القديس منصور، الشماس الشهيد

كلدانية

مشرف
مشرف
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
64,033
مستوى التفاعل
5,410
النقاط
113
141478183_2862480317370937_2547859469150824914_o.jpg

الشمّاس عام 304 فى مدينة غرناطة الأسبانية. تهذّب بالعلوم الإلهية وتربّى على التقوى لدى فاليريوس، أسقف غرناطة، الذي سامه شمّاسًا وعيّنه، رغم صغر سنّه، واعظًا ومعلّمًا للشعب. كان داكيانوس، يومذاك، حاكمًا لأسبانيا وكان مضطهِدًا دمويًا.

قبل مرسومي الإمبراطورين ذيوكليسيانوس ومكسيميانوس القاضيين بملاحقة المسيحيين، سنة 303، كان داكيانوس قد أنزل عقوبة الموت بثمانية عشر مسيحيًا في سراغوسا، كما قبض على فاليريوس ومنصور. وبذلا بعض دمائهما في سراغوسا، ومن هناك اقتيدا إلى فالنسيا حيث ألقاهما الحاكم في السجن زمانًا طويلاً معرّضًا إياهما للمجاعة والبؤس. وكان يأمل من وراء هذا التعذيب البطيء والطويل الأمد أن يزعزع ثباتهما. ولكن لما أتي بهما إليه تعجّب من منظرهما لأنه وجدهما جسورين في الذهن، قويّين في البدن، فوبّخ عمّاله ظنًّا منه أنهم لم يعاملوا السجينين بالقسوة التي أمرهم بها.

وإذ التفت إلى المصارعين من أجل المسيح، وجّه لهما في آن تهديدات ووعودًا ظانًا أنه بذلك يحملهما على التضحية للأوثان. فقال منصور مستأذنًا معلّمه الأسقف الذي كان يعاني من عيب في النطق إنهما مستعدان لتقبّل كل شيء من أجل الإله الحقيقي ولا يباليان بتهديدات الحاكم ولا بوعوده. فاغتاظ داكيانوس وأمر بنفي فاليريوس، أما منصور فعزم الحاكم على كسر تصميمه بأي ثمن. ويؤكد التقليد أن منصور عانى حجمًا من العذاب يفوق بمقادير ما يمكن لإنسان أن يحتمله، إن لم تشدّده النعمة الإلهية.

أبدى منصور من السلام والهدوء في الكلام والتصرّف وسط مضطهديه ما أدهشهم. مدّدوه وشدّوا يديه ورجليه بالحبال حتى تمزّقت أربطته ثم مُزّق جسده بأمشاط حديدية فبدا كأن ما يفعلونه يوقعونه على جسد إنسان آخر لا على جسده هو. وقد عنفوه لدرجة أن انكشفت عظامه وأحشاؤه. وعلى قدر ما أمعنوا في تمزيقه حبته الحضرة الإلهية بعزاء في روحه. إذ ذاك اعترف القاضي بأن جرأة الشاب غلبته. ولما عرض على القديس أن يسلّم أقلّه الكتب الكنسية لتحرق وهو مستعد لإطلاقه، أجاب أنه يخشى رأفته المزيّفة أكثر مما يخشى عذاباته.

لم يترك الحاكم حيلة ولا لونًا من ألوان التعذيب إلا لجأ إليه ولكن على غير طائل. شووا القديس على النار فلم ينتفعوا شيئًا. جرّحوه وفركوا جراحه بالملح فلم يلقوا غير الخيبة. كانت قوة القديس في ازدياد. عيناه نحو السماء وذهنه صاف وقلبه مشدود إلى صلاة متواصلة. بعد ذلك ألقي الشهيد في حفرة ومُنع عنه الطعام وأن يقربه إنسان فجاء ملاك الرب وعزّاه. وإذ عاين السجّان النور الإلهي آمن واعتمد. أما القديس فلم يلبث طويلاً حتى أسلم الروح عام 304 في مدينة فـالنسيا هو وأسقفه فاليريوس، فألقي جسده في البحر في كيس، لكن البحر لفظه والتقطه مسيحيان أودعاه كنيسة صغيرة خارج أسوار فالنسيا حيث جرت به عجائب جمّة.

فلتكن صلاته معنا.​
 
أعلى