الفن والابداع , شاركنا الاشياء التى تعشقها

يأخذنا الحديث عن "مونامور" إلى الحديث أيضا عن شقيقتها "الراعي الوحيد"، وهي مقطوعة أخرى طالما خلط الناس بينها وبين "مونامور" خاصة في بلادنا العربية. قد يتشابه الإحساس حقا بين المقطوعتين، لكن "الراعي الوحيد" هي بالتأكيد رائعة أخرى لا علاقة لها على الإطلاق بكونشرتو رودويجو أو ما عُرف لاحقا بموسيقى مونامور.




الراعي الوحيد (Einsamer Hirte) من مؤلفات الموسيقى الألماني الشهير "جيمس لاست" (1929-2015)، كتبها بالعام 1977 لتؤديها فرقته الخاصة التي كانت أيضا إحدى أشهر وأكبر الفرق بأوروبا في ذلك الوقت. لكن لاست التقى عندئذ بموسيقي شاب من رومانيا يعزف آلة نادرة الظهور قام هو بنفسه بتطويرها هي "البانفلوت". عندما استمع لاست إلى "جيورجي زامفير" لم ينبهر فقط بآداء زامفير وإحساسه بل قرر أيضا أن يهديه مقطوعته الجديدة "الراعي الوحيد". هكذا ولدت بعالمنا إحدى أرق وأعذب الموسيقات التي سرعان ما أصبحت أشهر ما قدم لاست من مؤلفات وأيضا أشهر ما قدم زامفير من معزوفات على آلته الساحرة!




طاف لاست وزامفير معا بمقطوعتهما الجديدة في كل مكان ووقع الجميع فورا في غرامها. من النادر أن تقابل اليوم إنسانا على الأرض لم يستمع من قبل لهذه الموسيقى. ولكن مضت السنين. أربعون عاما مضت تغير خلالها العالم وتفرق الأحباء. ذهب لاست، وأما زامفير فقد أصبح شيخا كبيرا يعيش بعيدا عن الأضواء في مسقط رأسه برومانيا. ولكن، وبعد أربعين عاما تقريبا، يأتي موسيقي آخر رائع هو "أدريه ريئو" بفرقته إلى رومانيا ويسأل عن زامفير: هل يمكن يا سيدي أن تشارك معنا بهذا الحفل؟ ما زلنا نحب سماع الراعي الوحيد!




لكن دموعا كثيرة ذرفت بهذا الحفل! هل هو الحنين والذكريات التي ارتبطت داخلنا بهذا النغم الجميل؟ هل هو التقدير والإعزاز لهذا المبدع الذي طالما أزهرت موسيقاه بوجداننا وها هو ذا اليوم يعود ليصدح ويتألق ويتوهج فنتوهج معه؟ أم هو الانبهار أمام الموسيقى ذاتها، أمام هذا الجمال الذي يبدو خالدا لا تغيره السنين أو تأخذ أبدا من سحره وبريقه؟ ربما كل ذلك معا هو ما ذرفت لأجله الدموع!

لكنها لا شك رشفة أخرى من الجمال الباهر العذب الذي أتانا مباشرة من بحر الجمال الإلهي نبع كل جمال وكل إبداع في الوجود! أهديها للأحباء جميعا، مع إهداء خاص للأم الغالية كاندي شوب لعلها بكل خير، للأم الغالية أمـة التي نفتقدها دائما، وللأستاذ الكبير ماران آثا صاحب الأفضال الكبيرة والمناقب الجميلة التي لم نجد أبدا الفرصة من قبل لشكره عليها. على المحبة دائما نلتقي.


​