لماذا تستخدمون البخور وآلات الغناء في العبادة وهى عادات وثنية

فادى نور

Member
عضو
إنضم
8 مايو 2011
المشاركات
94
مستوى التفاعل
13
النقاط
8
 

المجتمع: لماذا تستخدمون البخور وآلات الغناء في العبادة وهى عادات وثنية.

المسيحي: إن استخدام البخور في العبادة هو أمر إلهي أعطاه الله لموسى عندما رسم له تصميم خيمة الاجتماع التي فيها يقدمون صلواتهم وذبائحهم.

 

فأولًا: أمره بتخصيص مذبح للبخور في خيمة الاجتماع حيث يجتمع به، ويغشيه بذهب نقى ويوقد عليه هرون بخورًا عطرًا كل صباح وفي العشية. بخورًا دائمًا أمام الرب (خر30: 1).

 

ثانيًا: أمر الله موسى بصنع البخور الذي يقدمه مع العبادة من فوق المذبح، ووضع له تركيبة معينة من المواد المكونة له ونِسَبَ إضافتها وكيفية صنعه (خر30: 34-36).

 

ثالثًا: أعطى الله قدسية خاصة لبخور العبادة الذي أمر به. فقال لموسى "قدس أقداس يكون عندكم (خر30: 36-38). ونهاه عن استعماله في غير العبادة، وأنذر بالعقاب كل مَن يتجرأ على ذلك، وأن لا يُصعدوا على مذبح البخور بخورًا غريبًا (خر30: 9). وقد أظهر الله غضبه على ابنيّ هارون عندما قربا أمام الرب نارًا غريبة. فخرجت نار من عند الرب وأكلتهما فماتا أمام الرب (لا10: 1).

 

رابعًا: ظل البخور يستخدم في العبادة في الهيكل إلى وقت مجيء المسيح كما يذكر الإنجيل أنه عندما ظهر ملاك الرب لزكريا الكاهن يبشره بميلاد ابنه يوحنا كان يبخر في هيكل الرب، وكان ظهور الملاك له عن يمين مذبح البخور (لو1: 10، 11). بل إن البخور في حد ذاته يعتبر ذبيحة رضا أمام الرب لرفع غضبه. كما حدث عندما أمر موسى هرون بأن يذهب مسرعًا بمجمرة البخور إلى الجماعة ويكفِّر عنهم (عد16: 46). فارتفع الوبأ عنهم.



هذا ترتيب البخور في العبادة اليهودية ولم يتغير في العبادة المسيحية لأنه كان يستخدم حينذاك كجزء من العبادة في حد ذاته وليس رمزًا لشيء آخر مثل الذبائح والغسلات الجسدية وغيرها.



حتمية امتداد استخدام البخور في كنيسة العهد الجديد:

وكان لابد أن يمتد استخدام البخور في كنيسة العهد الجديد.

 

أولًا: لأنه هكذا تنبأ ملاخي النبي أنه ستكون للرب تقدمة وبخور لاسمه في جميع الأمم فقال "لأنه من مشرق الشمس إلى مغربها اسمي عظيم بين الأمم. وفي كل مكان يُقَرَّب لاسمي بخور وتقدمة طاهرة" (مل1: 10، 11).

 

ثانيا: إن البخور الروحاني يقدم في السماء بواسطة الملائكة حيث يصعدونه إلى الله مع صلوات القديسين كما أشار إلى ذلك القديس يوحنا في رؤياه عن الأربعة والعشرين قسيسًا لهم كل واحد جامات من ذهب مملوءة بخورًا هي صلوات القديسين (رؤ5: 8)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. كذلك الملاك الذي وقف عند المذبح "ومعه مبخرة من ذهب وأُعِطىَ بخورًا كثيرًا لكي يقدمه مع صلوات القديسين على مذبح الذهب الذي أمام العرش. فصعد دخان البخور مع صلوات القديسين من يد الملاك أمام الله" (رؤ8: 1-4). فإن كان الملائكة يقدمون البخور لله في السماء مع الصلوات. فهذا يوجب علينا تقديم البخور ملازمًا لصلواتنا هنا على الأرض. وإن كنا لا نعرف ماهية البخور الذي يقدمونه.

 

ثالثًا: البخور يقدم تكريمًا لِمَن يُقَدَّمُ له. فقد كان يقدم لإكرام الآلهة والملوك والموتى فكان يصحب العبادة منذ القدم عند شعوب كثيرة مثل المصريين واليونان وغيرهم. كما كانوا في الشرق يقدمونه للملوك كعلامة للإكرام. وقد رأينا المجوس من عظماء المشرق قدموا للمسيح عند ولادته لبانًا ضمن هداياهم (مت2: 11). وقد قدموا له الهدايا باعتباره ملك اليهود. كما كان يقدم أيضا لإكرام الموتى فعندما مات آسا ملك يهوذا "أضجعوه في سرير كان مملوءًا أطيابًا وأصنافًا عطرة وأحرقوا له حريقة عظيمة جدًا" (2أى16: 14). كذلك المؤمنون يقدمون البخور إكرامًا للرب.

 

رابعًا: للبخور خصائص تزكيه لمصاحبته للصلاة والتقديس المقدميْن إلى الله:

أ فإنه ذو رائحة زكية كما يصفه الكتاب أنه "بخور عطر" (خر25: 6). ومصاحبة البخور للصلوات برائحته العطرة يدفعنا إلى الصلوات النقية المرفوعة أمام الله فيقبلها بسرور ورضى كما لو كان يشتم رائحة البخور العطرة لأنها تسر القلب كما يقول سليمان الحكيم "الدهن والبخور يُفَرِّحان القلب" (أم27: 9). ولذلك صلَّى داود النبي قائلًا "لتستقم صلاتي كالبخور قدامك" (مز141: 2).

ب طبيعة البخور أن دخانه ينتشر على هيئة سحب تملأ المكان كله. وكلما كانت كثيفة كلما أضفت على المكان هيبة ورهبة. وهى الصورة التي كانت تواكب ظهورات الله المتكررة لشعبه قديمًا. لذلك قال الرب لموسى "إن هرون يأخذ ملء راحته بخورًا فتغشى سحابة البخور الغطاء الذي على تابوت الشهادة" (لا16: 12). حيث كان يتراءى الله لموسى ويكلمه.

ح من طبيعة البخور أيضًا تسامى دخانه وارتفاعه إلى فوق كما لو كانت صلواتنا ترافقه في تساميه وارتفاعه لكي تصعد إلى الله في سكناه في السماء. مما ينعش روحانية الصلاة ويرفع قلوبنا مع أبصارنا نحو السماء راجين بلوغ صلواتنا إلى أذنيّ الله فيقبلها لكي يرضى عنا ويُسَر بنا.

 

خامسًا من المريح لنا أيضًا أن نعرف أن البخور بمواده المركَّب منها مطهر لجو المكان من الميكروبات. وبذلك يصبح ذا فائدة صحية للجموع التي تملأ دور العبادة بجانب تأثيره الروحي ووجوبه الديني.

 

الرد على الاعتراض:

أما القول بأن الوثنيين يستخدمون البخور. فلئن كانت الشعوب القديمة تستعمل البخور في عبادتها فهذا يرجح أن الآباء المؤمنين قد استعملوه وأن الشعوب قد نقلت هذا عنهم بالتقليد وليس العكس.

وإن كان الوثنيون يقدمون البخور لمعبوداتهم، وفي نفس الوقت يقدمون الصلوات والأصوام والفضائل، فهل نبطل هذه أيضًا لأن الوثنيين يقدمون أمثالها؟

إن صورة التقديس التي أعطاها الله لبخور العبادة في بيته تبعده كلية عن البخور في عبادة الأوثان. كما أن الرب يعلن غضبه على من يقدمون البخور للأوثان وليس له وذلك في قوله لأمة إسرائيل على فم إرميا النبي "ورب الجنود غارسكِ قد تكلم عليكِ شرًا من أجل شر بيت إسرائيل وبيت يهوذا الذي صنعوه ضد أنفسهم ليغيظوني بتبخيرهم للبعل" (إر 11: 17).

أما الآلات الموسيقية فقد عرفها الإنسان من بدء الخليقة. فيوبال الحفيد الخامس لقايين ابن آدم يقول عنه الكتاب "كان أبًا لكل ضارب بالعود والمزمار، وأخوه توبال ضارب كل آلة من نحاس وحديد" (تك 4: 21، 22).

وقد استخدمها الإنسان في تمجيد الله والتسبيح له. كما حدث عندما ردَّ الرب على فرعون ومركباته ماء البحر. حينئذ أخذت مريم النبية أخت هرون الدُّف بيدها والنساء وراءها بدفوف ورقص. وأجابتهم مريم رنموا للرب فإنه قد تعظم. الفرس وراكبه طرحهما في البحر (خر15: 20، 21).

واستخدمها الأنبياء في التسبيح الذي يرافقهم في التنبؤ. مثلما لاقى شاول الأنبياء وأمامهم رباب ودف وناى وعود وهم يتنبأون (1صم10: 5) وأليشع النبي عندما لجأ إليه ملك إسرائيل يطلب منه كلام الرب قال "الآن فأتوني بعوَّاد. ولما ضرب العواد بالعود كانت عليه يد الرب فتكلم" (2 مل 3: 15).

وعند بدء المحرقة ابتدأوا نشيد الرب "وكان كل الجماعة يسجدون والمغنون يغنون والمبوقون يبوقون إلى أن انتهت المحرقة" (2أى29: 25 28).

واستخدمها داود في محاربة الروح الرديء الذي كان متسلطًا على شاول. فعندما "أخذ العود وضرب بيده كان يرتاح شاول ويطيب. ويذهب عنه الروح الرديء" (1صم16: 23).

كذلك أصعد داود تابوت الرب بآلات التسبيح "بأغاني وعيدان ورباب ودفوف وصنوج وأبواق" (1أى13: 8).

وعندما اقتربوا ليضعوا التابوت في خيمة الاجتماع "أمر داود رؤساء اللاويين أن يوقفوا إخوتهم المغنين بآلات غناء" (1أى15: 16).

وعيَّن داود للغناء في بيت الله "أربعة آلاف يسبحون للرب بالآلات التي عُمِلت للتسبيح" (1أى23: 5). أما نظام تسبيحهم في القدس "من قدامٍ المغنون. من وراءٍ ضاربو الأوتار. في الوسط فتيات ضاربات الدفوف" (مز68: 24، 25). "ولما أسس البانون هيكل الرب أقاموا الكهنة بأبواق، واللاويين بنى آساف بالصنوج لتسبيح الرب على ترتيب داود ملك إسرائيل" (عز3: 10). ونظَّم داود اللاويين للتسبيح والتمجيد نوبة مقابل نوبة" (نح12: 24). أما مادة التسبيح فكانت مزامير داود النبي التي ألَّفها بإلهام الروح القدس، وألَّف لها ألحانا شجية، كما عمل لها آلات غناء (2أى7: 6).



الدعوة إلى تسبيح الله بآلات الموسيقى والنغم:

والروح القدس على فم داود النبي يدعو إلى تسبيح الله بجميع أنواع الآلات فيقول "سبحوا الله بصوت الصور، وبرباب وعود، وبدف وبأوتار ومزمار، بصنوج التصويت والهتاف" (مز150). ويقول أيضًا "رنموا لله وهاتوا دفًا عودًا حلوًا مع رباب. انفخوا في رأس الشهر بالبوق ليوم عيدنا" (مز 81: 1- 3).

هذه صورة لاستخدام آلات التسبيح في كنيسة العهد القديم.



السمائيون يستخدمون الآلات الموسيقية الروحانية في التسبيح لله:

ليست كنيسة العهد القديم فقط هي التي استخدمت الآلات الموسيقية في تسبيحها لله. بل إن الرتب الملائكية أيضًا تستخدمها في السماء. كما كشف لنا القديس يوحنا في رؤياه عن أن السمائيين يقدمون التسبيح والتمجيد لله على قيثاراتهم الروحانية فيقول "الأربعة والعشرون قسيسًا لهم كل واحد قيثارات. وهم يترنمون ترنيمة جديدة أمام العرش" (رؤ5: 8، 9 , 14: 2). ويقول أيضًا "رأيت الغالبين على الوحش وصورته معهم قيثارات الله. وهم يرتلون ترنيمة موسى عبد الله وترنيمة الحمل" (رؤ15: 2، 3).

لربما تسهل الآن الإجابة عن سؤال لماذا تستخدم الكنيسة آلات الموسيقى في صلواتها؟

فأولًا: إن كانت كنيسة العهد القديم قد سبحت الله بالمزامير والأناشيد الروحية بآلات الغناء والتسبيح من أجل خلاصها الجسدي من الممالك الوثنية. فبالأولى تتغنى كنيسة العهد الجديد بخلاصها الروحي من مملكة إبليس وجنوده، وتحررها من عبوديته، تحقيقًا لنبوة داود النبي "رنموا للرب ترنيمة جديدة، لأنه أعلن خلاصه. رأت كل الأرض خلاص إلهنا" (مز98: 1 - 3).

ثانيًا: إن كان ليس هناك من عمل أُعلِن لنا عما يجرى مع سكان السماء سوى صلاتهم الشفاعية، وصلوات تقديسهم وتمجيدهم، وتسابيحهم وتراتيلهم المصحوبة بموسيقى القيثارات. فتكون صلواتنا وتسابيحنا وتماجيدنا مصحوبة بأصوات الآلات الحسنة الإيقاع هي شركة مع صفوف السمائيين وإعداد لحياتنا العتيدة معهم.

ثالثًا: إن استخدام الآلات الموسيقية في التسبيح والغناء التعبدي له تأثيره الروحي القوى في الحضور الإلهي من جهة وفي مشاعر العابدين من جهة أخرى. فقد كان الرب يعلن مجده من خلاله حيث كان بيت الرب يمتلئ سحابًا، ومجد الرب يملأ البيت (2أى5: 11-14). أما بالنسبة للعابدين فمصاحبة الآلة الموسيقية للحن أو الترتيلة أو المديحة يطرب الأذن ويبهج النفس ويسعدها ويسمو بمشاعرها، لأن لغة الموسيقى تؤثر في الوجدان والعاطفة أكثر من لغة الألفاظ. وكأننا نشارك السمائيين تسبيحهم الموسيقى العذب فتنتشي أرواحنا في داخلنا، ونتيه غبطة وننجذب نحو عالم الروح ونظل سابحين فيه حينًا. فما أحلى شركة السمائيين وما أعذب التيه في عالم الروح عالم الخلود مع أنغام الموسيقى الشجية. وقديما قال داود النبي "ليت لي جناحًا كالحمامة فأطير وأستريح" (مز55: 6).



الرد على الاعتراض:

من كل ما سبق يتضح لماذا تستخدم كنيستنا الآلات الموسيقية في عبادتها. وهى لا تستخدمها في الصلاة وإنما في التسبيح والترنيم. فالعبادة تنقسم إلى صلاة وتسبيح. والصلاة هي الطلبات والتضرعات المرفوعة أمام الله والترديد لأعمال الله الخلاصية. أما التسبيح فهو تمجيد وتهليل بالألحان والترانيم والتراتيل والمدائح على هذه الأعمال المجيدة وأمجاد قديسيه وسِيَرهِم العطرة.

وكنيستنا الأرثوذكسية غنية جدًا بتسابيحها وألحانها ومدائحها وترانيمها، التي تزداد يومًا بعد يوم بسبب استمرار أعمال الله العظيمة معنا والظهورات المتتالية لأجساد القديسين والشهداء، وبسبب اقتراب الوقت وانتظار مجيء الرب. وقد اهتمت كنيستنا بالموسيقى المصاحبة للتسبيح من القرون الأولى للمسيحية، حيث كانت تُدَرَّس مادة الموسيقى بمدرستها اللاهوتية بالإسكندرية بجانب المواد الأخرى.

والآن بعد أن اتضح أن البخور والموسيقى كانت تستخدمهما كنيسة العهد القديم وأنهما منهج السمائيين في صلواتهم وتماجيدهم أمام العرش الإلهي، وأن لهما تأثيرهما القوى في تعميق روحانية العبادة. فما أمجد ديانتي المسيحية الممتدة عبر الزمن من قديمها إلى جديدها والسامية في روحانيتها، والتي صارت باستخدامهما صورةً للسماء على الأرض، ويسعى كثير من شعوب الأرض للسير على درب عبادتها ومستوى روحانيتها. لأنه ماذا يُنتظر من أي ديانة أخرى من سمو أكثر من هذا!
 
أعلى