الرسم المقدس الذي لنا – الصلاة حسب إنجيل بشارة الحياة

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0


الرسم المقدس الذي لنا – الصلاة حسب إنجيل بشارة الحياة


حينما نبدأ صلاتنا فأننا – عادةً – نرسم أنفسنا بعلامة الصليب ونحن ننطق باسم الثالوث القدوس وبعدها مباشرة نرفع أصواتنا بالصلاة الربانية الذي سلمها لنا رئيس الكهنة العظيم شخص ربنا يسوع المسيح وسيط العهد الجديد الذي باستحقاق ذاته دخل للأقداس العُليا وهو يحمل جسم بشريتنا ليجلِّسنا معهُ في السماوات، وهذه الطريقة عادةً تُمارس بشكل آلي عند الكثيرين، حتى أصبحت مُجرد شكل وعادة روتينية، ففقدت معناها الخلاصي، لذلك أصبحت صلاتهم بلا مذاقاً روحياً يؤصلهم في الحق ويثبت خُطاهم في طريق البرّ حسب التدبير الخلاصي المُعلن في الإنجيل، فصارت الصلاة لا تأتي بثمارها الطبيعية، لأنها لا تجعل الإنسان يصل لعرش الرحمة لينال نعمة عوناً في حينه، فيفرح ويشبع وبالبرّ يُعاين نور وجه الله الحي، فيتطبع بالطبع السماوي ويحيا كما يحق لإنجيل مسيح القيامة والحياة، وبذلك تكون الصلاة الشخصية أو حتى العامة ميتة بلا أثر واضح على النفس، لأنه ينقصها وعي الإيمان الحي العامل بالمحبة وإدراك التدبير الإلهي.
فاليوم أُريد أن تنتبهوا جداً وتفتحوا آذان قلوبكم لكي نسير معاً بهدوء في بهاء نور المجد الإلهي المُعلن لنا في سرّ إنجيل خلاصنا، لندخل لعرش النعمة لتنسكب علينا سكيباً فنبتهج بفرح لا يُنطق به ومجيد، لأنه أن لم ننتبه للسرّ العظيم المستتر في الإنجيل كقوة حياة لنا، فأننا سنفقد حياتنا المسيحية كلها، لأنها ستكون بمثابة العهد الذي عُتِّق وشاخ، وكل ممارستنا ستصير بلا معنى، بل مجرد شكل مظهري خارجي ليس له أي أثر في حياتنا كلها.
فلننتبه يا إخوتي لأن الموضوع عن جد خطير لأنه يمس حياتنا الأبدية وخبرتنا المسيحية الأصيلة، لأن الصلاة أن لم تتحول فينا لقوة حياة نعيشها فأنها ستكون روتينية مُملة، لأن تكرار الشيء يُنشئ ملل طبيعي عند أي إنسان، مع أن الصلاة بحسب طبيعتها الروحية تحمل قوة فائقة وهي مثل النسر القوي الذي يفرد أجنحته وينطلق للأماكن العُليا والجبال الشاهقة بسهولة ويُسر بلا تعب أو مشقة، لأن الصلاة تنقل الإنسان من الظلمة للنور، ومن التعب للراحة، ومن الموت للحياة، وتُشفي العلل الداخلية وتظل تعمل للوصول لكمال الصحة والعافية الروحية، وتجدد النفس وتبهج القلب وتُعطي سروراً فائقاً يجعل الإنسان يرتفع فوق الضيقات والأتعاب بصبر عظيم ناظراً لرئيس الإيمان ومُكلمه يسوع.

لذلك علينا الآن أن نكشف سرّ الرسم الملكي وقوة النطق باسم الثالوث القدوس، لكي ننطلق بعد ذلك بروعة الصلاة الربانية، لأنها تخص كهنوت عهد جديد منفرد، كهنوت لا يخص إنسان، إنما هوَّ إلهي بالدرجة الأولى، وهو حالة فريدة من نوعها، حالة انفرادية تامة مُميزة للغاية، لأن الكاهن والذبيح هو شخص واحد وسيط عهد جديد، وهو شخص اللوغوس المتجسد، حمل الله رافع خطية العالم، لذلك دائماً في اللاهوت وصحة التعليم المستقيم يقال عن شخص المسيح: "رئيس كهنة عظيم" ولا يُستخدم اسم التفضيل إطلاقاً، أي لا يقال عنه (الأعظم)، لأن هذا خطأ لاهوتي خطير يضرب جذور الإيمان المسيحي الأصيل، لأن كلمة الأعظم أو الأفضل معناها أنه يوجد آخرين لديهم نفس ذات الكهنوت الفريد الذي له وهو أعظمهم أو أعلى شئناً منهم أو رئيساً عليهم مثل كهنوت لاوي أو بمثابة هارون أول رئيساً للكهنة، وهذا خطير لأنه - على نحو خاص به وحده - منفرداً بكهنوته لأنه لا يوجد مثله في المطلق، ولم ولن يوجد من يُناظره لتتم المقارنة بينه وبينه ليكون هو الأعظم، لأنه هو المُخلِّص والوسيط الوحيد في المُطلق، وهو لا يشفع بكلام ولا بمجرد رفع صلاة مثلنا، أو حتى يتوسل لأجلنا لدى الآب، لذلك يقول بنطقه الخاص: في ذلك اليوم تطلبون باسمي ولست أقول لكم إني أنا أسأل الآب من أجلكم (يوحنا 16: 26)، لأنه باستحقاق ذاته وسلطانه دخل للأقداس العُليا ورفعنا معه بقدرته وحده، إذ جلس في مكانه الطبيعي الذي لهُ وأجلسنا معهُ، ووهبنا اسمه كقوة ضمان، لكي به ننال كل شيء باستحقاقه وليس باستحقاقنا ولا باستحقاق إنسان مهما ما على شأنه، لأنه وحده فقط من دخل إلى الأقداس، وليس تحت السماء ولا حتى فوقها أسم آخر غيره نستطيع به أن نخلُّص أو نقترب لعرش النعمة وننال أي شيء:
هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا؛ وليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أُعطي بين الناس به ينبغي أن نخلُّص؛ اسمه يسوع لأنه يُخلَّص شعبه من خطاياهم؛ وعلى اسمه يكون رجاء الأمم؛ وأن يُكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأ من أورشليم؛ له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا؛ وهو متسربل بثوب مغموس بدم ويدعى اسمه كلمة الله؛ الذي به لأجل اسمه قبلنا نعمة ورسالة لإطاعة الإيمان في جميع الأمم؛ وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه؛ فلنقدم به في كل حين لله ذبيحة التسبيح أي ثمر شفاه معترفة باسمه؛ أكتب إليكم أيها الأولاد لأنه قد غُفرت لكم الخطايا من أجل اسمه؛ اغتسلتم، بل تقدستم، بل تبررتم، باسم الرب يسوع وبروح إلهنا؛ وهذه هي وصيته أن نؤمن باسم ابنه يسوع المسيح ونحب بعضنا بعضاً كما أعطانا وصية (متى 1: 23؛ أعمال 4: 12؛ متى 1: 21؛ متى 12: 21؛ لوقا 24: 47؛ أعمال 10: 43؛ رؤيا 19: 13؛ رومية 1: 5؛ يوحنا 1: 12؛ عبرانيين 13: 15؛ 1يوحنا 2: 12؛ 1كورنثوس 6: 11؛ 1يوحنا 3: 23)
ليس أنتم اخترتموني، بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم لكي يعطيكم الآب كل ما طلبتم باسمي؛ وفي ذلك اليوم لا تسألونني شيئاً، الحق، الحق، أقول لكم: أن كل ما طلبتم من الآب باسمي يُعطيكم؛ ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجد الآب بالابن، أن سألتم شيئاً باسمي فإني أفعله؛ إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي، اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً؛ وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه (يوحنا 15: 16؛ 16: 23؛ 14: 13 – 14؛ 16: 24؛ يوحنا 20: 31)
هل وعيتم الآن يا إخوتي قوة اسم شخص ربنا يسوع المسيح، لأني أكتب إليكم الآن لتؤمنوا بوعي حقيقي بقوة الاسم العظيم الذي نحمله، لأنه اسم الخلاص ومفتاح كنز الغنى السماوي، غنى النعمة الفائقة المنسكبة من عند أبي الأنوار، لأن بدون الإيمان واستخدام اسم المسيح الرب لن ننال شيئاً مهما ما قدمنا من صلوات وأعمال تقوى بحسب إمكانيتنا، لذلك نحن نرفع الصلاة للآب باسم المسيح الرب لأن به لنا كلينا قدوماً في روح واحد إلى الآب (أفسس 2: 18)، لذلك نحن نرسم أنفسنا بالصليب وننطق باسم الثالوث القدوس. لأن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، وأما عندنا نحن المُخلَّصين فهي قوة الله (1كورنثوس 1: 18)، فنحن نرسم أنفسنا بالصليب علامة خلاص نفوسنا، وننطق باسم الثالوث لأنه بحسب التدبير خلَّصنا، لأن الآب نفسه يحبنا فبذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية، والروح القدس يأخذ من المسيح الرب ويعطينا، فهو يأخذ من بره الخاص ويكسنا.
لذلك نحن نختم أنفسنا بالإيمان، معترفين بكهنوت المسيح الفريد، لأنه هو الكاهن والذبيح، لأننا بدون كهنوته كيف نتقدم لنقف في مخادعنا أو حتى شركة صلواتنا مع الكنيسة أعضاء جسد المسيح الرب أمام الآب، فبأي سلطان نتقدم ونطلب بدون الكفارة، أي ذبيحة الصليب قوة تطهير وغسل الضمير من أعمال ميتة لكي نستطيع أن نخدم الله الحي، لأن الصلاة هي خدمة عبادة حسنة بالروح القدس الناري، الذي يُعطينا من نفس ذات الطبيعة الإلهية من جهة القداسة والبرّ لنستطيع أن نقترب من عرش النعمة دون أن نموت، لأننا كنا قبل الإيمان بالمسيح ظلمة أما الآن – بعد الإيمان – نور في الرب، لذلك حينما نأتي أمام الله نفرح بالنور ولا نهرب منه، لأن الهروب من النور معناها اننا ما زلنا ظلمة ولا نستطيع ان ننظر للوجه الحسن الذي لله الحي.
وبعدما نرسم أنفسنا بالصليب وباسم الثالوث في الوقت عينه، نستطيع بكل دالة أن ننطق ونقول بروح البنوة: أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك.. لأن هنا فقط يستطيع أن يُقدس الله اسمه فينا كأب، لأننا نتحدث إليه ونطلب كبنين له في المسيح، لأننا الآن في المسيح يسوع نحن جميعاً الذين كنا قبلاً بعيدين صرنا قريبين بدم المسيح (أفسس 2: 13)، لذلك نحن نتقدم في صلاتنا في ثقة يقين الإيمان بانفتاح البصيرة، أي بفعل الاستنارة طالبين باسم شخص ربنا يسوع، لذلك ننال كل شيء سماوي من الله الحي ونستحق في هذه الحالة أن نخدم اسمه العظيم القدوس، وخدمة الله هي بطبيعتها خدمة كهنوتية مقدسة لأننا نقدم أنفسنا ذبيحة حية مرضية عبادتنا العقلية، وذلك باسم الرب إلهنا.
اغتسلتم، بل تقدستم، بل تبررتم، باسم الرب يسوع وبروح إلهنا، لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص، لنتقدم بقلب صادق في يقين الإيمان مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير ومغتسلة أجسادنا بماء نقي؛ فلنتقدم (الآن يا إخوتي) بثقة إلى عرش النعمة، لكي ننال رحمة ونجد نعمة عوناً في حينه (1كورنثوس 6: 11؛ رومية 10: 13؛ عبرانيين 10: 22؛ عبرانيين 4: 16)
وهذه هي صلاتنا المجيدة والمختومة بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح؛ الذي بروح ازلي قدم نفسه لله بلا عيب، يُطهر ضمائرنا من أعمال ميتة لنخدم الله الحي (1بطرس 1: 19؛ عبرانيين 9: 14)، والذي بدونها لن ننال شيئاً من الله، فهل يا تُرى وعيتم قوة صلاتنا المسيحية القائمة على التبني في المسيح يسوع، أم لم يتحرك قلبكم بعد بالإيمان بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسة وفداء (1كورنثوس 1: 30).
 
التعديل الأخير:
أعلى