شرح مفهوم تأله ألمؤمنين بالفداء بحسب إنجيل ربنا يسوع

إنضم
7 يونيو 2014
المشاركات
104
مستوى التفاعل
10
النقاط
18
شرح مفهوم تأله ألمؤمنين بالفداء بحسب إنجيل ربنا يسوع


أولا : هناك أيتان وردتا في العهد القديم (التوراة) وهما:

1- المزمور (82-1 ): " اَللهُ قَائِمٌ فِي مَجْمَعِ اللهِ. فِي وَسْطِ الآلِهَةِ يَقْضِي: ........ (6) أَنَا قُلْتُ: إِنَّكُمْ آلِهَةٌ وَبَنُو الْعَلِيِّ كُلُّكُمْ. (7) لكِنْ مِثْلَ النَّاسِ تَمُوتُونَ وَكَأَحَدِ الرُّؤَسَاءِ تَسْقُطُونَ". (8) قُمْ يَا اَللهُ. دِنِ الأَرْضَ، لأَنَّكَ أَنْتَ تَمْتَلِكُ كُلَّ الأُمَمِ.

الكثير من المؤمنين, وحتى بعض القديسين تجنبوا الكلام عن موضوع تاله المؤمنين او داروا حول الموضوع ومروا مرور الكِرام, لانهم لم يرغبوا الخوض في الامور الصعبة لاهوتيا, والتي لا تلقى آذان صاغية من المؤمنين او التي تثير الكثير من الأسئلة لعدم فِهْمِا او للرعب الذي يُثيره مصطلح التأله ضنّا منهم إن التأله يعني إنهم سيصبحون كألله, وهذا ألفهم الخاطيء وَلَدَ رعبا عند الكلام عنه. فدعنا نفهم المقصود الفعلي والذي ورد في الإنجيل, نقرأه ولا نحاول فِهْمَهُ ونهربُ منهُ.

(أ): تأله الانسان ليس ارضيا لان الآيات أعلاه تقول " لكن مثل الناس تموتون" أي لابد من موت الجسد وفنائه, وبعد القيامة يقام المؤمنين بأجسادهم الارضية اولا ثُمَّ تتحول أجسادهم إلى أجساد روحانية سماوية إسوة بما حصل مع الرب يسوع المسيح في قيامته, فنموت بهوان ونقوم بمجد, اي نموت كآدم أبانا الارضي ونقوم كالمسيح أبانا آدم السماوي.

(ب): الله لم يسمح لآدم وحواء من الاكل من شجرة الحياة التي كانت في الفردوس الارضي, لانهما لو فعلا ذلك لكانا قد نالا الخلود والحياة الابدية منفصلين ومستقلين عن الله ذاته, وهذا لم ولن يسمح به الله ابدا, فقد قال الله "انا هو الاول والآخر, البداية والنهاية" فمن اجل خلاص آدم وتألهِهِ, حصل التجسد وآلام الصلب, اي لكي [لا يتأله الانسان مستقلا] بل أن يكون في المسيح والمسيح فيه, فالتأله [هو بمشاركة الرب يسوع المسيح بحياته الابدية] والإرتباط الابدي بماء الحياة النابع من جنب المسيح الايمن. وهذا هو نهر ماء الحياة الجاري في اورشليم السماوية والجاري من تحت العرش السماوي. وهذا ما قاله الرب في:

يوحنا(6-56): [ مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ ].

2- يقول المسيح في : يوحنا(10-27): " خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. (28) وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. (29) أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ، وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. (30) أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ". (31) فَتَنَاوَلَ الْيَهُودُ أَيْضًا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. (32) .......... (33) أَجَابَهُ الْيَهُودُ قَائِلِينَ:" لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَل حَسَنٍ، بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلهًا" (34) أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: " أَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ (35) إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لأُولئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللهِ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ, (36) فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ، أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ اللهِ؟ (37) إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فَلاَ تُؤْمِنُوا بِي. (38) وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ، فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا بِالأَعْمَالِ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ الآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ".

3- [فالإيمان والعماذ وتناول جسد الرب ودمه] يؤهل المومن لمشاركة الرب يسوع المسيح في حياته الابدية بحسب قول الرب في:

يوحنا(6-39): وَهذِهِ مَشِيئَةُ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَانِي لاَ أُتْلِفُ مِنْهُ شَيْئًا، بَلْ أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ.(40) لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ"...... (47) اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ.(48) أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ.(49) آبَاؤُكُمْ أَكَلُوا الْمَنَّ فِي الْبَرِّيَّةِ وَمَاتُوا.(50) هذَا هُوَ الْخُبْزُ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ، لِكَيْ [يَأْكُلَ مِنْهُ الإِنْسَانُ وَلاَ يَمُوتَ]. (51) أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ [يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ]. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ"..... (53) فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:" الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِي ذاتكمْ.(54) مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ [حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ]، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، (55) لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌّ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌّ. (56) [ مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ ]. (57) كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ، وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ [يَحْيَا بِي].

فكما ترون فمن شروط الخلاص التي لا يفهمها معظم البشر, خاصة في الاونة الاخيرة, هو تناول جسد الرب ودمه, ليُقيمهُ الرب في اليوم الأخير ويكونَا [نواتا] في جسدِ المتناول للقيامة من الموت وإكتساب [الحياة الابدية بمشاركة الرب يسوع المسيح], اي الاقنوم الثاني في حياتِهِ الابدية, ليكون هو في الرب والربُ فيهِ.

ثانيا : لإنقاذِ ألمؤمنين من الموت الابدي إستوجبَ تنقيتهم من خطاياهم كخطوة اولى ليتم [رفع حكم الموت الابدي عنهم], وأن يمنحهم آدم الثاني (السماوي) الحياة الابدية من جديد, ليسَ ذلك فقط بل أيضا يمنحهم [إمكانية إستمرارية الحياة الابدية التي سيُعيدها إليهم], فإعادة الحياة الابدية إليهم شيء, وإمكانية إستمراريتها والحفاظ عليها شيء آخر, اي إعطائهم [ إِمكانية تجَدد ألحياة الابدية فيهم أبديا ].

1كورنتس(15-47):
الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ (آدم ألثاني) مِنَ السَّمَاءِ (48) كَمَا هُوَ التُّرَابِيُّ هكَذَا التُّرَابِيُّونَ أَيْضًا، وَكَمَا هُوَ السَّمَاوِيُّ هكَذَا السَّمَاوِيُّونَ أَيْضًا. (49) وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ. (50) فَأَقُولُ هذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لاَ يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ اللهِ، وَلاَ يَرِثُ الْفَسَادُ عَدَمَ الْفَسَادِ.

وهنا يجبْ أن نعلم إِنَّ ألله قدوس كامل القداسة, فمن اجل إنقاذ البشر الساقطين تحت اللعنة وعبودية ابليس, ولكي يُنَقي ألبشرَ من خطاياهم ويرفع حكم الموتِ عنهم, قررَ أن يفدي (الذبح العظيم) ويُغطي خطايا البشر المؤمنين بفدائه, اي قَبِلَ ان يموت عنهم جسديا مرة واحدة موتا مماثلا لموتهم الجسدي عن كل [خطيئة من خطاياهم] وايضا تسديد حياة ابدية واحدة كاملة كالتي كانت في آدم قبل المعصية عن كُلِّ خطيئة فيهم ايضا, فكان لابُدَ من التجسد اولا لكي يستطيع قبول الموت الجسدي عنهم, فالله روح ابدي لا يموت ابدا وغير قابل للموت, فكان لابُدَ من التنازل وقبول واخذ الناسوت (اي جسد بشري) من اجل أن يصبح هو البديل الذي يقبل الموت الجسدي عنهم (الذبح العظيم) , وأيضا تسديد حياة ابدية واحدة من منبع الحياة الابدية الذي فيهِ [عن كل خطيئة] من خطايا المؤمنين القابلين بفدائهِ ونيابتِهِ عنهم لاخذ القصاص بدلا عنهم, وكانَ ذلك هو الحل الوحيد لإِكمال الخطوة الثانية مِنْ خلقهم, لأَنَّ ألله هو الكائن الوحيد في الوجود الذي يتمتع بالحياة الابدية اللانهائية وهو بالحقيقة منبع الحياة الابدية في ذاتهِ.

والله وبالرغم من كونهِ كامل المحبة إلا أَنَّهُ في ذات الوقت كامل العدالة لا يُمكنهُ وايضا ليسَ في طبيعة قداستهِ أن ينتقص او يتهاون في حكم الموت الذي يلاحق الخطيئة والخاطيء سواء كان ذلك ملاكا او بشرا, فإجرة الخطيئة بحسبِ قانون القداسة الإلاهية هي الموت الابدي روحيا بالنسبة للملائكة, وروحيا وجسديا بالنسبة للبشر, اي الموت الجسدي ثُمَّ أن يُرمى الخاطيء روحا وجسدا اي بكاملِ كيان الخاطيء في جهنم النار الابدية بعيدا عن قداسة ألله, فالقداسة لا يمكن ان تجتمع مع الخطيئة او النجاسة. وايضا ليسَ هناك إستثناء لاي أحد من تنفيذ حكم الموت, فعندما يقبل الله ان يكون هو الفادي البديل, لا يستطيع أن يتهاون في تنفيذ الحكم على ذاتهِ (أي كلمته – أي المسيح إقنوم الكلمة), فلذا ترك الابن المتجسد يُعاني الالم وسكرات الموت بكل هولها بالرغم من إِنَّ الله بكيان ثالوثهِ واحد أحد لا ينفصل او يتجزء, ولم يكن هناك حلُّ آخر بديل, فإما ترك البشر لمصيرهم في جهنم النار الابدية, أو وبسبب محبتهِ الكاملة لهم قبولَ فدائهم وأخذ القصاص ومن دونِ أيةِ إستثناآتِ عنهم, فالله هو الديان العادل الذي ليس في عدالته إستثناآت او شفاعات او مُحابات.

وهذا هو الشرط الثاني للولادة الجديدة, اي عماذ من يؤمن ليتم مغفرة خطاياه (اي توفير الفداء له), وتأهيلِهِ لدخول ملكوت السماء بجعلِهِ إِناءَ لحلولِ روح ألله القدوس فيهِ.

وهنا نفخَ الربُ في تلاميذهِ وقال: إقبلوا الروح القدس, اي وهبهم الحياة الابدية وأحياهم من جديد تماما كنفخة الله الاولى في آدم عند خلقِهِ, فبعد أن ماتوا روحيا وجسديا كبقية الجنس البشري بمعصية آدم , تأهلوا للقيامة من الموت والتمتع بالحياة الابدية في المسيح, هم ومن يؤمنون بكلمة الله عن كلامهم.

يوحنا(20-21): فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا:"سَلاَمٌ لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا ." (22) وَلَمَّا قَالَ هذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ:" اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. (23) مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ".

إلى هنا نرى بأنَّ ألله يُكمل ألمرحلة الثانية لخلق ألبشر بإقامتهم من الموت وتحويل أجسادهم الارضية المادية إلى أجساد روحانية سماوية تستطيع أن ترث ملكوت السماء وتبقى مع ألله أمام عرشهِ ويكونوا "شعبا مختارا سماويا" فتكتمل مملكة الله الابدية السماوية, بملكها السماوي اولا وبشعبهِ ألمختار السماوي, فيكون هو فيهم وهم فيهِ إلى ألأبد.

وبالحقيقة ايضاَ وفي النهاية وبعد إكتمال الزمان وفي ملئِه لن يكونَ ولن يبقى إِلا ألله وحدهُ في الوجود ويكونَ " الله كما كانَ في الابتداء هو الكل بالكل" ولذا قالَ اللهُ "أنا البداية وانا النهاية, أنا الالف والياء". وأما المؤمنين الذين سيصبحون شعبُ الله المختار السماوي, أي جميع المؤمنين ألذين إِعتمذوا إلى جسد المسيح الواحد, فأصبحوا شعبهُ المختار السماوي الحقيقي والمتألهين بفداء الرب يسوع والمشاركين في جسده ودمه الكريمين سيقفون مسبحين الله أمام عرشِهِ السماوي, وسيكونون في الرب يسوع المسيح وهو فيهم, وكما يُمجد الابن الآب, والآب الابن والروح القدس, هكذا ايضاَ سيتمجد ويتأله شعبُ الرب بالآب والابن والروح القدس, ويكونون ضمن الوحدة الثلاثية الابدية, وليسَ مستقلين عنها. وكما في:

الرؤيا(7– 9):..... فإذا بجمع كثير لا يستطع أحد أن يحصيه من كل أُمة وقبيلة, وشعب ولسان واقفون أمام العرش وأمام الحمل لابسين حلل بيضا وبأيديهم سعف نخل.

وهكذا لم ولن يسمح الرب الاله أن يأخذَ آخر مجدهِ مستقلاَ عنهُ, وبهذا يكون الله الخالق في نهاية الازمنة هو " الكل في الكل ووحدهُ في الوجود كما كان في البدء والابتداء". فنرى ذلك جليا في:

رؤيا(21-1): ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى زالتا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ. (2) وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا.(3) وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: "هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ.(4) وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ". (5) وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ:"هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا!". وَقَالَ لِيَ: " اكْتُبْ: فَإِنَّ هذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ". (6) ثُمَّ قَالَ لِي:"قَدْ تَمَّ! أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ". أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّانًا. (7) مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ لَهُ إِلهًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا.

فآدم وحواء كانا خالدين ولهما حياة ابدية واحدة فقط, وقد خسراها بمعصية واحدة فماتا, لكن ما فعله الرب يسوع بفدائه, قد جعل المخلصين بفدائه يشاركونه في حياته الابدية, فهو فيهم وهم فيه إلى الابد, أي أصبحوا يشاركون الرب بحياته الابدية اللانهائية وينالوا الخلود فيه, وهذا لم يكن آدم وحواء يمتلكانه او حتى يحلمان بهِ.

*** فالتأله هو نعمة يسبغها الله على المؤمنين لنشاركه في مجده لا أن نأخذ منه نحن هذا المجد,

وهذا هو التأله المقصود, وليس الاستقلال عن الله أو الانفصال عنه, وتحدي سلطته وإعلان التمرد عليه كما فعل أبليس.

*** فالمؤمنين بفداء الرب سينتقلون من الموت إلى الحياة الابدية التي وعدنا بها الرب يسوع المسيح, ونكون الهة بكلمته مشاركين له بأجمعنا بجسدِ واحد وهو شعبُ الله المختار الواقفين امام العرش السماوي, اي ما نسميه ونحنُ على الارض بكنيسة المسيح, وهو في الحالتين رأس الكنيسة على الارض وراس شعب الله المختار المؤمن المتاله في السماء, وهو قد سبقنا وقال " انا ذاهب إلى ابي واباكم, وإلاهي وإلاهكم " لهذا السبب عينه, فنحنُ اي شعب الله المختار السماوي سنكون ابناءِ لله بالإيمان والتبني, ونحنُ من الاصل كنا فيه قبل أن نُخلق وينفخ الله ارواحنا فينا, وبالايمان والتبني نصبح ابناء شرعيين لله, فمحبتهُ هي التي منحتنا هذا الامتياز من بين كُل خلائقه التي تحسدنا على هذا الامتياز والبنؤة.

*** وهنا نسأل بعض الأسئلة التي يُمكن أَنْ تُسأل وللتوضيح:

أولا: لما لم يخلق ألله ألبشر متألهين (خالدين) من الاصل وبأجساد روحانية سماوية, فلما لم يخلقهم هكذا من الاصل ويضعهم أمام عرشهِ ألسماوي من دون الحاجة للمرحلة ألجسدية الارضية؟

** والجواب: لو خلق اللهُ آدم وحواء متألهين بذاتهم ( خالدين مستقلين بذاتهم) من الاصل وبأجساد روحانية سماوية لكان آدم وحواء إلاهين (خالدين) مستقلين ومنفصلين عن الله ذاته, وهذا لا يُمكن لأَنَّ الوجود والتواجد الإلاهي (الكينونة) لا تقبل التعددية فهو وحيد منفرد ومستقل بذاتهِ وجوهرهِ, فأللآهوت لا يقبل التعددية, فالكينونة واحدة اي إِنَّ ألله هو واحد احد فقط من دونِ شريك او منافس لا من خارج الكينونة ولا حتى في الكينونة ذاتها.

ثانيا: لماذا لم يترك الله الانسان يأكل من شجرة الحياة بعد سقوطهِ في المعصية فيتأله ( فيصبحُ خالدا ) بذاتهِ ؟ ولماذا فدى أللهُ الانسان بذاتِهِ لكي يتأله (يحصل الانسان على الخلود ) ويكون من ضمن الابن ويتوحد بالثالوث ذاته كما طلب الربُ في:

يوحنا(17-21): لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي.

** وهنا وكبداية يجب أن نفهم بأنَّ شجرة الحياة التي كانت في الفردوس الارضي لم تكُن سوى رمزا حيا لشجرة الحياة الابدية في اورشليم السماء والتي يمر نهر ماء الحياة الذي ينبع من تحت العرش الإلاهي السماوي في وسطها, اي إنَّ شجرة الحياة ليست إلا ذات الحياة الابدية التي تنبع من تحت العرش السماوي, اي هي تستمد الحياة من ألله ذاته.

** والله من لحظةِ أن أعطى لآدم وحواء روحا وهي نفخة من لدنه منحهما أمكانية التأله (الخلود), ولكنهُ أعطاهم حياة ابدية واحدة فقط, فالحياة الابدية الواحدة لا تمنحهم فرصة التأله, بل تمنحهم إمكانية العيش حياة ابدية, بشرط ان لا يرتكبان اية معصية او خطيئة, فخطيئة واحدة تُزيل الحياة الابدية التي فيهم, فيموتا جسديا وايضا روحيا, جسديا بإضمحلالِ أجسادهم وفسادها فتعود إلى التراب التي جُبِلَت منهُ, وموتهم الروحي يكون بإبعادهم ابديا عن الخالق أي منبع القداسة والحياة الابدية اللانهائية.

*** وهنا يكون ألجواب: لقد طردَ أللهُ آدم وحواء من الفردوس الارضي ومنعهما من الاكل من شجرةِ الحياة بعد معصيتهما, ففي آدم وحواء روحا هي بالاصل نفخة من الخالق, وهذهِ تؤهلهم للتأله (للخلود ابديا) إن أكلا من شجرةِ الحياة التي كانت في متناولهما, فلو سمح اللهُ لآدم وحواء بالاكل من شجرة الحياة وتألها فيكونان خالدان ومنفصلان عن الله بذاتهم, وهذا سيُفسد الوجود بأجمعهِ ولأصبح آدم وحواء, إلاهين متذبذبين بين الخير والشر, وفي حالة الشر يصبحان ألعن من إبليس فيتنافسان مع الله ويتحديان سلطته, وهكذا تنافس ابدي سيكون كارثيا للوجود وابدي لا ينتهي أبدا, فتألههما منفصلين سيؤدي إلى تمتعهما بالحياة الابدية التي يستمدونها من شجرة الحياة, أي من الله ذاته, وفي نفس الوقت يتحديان سلطانهُ.

** فعصيان إبليس لله لا يُشكل تهديدا حقيقيا على كينونة ألله, فإبليس فيهِ حياة ابدية واحدة فقط ومخلوق بكلمة الله " كُنْ فيكون " ولا يستطيع أن يتاله أبدا, فلذا هو لا يُشَكِلُ نُدا حقيقيا لله الازلي الذي فيه نبعا أبديا للحياة الابدية في ذاتهِ, وبكلمة واحدة من الله يمكن فنائه ابديا, ولذا وحتى وهو في حالة تحديه لله نراه يخشى الله ويهابُ قوته وسلطانه, وهذا واضح من قول إبليس للرب يسوع, في " مرقس(1-24): " مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ؟ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ: قُدُّوسُ اللهِ!"

اي إِنّ ألله هو الكينونة الوحيدة قبل الخلق, وهو الكينونة الوحيدة بعد فناء الخليقة بأجمعها فيقول الرب في:

يوحنا(14-19): بَعْدَ قَلِيل لاَ يَرَانِي الْعَالَمُ أَيْضًا، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَرَوْنَنِي. إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ. (20) فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي أَبِي، وَأَنْتُمْ فِيَّ، وَأَنَا فِيكُمْ. (21) اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي، وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي، وَأَنَا أُحِبُّهُ، وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي.

رومية(8-29): لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ. (30) وَالَّذِينَ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ، فَهؤُلاَءِ دَعَاهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ دَعَاهُمْ، فَهؤُلاَءِ بَرَّرَهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ بَرَّرَهُمْ، فَهؤُلاَءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضًا.

وهكذا شاركَ الاقنوم الثاني المؤمنين بفدائهِ بحياتهِ الابدية, وأصبح هو فيهم, وهم فيهِ, فقد تناولوا جسد الرب ودمهِ, فَتَنْبَعَ فيهم لحياةِ أبدية, وكما قامَ هو منتصرا على الموت, هكذا ايضا يُقيمَهُم الرب من الموتِ يوم القيامة, منتصرين على الموت الروحي والجسدي حيثُ يشاركون ويستمدون الحياة الابدية من جسدِ الرب ودمائه. ومن لم يتناول جسد الرب ودمهِ, لا يكون في ذاتهِ أيةِ حياةِ أبدية فيهِ, فيهلك ويموتُ بخطاياه وبالموتِ الذي ورثهُ من أبيه الارضي آدم ومعصيتهِ.


نوري كريم داؤد

12 / 03 / 2021



 
أعلى