الإساءة للسيد المسيح فنياً
اسم الكاتب : ماريانا يوسف 05/09/2007
"شرقيون ملتحون.. صنع صليب الإمبراطورية" كان هذا اسم اللوحة الفنية للفنان بريسيلا براكس ضمن أكثر من 500 عمل فني يتنافسون على جائزة بليك للأعمال الفنية، والذي أقيم في كلية الفنون الوطنية بسيدني بأستراليا في نهاية أغسطس الماضي، تصور لوحة براكس أسامة بن لادن على أنه شخص السيد المسيح له المجد، وبالمثل فقد حدث توارد خواطر أيضاً لدى الفنان لوك سوليفان ليتبع نفس الاتجاة الذي سلكه براكس ليصنع تمثالاً لكلية الطهرالسيدة العذراء مريم مرتدية البرقع الأفغاني الأزرق على وجهها وأعطى لوك للتمثال اسماً وهو "السر الرابع لفاطمة".
وأيضاً قد قامت جريدة ماليزية مؤخراً بنشر صورة للسيد المسيح وبيده سيجارة وزجاجة خمر، وقد أصدر أمراً بوقفها شهراً عن الصدور بعد أن قدمت اعتذاراً عما نشرته من صور بها إهانة لمشاعر المسيحيين. كانت تلك آخر صور الإهانات الفنية لرموز الدين المسيحي، حيث يضرب الفنان منهم بعرض الحائط بقدسية بعض الشخصيات التي يرسمها أو يجسدها معتقداً أن تلك حرية يكفلها له القانون والشريعة الدولية لحقوق الإنسان، عابثاً بكل ما هو مقدس وجليل بحجة أن الحرية الفنية ليس لها حدود، وأن من حق الفنان أن يصور ويرسم ويجسد كما يشاء، قد يفعل بعضهم ذلك حباً في المال والبعض اللآخر من أجل الشهرة ولكن النتيجة واحدة وهي إساءة للمشاعر وغضب على المستوى العالمي والكنسي، وانتقاداً شديداًَ من الكنائس والحكومات لأصحاب تلك الأعمال المبتذلة.
الجدير بالذكر أن تلك لم تكن أول الأعمال الفنية التي تهين شخص المسيح له المجد ولكنها كانت آخرهم، فقد سبقها الكثير والكثير من الرسوم والأعمال الفنية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: رواية "آخر وسوسة للمسيح" التي طبعت عام 1960 وكانت للمؤلف اليوناني نيكوس كازانتزاكس (1883 - 1957) وتحولت فيما بعد إلى فيلم سينمائي في عام 1988 وفيه يسرد المؤلف نسخته الشخصية من حياة المسيح، وفيه يصور المسيح كنجار يصنع الصليب الذي كان الرومانيون يستعملونه لإنزال العقاب بالمخالفين للقوانين ويصور أيضا شخصية المسيح كإنسان عادي يملك كل الصفات الإنسانية من شك وضعف وخوف وارتكاب للذنوب، وفي نهاية الرواية يتزوج المسيح من مريم المجدلية بدلاً من صلبه كما هو معهود حسب الكتاب المقدس. حيث بدأت الاحتجاجات على الفيلم أثناء عملية التصوير، حيث قاد الزعماء الدينيون في الكنائس الأمريكية حملة واسعة ضد الفيلم، وقامت مجموعة مسيحية متطرفة بإلقاء القنابل الزجاجية الحارقة على صالة عرض للفيلم في باريس في 22 أكتوبر 1988.
وأيضاً لوحة الفنان الأمريكي أندريس سيررانو في عام 1987 والمسمى "البول على المسيح" واللوحة عبارة عن صورة لصلب المسيح قام الرسام بغمسها في بوله الشخصي ويعتقد البعض أن اللوحة قد غمست في دم الفنان أيضاً لكون اللوحة حمراء اللون. أحدثت هذه اللوحة جدلاً كبيراً في مجلس الشيوخ الأمريكي في عام 1987 وكان الجدل بين حرية الفنان في التعبير عن رأيه وعن الإساءة للرموز الدينية. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن أعمالاً أخرى لهذا الفنان الذي هو من أصول كوبية وأفريقية تتضمن غمس اللوحات بعد رسمها في سوائل إنسانية مثل الدم والبول والسائل المنوي، وكان الهدف من اللوحة المثيرة للجدل حسب رأي الفنان هو "إظهار الطابع الإنساني للمسيح" وترابط المسيح مع الإنسان البسيط "الذي يقوم يومياً بعملية البول" إلا أن المعارضين اعتبروا هذه اللوحة إهانة شخصية للمسيح.
أما فيلم حياة برايان في سنة 1979 وفيه يروي الفيلم وبصورة ساخرة قصة حياة شخص اسمه برايان ولد في نفس اللحظة ونفس الزقاق الذي ولد فيه المسيح، ويعتبر الفيلم من الأفلام الكوميدية الكلاسيكية وقد أختير الفيلم عام 2000 من قبل المجلة الفنية البريطانية كأحسن فيلم كوميدي بريطاني في التاريخ، والفيلم ينتقد وبصورة ساخرة التطرف الديني. تتكرر في الفيلم سلسلة من المواقف الكوميدية بسبب اشتباه الناس أن برايان هو المسيح بدءاً من زيارة الحكماء الثلاث الذين وحسب التقليد المسيحي تتبعوا النجوم واستدلوا على مكان ولادة المسيح إلى حادثة الصلب، حيث يوضع برايان على الصليب بدلاً من المسيح. وقد امتنعت بعض صالات عرض الأفلام من عرض هذا الفيلم في العديد من المدن البريطانية، وكذلك منعت أيرلندا والنرويج وإيطاليا وولاية نيو جيرسي في الولايات المتحدة عرض الفيلم لسنوات طويلة.
كما ذكر تقرير أصدرته الحكومة الروسية العام الماضي "2006" بعنوان "الفن والدين والكراهية: التعصب الديني في روسيا وتأثيره على الفن" إدانه المعرض الفني الذي نظمته الفنانة لودميلا فاسيليو فسكايا والذي كان عنوانه "إحترس... دين!!" حيث تضمن المعرض عملاً َيمثل وجه المسيح على شعار كوكاكولا الأحمر وبجانبه عبارة "هذا هو دمي" وقد عوقبت لوديلا ومدير المعرض بغرامة مالية قدرها مائة ألف روبل لإهانتها لشخص السيد المسيح بهذا العمل الفني، ولا ننسى أيضاً كتاب شفرة دافنشي الذي أثار جدلاً واسع النطاق العام الماضي لما يحمله من معانٍ مسيئة لشخص السيد المسيح.
ولا بد لنا هنا من طرح تساؤل هل حرية الرأي والتعبير بأي صورة من الصور سواء كانت رسماً أو نحتاً أوعملاً سينمائياً أو كتاباً تعطي الفنان الحق في الإساءة للرموز الدينية وتشوه المقدسات العقائدية؟
