المتوحدين فترك كل شيء ليدخل فيها هو وبعض أصدقاءه. بعد ذلك انتقل إلى أنطاكية حيث عاش خبرة البريّة ودرس العبريّة واليونانية. ثم سيمَ كاهناً.
في عام 381 م نجده في القسطنطينية وبعدها في روما حيث جعله البابا داماسيوس الأول سكرتيره الخاص. لقد كان إنساناً ذو سيرةٍ متقشّفة جعلت بعض النسوة التقيّات يتبعنهُ في طريقة حياتهِ ومن ثم قدمن معه أيضاً إلى بيت لحم بعد وفاة البابا داماسيوس، حيث مكث إلى وفاتهِ.
في بيت لحم إنصرف إلى الدراسات الكتابية، من إعادة النظر في ترجمات الكتاب المقدس بعهديه، فقام بالترجمة اللاتينية الشائعة (فولجاتا) التي تبنّاها المجمع التريدنتيني في الغرب فكان لها تأثير بعيد في الترجمات الغربية للكتاب المقدس.
في بيت لحم أيضاً واجهَ جيروم مناظرة
أوريجانوس التي وقف فيها موقفاً مناوئاً له بعد أن كان معجباً به، إلى جانبهِ وقفَ أيضاً ثيوفيلُس بطريرك الإسكندرية وأبيفانيوس أسقف سلامين قبرص.
توفيَ نحو عام 420 م.
يُحتَفَل بذكراه في التقويم الغربي يوم 30 أيلول (سبتمبر).

2. أفكاره

اكتسب جيروم أهمية خاصة كمفسِّر للكتاب المقدس، فإنَّ مهارته اللغوية جعلتهُ يدرس النصوص المقدسة بلغاتها الأصلية. لقد كان يهتم بالتفاصيل الصغيرة أكثر من اهتمامهِ بالقضايا الكبرى. وقد تبع في تفسيره المعنى التاريخي ـ الأدبي للنص ومنهُ كان يشتق المعنى الروحي.
لقد قيل بأن جيروم قد أخذ عن
أوريجانوس المعنى الثلاثي للكتاب المقدس. إلا أنه في الحقيقة يميّز بين معنيين: "المعنى الأدبي" و"المعنى الروحي"، هذا الأخير كان يدعوه أيضاً المعنى الرمزي، الأخلاقي والصوفي.
لقد كان جيروم متزناً في تحليله للنص الكتابي ولم يقع في فخ الإنحياز لأحد المعنيين على حساب الآخر. إن محبتهُ العظيمة لكلمة الله جعلتهُ يؤكد بأن "جهل الكتاب المقدس يعني جهل المسيح".

3. مؤلفاته
يكمن عمل جيروم الرئيسي في إعادة ترجمة الكتاب المقدس من اللغة العبرية إلى اللاتينية. هذا لأن الترجمات اللاتينية التي كانت شائعة آنذاك كانت قد اتّخذت الترجمة اليونانية السبعينية مرجعاً لها، فجاءت ذات إنشاء ركيك وحرفي. لقد حظيَ هذا العمل بموافقة البابا داماسيوس إلا أنهُ لم يخلُ من الصعوبات وخصوصاً في ما يتعلّق بتلك النصوص التي كانت تستخدم بشكل متواتر في الليترجيا اللاتينية، فعلى سبيل المثال لم يستطع جيروم أن يدخل ترجمة جديدة لكتاب المزامير، فكل ما فعلهُ هو إعادة تصحيح بعض الأمور فيهِ.
إلى جانب هذا العمل الضخم كانت هناك أعمال أخرى لا تقل أهمية منها قاموس الأسماء الكتابية والأصول اللغوية وتفسيرات كتابية اعتمد فيها بشكل كبير على أوريجانوس رغم أنهُ وقف ضدّه في الأمور العقائدية.
كتب جيروم أيضاً سيرة بعض القديسين المتوحّدين وبعض الكتب الدفاعية ضدّ من كان ينقد حياة التوحُّد. إضافة إلى هذا ترك لنا جيروم 150 رسالة.
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

غريغوريوس الأول، البابا
(غريغوريوس الكبير)

G.Magno.jpg


ابن عائلة غنية من النبلاء، بعد أن دخل الحياة السياسية وأصبح والِ على المدينة، ترك غريغوريوس الأمجاد الأرضية، وصارَ راهباً محولاً دارهُ لديرٍ مكرس للقديس أندراوس.
عام 579 م سيم شماساً من قِبَل البابا بيلاجوس الثاني، الذي أرسله إلى القسطنطينية كسفير باباوي لدى الامبراطور طيبيريوس الثاني ( 582)، حيث بقي ست سنواتٍ.
بعد عودتهِ إلى روما وانكبابه من جديد على الحياة الرهبانية، انتُخِبَ عام 590 م اسقفاً لروما كخلفٍ لبيلاجوس الثاني الذي كان قد مات بالطاعون.
تميَّز غريغوريوس الأول بقدرة كبيرة في قيادة الكنيسة وفي العلاقات الدبلوماسية، حيث أرسى قواعد الدولة الباباوية التي نشأت فيما بعد، مع هذا كلهُ كان إنساناً متسماً بحياةٍ روحية عميقة. ساعد غريغويوس الفقراء وأسهم في إصلاح الليترجيا. له تنسب الترانيم الغريغورية الشهيرة، حتى لو أنه لم يقم هو ذاته بتأليفها.
ترك لنا كتابات هامة منها:
ـ أربعة عشر رسالة.
ـ عظات مختلفة.
ـ شروحات كتابية.
ـ قانون الرعاة (الذي أصبح فيما بعد المصدر الأهم في تنشئة الاكليروس، في جميع العصور الوسطى).
ـ حياة بعض القديسين ومنها حياة القديس بنديكتس.

يذكر التقليد بأن غريغوريوس قد أُعلِن عند موتهِ قديساً من قِبَل الشعب بطريقة الهتاف، أي قبل أن تعلنهُ السلطة الكنسيّة. وهو أحد معلّمي الكنيسة.
يحتفل بذكراه في الكنيسة الغربية يوم 3 أيلول (سبتمبر).
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

غريغوريوس النازيانزي
g.nazianzeno.jpg


قديس من آباء الكنيسة ومعلميها. وُلِد من عائلة مسيحية أرستقراطية، وكان مولعاً بالدراسة، فغادر إلى الإسكندرية وإلى أثينا لطلب العلم. نال سر المعمودية من والده أسقف مدينة نازيانزي آنذاك. غريغوريوس كان معلم بلاغة فيمدينتهِ، وكان يتردَّدُ أحياناً إلى إحدى المناسك حيث كان يعيش رفيقُ مرحلة دراستهِ في أثينا، باسيليوس القيصري (الكبير)، وقد قضى معه بعض الزمن في حياة التصوُّف.
جمع هذان القدّيسان مختارات من كتابات أوريجانوس وهي المسمّاة فيلوكالِيّاfilokalia(باليونانية تعني "محبة الجمال").
سيمَ غريغوريوس كاهناً عام 362م من قِبَلِ أبيهِ الذي كان يحتاجهُ في الخدمة، لكن كان هذا خلافاً لإرادتهِ. ولرفضهِ هذا هرب إلى بونتو، لكنه عاد من هناك بعد أن وعى مسؤوليتهُ كراعٍ، وكتب فيما بعد "دفاعاً عن الهروب" يشرح فيه سبب هروبهِِ.
عندما صار باسيليوس أسقفاً لقيصرية، عرض على صديقِهِ غريغوريوس أسقفيَّة ساسيما القبادوقية، ومرة ثانية سيمَ غريغوريوس خلافاً لإرادتهِ لكنه لم يذهب أبداً إلى ساسيما بل بقي بجانب والدهِ يساعده في إدراة شؤون كنيسة نازيانز، وبعد وفاةِ الأب اعتلى الابن مكانهُ.
في عام 379م دُعِيَ غريغوريوس إلى مدينة القسطنطينية لمحاربة بدعة الآريوسيين الذين نجحوا في الوصول إلى حكم تلك الكنيسة. غريغوريوس قبل هذه المهمة التي استغرقت سنتين. عاد عام 381 إلى نازيانزي بسبب بعض الخلافات التي كانت تهدد وحدة الكنيسة وبقي هناك حتى وفاته.
من أعماله 45 عظة، 243 رسالة، 407 قصيدة عقائدية وأخلاقية. ومن أشهر كتاباتهِ إحدى القصائد التي يتحدث فيها عن حياتهِ الشخصية.
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

غريغوريوس النيصي
g.nissa.jpg


1. حياته
قديس، أسقف نيص القبادوقية، وهو الأخ الأصغر لباسيليوس القيصري (الكبير) وواحد من آباء الكنيسة.
غريغوريوس الذي كان قارئاً، بعد وفاة زوجتِهِ، ترهَّب في الدير الذي أسسهُ أخوه باسيليوس في بونتو
(Ponto) قرب نهر إيريز (Iris). حوالي عام 371م سيمَ كاهناً من قِبَل أخيهِ باسيليوس ومن ثم أسقفاً على نيص.
كان يتمتع بآراءٍ دينية شديدة الأرثوذكسية، وقد كان غيوراً في الدفاع عن العقيدة ضد الآريوسيين، غير أنه أظهر بعض الصعوبة في إدارة الأمور العملية. اتهمه الآريوسيون بالتدبير السيء للشؤون المالية، وقد نجحوا في نفيهِ مدة عامين (376 ـ 378
م). لكن بعد عودتهِ شارك ضدَّهم في مجمع القسطنطينية المسكوني (381م). في السنة التالية أُرسِل لتنظيم بعض الكنائس العربية.

2. أفكاره
بشأن معرفة الله يؤكّد غريغوريوس على أن قمّة معرفة الله الطبيعية هي في رفع روح الإنسان حتى مشاهدة الله ذاته بشكل مباشر، هذا يكون بمثابة استباق لمشاهدة الله الطوباوية في الفردوس.
في العقيدة الثالوثية يقول بأن طبيعة الأقانيم هي واحدة ولهذا فالله واحد، أمّا الفرق بين الأقانيم فهو في العلاقات بين أقنوم وآخر: "واحد هو المصدر (الآب)، الآخر هو من المصدر، وحتى في ما هو مِن المصدر نجد اختلافاً؛ فواحد هو من الأول بشكل مباشر (الابن) والآخر هو عبر ذاك الذي يأتي بشكلٍ مباشر من الأول (الروح القدس)". بهذا يعترف غريغوريوس شأنهُ شأن باقي الآباء البيزنطيين بأن الروح القدس منبثق من الآب بواسطة الإبن.
في تعليمه حول الإسخاتولوجيا أخذَ غريغوريوس عن أوريجانوس التعليم القائل بالإصلاح النهائي الشامل أي خلاص الجميع من الشر، بعد المرور بمرحلة تطهير، حتى إنّ مبدع الشر نفسهُ (الشيطان) سيُشفى من شرّه.
في الإفخارستيا يقول: "نحنُ نؤمن بأنه في نفس اللحظة التي يتم فيها التكريس بواسطة كلمة الله، فإن الخبز يتحول لجسد اللوغوس الإلهي".

3. مؤلفاته
اشتهر كلاهوتي من خلال كتاباتهِ:
ـ ضد أونوميوس (دفاعاً عن عقيدة مجمع نيقيا).
ـ
تعليم الكنيسة (دفاعاً عن المسيحية في وجه اليهود والوثنيين).
ـ كتاباً في الإيمان.

ـ
ضد الآريوسيين.
ـ
عشرة براهين ضدّ الأبوليناريين
 

thelife.pro

قلب يسوع
عضو نشيط
إنضم
13 فبراير 2007
المشاركات
2,240
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
syria aleppo
رد على: آباء الكنيسة / بحث مطول جدا ورائع /

كبريانوس أسقف قرطاجة
cipriano.jpg


1. حياته
قديس وأحد آباء الكنيسة. ابن عائلة غنية. معلّماً للبلاغة، حسب شهادة جيروم صار مسيحياً عندما كان عمره 35 عاماً، بعد أن وزّع جميع ما يملك على الفقراء. سيمَ كاهناً وفي عام 248 أو 249 سيمَ أسقفاً على قرطاجة. بعدها بسنة بدأ اضطهاد ديقوس، وهكذا اضطر كبريانوس لأن يهرب خارج المدينة، بينما كان يتابع رعاية الكنيسة عن طريق الرسائل. عندما انتهت الأزمة كان عليهِ أن يواجهَ مشاكل عديدة في الكنيسة التي كانت منقسمة بشأن المرتدّين. هذا دفعهُ لكتابة "في المرتدّين" (De Lapsi) و"في وحدة الكنيسة" (De unitate ecclesiae).
نحو عام 255 ظهرت مشكلة شرعية معمودية الهراطقة، التي كان كبريانوس يعتبرها (بحسب الرأي السائد في كنيسة أفريقيا آنذاك) باطلة، وبذلك كان ضد
أسقف روما اسطيفانوس. ففي الواقع لم يكن الاختلاف واضحاً بين "معمودية هرطوقية" والمعمودية الممنوحة من قِبل هراطقة أو منشقين. لكن اضطهاد فاليريانوس قضى على الأسقفين قبلَ أن يجدوا حلاً لهذه المسألة.
توفي كبريانوس شهيداً بقطع رأسه في أيلول (سبتمبر) عام 258 م.


2. أفكاره
كبريانوس هو من أهم الكتّاب الذين عالجوا مسألة لاهوت الكنيسة. كان هذا الموضوع غالياً عليهِ ونجده حاضراً في جميع كتاباتِه. تكلَّم كبريانوس عن سر المعمودية والتوبة والافخارستيا. وهو صاحب العبارة الشهيرة "لا خلاص خارج الكنيسة" (extra ecclesiam nulla salus).
3. مؤلفاته
ـ إلى دوناتوس: وهو عبارة عن دفاع ضد اليهود، وفيهِ يسرد قصة اهتداءه.
ـ الأصنام ليست آلهة: خلاصة كريستولوجية.
ـ شهادات لكويرينوس: وهي عبارة عن بعض الأحكام في الأخلاق المسيحية.
خلال اضطهاد ديقوس كتب:
ـ في المرتدين
ـ في وحدة الكنيسة
ـ صلاة الرب
ـ الغيرة والحسد
ـ 66 رسالة: تعتبر مصدراً مهماً لدراسة تاريخ الكنيسة الأولى
 
أعلى