الخدمة الحقيقية التي من الله إخلاء وبذل حتى الموت

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
المسيح الرب انحنى بتواضع مُذْهِلٌ "ليغسل الأقدام"، ولم يجلس على كرسي الملوك والعظماء ولم يلتحف بالثياب الفاخرة، وعاش فقيراً ليس له أين يسند رأسه، لأنه في الأساس أخلى نفسه آخذاً صورة عبد، وإذ وجد في الهيئة كإنسان أطاع الأب حتى الموت، موت الصليب.
فالمسيح هو المثال الحي للرجل التقي الممسوح من الله للخدمة، فالخدمة (أي خدمة الناس لأجل الخلاص) ليست مناصب ولا كراسي عُظماء، ولا تكريم لفلان ولا احتقال بعلان، فكل من يبحث عن كرامة في الخدمة أو راحة أو احتفال فقد فقد مسحته المقدسة بالروح القدس لأجل الخدمة، وخدمته باطلة بكل المقاييس.
الخدمة إخلاء من أجل البذل، تعب مُضني ومشقة مؤلمة واحتمال آلام وأوجاع لا تنتهي حتى الموت، فالذي يُريد ان يخدم فليخلي ذاته للاستعداد أن يسير في طريق المسيح الرب، طريق الصليب الذي كله أشواك وتعب وسهر ودموع حارقة، وفيه بحث متعب عن الخروف الضائع، والاهتمام ولو بشخص واحد ضال ليرده لحضن المسيح المريح للابن المتعب والمجروح في كرامته من جراء الخطية.
لذلك أتعجب كل العجب من بعض الخدام والمعلمين، حينما يرفضون أن يذهبوا لبعض الاجتماعات بكون الحضور فيها ضعيف وليس على مستوى حضوره وهو المعلم الشهير الذي يحضر ويستمع إليه الآلاف، مع ان الرب ذهب في الطريق من أجل رجل واحد فقط أراد ان يخلصه وهو زكا، وأيضاً جلس على البئر مع السامرية وحدها، وحتى في دعوته ذهب لتلميذان ليدعوهم للسير وراءه.. الخ، فكيف يرفض خادم المسيح الرب أن يذهب لواحد مات المسيح الرب من أجله لكي يقيمه خليقة جديدة فيه!!!
في الحقيقة ينبغي أن نُعيد حسابتنا كخدام وخادمات، لأن معظمنا إلى الآن لم يخدم خدمة محبة مسيح القيامة والحياة، لأننا كلنا خدام عمله الخلاصي الذي يشعه فينا لكي نسير على نفس ذات الطريق بقوته وبمسحة الروح القدس، لكي نخدم خدمة رد النفوس بنعمة الله وقوته.
فمن يسعى للكرامة أو ليجلس على كراسي العظمة وينال مدحاً من الناس، أو يتعظم ويجد استحساناً في أعين الجميع، أو ليصير محبوباً من الناس، أو يسير في أي اتجاه آخر دون أن يتخلى عن ذاته ويخلي نفسه ويضع إكليل شوك المسيح على رأسه ويحمل صليب العار خارجاً خارج المحلة كلها تابعاً المسيح الرب للموت ولا يسعى أن يغتنى، ولا يُريد أن يكون مكتفياً بما عنده، فأنه لن يصلح أن يكون خادماً حقيقياً للمسيح ولا جندياً صالحاً لهُ، ربما يكون وصل لأعلى المراكز الكنسية لكنه لن يُحسب أبداً مع خدام مسيح القيامة والحياة، لأن من لا يخلي ذاته ليموت مع المسيح الرب فسيسظل منعزلاً عنه حتى لو كان في حضن المذبح ليلاً ونهاراً، ونشيط في الخدمة جداً، محبوباً من الجميع، ومؤيد من الكنيسة كلها من أصغرها لكبيرها.
فيا إخوتي لنسعى أن نكون مرضيين عنده، مؤيدين بروحه، ممسوحين منه، فالناس قد تكرمنا وتمدحنا أو تشتمنا، أو ترفضنا، فكل هذا لا ينبغي أن يكون محور اهتمامنا وحزن قلبنا وسبب تألمنا، بل عملنا أن نُرضي المسيح الرب ونربحه ونوجد فيه، ونسير معه خطوة بخطوة للصليب بكل وداعة وتواضع قلب وتسليم تام لمشيئته.
 
التعديل الأخير:
أعلى