لنفهم حياتنا الجديدة في المسيح وطبيعة صيامنا - لنبتعد عن الشكل والحديث عن طريقة الصوم

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0


لنفهم حياتنا الجديدة في المسيح وطبيعة صيامنا

ولنبتعد عن الشكل الخارجي والحديث عن طريقة الصوم
حينما تحدث الرب عن ملكوت الله
وتحدث عن مثل الزارع الذي ألقى البذار قال للتلاميذ حينما كان معهم على انفراد لأنهم لم يفهموا المثل: قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ اللَّهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ فَبِالأَمْثَالِ يَكُونُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ (مرقس 4: 11)، فكان الرب يتكلم للجميع حسبما كانوا يستطيعون أن يسمعوا. وبدون مثل لم يكن يكلمهم وأما على انفراد فكان يفسر لتلاميذه كل شيء.
والسبب الحقيقي لعدم فهم الناس لكلام الرب (الذين يتحدث إليهم بأمثال ولا يفسر لهم كما كان يفعل مع التلاميذ) هو ما قاله بولس الرسول بالروح: بَلْ أُغْلِظَتْ أَذْهَانُهُمْ، لأَنَّهُ حَتَّى الْيَوْمِ ذَلِكَ الْبُرْقُعُ نَفْسُهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْعَهْدِ الْعَتِيقِ بَاقٍ غَيْرُ مُنْكَشِفٍ، الَّذِي يُبْطَلُ فِي الْمَسِيحِ، لَكِنْ حَتَّى الْيَوْمِ، حِينَ يُقْرَأُ مُوسَى (أسفار موسى الخمسة)، الْبُرْقُعُ مَوْضُوعٌ عَلَى قَلْبِهِمْ، وَلَكِنْ عِنْدَمَا يَرْجِعُ إِلَى الرَّبِّ يُرْفَعُ الْبُرْقُعُ (2كورنثوس 3: 14 – 16)
مشكلتنا اليوم أن كثير منا لا يعي طبيعة ملكوت الله
والحياة الجديدة في المسيح يسوع، فنجد في كل صوم الناس تتحدث عن الطعام والشراب وتحاول أن تثبت طريقة الصوم من الكتاب المقدس وكثير يستشهد خطأ بموضوع الفتية الثلاثة حينما أكلوا طعام العبيد من البقول، مع أنهم لم يرفضوا اللحم من أجل الصوم، بل رفضوا اللحم لأنه مخصص للأوثان وكان الملوك في تلك الفترة يأكلون منه على أساس أنه تقدس من الإله الذي يُعيطهم القوة لذلك رفض الفتية أن يأكلوا من طعام الأوثان طاعة للوصية لأنهم يحبون الله، فاللحم وغيرة ليس فيه أي مشكلة في الكتاب المقدس على الإطلاق، لأن منه كانت تُقدَّم الذبائح أمام الله الحي، وكان الشعب يأكل ويشرب أمام الله بفرح، ولا يصح أن تكون لغتنا لغة الحرف الذي أصاب شعب إسرائيل في مقتل وأضاع منهم الحياة الإلهية كلها.
يا إخوتي انتبهوا جداً لكلام الرسول:
لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلاً وَشُرْباً، بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، لأَنَّ مَنْ خَدَمَ الْمَسِيحَ فِي هَذِهِ فَهُوَ مَرْضِيٌّ عِنْدَ اللهِ وَمُزَكًّى عِنْدَ النَّاسِ. فَلْنَعْكُفْ إِذاً عَلَى مَا هُوَ لِلسَّلاَمِ وَمَا هُوَ لِلْبُنْيَانِ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ. لاَ تَنْقُضْ لأَجْلِ الطَّعَامِ عَمَلَ اللهِ. كُلُّ الأَشْيَاءِ طَاهِرَةٌ لَكِنَّهُ شَرٌّ لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَأْكُلُ بِعَثْرَةٍ. حَسَنٌ أَنْ لاَ تَأْكُلَ لَحْماً وَلاَ تَشْرَبَ خَمْراً وَلاَ شَيْئاً يَصْطَدِمُ بِهِ أَخُوكَ أَوْ يَعْثُرُ أَوْ يَضْعُفُ. أَلَكَ إِيمَانٌ؟ فَلْيَكُنْ لَكَ بِنَفْسِكَ أَمَامَ اللهِ! طُوبَى لِمَنْ لاَ يَدِينُ نَفْسَهُ فِي مَا يَسْتَحْسِنُهُ. وَأَمَّا الَّذِي يَرْتَابُ فَإِنْ أَكَلَ يُدَانُ لأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ وَكُلُّ مَا لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ فَهُوَ خَطِيَّةٌ (رومية 14: 17 – 23)
فمن المعيب أن يكون محور حديثنا في الصوم
عن الطعام والشراب وزيت وسمن وبقول ولحم، فكل هذه ارتداد لناموس الحرف الذي لم يُخلِّص أحد، وهو صوم المتغربين عن الله، حتى الكنيسة نفسها دائماً تنادي بأن نصوم حسناً، بتقوى ببر وطهارة قلب وتدبير حسن، فمن يحب الرب إلهه حقاً يهتم أن يتراءى أمامه بطهارة قلب طالباً حضوره في حياته اليومية، ويدخل في شركة الصوم مع المسيح الرب، لأن الحياة في المسيح أغلى وأفضل بما لا يُقاس بالطعام والشراب، فالطعام ليس فيه شرّ في ذاته، ولا هو أساس حياتنا أو ركيزة صومنا، صومنا أعظم واسمى من هذا الحوار السطحي الذي يدل على وجود حجاب على العين يحجب رؤية وجه النور، ودليل على أن ملكوت الله غير فعال فينا وما زلنا نحيا في إنسانيتنا العتيقة: إِذاً انْ كُنْتُمْ قَدْ مُتُّمْ مَعَ الْمَسِيحِ عَنْ ارْكَانِ الْعَالَمِ، فَلِمَاذَا كَأَنَّكُمْ عَائِشُونَ فِي الْعَالَمِ، تُفْرَضُ عَلَيْكُمْ فَرَائِضُ: لاَ تَمَسَّ، وَلاَ تَذُقْ، وَلاَ تَجُسَّ؟ الَّتِي هِيَ جَمِيعُهَا لِلْفَنَاءِ فِي الاِسْتِعْمَالِ، حَسَبَ وَصَايَا وَتَعَالِيمِ النَّاسِ، الَّتِي لَهَا حِكَايَةُ حِكْمَةٍ، بِعِبَادَةٍ نَافِلَةٍ، وَتَوَاضُعٍ، وَقَهْرِ الْجَسَدِ، لَيْسَ بِقِيمَةٍ مَا مِنْ جِهَةِ اشْبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ (كولوسي 2: 20 – 23)
فلننتبه لملكوت الله،
فنحن أموات مع المسيح عن إركان العالم، ولا يوجد عندنا مشكلة في الطعام ولا الشراب لأن كل شيء نتناوله مع الشكر بالصلوات وتمجيد الله، فكل شيء طاهر لنا، لكننا نشترك في طعام واحد وشراب واحد - في صومنا - من أجل الشركة في مواعيد محددة لأننا كجسد واحد لنا شركة بعضنا مع بعض في النور، وصومنا صوم قداسة وطهارة قلب، فنحن في هذه الأيام لا نهتم بالطعام ولا الشراب، بل عيوننا مرفوعة لملك المجد الذي صام لأجلنا، فشركتنا مع الله والكنيسة كأعضاء لبعضنا البعض هي أساس صومنا المفرح للقلب، فلا تهتموا سوى بملكوت الله وتجسيده في حياتكم لتشهدوا شهادة حسنة لمسيح القيامة والحياة، لتظهر حياة الله فيكم كنور يُهدي الجميع إلى برّ الله بالإيمان بيسوع المسيح.
فيا إخوتي ينبغي أن نشهد لعمل الله فينا
لا بطعام ولا شراب (كما يفعل الغرباء عن الله) ولا بحديث خارج ملكوت ابن محبة الآب، لأي أي فائدة تُرتجى من الدفاع عن شكل الصوم ونحن لم نتأصل في ملكوت الله وما زلنا منحصرين في الجسد، فأي منفعة تُذكر بتبديل طعام بطعام، انتبهوا يا أحباء الله العلي لا تسطحوا صومكم وتنشغلوا عن الصلاة وقراءة الكلمة والبنيان بحديث ليس بذات قيمة ودفاع عن شكل سيفنى مع الجسد، ولن يُحسب صيام بل مجرد صورة لن تُرضي الله ولا حتى تجذب الناس للحياة الأبدية، لأننا لا نهتم فيما للخارج أو نهتم بما نأكل ونشرب لأنه يدخل للجوف ثم يُدفع للخارج، بل نهتم بغذاء النفس السماوي، لكي نحيا بالبر ونعيش أقوياء بالروح، لكن الجسد في كل الأحوال سيشيخ وسيتمزق وسنخلعه، فأن كنا - بتدبير حسن - نضبطه باتزان ووعي، لكننا نحافظ على صحته ولا نهمله، لكن اهتمامنا الأول بالقلب لأن منه مخارج الحياة، لذلك فوق كل تحفظ نحفظ قلبنا في سرّ التقوى ومحبة الله بحفظ الوصية.
وليس لي إلا أن أختم بقول الرسول:
وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ، مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، (يهوذا 1: 20)
 
أعلى