هل يُحَدِدُ الله شَيٌ

إنضم
21 مارس 2008
المشاركات
7,800
مستوى التفاعل
770
النقاط
113
الإقامة
عائدٌ من القبر
قاعدة أو مبدأ آخر يقول: «الله يحدد الكتاب ولكن الكتاب لا يحدد الله». نقرأ على سبيل المثال: «مَن آمن واعتمد خلص». هذا ما حدده الله. ولكن هذا لا يعني أن كل مَن لم يعتمد هالك لا محالة. لأنه مَن أدرانا: لعل الله يعمده بنفسه في اليوم الأخير! وعليه نقول: الله يحدد الكتاب ولكن الكتاب لا يحدد الله. فإذا كان الكتاب، الوحي الشريف ذاته لا مجرد نبوءة، الحق الإلهي نفسه، لا يحدد الله فماذا حقا يحدده؟ حاشا، لا شيء على الإطلاق! لا وحي ولا كتاب ولا قضاء ولا قدر ولا سابق علم ولا سلطة نبوءة ولا قوة قانون..... لا شيء أبدا يحدده سبحانه على الإطلاق أو يقيّد مطلق سلطانه ومشيئته!

هذه الفقرة تحميل الكثير من التعاليم ان فهمت بطريقه صحيحة تحل كثير من المشاكل اليومية

اتمني يتم شرحها بالتفصيل وتوضيح أكثر
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,647
مستوى التفاعل
3,557
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,068
مستوى التفاعل
1,039
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

أستاذنا الحبيب أوريجانوس سلام المسيح. أشكرك على المتابعة وأعتذر عن التأخير. كنت في الحقيقة أنتظر المزيد منك حتى يتبين ما تقصد حقا ولا أبتعد في تعليقي عما ترمي إليه، خاصة ما كنتَ تعنيه بـ"المشاكل اليومية". الأن وقد فهمت ما تريد يمكن بعون الله إضافة المزيد إلى هذه الفقرة ملخصا في نقطتين اثنتين: سلطة الكتاب وخلاص غير المؤمن.


سلطة الكتاب

أما الكتاب نفسه فلا شك في سلطته وحجيته وصدقه. قضيتنا ليست أبدا الكتاب ولكنها تفسير الكتاب. مشكلة الكتاب الوحيدة ـ مثل أي نص لغوي ـ هي تفسيره. هذا فقط هو ما نختلف فيه، كما كان الحال بين مدرسة الأسكندرية الرمزية ومدرسة أنطاكية الحرفية قديما، أو كما هو الحال حاليا بين البروتستانت مثلا والأرثوذكس (أو حتى كما هو الحال بين اليهود والمسيحيين فيما يتعلق بالعهد القديم).

من ثم إذا ثبت يوما حسب تعبيرك أن "لله نظرة أخرى" بخصوص هذا الأمر أو ذاك، نظرة تختلف عما كنا دائما نؤمن به، فهذا لا يعني أبدا أن الله غيّر نظرته حقا أو بدّل أحكامه أو تراجع عن كتابه، وإنما يعني فقط أننا منذ البدء لم ندرك المقصود الإلهي ومنذ البدء لم نحسن فهم الكتاب!


أما ما كنت أرمي إليه في الفقرة المشار إليها فهو يعنى بأمر آخر. ما أقول ببساطة هو أن الله لا يحدده أو يقيّده فهمنا للكتاب حتى لو كان هذا الفهم صحيحا. فهمنا يقيدنا نحن ويُلزمنا، لكنه لا يقيد الله ذاته. نجد ذلك واضحا على سبيل المثال فيما حدث مع كرنيليوس، إذ حل عليه الروح القدس "قبـل" العماد وليس بعده، وهو ما أثار بالفعل دهشة بطرس الرسول حينها وقال فيه كلاما ثمينا. في النهاية وضع الرسول الخلاصة كلها كما نضعها نحن اليوم هنا: «فإن كان الله قد أعطاهم الموهبة كما لنا... فمن أنا؟ أقادر أن أمنع الله؟»

أقادر أحد أن يمنع الله، حتى لو كان يفهم الكتاب على أفضل وأعمق ما يكون، أو حتى يملك الحقيقة المطلقة؟ هذا كان سؤالنا.

ما حدث مع كرنيليوس ـ من ناحية أخرى ـ لا ينتقص أبدا من سر المعمودية أو المسحة كما نعرفه، أو يعني إمكانية الاستغناء عنه، ولكنه فقط يشير إلى أن إرادة الله ـ إذا أراد ـ لا يحددها أو يقيدها أي شيء، فهي سابقة وفائقة ومتجاوزة لكل طقس أو ترتيب أو قانون، من ثم لا يلزمها أن تنتظر الماء مثلا أو الميرون قبل أن تبدأ فاعليتها.


خلاص غير المؤمن

أما خلاص غير المؤمن فهي قضية شائكة وخلافية لأسباب عديدة. أذكر فيما أذكر حين ظهر قبل سنوات طويلة بجريدة النهار اللبنانية مقال رائع من لاهوتي فذ ومفكر كبير هو نيافة المطران الشهير جورج خضر، وقد أثار هذا المقال أنذاك موجة عاصفة حقا ـ وجميلة بالوقت ذاته ـ من التفكير والتأمل والبحث والرد والنقد. مما جاء بهذا المقال علي سبيل المثال (ولاحظ أن الكاتب أسقف مسيحي كبير):
مَن يقنعني أن ألوفًا مؤلفة من المدعوين مسيحيين هم أطهر من السيدة رابعة العدوية أو الحلاج أو المهاتما غاندي الذين دانوا بما دانوا به، وأن هؤلاء الأبرار الذين كانوا من خارج الكنيسة المنظورة معذَّبون في النار بما لم يخطئوا به؟ فالسؤال الأعمق هو: مَن هو الإنسان العضو في الكنيسة؟ هل الكنيسة هي مجموعة المعمَّدين حصرًا أم هي جسد المسيح، بمعني امتداد جسد المسيح إلي حيث يريد هو أن يمتد؟ لقد قال القديس البيزنطي نيقولاوس كاباسيلاس: ”مَن لم تعمده الكنيسة (بالماء) يعمده عريس الكنيسة (بلا ماء)“. التنظيم الكنسي يربط المسيحيين، ولكنه لا يقيد المسيح نفسه الذي يعمل بلا وسيلة محسوسةٍ.
كما هو واضح: هذه قضية تتجاوز للأسف قدرة منتديات كهذا على الخوض فيها، خاصة إذا كان المنتدى تبشيريا. كل ما يمكن إضافته بالتالي ـ وهو ما سمح لي بنشر هذه الفقرة ابتداء ـ أن أسقفنا ونقاده، كلا الفريقين، كلهم بلا استثناء أجمعوا على أمر واحد: هو أنه لا خلاص إلا بالمسيح. هذا لا خلاف فيه أبدا بين الجميع.

الخلاف بالتالي هو فقط كيف يتحقق ذلك وما معناه؟ وهل بالأرض حتما أم ربما بالسماء؟ ما هو المعنى الأعمق والأشمل للكنيسة؟ بل ما هو المعنى الأعمق والأشمل للمسيح ذاته، الكلمة، اللوجوس، بهاء مجد الله ونوره؟ هل يمكن أن يكون الإنسان على الأض يهوديا أو بوذيا بينما هو في عِلم السماء وتقديرها مسيحي؟ هل المسيحية ابتداء مجرد "ديانة" بين ديانات، أم بالأحرى أصل وحقيقة وطريق ومنهج وحياة كاملة؟... إلخ إلخ.

والخلاصة أن الأمر خلافيّ يا أخي، وردت فيه تقريبا كل الآراء، وكلٌ لديه أدلته وبراهينه ورؤاه.

* * *

ختاما أحييك على أسئلتك واهتمامك الدائم بهذه القضايا الشائكة كالتسيير والمشيئة والخلاص وغيرها، فهذه كلها بالعكس علامات قلب يقظ وعقل نجيب. فقط أهمس بأذنك في النهاية أن عقولنا، أخي الحبيب، لا تستطيع أبدا فهم هذه الأمور فهما حقيقيا تاما. كل ما هو إلهي ـ كله دون استثناء ـ لا يمكن أبدا إدراكه عقلا. نصلي من ثم ختاما أن ينير الله قلبك كما أنار عقلك، أن يفتح عين بصيرتك وأن يعطيك ـ ويعطينا ـ الفهم والحكمة حتى تصل بنعمته إلى غايتك وكل مبتغاك إن شاء الله. سلام ونعمة.



 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
أخي الحبيب أوريجانوس الجميل
طبعاً مش هاعيد كلام الأخ الحبيب خادم البتول لأنه وفى كل شيء تقريباً، وأظهر قصده من كلامه بشكل وافي وواضح، لأن فعلاً مشكلتنا هي نظرتنا الضيقة للأمور كمسيحيين، ولم يدرك معظمنا أن المسيح مسيح العالم كله، لأنه لا يرضى بأقل من العالم كله، فتوصيل الحياة الأبدية وغرس ملكوته لا ينحصر في شكل بعينه، احنا بالطبع ملزمين بالكلام اللي وصل لينا وآمنا به، أما الذي لم يوصل له ولا يفهمه فهناك طرق أخرى عند الله لا نعرف مداها واتساعها وهو يقدر يوصل ذاته لكل إنسان، هذا عن طريق الضمير، وذاك عن طريق الطبيعة، وهؤلاء عن طريق اعتقاداتهم وبصيص النور اللي بيوصل من خلالها في أفكارهم واذهانهم الذي يفتحها الله ويخط بروحه ملامح جديره بطبيعته.. الخ، لأن طرقه عجيبه ومعاملاته وفيرة وقد تكون غريبة عندنا ولا نعرف منها الكثير والكثير، لكنه كان وما زال وسيظل يبحث ويفتش عن الضال ويطلب الجميع بطرق شتى مختلفة لا تعد ولا تحصى، لأنه مقتدر في الفعل والعمل وقادر أن يخلص الكثيرين جداً، عموما اشكرك كتير على اسألتك الحلوة والردود الجميلة لأمه وللأخ العزيز خادم البتول.. يومكم رائع مملوء من سلام الله الذي يفوق كل عقل آمين
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,068
مستوى التفاعل
1,039
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
انا مبسوط جدا بشرح حضرتك
في كتاب في شرح أكثر

حبيبنا أنا اللي مبسوط جدا بالحوار معك وأشكرك على الحضور والقراءة والمتابعة ربنا يباركك. :)


بالنسبة لجزء المشيئة الإلهية فاقتراحي هو كتب اللاهوت بشكل عام ما دمت مهتما. لا أريد أن أقيدك بأي كتاب محدد، لأن المهم عند قراءة اللاهوت بالذات ليس الكتاب نفسه بقدر ما هو تهيئة العقل والقلب أولا لاستقبال الإشارات وإدراك المعاني. فقد يقرأ الإنسان ولا يفهم، وقد يفهم ولكن لا يُثمر الفهم في قلبه. نحتاج هنا بالتالي أكثر ما يكون لعمل النعمة معنا، فلا فائدة أبدا من قراءة اللاهوت بالذات إذا كان الإنسان بعيدا عن كلام الرب ووصيته، أو كان القلب نفسه مريضا بالكبرياء مثلا أو بالحقد أو بالشك أو حتى بالخوف أو الغضب.

بالنسبة لخلاص غير المسيحي فليس فيه كتب فيما أعلم خاصة بالدائرة الأرثوذكسية وإنما معظمها مقالات ومحاورات وتعليقات، تعود غالبا لفترة المحاورة (أو المناظرة) بين الشيخين الجليلين المطران جورج خضر والمتنيح الأنبا بيشوي. ربما تجد بعضا من هذا أو حتى كله ما زال على الشبكة إذا بحثت وبذلت بعض الجهد. (أما الكاثوليك، أيضا فيما أعلم، فقد حسموا الأمر بالفعل وأقروا إمكانية الخلاص للجميع منذ المجمع الذي عُقد في ستينات القرن الماضي).

أخيرا بالنسبة لمقال المطران جورج خضر نفسه الذي اقتبسنا منه فهو موجود على صفحته بموقع جريدة النهار. أسهل من هذا أن تقوم بتحميله مباشرة من موقع الدراسات القبطية والأرذوذكسية ـ إذا لم يكن لديك تحفظ على هذا الموقع ـ مضافا إليه أيضا بعض التعليقات الجيدة وفي هيئة كتــاب أراه شخصيا كتابا هاما.


تحياتي ومحبتي ختاما ولا تتردد أبدا في أي استفسار أو حوار فهذا لا شك يُثريني أيضا ويضيف إليّ بقدر ما يضيف إليك. أشكرك مرة أخرى أستاذنا الحبيب والنعمة معك.



 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,068
مستوى التفاعل
1,039
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل


إيه ده؟ الأستاذ أيمن عندنا؟ احنا خدنا بركة كبيرة أوي يا أستاذ أيمن. :) أهلا أستاذنا شرفتنا بحضورك ومشاركتك وشهادتك الثمينة فنحن في النهاية ودائما تلاميذك. الشكر أيضا ـ وبالطبع ـ موصول للأم الغالية أمة خاصة على جهدها هنا وقد نقلت هذا التعليق في موضوع مستقل ورفعت عنا الحرج فيما يخص "اللوائح والقوانين". ما زلت بانتظار مشاركتها الموعودة والتي دائما ما نتعلم منها أيضا.


... لأن فعلاً مشكلتنا هي نظرتنا الضيقة للأمور كمسيحيين، ولم يدرك معظمنا أن المسيح مسيح العالم كله

التعصب مرض
، وهو بحد ذاته علامة بالعكس على البعد عن الله وليس القرب أبدا منه. نحن نشبه أناسا يقفون حول جبل عال جدا والرب على قمته. المسافات بيننا بعيدة جدا ونحن على الأرض، وقد يكون بعضنا حتى بالجهة الأخرى من الجبل. غير أننا جميعا في رحلة صعود نحو الله، كلٌ في مساره، وهكذا كلما اقتربنا من القمة ومن الله: اقتربنا أيضا وبالضرورة من بعضنا بعضا! (لذلك نجد عند بعض المتصوفة مثلا ـ وهم أقرب المسلمين إلى الله في تقديري ـ أقوالا تكاد تكون "مسيحية" صرفة، بل يجوز بسهولة جدا تمريرها على أنها أقوال قديس مسيحي، كما نرى عند الرومي مثلا بوجه خاص وعند رابعة والحلاج وغيرهم).

أما التعصب فبالعكس: أصبحنا اليوم بسبب التعصب البغيض نسمع من بعض المسيحيين أقوالا "وهابية" أو "سلفية" صرفة! لقد انتقل الرفض والإنكار ونفي الآخر في أقبح صوره حتى إلى "الطوائف" ليس فقط "الديانات".. ثم أخيرا ـ ولا عجب ـ ضرب هذا الطاعون حتى داخلنا، تسرب السم حتى إلى الطائفة الواحدة وأصبحنا نسمع كل حين عن اشتعال النار داخل البيت الواحد والكنيسة الواحدة ـ لهذا السبب أو ذاك!


الموضوع ذو شجون كما يقولون. :) خلاصة الأمر أنني أوافقك تماما أخي الحبيب في كل ما تقول وأثني عليه كثيرا. أشكرك على هذا المرور العاطر والإضافة المباركة، لا حرمنا الله أبدا من كلماتك الطيبة ومشاركاتك الغالية. تحياتي أستاذنا الحبيب والنعمة مع الجميع.


 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,068
مستوى التفاعل
1,039
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
كيف في ظل قاعدة أو مبدأ آخر يقول: «الله يحدد الكتاب ولكن الكتاب لا يحدد الله»

ان نفهم الشريعة في العهد القديم والقوانين من شريعه الرجم وتحرم المدن والحروب

هل نقول هنا الله من حددها ام انها نتيجه بشرية لقيادة الشعب في هذه الظروف


العلامة أوريجانوس مرحبا. :) سؤالك بالطبع لجميع الأحباء ولكني شخصيا لا أعتقد أنه واضح بما يكفي. ماذا تقصد مثلا بـ «شريعة الرجم وتحرم المدن والحروب»؟ يبدو والله أعلم أن هناك خطأ إملائي ما. على أي حال حسب ما فهمت أقول باختصار إن الله هو الذي حدد بالطبع شريعته ـ إذا كان هذا هو المقصود! هل ما ترمي إليه هو أن الشريعة "قاسية" الأحكام مثلا؟ هل تبحث بالتالي عن تبرير أو تفسير لهذه القسوة (ولهذا تقترح أنها قد تكون «نتيجة بشرية لقيادة الشعب في هذه الظروف»؟)

على أي حال لا أعتقد أستاذي الحبيب أن لذلك علاقة بمبدأ "إن الله يحدد الكتاب.. إلخ". يمكن بالتالي نقل هذا السؤال إلى موضوع جديد، يشارك فيه الجميع، ولكن لننتظر أولا شرحك لما تقصد، أو صياغتك مرة أخرى للسؤال بطريقة أوضح. سلام المسيح وإلى لقاء.

 
أعلى