كيف نتكلم عن اللاهوت كلاماً صحيحاً، وكيف نُسلِّم التعليم الآبائي تسليماً يتقبله الناس

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0


كثيرون يتسائلون كيف نتكلم عن اللاهوت كلاماً صحيحاً، وكيف نُسلِّم التعليم الآبائي تسليماً يتقبله الناس ويصير عندهم كالآلئ الثمينة؟

من يُريد حقاً أن يتحدث عن اللاهوت
لا بُدَّ من أن يمتلئ من الحضور الإلهي أولاً، فلا يستقيم أي حديث عنه بدون تقوى نابعة من تكريس القلب وتقديس النفس أولاً، فأن لم نتطهر بالنار الإلهية وتنفتح بصيرتنا بالنور الإلهي كيف نشهد لهُ ونتحدث عنه، فكيف لأعمى أن يوصف ما يتحدث عنه وهو لا يراه لأنه مكتوب: الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضاً شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ (1يوحنا 1: 3)
فنحن ينبغي أولاً أن نُعاين الله بالروح حتى نتكلم عن ما رأيناه وسمعناه
وما لمسته ايدينا من جهة كلمة الحياة، فلننتبه للمكتوب: اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب (عبرانيين 12: 14).
فكيف لنا أن نتحدث عن القدوس ونحن لم نختبر حياة القداسة
كيف نتحدث عن طبيعة الله النورانية ونحن نحيا في الظلمة، لأنه مكتوب: وَهَذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ، إِنْ قُلْنَا إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقَّ (1يوحنا 1: 5، 6)
يا إخوتي لا تتعجلوا وتظنوا في أنفسكم أنكم مؤهلون أن تتحدثوا لاهوتياً
بكونكم درستم وعرفتم وتبحرتم في البحث والتنقيب وعرفتم الآباء وكتابتهم ودرستموها عن ظهر قلب بدراسة واعية متخصصة عميقة، لأن هذا يؤهل الإنسان فكرياً، لكنه لا يؤهله أن يعرف الله من جهة الخبرة إلهاً حياً وروحاً مُحيياً، لأن الكلام عن الله شيء والكلام باسم الله شيء آخر تماماً، الأولى تحتاج فكر والثانية تحتاج قلب مكرس ممتلئ من روح الحياة في المسيح يسوع، لأن اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ (يوحنا 1: 18)، فأن لم يسكن الله في قلبنا ويشهد لنا عن ذاته بروحه فكيف لنا أن نتكلم عنه ونحن لم نتذوق بعد سكناه ولا نفعل إرادته:
+ لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ يَا رَبُّ يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ؛ وَلِمَاذَا تَدْعُونَنِي: يَا رَبُّ يَا رَبُّ وَأَنْتُمْ لاَ تَفْعَلُونَ مَا أَقُولُهُ؟ (متى 7: 21؛ لوقا 6: 46)
+ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ؛ اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي وَأَنَا أُحِبُّهُ وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي؛ إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كلاَمِي وَيُحِبُّهُ أَبِي وَإِلَيْهِ نَأْتِي وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً؛ إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي مَحَبَّتِهِ (يوحنا 14: 15، 21، 23؛ 15: 10)
وهذا هو الطريق الوحيد للتحدث عن اللاهوت
ولا يوجد طريق آخر - في المطلق - للتحدث عن اللاهوت بشكل سليم وصحيح حسب مسرة مشيئة الله، لأن الله حينما يسكن في النفس ويُقيم فيها فأنها تنطق بتقوى وتتحدث بشهادة نابضة بالحياة لأنها رأت ونظرت وشاهدت وعاينت، لذلك الرسول حينما تكلم عن أن الله نور لم يدرس الموضوع بل تحدث بما رأى وشاهد وعاين، لأن معرفته معرفة اختبارية وليست معرفة فكر ولا دراسة، بل لأنه جلس بنفسه مع الرب وسمع من فمه وشاهد وعاين أعماله بل وقد تلامس معه وامتلأ منه وتعين رسولاً من فمه وليس من الناس.
فأن لم يكن لنا خبرة وتذوق للحضرة الإلهية
في مخادعنا ووسط القديسين المحبين لله الذين يتقونه ويصنعون البر حسب ما نالوا من نعمة، ولنا شركة معهم في النور، فنحن غير مؤهلين إطلاقاً في أن نتحدث عن الله تحت اي مُسمى أو اسم أو شكل، لأننا في تلك الساعة سنتكلم عن فكرة وندافع عنها، ويقف كل واحد أمام الآخر نداً لهُ، يتشاجرون ويتناحرون على التمسك بألفاظ وكلمات ومعاني لم يعيشوا بها ولم يتذوقوها خبرة في حياتهم الشخصية كما كانت عند الآباء الأتقياء محبي المسيح الرب، الذين كرسوا كل حياتهم لهُ وحبوه وحفظوا وصاياه.
 
التعديل الأخير:

ElectericCurrent

أقل تلميذ
عضو مبارك
إنضم
27 مارس 2009
المشاركات
5,310
مستوى التفاعل
882
النقاط
113
الإقامة
I am,Among the Catechumens
الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضاً شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ (1يوحنا 1: 3)

[الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ.
2. فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا.] [1يوحنا 1 : 1]


 
التعديل الأخير:

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
وهبنا الله أن ندخل في سرّ حياة التقوى الحقيقية وأن يكون القلب مقدساً ومخصصاً لهُ
ولنُصلي بعضنا لأجل بعض دائماً؛ النعمة معك

 
أعلى