كل يوم اية واحدة وتامل .. asmicheal

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة


"وخرج أيضًا نحو الساعة السادسة والتاسعة وفعل كذلك"
[متى 20 -5]



لأن فعَلَة هاتين الساعتين يمثّلان دعوة الشعب اليهودي للعمل،

السادسة تمثل عهد الآباء
يبدأ بإبراهيم فاسحق ثم يعقوب

والتاسعة تمثل عهد الأنبياء
يبدأ بموسى حتى ما قبل مجيء السيِّد المسيح. لكن الدعوة لم تكن في كل مراحلها هكذا،
ففي المرحلة الأولى دُعيت البشريّة كلها للعمل في شخص آدم،
والثانية أيضًا في شخص نوح،
والأخيرة انطلقت الكرازة للأمم خلال كنيسة العهد الجديد.
إن كان في الساعتين السادسة والتاسعة قدّم عهوده ووعوده ونبوّاته وناموسه خلال الآباء والأنبياء للشعب اليهودي


=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة


"آخرين قيامًا بطّالين
(متى 20 - 6 )


يسألهم: لماذا وقفتم ههنا كل النهار بطّالين؟! إنهم جماعة الأمم الذين عاشوا كل نهارهم في حالة بِطالة لا عمل روحي لهم، أضاعوا كل عمرهم في العبادات الوثنيّة الباطلة، فصاروا بطّالين كآلهتهم. لكنهم في تواضعٍ وانكسار قلبٍ قبلوا دعوة السيِّد المسيح، معترفين بحالهم: "لأنه لم يستأجرنا أحد" [7]

=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة
"لأنه لم يستأجرنا أحد"
[متى 20 : 7].


كانوا في شوقٍ للدعوة والعمل، فوجدوا في الصليب دعوتهم، وفي الروح القدس قوّة للعمل!
يكرّر السيِّد في هذا المثل كلمة "خرج" [ع 3، 5-6]؛ وقد كرّر معلّمنا متّى هذه الكلمة كثيرًا حينما تحدّث عن عمل الله مع البشريّة. وكأنه أراد أن يؤكّد لنا حقيقة هامة، وهي أن الله في حبّه للبشريّة لم ينتظرها ترتفع إليه، إذ تعجز عن فعل هذا، ولا طلب مبادرتها بالاعتذار عن خطئها، وإنما دائمًا وأبدًا هو الذي يبدأ بالخروج إليها بطريقة أو أخرى. خرج إليها في كل ساعة من ساعات النهار، وكأن لا عمل له غير خلاص الإنسان ومصالحته. إنه خرج إلينا بأعمال محبّته خلال خلقته كل شيء لأجلنا، وخرج إلينا بتقديمه ناموسه الإلهي، وخرج إلينا بإرساله الأنبياء وأخيرًا جاء إلينا بنفسه. خرج إلينا خلال تخلِّيه عن أمجاده، وخرج إلينا إلى الجلجثّة ليلتقي بنا على الصليب فيحملنا إليه خارج المحلّة.



=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة


الدينار الذي قدّمه السيِّد المسيح للعاملين في كرمه


في رأي العلامة أوريجينوس- هو الخلاص فقد وهب لأصحاب الساعة الحادية عشرة نعمة الخلاص، الأمر الذي تمتّع به أيضًا السابقون.

ويرى القديس أغسطينوس أن الدينار الذي يوهب للفعَلَة إنّما هو الحياة الأبديّة، قائلًا: [في هذا الأجر نتساوى جميعًا، يكون الأول كالآخر، والآخر كالأول، لأن ذلك الدينار هو الحياة الأبديّة، وفي الحياة الأبديّة الكل متساوون. بالرغم من اِختلاف ما يبلغ إليه القدّيسون فيضيء البعض أكثر والآخر أقل، إلاّ أن عطيّة الحياة الأبديّة متساوية للجميع، فلا تكون طويلة لواحد وقصيرة لآخر هذه التي هي أبديّة للجميع بلا نهاية
القديس جيروم: "الدينار" يحمل صورة الملك، لذلك إذ تذمر الأوّلون وهم يتسلّمون المكافأة كان يوبّخهم، [إذ تتسلّمون المكافأة التي وعدت بها أي صورتي ومثالي، فماذا تطلبون بعد؟!] أخيرًا يمكننا القول أن المكافأة هي التمتّع بالسيِّد نفسه فينا!

لكن هل الذي ينال المكافأة أي الخلاص أو الامتثال بالسيِّد المسيح نفسه خلال التمتّع به داخلنا يتذمر؟ إن ما قاله السيِّد مجرّد مثال ليكشف جوانب معيّنة أو فكرة معيّنة. فما عناه السيِّد هو نزع أنانيّة اليهود الذي يظنّون أن الخلاص لهم وحدهم والمسيّا قادم لهم دون غيرهم، فلو أنهم علموا أن ما يتمتّعوا به لا يمكن أن ينالوا ما هو أكثر منه [10]، لما تذمروا على فتح باب الخلاص للأمم وتقديم المسيّا حياته للجميع. لكن في المساء لا يوجد حسد ولا غيرة بل هي "ملكوت الحب"


=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة
" هؤلاء الآخرون عملوا ساعة واحدة، وقد ساويْتهم بنا نحن الذين احتملنا ثِقل النهار والحر"
[متى 20 : 12]


فمن جهة دعوا إخوتهم "هؤلاء الآخرون" كمن يستنكفون منهم، أمّا السيِّد فيجيب أحدهم: "يا صاحب"، وكأنه يتحدّث معه كصديق مع صديقه يتحاجج معه، وليس كرّبٍ يأمر عبده؛ ومن جانب آخر يتذمَّرون أنهم احتملوا ثقل النهار وحرُّه مع أن أعمالهم باطلة إن قورنت بالمكافأة الأبديّة المعدّة لهم.

سرّ التذمر هو الحسد، فقد أخذوا مالهم، ما اتفق به السيِّد معهم، لكن ما أحزنهم أن ينال إخوتهم مثلهم. لم يقم حزنهم على حرمانهم من شيء، وإنما من أجل الخير الذي ناله الغير. لهذا وبّخهم السيِّد: "يا صاحب ما ظلمتك، أمّا اتّفقت معي على دينار؟ فخذ الذي لك واذهب، فإني أريد أن أعطي الأخير مثلك، أو ما يحلّ لي أن أفعل ما أريد بمالي؟! أم عينك شرّيرة لأني أنا صالح؟! هكذا يكون الآخرون أوّلين والأوّلون آخرين" [13-15].



يختم السيِّد المسيح حديثه: "هكذا يكون الآخرون أوّلين، والأوّلون آخرين، لأن كثيرين يُدعون، وقليلين يُنتخبون"



=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة


"وفيما كان يسوع صاعدًا إلى أورشليم أخذ الاثني عشر تلميذًا على انفراد في الطريق، وقال لهم. ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يسلَّم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت. ويسلّمونه إلى الأمم لكي يهزءوا به ويجلدوه ويصلبوه، وفي اليوم الثالث يقوم"
[متى 20 : 17-19].


لقد أخذ تلاميذه على انفراد ليحدّثهم عن الأسرار الخاصة بالملكوت التي لم يكن ممكنًا للجماهير اليهوديّة في ذلك الحين أن تتقبّلها، وحتى التلاميذ كانوا غير مدركين لها. ففي المظهر الخارجي تجتمع المدينة لاستقباله كملك، أمّا هو فعيناه تتطلّعان إلى الصليب بكونه طريق الملكوت الأوحد، وكأن السيِّد يُشير إليهم أنه قادم للصليب بإرادته، يعمل ما هو ذاهب إليه، وبهذا يشجّعهم أيضًا على حمل الصليب معه.

* سبق فأخبر تلاميذه عن آلامه حتى إذ يتيقّظون متوقّعين حدوثها يستعدّون لملاقاتها

القديس يوحنا الذهبي الفم

* بهذا يتعلّمون أنه يعرف مقدّمًا آلامه العتيدة، وأنه كان يمكنه بسهولة أن يتجنّبها، لكنّه ذاهب ليلتقي بها بإرادته. لقد أخبرهم أن كل هذه الأمور التي سبق فأعلنها الأنبياء القدّيسون يدبّرها الله حتى لا يتعثّر أحد عندما تتحقّق

القديس كيرلس الكبير

* لأنه محب البشر فقد رحَّب بالموت الذي بدونه لهلك العالم في خطاياه

القديس كيرلس الأورشليمي




=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة
"لستما تعلمان ما تطلبان؛ أتستطيعان أن تشربا الكأس التي سوف أشربها أنا؟! وأن تصطبغا بالصبغة التي اَصطبغ بها أنا؟! قالا له: نستطيع. فقال لهما: أمّا كأسي فتشربانها، وبالصبغة التي اَصطبغ بها أنا تصطبغان، وأما الجلوس عن يميني وعن يساري، فليس لي أن أُعطيه إلا للذين أُعِدّ لهم من أبي" [ متى 20 : 22-23 ]


لقد وجَّه أفكارهما إلى كأس الصليب وصبغة الألم، يشربان كأسه ويُدفنان معه في معموديّته (صبغته) ليقوما معه. وإذ ظنَّا أنهما يستطيعان ذلك لم يحطِّم نفسيَّتِهما، وإنما وجَّهها إلى الآب الذي يُعد الإكليل لكل أحد. وكأنه أراد أن يقول لهما: وأنتما تظنّان أنكما قادران على شرب كأسي والدخول معي إلى معموديّة موتي، إنّما تحتاجان إلى قوّة من الأعالي لكي تستحقّا المجد الإلهي. إنكما ستشربان كأسي وتُدفنان معي، لكن هذا ليس عملكما الذاتي، إنّما هو عمل إلهي يوهَب لكما مجانًا.


يقول القديس أمبروسيوس: [يمكننا أن نفهم "ليس لي أن أعطيكم" بمعنى آخر وهو أنّني قد جئتُ لكي أعلِّم التواضع..، ما جئتُ لأُظهِر العدل بل لأقدّم حنوًا (أي أنه ليس وقت لتقديم الإكليل.]

ليتنا نتقدّم إلى حضرة ربّنا يسوع المسيح كأم ابنيّ زبدي، فيقدّم كل منّا روحه وجسده كابنين له، لا ليطلب لهما راحة زمنيّة أو كرامة باطلة مؤقّتة، وإنما لكي يدخل بهما روحه القدّوس إلى كأسه فيشربانها ويتمتّعا بالدفن معه، ويقوما حاملين سِمات المُقام من الأموات سرّ مجد لهما. عندئذ ينتظر الإنسان الإكليل الأبدي.

يُعلّق العلامة أوريجينوس على كلمات السيِّد لأم ابنيّ زبدي، قائلًا: [من يشرب الكأس التي شربها الرب يسوع سوف يجلس ويملك ويحكم إلى جانب ملك الملوك. هذا هو كأس الخلاص، من يأخذه يدعو باسم الرب. وكل من يدعو باسم الرب يخلُص (يؤ 2: 32، أع 2: 21، رو 10: 13)]

يشجّعنا القديس جيروم على الجهاد لننال مجدٍ أعظمٍ في الحياة الأبديّة خلال التواضع، قائلًا: [لو أننا جميعًا نكون متساوين في السماء فباطلًا نتّواضع هنا لنصير عظماء هناك

أخيرًا يرى القديس أمبروسيوس في تصرُّف هذه الأم جانبين، الأول أنها أخطأت في طلبها، أمّا الثاني فيغفر لها خطأها أنها بقلب الأم المملوء محبّة لم تفكر في نفسها بل في ابنيها

لا طريق للمجد الأبدي خارج الصلب معه والدفن أيضًا. وكما يقول القدّيس يوحنا ذهبي الفم: [هكذا يليق بنا أن نسلك في نفس الطريق حتى نشاركه المجد والكرامة... ما أمجد الآلام! بها نتشبّه بموته.] لكننا لا نقدر أن ندخل هذا الطريق بأنفسنا، لذا يؤكّد لنا السيِّد أنه اختارنا (يو 15: 16)، وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [الفضل هنا هو لصاحب الدعوة، وما على المدعوّين إلاّ الطاعة

كما يقول: [لا نقدر أن نجري في طريق الله إلاّ محمولين على أجنحة الروح
[الذين يعاقبون فمن أجل العدالة، أمّا الذين يكلّلون فمن أجل النعمة. فلو أنهم مارسوا ألف عمل صالح إنّما يتمتّعون بالسماء والملكوت مقابل هذه الأعمال الصغيرة لأجل حرّية النعمة، فيرتفعون إلى ما لا يقاس

=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة

"فلما سمع العشرة اغتاظوا من أجل الأخويْن. فدعاهم يسوع، وقال: أنتم تعلمون أن رؤساء الأمم يسودونهم، والعظماء يتسلّطون عليهم، فلا يكون هذا فيكم. بل من أراد أن يكون فيكم عظيمًا، فليكن لكم خادمًا. ومن أراد أن يكون فيكم أولًا فليكن لكم عبدًا. كما أن ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدم بل ليخدم، وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" [ متى 20 : 24-28].


لم يكن سهلًا على التلاميذ حتى هذه اللحظات أن يتفهّموا سرّ الملكوت السماوي، لهذا اغتاظوا من أجل الأخويْن، وعِوض أن يفرحوا ويتهلّلوا بكل نفسٍ تلتقي مع الملك لكي تملك معه اغتاظوا. كان الملكوت حتى هذا الوقت سباقًا نحو المجد الأرضي وحب السيطرة، لكن السيِّد وجَّه أنظارهم إليه هو بكونه ما جاء ليخدِمهُ الآخرون بل يخدِم الآخرين، مقدّمًا حياته فِدية عنهم.

لم يأتِ ليسود مع أنه هو السيِّد، وإنما جاء كعبدٍ ليمد يده فيغسل الأقدام المتّسخة.

فالملكوت في جوهره هو اتّحاد مع الله في ابنه يسوع المسيح، وبروحه ندخل في سِباق نحو اِحتلال الصفوف الأخيرة، كعبيد نخدم الآخرين لنرفعهم بالروح القدس من عبوديّة الخطيّة إلى مجد أولاد الله خلال اتّحادهم بابن الله الوحيد!


ما أجمل تعبير الرسول بولس: "اسْتعبَدت نفسي لكثيرين". ما كان يمكنه أن يقبل هذا، ولا استطاع أن ينفّذ ما لم يتّحد في الابن الوحيد الذي صار عبدًا من أجلنا! بقدر ما تُصلب الأنا ويرفض الإنسان الكرامة ينطلق بالروح القدس نحو أمجاد الملكوت السماوي، متنعّمًا بثماره أيضًا هنا كمجدٍ داخليٍ ونعمٍ إلهيّة لا تُقدر.

القديس أغسطينوس تعليقًا على كلمات السيِّد بخصوص خدمة الآخرين والبذل من أجلهم، هكذا: [كل واحد هو خادم للمسيح على نفس الطريقة التي بها المسيح أيضًا خادم. ومن يخدم المسيح هكذا يكرمه أبوه كرامة عظيمة، إذ يجعل ابنه معه، ولا يعوزه شيئًا من السعادة الأبديّة[742].] ويكمّل القدّيس حديثه عن الخدمة والخدّام، قائلًا: [لا تفكّروا فقط في الأساقفة والكهنة الصالحين، وإنما كونوا أنتم أيضًا خدّاما للمسيح بالطريقة الخاصة بكم، خلال حياتكم الصالحة وتقديم الصدقة والكرازة باسمه والتعليم قدر ما تستطيعون. فكل أب عائلة يعرف خلال هذا اللقب العاطفة التي يحملها كوالد لهذه العائلة. لينذِر كل أهل بيته، ويعلّمهم وينصحهم ويُصلِح من أمرهم من أجل المسيح ومن أجل الحياة الأبديّة. بهذا يمتلئ البيت من العمل الكنسي ويقوم الأب بنوع من العمل الأسقفي، خادمًا المسيح ليبقى معه إلى الأبد. فإنه حتى خدمة الآلام السامية جدًا قد مارسها كثيرون من طبقتكم (أي من الشعب). فإن كثيرين من الشبَّان والعذارى، من الرجال والنساء، آباء وأمهات، ليسوا أساقفة ولا كهنة خدموا المسيح بتسليم حياتهم للاستشهاد من أجله، فكرَّمهم الأب بقبول أكاليل مجد متزايدة

=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة
تفتيح عيون الاعميين

"ماذا تريدان أن أفعل بكما؟" [ متى 20 : 32]



في الوقت الذي فيه يُعلِن متّى البشير تفتيح أعين الأعميين إشارة إلى استنارة بصيرة المؤمنين من اليهود والأمم، اكتفي الإنجيليّان مرقس ولوقا بذكر أعمى واحد ممثِّلًا البشريّة في قبولها الإيمان ككنيسة واحدة بلا تمييز بين يهودي وأممي. يقول القديس أغسطينوس: [من هما الأعميان الجالسان على الطريق؟ إنهما هذان الشعبان اللذان جاء المسيح ليشفيهما...! اليهود والأمم، محقّقًا ما وعد به إبراهيم "ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تك 22: 18). لذلك ذهب أيضًا الرسول بعد قيامة الرب وصعوده إلى الأمم عندما ازدرى بهم اليهود... لذلك أيضًا دعا السيِّد حجر الزاوية (1 تس 2: 20) "الذي جعل الاثنين واحدًا" (أف 2: 14)، إذ يضم حجر الزاوية حائطين في اتّجاهين مختلفين (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). وأي اِختلاف مثلما كان بين المختونين والغُرْل، فقد أقام حائطًا من اليهود وآخر من الأمم، جمعهما معًا حجر الزاوية، لأن "الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأسًا للزاوية" (مز 118: 22)... إذن، فالأعميان اللذان كانا يصرخان إلى الرب إنّما هما الحائطان في هذا المثال

ويعلّل الأب غريغوريوس (الكبير) ذكر هذه المعجزة قبل دخول السيِّد أورشليم ليُصلب، قائلًا: [إذ كان التلاميذ لا يزالوا جسديّين لم يستطيعوا فهم كلمات السرّ، لذلك تمّم المعجزة. لقد فتح عينيّ الأعمى لكي يثبت إيمانهم خلال علامات من السماء

إن عدنا للأعمى أو الأعميين، فإنه ما كان يمكن أن يتمتّع بتفتيح عينيّه ما لم يدرك أولًا حاجته إلى النور وإدراكه لقوة السيِّد المسيح الشافي النفس والجسد.

يقول البابا كيرلّس الكبير: [وُجد أناس كثيرون حول يسوع... لكن الأعمى شعر بحضرته وتمسَّك به في قلبه هذا الذي لم تستطع عيناه الجسديَّتان أن تراه.] أمّا سرّ شفائه فهو صوت المسيح واهب النور، وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [صوت المسيح نور للأعمى، لأنه كلمة النور الحقيقي.]

=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة
"وقف يسوع وناداهما"
[متى 20 : 33]


إذ اقتربا إليه بقلبيهما بالإيمان نعِما بالاقتراب إليه أيضًا بالجسد وسمعا صوته. الإيمان يُحضرنا إلى السيِّد المسيح حتى نستحق الوجود معه وسماع صوته

كان الأعميان يصرخان، قائلين: "ارحمنا يا سيّد يا ابن داود" [30]، ومع هذا يسألهما: "ماذا تريدان أن أفعل بكما؟" إنه يقدّس الإرادة الإنسانيّة التي كلَّلنا بها. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [الله لا يقيِّد رغباتنا أو إرادتنا بعطاياه، لكن ما نكاد نبدأ ونُظهر الاستعداد حتى نجده يعرض علينا فرصًا عديدة للخلاص
أما الصرخات التي يلزمنا أن نقدّمها للسيّد أثناء اجتيازه، فهي صرخات الإيمان العامل. يقول القديس أغسطينوس: [من أجل محبّة هذا النور أريد أن أحثِّكم أيها الأحباء إنه يلزم أن تصرخوا بالأعمال الصالحة عندما يجتاز يسوع، فيسمع صوت إيمانك ويقف يسوع غير المتغيِّر... يفتح أعينكم

اُطلب النور الذي هو المسيح!

إن كان الأعمى يحبّ نور الجسد، كم بالأكثر يلزمنا أن نتوق إلى نور النفس؟ لنصرخ إليه لا بكلمات وإنما بالحياة الفاضلة...

الجماهير تنتهر الأعمى لكي لا يصرخ! يوجد مسيحيّون ليسوا بقليلين، هؤلاء يطلبون أن يعوقوننا عن الحياة، وذلك كالجمهور الذي سار مع المسيح وأعاقوا الصارخ للمسيح. كان الأعمى جائعًا للنور من حنوّ المسيح.

يوجد مسيحيّون كهؤلاء لكي نغلبهم ونحيا في الفضيلة، فتكون حياتنا هي الصوت الصارخ للمسيح. لنحيا الحياة الفاضلة؛ بهذا نصرخ إليه!

القديس أغسطينوس


* عملنا جميعه في هذه الحياة أيها الإخوة أن تُشفى عينا القلب اللتان بهما نُعاين الله! هذا هو غاية احتفالنا بالأسرار المقدّسة، وهدف البشارة بكرم الله!

* أيعطيك الله العين التي بها ترى الشمس التي خلقها، ولا يهبك تلك التي بها تراه هو نفسه خالقها، وقد خلقك على صورته؟ لقد وهبك إيّاها أيضًا! لقد أعطاك كليهما، لكن بمحبتك للعينين الخارجيّتين أكثر من العين الداخليّة، وباحتقارك للأخيرة صرت مريضًا وجريحًا

القديس أغسطينو
=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة
"ولما قربوا من أورشليم وجاءوا إلى بيت فاجي عند جبل الزيتون،

حينئذ أرسل يسوع تلميذين. قائلًا لهما:

اذهبا إلى القرية التي أمامكما،

فللوقت تجدان أتانًا مربوطة وجحشًا معها،

فحلاّهما وأتياني بهما.

وإن قال لكما أحد شيئًا، فقولا:

الرب محتاج إليهما،

فللوقت يرسلهما"
[متى 21 : 1-3].


كانت أورشليم تكتظ بالملايين في ذلك الوقت، جاءوا يشترون خرافًا يحتفظون بها لتقديمها فِصحًا عنهم، أمّا السيِّد المسيح -حمل الله- فتقدّم بنفسه متَّجهًا نحو أورشليم ليقدّم نفسه فِصحًا عن البشريّة بإرادته. إنه ليس كبقيّة الحملان التي تُذبح فتؤكل وتُستهلك، إنّما يقدّم جسده ذبيحة حب قادرة أن تقيم من الموت وتهب حياة أبديّة لمن ينعم بها. إنه الكاهن والذبيحة في نفس الوقت الذي يتقدّم إلى الصليب، كما إلى المذبح لكي يرفع البشريّة المؤمنة إلى الحياة الجديدة التي فيه، ويحملها معه إلى سماواته.


"جاءوا إلى بيت فاجي"، وهي قرية صغيرة جنوب شرقي جبل الزيتون، يسكنها الكهنة ليكونوا قريبين من الهيكل بأورشليم. يرى البعض أن "بيت فاجي" تعني بالعبريّة "بيت التين"، وقد سبق فرأينا في "التينة" رمزًا للكنيسة من جهة وحدتها حيث تضم بذورًا كثيرة داخل غلاف الروح القدس الحلو، خلاله يكون للكل طعمًا شهيًا، وبدونه تصير البذور بلا قيمة لا يمكن أكلها. هذه هي الكنيسة الواحدة المملوءة حلاوة خلالها يرسل السيِّد تلميذيْه ليحلاّ باسمه المربوطين، ويدخلا بالقلوب إلى أورشليم العُليا، أي رؤية السلام.

ويرى العلامة أوريجينوس
أن "بيت فاجي" تعني "بيت الفَكْ"، وكأنها تذكرنا بالفكْ الذي يُلطم عليه المؤمن الحقيقي (الخد الأيمن) فيُحوّل الآخر لمن يلطمه، مقدّمًا له الحب ليكسر شرّه. كما يذكِّرنا بالفكْ الذي ضرب به شمشون الأعداء فأهلكهم، وقد أفاض ماءً أنعشه وقت عطشه (قض 15: 19). هكذا لا نستطيع أن نلتقي بالمسيّا المخلّص كفاتح لأورشليمنا الداخليّة ما لم نقدّم خدِّنا الأيمن وأيضًا الأيسر بالحب لمضايقينا، محتملين شرّهم بصبرٍ حقيقيٍ.

هذا هو باب التمتّع بمسيحنا -الفِصح الحقيقي- الذي أفاض علينا ينبوع مياه حيّة كما مع شمشون (قض 15: 19) هو ينبوع ماء روحه القدّوس الذي يروي القلب ليحوِّله من بريَّة مقفرة إلى جنّة الله المثمرة.

يقول الإنجيلي: "ولما قربوا من أورشليم وجاءوا إلى بيت فاجي عند جبل الزيتون" [1]... ما هو جبل الزيتون الذي جاء إليه السيِّد قبيل دخوله أورشليم الذي اكتظّ بأشجار الزيتون، إلا السيِّد المسيح نفسه، الذي هو نفسه "الطريق"، هو بدايته وهو نهايته. به يدخل إلينا، وفيه يستقر! وكما يقول القديس أمبروسيوس: [لعلّ المسيح نفسه هو الجبل، فمن هو ذاك الجبل إلا الذي يقدر أن يقدّم أشجار زيتون مثمرة، لا كالأشجار التي تنحني بسبب ثِقل ثمارها، وإنما تذخر بالأمم خلال كمال الروح؟! إنه ذاك الذي خلاله نصعد وإليه نبلغ. إنه الباب وهو الطريق؛ هو الذي ينفتح لنا، وهو الذي يفتح

يقول أيضًا القديس أمبروسيوس: [لقد جاء إلى جبل الزيتون لكي يغرس الزيتون الصغير بقوّته السماويّة... إنه الزارع السماوي؛ وكل غرس يغرسه في بيت الله يعلن: "أمّا أنا فمثل زيتونة خضراء في بيت الله، توكّلت على رحمة الله إلى الدهر والأبد[752]" (مز 52: 8).]

عند جبل الزيتون أرسل السيِّد تلميذين، قائلًا لهما: "اذهبا إلى القرية التي أمامكما". بعث بتلميذيه إلى قرية ليأتيا بالأتان والجحش المربوطين بعد حلّهما، ليستخدمهما في دخوله أورشليم. معلنًا احتياجه إليهما، وقد رأى آباء الكنيسة أن كل كلمة وردت بخصوص هذا الحدث تحمل معنى يمس خلاص البشريّة، نذكر على سبيل المثال:


أولًا: الأتان والجحش يمثّلان رمزيًا العالم في ذلك الحين وقد انقسم إلى اليهود والأمم... فالرب محتاج إلى كل البشريّة حتى وإن انحطّت في فكرها إلى الأتان والجحش من جهة معرفتهم لله وسلوكهم الروحي. وكما يقول المرتّل: "صرتُ كبهيمة عندك، ولكنّني دائمًا معك" (مز 73: 22-23). في تواضع إذ يشعر الإنسان بعجزه عن إدراك أسرار الله يرى نفسه وقد صار كبهيمة عاجزة عن التفكير، فيحمل كلمة الله داخله، ويصير هو نفسه كأورشليم الداخليّة. إنه يتقبّل عمل السيِّد في حياته كما من خلال تلميذيه، يحلانه من الرباطات الأولى بالروح القدس ويقدّمانه للسيِّد كمركبة إلهيّة تنطلق في حرّية، نحو أورشليم العُليا (غل 4: 26) عِوض قريته الأولى وأعمال العبوديّة الحقيرة.

يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [لقد شبّه البشر بهذين الحيوانين لوجود مشابهات معهما... فالحمار حيوان دنس (حسب الشريعة) وأكثر الحيوانات المستخدمة للحمل غباءً، فهو غبي وضعيف ودنيء ومثقّل بالأحمال. هكذا كان البشر قبل مجيء المسيح إذ تلوّثوا بكل شهوة وعدم تعقل، كلماتهم لا تحمل رقّة، أغبياء بسبب تجاهلهم لله، فإنه أيّة غباوة أكثر من احتقار الشخص للخالق وتعبُّده لعمل يديه كما لو كان خالقه؟! كانوا ضعفاء في الروح، أدنياء، إذ نسبوا أصلهم السماوي وصاروا عبيدًا للشهوات والشيّاطين. كانوا مثقّلين بالأحمال، يئنّون تحت ثقل ظلمة الوثنيّة وخرافاتها[753].]

ويقول القديس كيرلس الكبير في هذا: [لقد خلق إله الكل الإنسان على الأرض بعقلٍ قادرٍ على الحكمة، له قُوى الفهم، لكن الشيطان خدعه؛ ومع أنه مخلوق على صورة الله أضلَّه، فلم تعد له معرفة بالخالق صانع الكل. انحدر الشيطان بسكان الأرض إلى أدنى درجات عدم التعقّل والجهل. وإذ عرف الطوباوي داود ذلك، أقول بكى بمرارة قائلًا: "والإنسان في كرامة لم يفهم، يشبه البهائم بلا فهم" (مز 49: 12). من المحتمل أن الأتان الأكبر سنًا ترمز لمجمع اليهود إذ صار بهيميًّا، لم يعطِ للناموس اهتمامًا إلا القليل، مستخفًا بالأنبياء والقدّيسين، وقد أضاف إلى ذلك عصيانه للمسيح الذي دعاه للإيمان ولتفتيح عينيّه، قائلًا: "أنا هو نور العالم، من يؤمن بي فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة" (يو 8: 12). الظلمة التي يتحدّث عنها هنا بلا شك تخص الذهن وتعني الجهل والعُمى وداء عدم التعقّل الشديد. أمّا الجحش الذي لم يكن بعد قد اُستخدم للركوب فيمثِّل الشعب الجديد الذي دُعيَ من بين الوثنيّين. فهذا أيضًا قد حُرم بالطبيعة من العقل؛ كان هائمًا في الخطأ، لكن المسيح صار حكمته "المذخَّر فيه جميع كنوز الحكمة (وأسرار) العلم" (كو 2: 3). لذلك أُحضر الجحش بواسطة تلميذين أرسلهما المسيح لهذا الغرض. ماذا يعني هذا؟ إنه يعني أن المسيح دعا الوثنيّين بإشراق نور الحق عليهم، يخدمه في ذلك نظامان: الأنبياء والرسل. فقد رُبح الوثنيّون للإيمان بكرازة الرسل الذي يستخدمون كلمات مقتبسة من الناموس والأنبياء. يقول أحدهم للذين دُعوا بالإيمان لمعرفة مجيء المسيح: "وعندنا الكلمة النبويّة وهي أثبت، التي تفعلون حسنًا إن اِنتبهتم إليها كما إلى سراج منير في موضعٍ مظلمٍ، إلى أن ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم" (2 بط 1: 19)... فإذ تفجّر النهار بإشراق نور الحق لم تعد الكلمة النبويّة سراجًا صغيرًا بل صار يضاهي أشعة كوكب الصبح.

لقد أُحضر الجحش من قرية، مشيرًا بذلك إلى حال فكر الوثنيّين غير المتمدِّن، إذ لم يكن كمن تعلَّم في مدينة، وإنما كمن عاش بطريقة ريفيّة خشنة وفَظّة... هؤلاء لا يستمرّون على هذا الحال بخصوص الذهن غير المتمدِّن، وإنما يتغيّرون إلى حالة من السلام والحكمة بخضوعهم للمسيح معلّم هذه الأمور. إذن، لقد أُهملت الأتان، إذ لم يركبها المسيح مع أنها سبق فاُستخدمت للركوب ومارست الخضوع لراكبيها، مستخدمًا الجحش الذي كان بلا مران سابق ولم يستخدمه أحد... وكما سبق فقلت لقد رفض المجمع اليهودي الذي سبق فامتطاه الناموس، وقبل الجحش، الشعب الذي أُخذ من الأمم

هذا التفسير الرمزي للقدّيس كيرلّس الكبير أخذه عن العلامة أوريجينوس القائل: [رَمَزَ للمجمع اليهودي القديم بالأتان، إذ كان مقيَّدًا بخطاياه. وكان أيضًا معها الجحش مقيَّدًا، كرمز للشعب الحديث الولادة من الأمم. وإذ اقترب المخلّص وصار الطريق لأورشليم السماويّة مفتوحًا أمر بحلِّها خلال تعاليم تلاميذه الذين أعطاهم الروح القدس، قائلًا: "اقبلوا الروح القدس، من غفرتم خطاياه تُغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أُمسكت" (يو 20: 22-23). كما يقول: [كان احتياجه هكذا أنه إذ يجلس عليهما يحرّرهما من الأتعاب، مصلحًا من أمْر من يجلس عليهما، لا بمعنى أنه هو الذي يستريح بواسطتهما


ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [يعني بالجحش الكنيسة والشعب الجديد الذي كان قبلًا غير طاهر وقد صار طاهرًا، إذ استقرّ يسوع عليه

ثانيًا: يتحدّث القديس جيروم عن التلميذين اللذين أرسلهما السيِّد، قائلًا: [أرسل تلميذيه، أحدهما لأهل الختان والآخر للأمم
أمّا القديس هيلاري أسقف بواتييه فيرى أن التلميذين قد أرسلا إلى الأمم، أحدهما إلى السامرة التي كانت لها بعض المعرفة عن الله والآخر لبقيّة الأمم، قائلًا: [الأتان والجحش يشيران إلى دعوة الأمم المزدوجة. فالسامريّون عبدوا الله خلال طقوسهم، وقد أُشير إليهم بالأتان، أمّا الأمم فيُشار إليهم بالجحش إذ لم يكونوا بعد قد تدرّبوا على الحمل. هكذا أرسل (السيِّد) اثنين لتحرير من كانوا تحت رباطات الخزعبلات. فآمنت السامرة بواسطة فيلبس، وآمن كرنيليوس بالمسيح كبكر عن الأمم بواسطة بطرس

لاحظ القديس جيروم في إنجيل لوقا البشير أن للجحش أصحاب كثيرون، وكأن هذا الشعب خاضع ليس لخطيّةٍ واحدٍ أو لشيطانٍ واحدٍ بل لكثيرين، هؤلاء الذين اِستسلموا خلال كرازة الرسل، تاركين إيّاه لسيِّده الحقيقي يسوع المسيح.



ثالثًا: يتحدّث القديس أمبروسيوس عن السلطان الإلهي الذي وُهب للتلميذين ليحلاّ الأتان والجحش، قائلًا: [ما كان يمكن حلهما إلا بأمر الرب، فاليد الرسوليّة التي من قبل الرب تحلِّهما
ويقول العلامة أوريجينوس: [هذه الأتان كانت حاملة أولًا بلعام (عد 22)، والآن تحمل المسيح، هذه التي حلّها التلاميذ، فتحرّرت من الرباطات التي كانت تقيّدها، ذلك لأن ابن الله صعد عليها ودخل بها في المدينة المقدّسة أورشليم السماويّة

ويقول القديس جيروم: [كما أرسل (السيِّد) تلميذيه ليحلاّ الجحش ابن الأتان ليمتطيه، هكذا يرسلهما إليك ليحلاّك من اهتمامات العالم وتركك للّبْْن والقش الذي لمصر فتتبعه بكونه موسى الحقيقي، وتدخل إلى أرض الموعد خلال البرّيّة



رابعًا: طلب السيِّد من تلميذيه أن يقولا لصاحب الأتان والجحش: "الرب محتاج إليهما". حقًا إنه يتطلّع إلى البشريّة كلها لا كمن يتعالى عليها، بل كمن هو محتاج إلى الجميع، يطلب قلوبنا مسكنًا له، وحياتنا مركَّبة سماويّة تحمله.

لاحظ القديس يوحنا الذهبي الفم أن السيِّد لم يطلب منهما أن يقولا: "ربَّك محتاج إليهما"، ولا أن يقولا "ربّنا محتاج إليهما"، بل قال "الرب"، وذلك [لكي يُدركون أنه رب البشريّة كلها، حتى الخطاة منتمون إليه، وإن كانوا بكامل حرّيتهم قد اِنتموا إلى الشيطان

والعجيب أن صاحب الأتان والجحش لم يجادلهما بل سلَّم بملكِه للسيِّد، وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [إن كان الذي لم يعرف المسيح خضع له، فكم بالأحرى يليق بتلاميذه أن يقدّموا له كل شيء



خامسًا: يُعلن الإنجيلي متّى أن ما يحدث قد سبق فأنبأ به زكريّا النبي: "فكان هذا كلّه لكي يتمّ ما قيل بالنبي القائل: قولوا لابنة صهيون هوذا ملكك يأتيك وديعًا راكبًا على أتان وجحش ابن أتان" [4]. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [إذ عرف النبي، أعني زكريّا، حقد اليهود ومقاومتهم للمسيح عند صعوده للهيكل، سبق فحذَّرهم، معطيًا لهم هذه العلامة لكي يعرفوه

لقد أعلن السيِّد المسيح حبّه لعروسه فتصاغر أمامها لكي يخدمها، فعند دخوله إلى أورشليم ليمد يده للنفس البشريّة كعروس له، لم يتَّخذ لنفسه مركبًا وخيلًا ورجالًا يجرون أمامه، كما فعل أبشالوم بن داود عند دخوله مدينة أبيه (2 صم 5: 1)، ولا اِتخذ لنفسه عجلات وفرسانًا كما فعل أدونيا (1 مل 1: 5)، ولم يبوِّق قدَّامه بالبوق والناي كما حدث مع سليمان (1 مل 1: 38-40). الجالس في سماء السماوات سبق فأرسل إلى إيليّا مركبة ناريّة، أمّا هو فركب أتانًا وجحش ابن أتان، مع أنه هو الذي رآه إشعياء جالسًا على كرسي عظمته على مركبة الكاروبيم على كرسي عال مرتفع وأذياله تملأ الهيكل (إش 6: 1) وكما ينشد القديس يعقوب السروجي قائلًا:

[حبَّك أنزلك من المركبة إلى الجحش العادي.

عِوض جنود الكاروبيم غير المفحوصين، يبجِّلك جحش متواضع في بلدنا!


أنزلتْكَ المراحم من بين العجل والوجوه وأجنحة اللهب، لكي يبجّلك ابن الأتان في المركبة. يجاهر السمائيّون ببهائك، وهنا الجحش الحقير المزدرى به يحملك بين السمائيّين.

كاروبيم النار يباركونك طائرين، وهنا الأطفال يمجّدونك بتسابيحهم.

ملائكة النور... يهيّئون طريقه، والتلاميذ هنا يلقون قدامه ثيابهم.

نزل الجبار من عند أبيه ليفتقد مكاننا، وبإرادته بلغ إلى منتهى التواضع.

ركب الجحش ليفتقد بالتواضع شعبه.

زكريّا النبي حمل قيثارة الروح، وأسرع قدّامه بترتيل نبوّته بابتهاج، شدّ أوتاره وحرَّك صوته وقال: "افرحي يا ابنة صهيون واهتفي واصرخي، لأن ملكك يأتي، وها يبلغ راكبًا جحشًا ابن أتان" (زك 9:9)

ويُعلّق القديس يوحنا الذهبي الفم على استخدام السيِّد للأتان والجحش، قائلًا: [إن كان النبي قد عاش قبل مجيئه بزمان طويل يقول "هوذا" (زك 9:9)، ليوضّح أن من يتكلَّم عنه هو ملكهم حتى قبل أن يولد. متى رأيتموه لا تقولوا: ليس لنا ملك إلا قيصر، فقد جاء إليكم ليخلّصكم إن فهمتموه، أمّا إن لم تفهموه فيأتي ضدَّكم. جاء "وديعًا" حتى لا تهابوا عظمته، بل تُحبُّون رقَّتِه. لا يأتي جالسًا على مركبة ذهبيَّة، ولا ملتحفًا بالأرجوان، ولا راكبًا على فرس ناري، كمن يشتاق إلى الخصام والصراع، وإنما يأتي على أتان صديقًا للهدوء والسلام

=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة


"فذهب التلميذان وفعلا كما أمرهما يسوع. وأتيا بالأتان والجحش، ووضعا عليهما ثيابهما، فجلس عليهما. والجمع الأكثر فرشوا ثيابهم في الطريق"
[متى 21 : 6-8].



تقديم الثوب إلى شخص يُشير إلى ترشيحه للرئاسة (إش 3: 6)، وهنا تقدّم التلاميذ نيابة عن الكنيسة يُعلنون قبولهم العريس رأسًا ورئيسًا.

ألقوا بالثوب القديم ليتمتّعوا بالسيِّد المسيح نفسه كثوب البرّ الذي يلتحفون به ويختفون فيه. نزعوا ثوب السجن مع يهوياكين (إر 52: 33) حتى يقدروا أن يجالسوا العريس ملك الملوك، فيسمعوا مناجاته: "ما أحسن حبِّك يا أختي العروس... رائحة ثيابِك كرائحة لبنان" (نش 4: 11). أمّا هم فيردّدون: "فرحًا أفرح بالرب، تبتهج نفسي بإلهي، لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص، كساني رداء البرّ، مثل عريس يتزيَّن بعمامة ومثل عروس تتزيّن بحليّها" (إش 61: 10).

يتحدّث القديس جيروم عن هذه الثياب، قائلًا: [ثياب التلميذين التي وضعاها على الحيوان تُشير إلى تعليم الفضيلة أو تفسير الكتاب المقدّس وإلى الحق الذي للكنيسة، فإن لم تتزيّن النفس بهذه الأمور وتلتحف بها لا تستحق أن تحمل الرب


=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة
"وآخرون قطعوا أغصانًا من الشجر وفرشوها في الطريق"
[متى 21 : 8]



أعلن الشعب عن فرحة الكنيسة بنصرتها بالرب. وقد اختلط سعف النخل بأغصان الزيتون، وكأن روح النصرة قد امتزجت بروح السلام، إذ دخل الأسد ليرقد في القبر، فيفزع الموت، ويفجِّر أبواب الجحيم، مقدّمًا سلامًا فائقًا للنفس بارتفاعها فوق الموت، ودخولها إلى حضن الآب في مصالحة أبديّة. يقول القديس أغسطينوس: [سعف النخيل شعار للمدح، يعني النصرة، فقد كان الرب قادمًا للنصرة على الموت بالموت، وهزيمة الشيطان رئيس الموت بصليبه الغالب

ولعلّ أغصان الشجر هنا تُشير إلى نبوّات العهد القديم التي تقتطعها لكي تفرش لنا طريق دخول المسيّا المخلّص إلى قلبنا، فإنه ما كان يمكن للعالم أن يتقبّل ربّنا يسوع بكونه المسيّا المخلّص لو لم تُفرش هذه النبوّات أمامه في أذهاننا وقلوبنا تُعلن عن شخصه.

=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة
"والجموع الذين تقدّموا والذين تبعوا، كانوا يصرخون، قائلين: أوصانا لابن داود، مبارك الآتي باسم الرب، أوصنا في الأعالي"
[ متى 21 :9]



استقبلته الجماهير بفرح وتهليل كملك "ابن داود"، إذ وحده يقدر أن يخلّصهم، ويرتفع بهم إلى الأعالي. لكن ماذا يعني بالجموع التي تقدّمته والتي تبعته. يقول القديس جيروم: [جموع الذين آمنوا بالرب قبل الإنجيل (التي تقدّمته)، والذين آمنوا به بعد الإنجيل (تبعته)، فالكل يسبّح معًا بصوت واحد ويشهدون له.] هذا التفسير الرمزي التقطه القديس جيروم عن العلامة أوريجينوس القائل: [يمكننا القول بأن الذين تقدّموه هم الأنبياء القدّيسون الذين عاشوا قبل مجيئه، أمّا الذين تبعوه، فهم الرسل الذين التصقوا به بعد مجيء الله الكلمة. أعلن الكل نفس الشيء، متّحدين معًا بصوت واحد: إن المخلّص قد تأنّس.] ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [السابقون أعلنوا بالنبوّة عن المسيح الآتي، والآخرون سبَّحوا معلنين أن مجيئه قد تحقّق.]

هكذا استقبلته الجماهير، تقدّمته جماعة بالتهليل ممثّلة رجال العهد القديم الذين رأوه بعينيّ الإيمان خلال النبوّة، وتبعته جماعة خلفه تسبِّحه كممثّلة لرجال العهد الجديد الذين تمتّعوا بما اشتهاه الأنبياء.

أما تسابيحهم فتركّزت في إعلان الخلاص، قائلين: "أوصنا" أو "هوشعنا"، وهي كلمة عبريّة تركت في أغلب الترجمات كما هي، لذلك يراها القديس أغسطينوس أداة تعجّب تكشف عن حالة ذهنيّة أكثر منها معنى خاص، وإن كان أغلب الآباء والدارسين يرون فيها معنى "خلصنا". وكما يقول القديس جيروم: [أنها تعني أن مجيء المسيح هو خلاص العالم.]

أما قوله "أوصنا لابن داود... أوصنا في الأعالي" فكما يقول العلامة أوريجينوس: [مدحوا ناسوتيتّه بصراخهم: "هوشعنا يا ابن داود"، ومدحوا إصلاحه، هذا يعني أن الخلاص هو في الأعالي، مشيرًا بوضوح إلى أن مجيء المسيح يعني الخلاص الذي لا يمس البشر وحدهم بل المسكونة كلها، رابطًا الأرضيّات بالسماويات (في 2: 10).] ويُعلّق القديس أغسطينوس على قوله "مبارك الآتي باسم الرب قائلًا: [لنفهم من قوله "باسم الرب" بالأكثر "اسم الله الآب"، وإن كان يمكن أن يُفهم على أنه باسمه هو بكونه الرب... لقد قال بنفسه: "أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلونني، إن أتى أحد باسم آخر فذلك تقبلونه" (يو 5: 43). فإن المعلّم الحقيقي للتواضع هو المسيح الذي أخلى نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب (في 2: 8)، لكنّه لم يفقد لاهوته بتعليمه التواضع. فبالواحد هو مساوٍ للآب، وبالآخر هو مشابه لنا نحن. بذاك الذي هو مساوي للآب دعانا إلى الوجود، وبالذي صار به مشابهًا لنا، خلَّصنا من الهلاك




=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة

"ولما دخل أورشليم اِرتجَّت المدينة كلها قائلة: من هذا.؟ فقالت الجموع: هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل"
[ متى 21 :10-11]


هكذا إذ دخل يسوعنا الحيّ إلى أورشليمنا الداخليّة ليُقيم ملكوته فينا بالصليب يرتج القلب كلّه مقدّمًا كل مشاعره وأحاسيسه وحبّه للملك الجديد، فيستعيد سلامه ويدخل إلى المصالحة مع السماء، بل ويصير سماءً جديدة!

=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة
"مكتوب بيتي بيت الصلاة يُدعى وأنتم جعلتموه مغارة للصوص"
[متى 21 : 13]



ما هو هذا السوط إلا الروح القدس الذي يرسله الابن من عند الآب ليبكِّت على خطيّة، ويهب التوبة الداخليّة، ويعطي حِلًا من الخطيّة خلال الكنيسة؟!
بالروح القدس الناري يعيد الرب لمقدسه فينا قدسيَّته التي فقدها، بتحويل حياتنا الداخليّة عن "حياة الصلاة" إلى عمل تجاري حتى في الأمور الروحيّة. عِوض أن يكون القلب خزانة إلهيّة تضم في داخلها السيِّد المسيح نفسه كنزًا سماويًا لا يفنى يرتبك بحسابات الصيارفة وتجارة الحمام، فينزع عنه سلام الله الفائق ليقتني لنفسه ارتباكات زمنيّة خانقة للنفس.

يرى القديس جيروم أن الكهنة اليهود كانوا يستغلِّون عيد الفِصح حيث يأتي اليهود من العالم كلّه لتقديم الذبائح، فحوَّلوا الهيكل إلى مركز تجاري، أقاموا فيه موائد الصيارفة ليقدّموا القروض للناس لشراء الذبائح، يقدّمونها لا بالربا إذ تمنعه الشريعة، وإنما مقابل هدايا عينيّة، هي في حقيقتها ربا مستتر.

هذه صورة مؤلمة فيها يتحوّل هيكل الرب عن غايته، ويفقد الكهنة عملهم الروحي، ويحوِّلون رسالتهم إلى جمع المال. وكما يقول العلامة أوريجينوس: [ليُطرد كل إنسان يبيع في الهيكل، خاصة إن كان بائع حمام... أي يبيع ما يكشفه له الروح القدس (الحمامة) بمالٍ ولا يُعلّم مجَّانًا، يبيع عمل الروح فيُطرد من مذبح الرب

يفقد الرعاة عملهم الروحي ويحوِّلون كلمة الله ومواهب الروح القدس وعطاياه إلى تجارة. وكما يقول القديس جيروم: [يدخل يسوع كل يوم إلى هيكل أبيه ويطرد من كنيسته في كل العالم أساقفة وكهنة وشمامسة وشعبًا موجِّهًا إليهم ذات الاتهام، أنهم يبيعون ويشترون. وما أقوله عن الكنائس يطبِّقه كل واحد على نفسه، إذ يقول الرسول "أنتم هياكل الله وروح الله ساكن فيكم". ليخلوا بيت قلبنا من كل تجارة ومقر للبائعين والمشترين ومن كل رغبة للحصول على هدايا، لئلا يدخل الرب ثائرًا ويُطهّر هيكله بلا تراخٍ بطريقة أخرى غير السوط، فيُقيم من مغارة اللصوص وبيت التجارة بيتًا للصلاة.]

يُعلّق القديس جيروم على طرد باعة الحمام وقلب موائد الصيارفة هكذا: [يظن معظم الناس أن أعظم معجزاته هي إقامة لعازر من الأموات أو تفتيح عينيّ المولود أعمى... وفي نظري أن أعجَبَها هي أن شخصًا واحدًا منبوذًا بلا اعتبار (ليس له مركز ديني معيَّن) قُدِّم للصلب استطاع أن يضرب بسوط الكتبة والفريسيين الثائرين ضدّه، والذين يشاهدون بأعينهم دمار مكاسبهم، فيطرد الجمع الكبير ويقلب الموائد ويحطَّم الكراسي، فإن لهيبًا ناريًا ملتهبًا كان يخرج من عينيّه، وعظمة لاهوته تشعْ على وجهه، فلم يتجاسر الكهنة أن يمدُّوا أيديهم عليه.]

على أي الأحوال، بحسب الحسابات البشريّة خسر الهيكل في نظر القادة الدينيّين في ذلك الوقت الكثير، إذ طرْد الباعة والمشترين وقلبْ موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام، لكن بمنطق الإيمان نال الهيكل قدسيَّته بحلول السيِّد نفسه فيه، الأمر الذي لا يهمهم في شيء. عِوض التجارة الزمنيّة حلّ الكنز السماوي نفسه يملأ الهيكل سلامًا ومجدًا، واهبًا نورًا لعيون العمي وإمكانيّة للعرج أن يمشوا


=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة

"وتقدّم إليه عًمي وعرج في الهيكل فشفاهم"
[متى 21 : 14]


القديس جيروم: [لو لم يقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام ما كان يستحق العمي والعرج أن يستردّوا النور، ويصيروا سريعين في المشي.

إذ يحلّ الرب في القلب يحطَّم الشرّ وكل ما يتعلق به، لتحل بركة الرب فينا، فعِوض العمى الروحي تنفتح أعيننا الداخليّة لمعاينة السماويّات، وتشفي أرجلنا الداخليّة لتنطلق النفس بقوة الروح نحو الأبديّة، بعد أن توقَّفت زمانًا طويلًا لا تقدر على السير في الطريق الملوكي.

=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة


فلما راى رؤساء الكهنة و الكتبة العجائب التي صنع و الاولاد يصرخون في الهيكل و يقولون اوصنا لابن داود غضبوا

و قالوا له اتسمع ما يقول هؤلاء فقال لهم يسوع نعم اما قراتم قط من افواه الاطفال و الرضع هيات تسبيحا

(متى 21 : 15 -17 )


بينما انفتحت ألسنة الأطفال والرُضَّع بالتسبيح [16] غضب رؤساء الكهنة والكتبة. الأطفال الصغار لم يقرأوا النبوّات ولا رأوا المعجزات، لكن قلوبهم البسيطة انفتحت للملك فطفقت ألسنتهم العاجزة تنطق بالفرح الداخلي والمجيد. أمّا رؤساء الكهنة والكتبة فقد أُؤتُمنوا على النبوّات وقاموا بشرحها، وجاء المجوس يؤكّدونها، ونظروا المعجزات، لكن قلوبهم المتحجِرة أُغلقت أمام الملك، فامتلأت غمًا، وعِوض التسبيح صرخوا غاضبين: "أتسمع ما يقول هؤلاء؟" [16]. حقًا لقد أعلن الأطفال ملكوت الله المُفرح بينما كشف رؤساء الكهنة بضيقهم عن ملكوت الشرّ فاقد السلام. يقول الأب موسى: [أينما وُجد ملكوت السماوات فبالتأكيد تكون الحياة الأبديّة بفرح، وحيثما وُجد ملكوت الشيطان فبلا شك يوجد الموت والقبر، ومن يكون في ملكوت الشيطان لن يقدر أن يحمد الله، إذ يخبرّنا النبي، قائلًا: "ليس الأموات يسبّحون الرب، ولا من ينحدر إلى أرض السكوت، أمّا نحن الأحياء الذين نعيش لله وليس للخطيّة أو للعالم فنُبارك الرب من الآن وإلى الدهر. هليلويا (مز 115: 17-18)


=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة

"ثم تركهم وخرج خارج المدينة إلى بيت عنيا،

وبات هناك"

( متى 21 : 17 )



إن رجعنا إلى سفر حزقيال نجد الله يهتمّ بمن يسمِّيهم "البقيَّة" وهم جماعة قليلة أطاعت الرب وسمعت له، يهتمّ الله بها حتى وسط التأديبات القاسية التي خضع لها الشعب بكهنته ورؤسائه. هنا أيضًا إن كانت أورشليم قد ثارت ضدّ السيِّد خلال الكتبة والفرّيسيين والصدّوقيّين مع الكهنة ورؤساء الكهنة، لكنّه وجد موضع راحة في قرية قريبة تُسمى "بيت عنيا"، إنه يهتمّ أن يذهب إلى هذا البيت الذي هو بيت لعازر ومريم ومرثا ليستريح فيه.

"بيت عنيا" يعني "بيت العناء أو الألم". فإن كان العالم يجري وراء الترف واللذّة الزمنيّة فلا يجد الرب راحته إلا في القلب الذي يصير "بيت عنيا"، محتملًا الآلام من أجل الملكوت. لقد خرجت الألوف في أورشليم تستقبل السيِّد، لكنّه لم يجد قلوبًا منفتحة لاستقباله مثل أصحاب هذا البيت!

القديس جيروم على ذهاب السيِّد إلى بيت عنيا قائلًا: [كان شديد الفقر بعيدًا كل البعد عن التملُّق فلم يجد في المدينة الكبيرة (أورشليم) مأوى أو مسكنًا، إنّما سكن عند لعازر وأختيْه في بيت صغير جدًا في بيت عنيا.]

=
 
التعديل الأخير:

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة

و في الصبح اذ كان راجعا الى المدينة جاع

فنظر شجرة تين على الطريق و جاء اليها فلم يجد فيها شيئا الا ورقا فقط فقال لها لا يكن منك ثمر بعد الى الابد فيبست التينة في الحال

فلما راى التلاميذ ذلك تعجبوا قائلين كيف يبست التينة في الحال

فاجاب يسوع و قال لهم الحق اقول لكم ان كان لكم ايمان و لا تشكون فلا تفعلون امر التينة فقط بل ان قلتم ايضا لهذا الجبل انتقل و انطرح في البحر فيكون
و كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه


( متى 21 : 19 - 22 )



ما كان يمكن أن تقوم مملكة السيِّد إلا بهدم مملكة الظلمة، لهذا إذ أراد غرس كرمه المقدّس التزم أن يحطَّم التينة العقيمة. حقًا لقد كان للتينة ورقها الجذّاب، يأتي إليها الجائع ظنًا أنه يجد ثمرًا، لكنّه يرجع جائعًا. هكذا كان لليهود ورقهم الأخضر من معرفة عن الله وحفظ للشريعة وتسجيل للنبوّات. لكن مع هذا كلّه لم تكن لهم الحياة الداخليّة التي تقدّم ثمرًا. لقد ارتبطوا بالشكل الخارجي البرّاق دون التمتّع بالأعماق الحيّة، اهتموا بالحرف دون الروح
لذلك فإن ما فعله السيِّد، هو هدم للحرف لإقامة الروح الواهب الحياة.


القديس أغسطينوس على لَعن شجرة التين، بقوله:

[أدرك الرب يسوع أن شجرة معيّنة تستحق أن تصير يابسة، إذ لها الورق دون الثمر. هذه الشجرة هي مجمع اليهود... كان لديهم كل كتابات الأنبياء التي لم تكون إلا أوراقًا، والمسيح جائع يطلب ثمرًا فيهم فلا يجد، إذ لم يجد نفسه بينهم. فمن ليس له المسيح ليس له ثمر. من لا يتمسَّك بوحدة المسيح لا يكون له المسيح، وأيضًا من ليس له المحبّة... اسمع الرسول يقول: "وأما ثمر الروح فهو محبّة" (غل 5: 22) مظهرًا عظمة هذا العنقود خلال هذه الثمرة

القديس أغسطينوس [إنه قد جفَّت تينة اليهود التي رفضت أن تحمل المسيح فيها ثمرًا حيًا، لهذا يقول الرب "أوصَى الغَيْم أن لا يُمطر عليها مطرًا" (إش 5: 6)، لكن بالإيمان انطلق السيِّد المسيح الجبل الحقيقي وانطرح في بحر الأمم، ليتحقّق القول النبوي "جعلتُك نورًا للأمم ليكون خلاص إلى أقصى الأرض" (إش 49: 6).]


القديس مار فيلوكسينوس: [الإيمان يعطي الإنسان قوّة إلهيّة فيه، حيث يؤمن أن كل شيء يريده يفعله!]



=
 
التعديل الأخير:
أعلى