يا الله إلهي أنت عطشت إليك نفسي يشتاق إليك جسدي

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
أنا عطشان – أعطيني لأشرب
(يوحنا 4: 5 – 14)
+ يا الله، إلهي أنت؛ عطشت إليك نفسي
+ يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء (مزمور 63: 1)
يدفعه دفعاً للامتداد نحو (الله مهما ما كان سقوطه في عمق أعماق وحل الخطية متورطاً فيها حتى الآذان ويكاد أن يغرق ليموت فيها أبدياً، إذ أنه واقف على حافة الهاوية السحيقة مرتعشاً خائفاً وعلى شفة الانزلاق المُحتَّم)، وهذا الامتداد يجعل في داخله تساؤل يشغل حيز تفكيره ولو من بعيد وهو ما قاله المُرنم في القديم: متى أجئ وأتراءى قدام الله (مزمور 42: 2)، ويتحول التساؤل لأنين عميق في النفس المطروحة على وجهها في برية قاسية، وهذا التساؤل يزيد من لهيب شوق العطش للإله الحي.
لأن الإنسان في تيهان قلبه عن الحق، يحفر لنفسه آباراً كثيرة لا تضبط ماء ولا تقدر أن ترويه بكونها مالحة تُسبب عطش أكبر وأعظم، لأنه تارة يبحث عن أعمال صالحة يصنعها أو شيءٌ من النسك الكثير أو القليل لعل أن يؤهله أن ينظر إليه الله فيتحنن ويتعطف عليه، أو يرتكز على الطقوس وغيرها من كل الممارسات الدينية الخارجية لكي يروي ظمأه من نحو الله الحي، أو يفتش عن إنسان يشبعه بالفكر الروحي أو اللاهوتي، أو واحد يشفع فيه بالصلاة، ولكن هيهات أن ارتوى، لأنه يزداد جفاف أكثر ويسير في برية التيه، التي فيها لا يرى الله ولا يشعر بقربه، ويشتكي ويصرخ صرخة داخلية صامته: "من ينزل الله من سماء مجده إليَّ، أو من يرفعني إليه"، ومن ثمَّ يبحث عن وسيط ليُصالح بينه وبين الله، ولسان حاله يقول: "ليس بيننا مُصالح يضع يده على كلينا" (أيوب 9: 33)
ويجد الإنسان نفسه أبعد ما يكون عن الله الحي بالرغم من أنه أحياناً يُمارس الممارسات الدينية ويُتمم الواجبات الروحية بكل إخلاص، وربما يكون خادم أو حتى ذو رتبه كنسية، ولكن كل أعماله هذه التي يعملها ليست بذات قيمة تُذكر سوى انها أراحت ضميره بعض الشيء، لكن لهيب العطش يوجع أحشاءه من الداخل، ونفسه حزينة جداً حتى الموت، حتى ولو كانت الابتسامة على وجهه ظاهره أمام الناس.
صِدام المواجهة مع الواقع الأليم ليصل للقناعة الداخلية التامة أن كل سيره الطويل في البحث عن الأماكن الصالحة ليجد فيها آبار ماء حي لا تُجدي نفعاً وليست بذات قيمة على الإطلاق والمحصلة = صفر، وليس هناك من حل على الإطلاق سوى أن تجده الحياة نفسها وتلتقيه.
وروحه في أعماقه تئن فيه، لأنها تُطالب بحقها الإلهي الضائع؛ لأنه يملئها دائماً شعور بالحاجة المُلّحة للحركة والانطلاق نحو هدفها الأسمى الذي هوَّ مصدر وجودها الحقيقي.
+ كما يشتاق الآيل إلى جداول المياه
+ هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله (مزمور 42: 1)
وذلك لأن طبعها الأصلي شريف، لأنها مخلوقة في الأساس على صورة الله، فكل انتماء للعالم أو سقوط تحت عثراته وضغوطه المادية، وكل مطالبة السليمة والشرعية، هو غريب عن أصالة معدنها، والاهتمام الزائد به يسبب لها الضيق والقلق إلى حدّ الوصول للكآبة في ضيق شديد المرارة.
من المستحيل على الإطلاق أن يكون بطرق بشرية مهما كانت صحيحة وسليمة، فمحاولة إدخال الفرح الكاذب بالإيحاءات أو الدراسات أو التسلية أو المسرات الجسدية أو كثرة الحديث أو كثرة الصداقات أو عن طريق المشورة أو التنمية البشرية، فهذه كلها تُزيد من هروب النفس واختفاؤها، ليبرز من بعدها الضيق والتعب والكآبة والحيرة بأشد مما كانت، وربما تصل لحد المرض النفسي الذي لا علاج لهُ، أو لتصل أحياناً – وهذا هو الأصعب – لحالة من التخدير الكامل وتظن انها في تمام الصحة والعافية.
فشفاء النفس الحقيقي
لا في معرفتها ولا حياتها الاجتماعية السوية، بل فقط في حركتها الطبيعية المزروعة فيها، التي هيَّ: الامتداد في معرفة الله الحي والقرب منه والالتصاق به.
ومكانتها لدى الله وعمل المسيح من أجلها، لا يُمكن بل ومن المستحيل على الإطلاق أن تؤثر فيها أي ظروف معاكسة أو أي خطية تعثرت فيها. فالعودة لله والتوبة إليه عنصر أساسي في تكوينها وحركتها المخلوقة عليه، لا تقدر أن تتناساه أو يعبر عليها ويمضي، بل يظل أنين في أعماقها يلح عليها إلحاحاً ويدفعها دفعاً نحو حضن الله لترتمي فيه، لذلك نجد – على مستوى خبرتنا كلنا – أننا مهما ما تورطنا في الخطية والإثم نزداد حنين إلى الله، وان لم نبكي خارجياً فأننا نئن ونبكي قلبياً.
حسب إعلان الإنجيل، هي مصدر الحياة للإنسان وفرحه الدائم واستمرار حياته بهدوء وسلام في أشد الظروف إزعاجاً وضيقاً مهما ما كانت شدة الآلام، فنحن نحتاج – اليوم - لقوة جديدة، التي هي قوة المسيح القائم من الأموات، الذي هو أمس واليوم والغد بل وإلى الدهر، فليتنا اليوم وكل يوم نلمس بالإيمان شخصه العظيم لتخرج منه قوة ويقول من لمسني لأن قوة خرجت مني (لوقا 8: 46)
أن النفس تكون في كمال الصحة والعافية الداخلية حينما تكون علاقتها الروحية الصحيحة بمصدر حياتها وخلاصها الذي هو الله القدوس الحي.
فهي سرّ صحته وعافيته وحياته وقوته. فالنفس في الإنسان أعظم من جسده، بل والنفس بعلاقتها الوثيقة بالله أعظم من الذات التي تنتمي للجسد، الذي يُحركها وينُميها روح الكبرياء والتباهي بالأعمال: "ولكن بنعمة الله أنا ما أنا، ولكن لا أنا بل نعمة الله التي معي" (أنظر 1كورنثوس 15: 10)
في امتدادها نحو خالقها الذي هو منتهى راحتها وصحتها،
فإنه سيقع حتماً تحت عقوبتها، أي مرضها الروحي والنفسي، حتى يؤثر على الجسد نفسه بأمراض غريبة، فالنفس إن مرضت لا ترحم، ولا يعود للحياة كلها أي معنى بالنسبة للإنسان إن هي اعتزلت الحياة وأصابها اليأس والإحباط، لأن هذا كله يدفعها يا اما للجنون وعدم التعقل والشطط، يا أما لليأس المُدمر، حتى تتمنى الموت لأن ليس لها أي رجاء في الحياة الحاضرة ولا الآتية.
وحقاً طوبى للذي يعطش الآن لأنه زمان الملء، وطوبى لمن يشرب ويمتلئ كقول الروح: "من يعطش فليأتِ، ومن يرد فليأخذ ماء حياة مجاناً" (رؤيا 22: 17)
ويوفقكم أمام مجده بلا عيب في الابتهاج يملأ حياتكم بكل نعمة وبركة وسلام وافر؛ "ومن يثبت في تعليم المسيح فهذا لهُ الآب والابن جميعاً" (3يوحنا 9)؛ كونوا معافين باسم الثالوث القدوس من له كل إكرام وتوقير إلى الأبد آمين
 

كلدانية

مشرف
مشرف
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
64,062
مستوى التفاعل
5,420
النقاط
113
امين
دائماً مواضيعك رائعة ومميزة جداً
وفيها لمسات الرب في كلمته الحية
نفتقدك كثيرااااا استاذي


 

Maran+atha

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
2 سبتمبر 2012
المشاركات
1,906
مستوى التفاعل
464
النقاط
83
الإقامة
فى قلب المسيح
موضوع مميز من انسان رائع جدا
اذكر ضعفي اخي الحبيب ايمن أمام عرش النعمة
حتى يعيننا الله كما أعانك ليتمجد اسمه القدوس دائما آمين.
 

حياة بالمسيح

خادمة الرب
عضو مبارك
إنضم
29 أبريل 2014
المشاركات
13,217
مستوى التفاعل
1,696
النقاط
76
مواضيعك روحية عميقة تشير الى نور ورائحة المسيح الزكية التي تفوح منك
كنت نوراً وملحاً لنا كنت مسيحاً معاش عشت قديساً
هانفتقدك كثيراً صلي لاجل ضعفنا امام حبيبك رب المجد يسوع فنحن احبتك واحباؤك
ستظل مؤلفاتك شاهدة على ان المسيح كان يحيا بك
 
أعلى