ما هو التاريخ القبطى ؟
تمهيد
يعرف المؤرخون التاريخ بأنه أحداث الماضى , ويقسم الباحثين التاريخ إلى أقسام كثيرة ومتشعبة لا حصر لها منها :
التاريخ الدينى – تاريخ الأمم – تاريخ حياة أفرد أو شخصيات هامة – تاريخ علمى .. ألخ
ويمكن القول بعبارة شاملة مختصرة قصيرة " أن كل شئ حولنا له تاريخ " ... ألخ
وعندما نبحث فى تاريخ أقباط مصر " تاريخ الأمم " سوف يقابلنا أشخاص عاشوا فى هذا التاريخ وصنعوا أحداثة قد تكون أفعالهم حسنة وقد تكون سيئة بغض النظر عن إنتمآءاتهم الدينية أو العرقية التى توجههم , فلا يوجد كائن حى معصوم من الخطأ إلا الرب وحدة .
إجتاحت مصر جيوش عديدة لأمم قوية خلال حقبات مختلفة من العصور ولم تستطع هذه الأمم أن تذيب الشعب المصرى بأن تفقدة هويتة الوطنية المصرية العريقة – فمصر هو النهر الذى يجرى فى عروق المصريين فالمصرى يفخر فى بلاد غربته بقولة :-
" أنا مصرى" :::: أولا >>>>> ثم >>>>> " أنا قبطى" :::: ثانيا
والعالم الغربى والشرقى يعرف تاريخ مصر الفرعونية أصل الحضارة ويعرف أيضاً تاريخ الأقباط الذين حافضوا على الإيمان المسيحى الذى وافق ميل المصرى وسلوكه الإنسانى لمدة 1935 عاما تحت حكم الإحتلال الإسلامى العربى وتحت الحكم الرومانى والبيزنطى والفارسى ,
لهذا لم تستطع الأمم ذو آلات الحرب أن تحتوى مصر فالهكسوس مثلاً الذين إحتلوا مصر ما يزيد عن 400 سنة أعجبو بالمصريين وقلدوهم فى حياتهم اليومية ثم ذهبوا أبعد من ذلك بأن عبدوا آلهتهم , أما الإسكندر الأكبر( المقدونى - ذو القرنين) القائد اليونانى الشهير الذى وصل بجيشة إلى الهند وإحتلها , إشتاق أن يلبس تاج مصر ويتوج على عرشها فذهب إلى واحة سيوة حيث معبد الآلهة أيزيس .
وقائمة الأمم التى إحتلت مصر كثيرة , فحكم مصر وغزاها الفرس والرومان والعرب وغيرهم
وسوف تجد فى المقالات التالية أن الغزاة وزوار مصر أخذوا من عقائدها وأسلوب الحياة فيها , ثم قاموا بنقل كل ما شاهدوه إلى بلادهم با أنهم أخذوا الفضائل الدينية وأضافوها بطريقة أو أخرى إلى معتقداتهم واسلوبهم فى المعيشة .
بالإضافة إلى الغزاة .. هناك الزوار الذين قدموا إلى مصر بقصد دراسة علومها وآثارها – أو السياحة – الترويح – العلاج – العمل – المشاهير – القادة .. أما الفئة المهمة التى سجلت لنا التاريخ هم الكتاب والمؤرخون
وداس على تراب أرض مصر اعظم وأكبر الأنبياء منهم : -
إبراهيم الخليل – إسحق – يعقوب أب الاباء – الأسباط الأثنى عشر - موسى كليم الرب الذى تربى وتعلم كل حكمة المصريين وعلومهم – أرميا النبى – أما المسيح فقد باركها طفلاً ومعه أمه العذراء مريم ويوسف النجار .. وقد ارسل لها رسلاً مثل مرقس وبطرس ..
وحاول الغزاة إحتواء هوية مصر وتغييرها فلم يستطيعوا وشعروا بغربتهم فيها لأنهم أجانب عنها , وفى النهاية إحتوتهم مصر إلا أن إحتوائهم لم يكن كاملاً , وذلك لأن إنتماؤهم العرقى أو الدينى ليس مصرياً خالصاً فإنهم لا يفتخرون بمصريتهم بالرغم من انهم لا يعرفون غير مصر وطناً لهم , فيشربون من نيلها ولا يرتوون , ويأكلون من خيراتها ولا يشبعون , فيقولون أنهم مصريون وأن دينهم الإسلام ولكن عند البحث فى صميم عقيدتهم الإسلامية تجد أن الإسلام تجنس وليس ديناً , ومن هنا تسقط عنهم الهوية المصرية لأن شريعتهم الإسلامية وقرآنهم يأمرهم بقتل أهل البلاد الوطنيين المصريين الأصليين الذين هم المسيحيون القبط , كما تدفعهم عقيدتهم إلى سرقة وسلب خيرات مصر وآثارها , والذى يمد يدة وينهب ويسلب خيرات بلد تسقط عنه صفة الإنتماء لهذا البلد لأنه لا بد وان يكون غاصباً ومحتلاً ومستعمراً , لأن الغاصب ياخذ ولا يعطى
ومن الملاحظ أيضاً أن الشعب المصرى أبناء الفراعنة أحرار مصر قد أستطاعوا أن يخبئوا مصريتهم الأصلية فى إنعزالهم الدينى فحمى ذلك نقاء دم الشعب الفرعونى , وقد يكون حدث هذا بقصد أو دون قصد , فبإيمانهم بالمسيحية حولوا أمتهم إلى أمة روحية مسيحية خالصة , لها ملك هو السيد المسيح له المجد لا يطوله حكام الأرض أو ولاة السلطة , فاذابوا بذلك مصريتهم فى قبطيتهم (مسيحيتهم) , وساعدهم على ذلك الخلاف الدينى الأخير الذى وقع بينهم وبين القسطنطينية , والآن لا يمكن الفصل بين الدين المسيحى والهوية المصرية عند القبطى , فاصبح هدف القبطى هو أنه بالمحافظة على مسيحيتة وطهارتها فى قلبه يحمى مصر أيضاً وتراثها الحضارى الموجود فى دمة وتوارثة من آباؤه واجداده .
ونحن نرى اليوم أن إنتماء المسلمين الذين يعيشون فى مصر يميلون بدون وعى بالإنتماء والإنضمام لأمم إسلامية أخرى والإضرار بمصر , لهذا إذا إحتل مصر مستعمر من دينه فإنه ينضم إليه بل أنه يساعده فى نهب مصر وسلب خيراتها , وهو لا يرى أن خيرات مصر تذهب لأطماع شخصية خاصة أو مغامرات حربية مغلفة بالنعرة الدينية.
ونرى أيضاً من خلال التاريخ أن أمما كثيرة فقدت حريتها وهويتها بعد غزو الأمم لأراضيها , أما الأقباط فبالرغم من سقوط مصر وإحتلالها من أمم عديدة , لم تستطع هذه الأمم بما لها من جبروت وقوة حربية أن تنزع حريتهم منهم , لأن حريتهم هى حرية فى المسيح التى أعلنها لهم فى قوله : " إن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحرارا " ( يوحنا8: 36) وقال فى موضع آخر : " تعرفون الحق والحق يحرركم" ( يوحنا8: 32) بمعنى حرية ضد كل قوى الشر وسلطان الخطيئة والظلمة , وهى حرية شاملة عامة ليس لها حدود لأنها أمر إلهى .
والحرية التى أعطاها لنا السيد المسيح حرية داخلية لا يستطيع أحد أن ينزعها منا فالظاهر للأمم التى إحتلت مصر ومنها العرب المسلمين أنهم إستطاعوا أن يذلوا الأقباط وأن الأقباط أصبحوا عبيداً لهم وأن الأقباط فى درجة المواطنة الثانية , فليس هناك إذا حقوقاً للأقباط.
ولكن فى واقع الأمر أن القبطى يشعر بالحرية وأنه ينعم بالقلب الكبير فى ارضة وعلى تراب وطنه بالرغم من الظلم والمعاناة التى يبتليه به المحتل الإسلامى , وحتى ولو أنه لا يملك شيئاً وليس فى يده سلطان فإنه يشعر بالأسف لقصور تفكيرهم , وياسف لتحكمهم فإزدادت مصر تخلفاً عن الركب الحضارى قرناً بعد قرن منذ إحتلالهم لمصر وحتى الآن , ولكن ليس فى يده إلا أن يعمل بامانه كل فى موقعة ويمكن القول أن عمل الأقباط فقط قد حفظ مصر من الإنهيار التام .
والمصرى هو القبطى هو الأصلى والأصيل فهو يحب مصر من كل قوته وقدرته , يحب نيلها الخالد , يعشق عبق ترابها ونسمة جوها , يعطيها من عنده فيضيف إلى حضارتها ويرتقى بعلومها لهذا راى المصريون أن الغزاة أقل منهم حضارة بالرغم من تفوقهم الحربى نتيجة لوحشيتهم
وإكتشف الأقباط أن العرب المسلمين الذين إحتلوا مصر لهم أخلاق وعادات وطباع غير حضارية بل وبربرية فى بعض الأحيان , وهذا الأخلاق لا تتناسب مع طبيعة المصرى القبطى الأصلى والأصيل العرقية ولا حتى تقترب من طباعهم الهادئة .
ويعتبر الأقباط أنّ ذروة الإضطهاد الديني لهم كانت أثناء حكم الإمبراطور دقلديانوس الذي مارس القتل الجماعي ووحشية تعذيب المسيحيين فى أنحاء الإمبراطورية الرومانية وكانت شروطه لهم هى أن يبخروا لأوثانه ويؤمنوا بها , ورفض الأقباط ترك المسيحية فكان عدد الذين فضلوا الموت عن إنكار المسيح فى مصر وحدها هم مليون شهيد , وفى يوم أحد المجازر الرومانية قتل فيه مائة ألف شهيد ضحية الإضطهاد الوثنى فإتخذه الأقباط عيداً أسموه عيد الشهداء , وقام الأقباط بتسجبل هذا اليوم على أنه بداية لتقويمهم القبطي ويسمونه عيد النييروز وما زال الأقباط يحتفلون بهذا اليوم حتى الآن , ويعرف الغرب هذه السنة بإسم Anno Martyrum أو عام الشهداء .
أما بالنسبة للعالم المسيحى القديم فقد قسم مجمع خلقيدونيا عام 451 م. المسيحيين حول طبيعة السيد المسيح , والواضح أنه لم يكن إنقساماً فى العقيدة بقدر ما أنه كان إنقساماً حول السلطة الكنسية على كنائس العالم القديم . وتعتبر الآثار الناتجة من مجمع خلقيدونيا هى أسوأ مرحلة فى مراحل تاريخ الكنيسة القبطية في العصور المسيحية ، فقد الغى الأباطرة البيزنطيين سلطة البابا القبطى على الأقباط واقاموا بطريرك آخر بطريرك تابع لبيزنطية , ولكن لم يستطع أباطرة بيزنطة بكل جبروتهم وقوتهم محو هوية الأقباط وجعلهم تابعين فأصبح على أرض مصر يوجد بطريركين أحدهما بيزنطى شرعى مؤيد ومدعم من الأباطرة وحكامهم فى مصر , والآخر قبطى أرثوذكسى هارباً فى بعض الأحيان من المجازر الوحشية ضده وضد أساقفته وشعبه
واستمر الإنقسام الى حين الغزو العربي الإسلامى عام 642 م . وحينما إحتل العرب المسلمين مصر اكملوا مسيرة اضطهاد الأقباط بشكل لم يسبق له مثيل فى تاريخ البشرية وحتى الآن ..
وقال االمتنيح العلامة الأنبا غريغوريوس أسقف المعاهد العلمية (1) : " في هذه المناسبة نذكر قول عميد الأدب العربي الراحل الدكتور طه حسين وعبارته الجميلة الخالدة في كتابه مستقبل الثقافة في مصر الكنيسة القبطية مجد مصري قديم ,وهي عبارة تلخص تلخيصا جامعا تاريخ شعب وأمة وحضارة " أما الشعب فمازال حيا ولن يموت...
أما الأمة فخالدة باقية تصارع عن وجودها ولن تفني وقد قال فيها بعض العظماء إذا كانت العجائب سبعا فالعجيبة الثامنة هي بقاء القبط إلي اليوم علي الرغم مما عانوه في تاريخهم الطويل من أهوال تميد من تحتها الجبال الرواسي , وأما الحضارة فكانت أعظم وأعرق حضارة عرفها تاريخ الإنسان... ولقد قال حديثا أحد علماء الآثار من السويد :إني لا أصدق أن شعبا ما مهما بلغ نصيبه من الجد والاجتهاد والذكاء يمكنه في فترة قصيرة من الزمن أن يصنع ما صنعه المصريون القدماء من حضارة متقدمة,مالم يكن قد ساعدهم علي ذلك كائنات راقية من كواكب أخري..وقال عباس محمود العقاد في بعض مقالاته إن المصريين توصلوا إلي تفجير الذرة, وهذا هو سر اختفاء قارة الأطلنطيد التي ذكرها أفلاطون وسمع عنها من كهنة المصريين القدماء,وبالتالي هو سر اختفاء الحضارة المصرية المفاجئ بحيث انقطع التواصل بين الماضي والحاضر ولم يعد في مقدورنا معرفة ماضينا إلا من خلال الكشوف الأثرية التي تقدم لنا شيئا من المعرفة القليلة في فترات متباعدة ولكنها لم تستطع حتي الآن أن تعطينا صورة كاملة شاملة "
ولأن المصرى ميال لقيادة الحضارة والبحث عن كل جديد فى حياته فقد حاول بإستمرار وحب وطول أناة أن يقدم كل ما عنده من علم وثقافة وفلسفة بل وطعام وملبس وخلافة فى سخاء لكل قادم إلى مصر مهما كانت عقيدته أو أخلاقة.
فلم يبخل القبطى على مر العصور ومنذ نشأة مصر ونشأته فى مصر على أى محتاج أو محتل أو زائر أو هارب أن يخدمه ويفرح قلبه , ويعطيه من خيرات بيته وبيت أبيه أو حتى يحميه إذا كان مظلوما وهارباً من البطش.
لأن المصرى القبطى الأصيل بطبعه خٌير لا يوجد فى قلبه إلا الحب والعطاء
تمهيد
يعرف المؤرخون التاريخ بأنه أحداث الماضى , ويقسم الباحثين التاريخ إلى أقسام كثيرة ومتشعبة لا حصر لها منها :
التاريخ الدينى – تاريخ الأمم – تاريخ حياة أفرد أو شخصيات هامة – تاريخ علمى .. ألخ
ويمكن القول بعبارة شاملة مختصرة قصيرة " أن كل شئ حولنا له تاريخ " ... ألخ
وعندما نبحث فى تاريخ أقباط مصر " تاريخ الأمم " سوف يقابلنا أشخاص عاشوا فى هذا التاريخ وصنعوا أحداثة قد تكون أفعالهم حسنة وقد تكون سيئة بغض النظر عن إنتمآءاتهم الدينية أو العرقية التى توجههم , فلا يوجد كائن حى معصوم من الخطأ إلا الرب وحدة .
إجتاحت مصر جيوش عديدة لأمم قوية خلال حقبات مختلفة من العصور ولم تستطع هذه الأمم أن تذيب الشعب المصرى بأن تفقدة هويتة الوطنية المصرية العريقة – فمصر هو النهر الذى يجرى فى عروق المصريين فالمصرى يفخر فى بلاد غربته بقولة :-
" أنا مصرى" :::: أولا >>>>> ثم >>>>> " أنا قبطى" :::: ثانيا
والعالم الغربى والشرقى يعرف تاريخ مصر الفرعونية أصل الحضارة ويعرف أيضاً تاريخ الأقباط الذين حافضوا على الإيمان المسيحى الذى وافق ميل المصرى وسلوكه الإنسانى لمدة 1935 عاما تحت حكم الإحتلال الإسلامى العربى وتحت الحكم الرومانى والبيزنطى والفارسى ,
لهذا لم تستطع الأمم ذو آلات الحرب أن تحتوى مصر فالهكسوس مثلاً الذين إحتلوا مصر ما يزيد عن 400 سنة أعجبو بالمصريين وقلدوهم فى حياتهم اليومية ثم ذهبوا أبعد من ذلك بأن عبدوا آلهتهم , أما الإسكندر الأكبر( المقدونى - ذو القرنين) القائد اليونانى الشهير الذى وصل بجيشة إلى الهند وإحتلها , إشتاق أن يلبس تاج مصر ويتوج على عرشها فذهب إلى واحة سيوة حيث معبد الآلهة أيزيس .
وقائمة الأمم التى إحتلت مصر كثيرة , فحكم مصر وغزاها الفرس والرومان والعرب وغيرهم
وسوف تجد فى المقالات التالية أن الغزاة وزوار مصر أخذوا من عقائدها وأسلوب الحياة فيها , ثم قاموا بنقل كل ما شاهدوه إلى بلادهم با أنهم أخذوا الفضائل الدينية وأضافوها بطريقة أو أخرى إلى معتقداتهم واسلوبهم فى المعيشة .
بالإضافة إلى الغزاة .. هناك الزوار الذين قدموا إلى مصر بقصد دراسة علومها وآثارها – أو السياحة – الترويح – العلاج – العمل – المشاهير – القادة .. أما الفئة المهمة التى سجلت لنا التاريخ هم الكتاب والمؤرخون
وداس على تراب أرض مصر اعظم وأكبر الأنبياء منهم : -
إبراهيم الخليل – إسحق – يعقوب أب الاباء – الأسباط الأثنى عشر - موسى كليم الرب الذى تربى وتعلم كل حكمة المصريين وعلومهم – أرميا النبى – أما المسيح فقد باركها طفلاً ومعه أمه العذراء مريم ويوسف النجار .. وقد ارسل لها رسلاً مثل مرقس وبطرس ..
وحاول الغزاة إحتواء هوية مصر وتغييرها فلم يستطيعوا وشعروا بغربتهم فيها لأنهم أجانب عنها , وفى النهاية إحتوتهم مصر إلا أن إحتوائهم لم يكن كاملاً , وذلك لأن إنتماؤهم العرقى أو الدينى ليس مصرياً خالصاً فإنهم لا يفتخرون بمصريتهم بالرغم من انهم لا يعرفون غير مصر وطناً لهم , فيشربون من نيلها ولا يرتوون , ويأكلون من خيراتها ولا يشبعون , فيقولون أنهم مصريون وأن دينهم الإسلام ولكن عند البحث فى صميم عقيدتهم الإسلامية تجد أن الإسلام تجنس وليس ديناً , ومن هنا تسقط عنهم الهوية المصرية لأن شريعتهم الإسلامية وقرآنهم يأمرهم بقتل أهل البلاد الوطنيين المصريين الأصليين الذين هم المسيحيون القبط , كما تدفعهم عقيدتهم إلى سرقة وسلب خيرات مصر وآثارها , والذى يمد يدة وينهب ويسلب خيرات بلد تسقط عنه صفة الإنتماء لهذا البلد لأنه لا بد وان يكون غاصباً ومحتلاً ومستعمراً , لأن الغاصب ياخذ ولا يعطى
ومن الملاحظ أيضاً أن الشعب المصرى أبناء الفراعنة أحرار مصر قد أستطاعوا أن يخبئوا مصريتهم الأصلية فى إنعزالهم الدينى فحمى ذلك نقاء دم الشعب الفرعونى , وقد يكون حدث هذا بقصد أو دون قصد , فبإيمانهم بالمسيحية حولوا أمتهم إلى أمة روحية مسيحية خالصة , لها ملك هو السيد المسيح له المجد لا يطوله حكام الأرض أو ولاة السلطة , فاذابوا بذلك مصريتهم فى قبطيتهم (مسيحيتهم) , وساعدهم على ذلك الخلاف الدينى الأخير الذى وقع بينهم وبين القسطنطينية , والآن لا يمكن الفصل بين الدين المسيحى والهوية المصرية عند القبطى , فاصبح هدف القبطى هو أنه بالمحافظة على مسيحيتة وطهارتها فى قلبه يحمى مصر أيضاً وتراثها الحضارى الموجود فى دمة وتوارثة من آباؤه واجداده .
ونحن نرى اليوم أن إنتماء المسلمين الذين يعيشون فى مصر يميلون بدون وعى بالإنتماء والإنضمام لأمم إسلامية أخرى والإضرار بمصر , لهذا إذا إحتل مصر مستعمر من دينه فإنه ينضم إليه بل أنه يساعده فى نهب مصر وسلب خيراتها , وهو لا يرى أن خيرات مصر تذهب لأطماع شخصية خاصة أو مغامرات حربية مغلفة بالنعرة الدينية.
ونرى أيضاً من خلال التاريخ أن أمما كثيرة فقدت حريتها وهويتها بعد غزو الأمم لأراضيها , أما الأقباط فبالرغم من سقوط مصر وإحتلالها من أمم عديدة , لم تستطع هذه الأمم بما لها من جبروت وقوة حربية أن تنزع حريتهم منهم , لأن حريتهم هى حرية فى المسيح التى أعلنها لهم فى قوله : " إن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحرارا " ( يوحنا8: 36) وقال فى موضع آخر : " تعرفون الحق والحق يحرركم" ( يوحنا8: 32) بمعنى حرية ضد كل قوى الشر وسلطان الخطيئة والظلمة , وهى حرية شاملة عامة ليس لها حدود لأنها أمر إلهى .
والحرية التى أعطاها لنا السيد المسيح حرية داخلية لا يستطيع أحد أن ينزعها منا فالظاهر للأمم التى إحتلت مصر ومنها العرب المسلمين أنهم إستطاعوا أن يذلوا الأقباط وأن الأقباط أصبحوا عبيداً لهم وأن الأقباط فى درجة المواطنة الثانية , فليس هناك إذا حقوقاً للأقباط.
ولكن فى واقع الأمر أن القبطى يشعر بالحرية وأنه ينعم بالقلب الكبير فى ارضة وعلى تراب وطنه بالرغم من الظلم والمعاناة التى يبتليه به المحتل الإسلامى , وحتى ولو أنه لا يملك شيئاً وليس فى يده سلطان فإنه يشعر بالأسف لقصور تفكيرهم , وياسف لتحكمهم فإزدادت مصر تخلفاً عن الركب الحضارى قرناً بعد قرن منذ إحتلالهم لمصر وحتى الآن , ولكن ليس فى يده إلا أن يعمل بامانه كل فى موقعة ويمكن القول أن عمل الأقباط فقط قد حفظ مصر من الإنهيار التام .
والمصرى هو القبطى هو الأصلى والأصيل فهو يحب مصر من كل قوته وقدرته , يحب نيلها الخالد , يعشق عبق ترابها ونسمة جوها , يعطيها من عنده فيضيف إلى حضارتها ويرتقى بعلومها لهذا راى المصريون أن الغزاة أقل منهم حضارة بالرغم من تفوقهم الحربى نتيجة لوحشيتهم
وإكتشف الأقباط أن العرب المسلمين الذين إحتلوا مصر لهم أخلاق وعادات وطباع غير حضارية بل وبربرية فى بعض الأحيان , وهذا الأخلاق لا تتناسب مع طبيعة المصرى القبطى الأصلى والأصيل العرقية ولا حتى تقترب من طباعهم الهادئة .
ويعتبر الأقباط أنّ ذروة الإضطهاد الديني لهم كانت أثناء حكم الإمبراطور دقلديانوس الذي مارس القتل الجماعي ووحشية تعذيب المسيحيين فى أنحاء الإمبراطورية الرومانية وكانت شروطه لهم هى أن يبخروا لأوثانه ويؤمنوا بها , ورفض الأقباط ترك المسيحية فكان عدد الذين فضلوا الموت عن إنكار المسيح فى مصر وحدها هم مليون شهيد , وفى يوم أحد المجازر الرومانية قتل فيه مائة ألف شهيد ضحية الإضطهاد الوثنى فإتخذه الأقباط عيداً أسموه عيد الشهداء , وقام الأقباط بتسجبل هذا اليوم على أنه بداية لتقويمهم القبطي ويسمونه عيد النييروز وما زال الأقباط يحتفلون بهذا اليوم حتى الآن , ويعرف الغرب هذه السنة بإسم Anno Martyrum أو عام الشهداء .
أما بالنسبة للعالم المسيحى القديم فقد قسم مجمع خلقيدونيا عام 451 م. المسيحيين حول طبيعة السيد المسيح , والواضح أنه لم يكن إنقساماً فى العقيدة بقدر ما أنه كان إنقساماً حول السلطة الكنسية على كنائس العالم القديم . وتعتبر الآثار الناتجة من مجمع خلقيدونيا هى أسوأ مرحلة فى مراحل تاريخ الكنيسة القبطية في العصور المسيحية ، فقد الغى الأباطرة البيزنطيين سلطة البابا القبطى على الأقباط واقاموا بطريرك آخر بطريرك تابع لبيزنطية , ولكن لم يستطع أباطرة بيزنطة بكل جبروتهم وقوتهم محو هوية الأقباط وجعلهم تابعين فأصبح على أرض مصر يوجد بطريركين أحدهما بيزنطى شرعى مؤيد ومدعم من الأباطرة وحكامهم فى مصر , والآخر قبطى أرثوذكسى هارباً فى بعض الأحيان من المجازر الوحشية ضده وضد أساقفته وشعبه
واستمر الإنقسام الى حين الغزو العربي الإسلامى عام 642 م . وحينما إحتل العرب المسلمين مصر اكملوا مسيرة اضطهاد الأقباط بشكل لم يسبق له مثيل فى تاريخ البشرية وحتى الآن ..
وقال االمتنيح العلامة الأنبا غريغوريوس أسقف المعاهد العلمية (1) : " في هذه المناسبة نذكر قول عميد الأدب العربي الراحل الدكتور طه حسين وعبارته الجميلة الخالدة في كتابه مستقبل الثقافة في مصر الكنيسة القبطية مجد مصري قديم ,وهي عبارة تلخص تلخيصا جامعا تاريخ شعب وأمة وحضارة " أما الشعب فمازال حيا ولن يموت...
أما الأمة فخالدة باقية تصارع عن وجودها ولن تفني وقد قال فيها بعض العظماء إذا كانت العجائب سبعا فالعجيبة الثامنة هي بقاء القبط إلي اليوم علي الرغم مما عانوه في تاريخهم الطويل من أهوال تميد من تحتها الجبال الرواسي , وأما الحضارة فكانت أعظم وأعرق حضارة عرفها تاريخ الإنسان... ولقد قال حديثا أحد علماء الآثار من السويد :إني لا أصدق أن شعبا ما مهما بلغ نصيبه من الجد والاجتهاد والذكاء يمكنه في فترة قصيرة من الزمن أن يصنع ما صنعه المصريون القدماء من حضارة متقدمة,مالم يكن قد ساعدهم علي ذلك كائنات راقية من كواكب أخري..وقال عباس محمود العقاد في بعض مقالاته إن المصريين توصلوا إلي تفجير الذرة, وهذا هو سر اختفاء قارة الأطلنطيد التي ذكرها أفلاطون وسمع عنها من كهنة المصريين القدماء,وبالتالي هو سر اختفاء الحضارة المصرية المفاجئ بحيث انقطع التواصل بين الماضي والحاضر ولم يعد في مقدورنا معرفة ماضينا إلا من خلال الكشوف الأثرية التي تقدم لنا شيئا من المعرفة القليلة في فترات متباعدة ولكنها لم تستطع حتي الآن أن تعطينا صورة كاملة شاملة "
ولأن المصرى ميال لقيادة الحضارة والبحث عن كل جديد فى حياته فقد حاول بإستمرار وحب وطول أناة أن يقدم كل ما عنده من علم وثقافة وفلسفة بل وطعام وملبس وخلافة فى سخاء لكل قادم إلى مصر مهما كانت عقيدته أو أخلاقة.
فلم يبخل القبطى على مر العصور ومنذ نشأة مصر ونشأته فى مصر على أى محتاج أو محتل أو زائر أو هارب أن يخدمه ويفرح قلبه , ويعطيه من خيرات بيته وبيت أبيه أو حتى يحميه إذا كان مظلوما وهارباً من البطش.
لأن المصرى القبطى الأصيل بطبعه خٌير لا يوجد فى قلبه إلا الحب والعطاء