!( الجــدية .. مقال البابا شنودة 7 يونيو 2009 )i!(

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
413
النقاط
0
الإقامة
ALEX
الجديـــــــة

بقلم: البابا شنودة الثالث

7 يونيو 2009



الجدية هي أهم مايتميز به الإنسان الناجح وعدم الجدية سبب أساسي في فشل غيره من الناس‏,‏ فالإنسان الجاد يعرف تماما طريقه في الحياة‏,‏ والوسائل التي توصله إليه ولايحيد عن ذلك يمنة ولايسرة‏,‏ ويشق طريقه بكل ثبات حتي يصل إلي غايته هو كسفينة ضخمة تشق طريقها في بحر الحياة وبقوة حتي تصل إلي غايتها‏,‏ وليس كقارب صغير تعصف به الأمواج والرياح في أي اتجاه‏.‏

**‏ الإنسان الجاد يكون جادا في كل مسئولية تعهد إليه‏,‏ لايهمه إن كانت المسئولية كبيرة أو صغيرة‏.‏ إنما المهم عنده هو الجدية في أداء هذه المسئولية واتقانها كالممثل الذي يتقن دوره في أية رواية مهما كان الدور صغيرا‏,‏ وهكذا قد يكون بطل الرواية هو خادما أو بوابا فيها‏,‏ وليس مديرا أو ملكا‏.‏ ومثال آخر هو لاعب الكرة الذي يهمه أداء دوره في انجاح الفريق متعاونا مع باقي اللاعبين‏,‏ أيا كان دوره‏,‏ وبهذا إن كان كل عضو في المجتمع يؤدي دوره بجدية‏,‏ فسينجح هذا المجتمع بلاشك‏.‏

**‏ نري هذه الجدية في العمل‏:‏ فالتلميذ الجاد يهتم بمذاكرة دروسه من أول العام وتكون له فرصة للمراجعة مرة وأخري حتي تثبت المعلومات في ذهنه ولاينسي منها شيئا‏.‏ ولايكون خائفا أو مضطربا في وقت الامتحان‏,‏ ولايكون هدفه مجرد النجاح‏,‏ بل التفوق‏,‏ بعكس الطالب غير الجاد الذي يهمل دروسه الي نهاية العام ثم لايجد الوقت كافيا لاستيعابها‏...‏ كذلك العامل أو الصانع الذي يتميز بالجدية‏.‏ فإن جديته تؤدي إلي تميزه في إنتاجه‏.‏ ويضيف إلي ذلك دقته في المواعيد‏,‏ واعتدال سعر ماينتجه‏,‏ وحسن تعاونه وبهذا كله ينجح في عمله وتروج بضاعته‏.‏

**‏ والجدية من أهم ماتتميز به الحياة العسكرية‏:‏ فالرجل العسكري هو إنسان جاد في كل شيء‏.‏ في مواعيد صحوه‏,‏ وفي انتظامه في الطوابير‏,‏ وفي مشيته المنتظمة وفي ثباته أثناء كلامه بحيث لايحرك يديه وهو يتحدث ولايلوح بهما‏.‏ وهو جاد في كل مايتعلق بالضبط والربط‏,‏ وجاد في احترامه لمبدأ الطاعة والتسلل القيادي وبالتالي تنتشر الجدية في حياته كلها‏,‏ وتتدرج إلي العمليات العسكرية أيضا‏,‏ بل أيضا في أعماله الإدارية يكون في ملء الجدية ويثق الناس به‏.‏

**‏ والخطيب الجاد هو الذي يحضر كلمته‏,‏ ويرتبها وينسقها‏.‏ ويجهد في جمع معلوماتها وفي حسن صياغتها‏,‏ بحيث تكون سهلة في الفهم وفي القبول‏..‏ أما غير الجاد فقد يتكلم ارتجالا وبلا ترتيب‏,‏ وتظهر أفكاره مشوشة وناقصة‏.‏ وفي غير جديته‏,‏ لايكون محترما لعقول السامعين‏.‏

نفس الوضع من الجدية يكون مع الكاتب أو الصحفي ومع رجال العلم أيضا ومع الأساتذة والمدرسين‏.‏

**‏ والجدية تظهر أيضا في محيط السياسة‏,‏ فعضو مجلس الشعب مثلا ـ إذا كان جادا ـ يدرك تماما أنه صار نائبا للدائرة‏,‏ ينوب عن أهلها في خدمتهم وحل مشاكلهم‏,‏ ويكون دائم الصلة بهم‏,‏ بالاضافة إلي مشاركته في السياسة العامة للوطن‏,‏ بحيث يدرس الأمور التي ستعرض علي المجلس‏,‏ فإن تحدث فيها‏,‏ فإنما يتحدث عن معرفة وبكلام له تقديره وتأثيره‏,‏ أما العضو غير الجاد فلايهتم ولايدرس‏,‏ ولايكون له صوت‏,‏ وقد يتغيب بلا سبب ولايشعر أحد أنه كان عضوا في المجلس‏!‏

**‏ وفي مجال المعارضة السياسية‏,‏ فإن المعارض الجاد يحلل المواقف تحليلا دقيقا‏,‏ ويشرح رأيه بطريقة موضوعية‏,‏ وفي اعتراضه يقدم البدائل الإيجابية وإن وجد خيرا يمتدحه‏.‏ إنه يشترك في البناء السياسي كمراقب ومحلل‏,‏ والمعارضة هي جزء من النظام السياسي تظهر الرأي الآخر‏,‏ ولكن في نبل وتعاون‏,‏ والمعارضة الجادة لاتلعن الظلام إن وجدته إنما تضيء شمعة تنير الطريق في حكمه‏.‏

**‏ ونحن لانقصد بالجدية في الحياة العبوسة والتزمت‏,‏ أو أن يكون الإنسان الجاد بعيدا عن المرح والحياة الاجتماعية والتبسط مع الآخرين‏,‏ إنما بالاضافة إلي مسئولياته الرسمية يكون لطيفا مع الآخرين‏,‏ والمعني الرئيسي للجدية هوعدم التراخي أو الاهمال في أي عمل أو مسئولية‏,‏ والإنسان الجاد يكون ملتزما‏,‏ يحترم نفسه ومبادئه‏,‏ ويحترم الكلمة التي تخرج من فمه‏,‏ ويحترم الطريق الذي يسلكه‏.‏

**‏ والإنسان الجاد يحترم عهوده مع الناس ونذوره مع الله‏.‏ إذا وعد بشيء يلتزم باتمامه بمجرد كلمته ولايحتاج الأمر معه إلي صك مكتوب أو إلي شروط رسمية‏,‏ بل كلمته تعتبر عهدا‏.‏ فإن نذر نذرا لله يكون جادا في تنفيذه‏,‏ تماما تماما كما خرج من فمه‏.‏ لايحاول تغيير النذر‏,‏ ولايؤجل القيام به‏..‏ ولايندم علي ماقد نذره‏.‏ فالنذر هو عهد بينه وبين الله لايتراجع فيه‏.‏

**‏ والإنسان الجاد إذا تاب يكون جادا في توبته‏,‏ لايعود إلي الخطيئة مرة أخري‏,‏ وإن عزم علي التوبة‏,‏ لايؤجلها‏.‏ ولاتكون حياته الروحية متأرجحة بين قيام وسقوط بل تكون التوبة هي نقطة تحول في حياته لايدركها التغيير‏.‏

**‏ والإنسان الجاد إن اعترضته صعاب في طريق الخير‏,‏ لايجعلها تعوقه بل ينتصر عليها‏.‏ يكون الخير الذي فيه أقوي من العوائق التي تعطله‏,‏ عزيمته تدفعه إلي قدام‏.‏ وبالنسبة إليه العوائق ليست موانع‏.‏

إن عائق فقد البصر لم يمنع طه حسين من أن يصير عميدا للأدب في عصره‏,‏ بل صار أيضا رئيسا لجامعة الإسكندرية‏,‏ ثم وزيرا للتعليم‏.‏

**‏ والإنسان الجاد لايلجأ إلي الأعذار والتبريرات يبرر بها نقصا في حياته أو تصرفه‏,‏ إن الأعذار هي غطاء يغطي به المتهاونون فشلهم‏,‏ إن نهر النيل لم تقو علي اعتراض طريقه ستة جنادل‏(‏ تسمي خطأ بالشلالات‏).‏ بل استمر في مجراه حتي وصل إلي البحر‏.‏ والعصاميون الذين كونوا أنفسهم بأنفسهم‏,‏ لم يعتذروا لظروفهم الاجتماعية الصعبة والشهداء لم يعتذروا لقسوة الحكام الوثنيين‏,‏ بل اعترفوا بالإيمان غير مبالين بتهديد أو تخويف أو تعذيب‏.‏

**‏ والإنسان الجاد ينمو باستمرار في حياته وفي فضائله‏,‏ واضعا المثالية هدفا أمامه ليسعي إليه‏.‏
 

bent almalk

بقا ليا مكان
عضو مبارك
إنضم
21 أبريل 2009
المشاركات
626
مستوى التفاعل
24
النقاط
0
787171892.jpeg
 

كوك

Forgive me Lord
عضو مبارك
إنضم
14 سبتمبر 2007
المشاركات
32,327
مستوى التفاعل
81
النقاط
0
الإقامة
www.facebook.com/ConditionsWorld
ميرسى جدا يا كوكو
على الموضوع الجميل
تسلم ايدك
ربنا يبارك حياتك
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
413
النقاط
0
الإقامة
ALEX
ميرسى جدا يا كوكو

على الموضوع الجميل
تسلم ايدك

ربنا يبارك حياتك

ميررررسى على مرووورك يا كوك

ربنا يبارك حياتك
 
أعلى