أبي لم يموت .. .. .. .. ؟!؟!؟

AdmanTios

Ο Ωριγένη&
عضو مبارك
إنضم
22 سبتمبر 2011
المشاركات
2,815
مستوى التفاعل
1,566
النقاط
0
الإقامة
Jesus's Heart
نعم صدقوني أبي لم يموت

كان أبي إذا دخل غرفتي , و وجد المصباح مضاءً و أنا خارجها
قال لي: لم لا تطفئه ولم كل هذا الهدر في الكهرباء ؟؟؟

إذا دخل الخلاء ووجد الصنبور يقطر ماءً قال بعلو صوته
لم لا تُحكم غلقه قبل خروجك ولم كل هذا الهدر في المياه؟؟؟

دائما ما ينتقدني ويتهمني بالسلبية !!!

يعاتب على الصغيرة والكبيرة !!!

حتى وهو على فراش المرض !!!

إلى أن جاء يوم وجدت وظيفة .

اليوم الذي طالما انتظرته.

اليوم سأجري المقابلة الشخصية الأولى في حياتي للحصول
على وظيفة مرموقة في إحدى الشركات الكبرى.

و إن تم قبولي فسأترك هذا البيت إلى غير رجعة
و سأرتاح من أبي و توبيخه الدائم لي.

استيقظت في الصباح الباكر ولبست أجمل الثياب وتعطرت
و هممت بالخروج فإذا بيدٍ تربّت على كتفي عند الباب.

التفت فوجدت أبي مبتسمًا رغم ذبول عينيه وظهور أعراض المرض جلية على وجهه....

و ناولني بعض النقود وقال لي أريدك أن تكون إيجابيا واثقا من نفسك ولا تهتز أمام أي سؤال.

تقبلت النصيحة على مضض وابتسمت وأنا أتأفّف من داخلي،
حتى في هذه اللحظات لا يكف عن النصائح وكأنه يتعمد تعكير مزاجي
في أسعد لحظات حياتي.

خرجت من البيت مسرعًا واستأجرت سيارة أجرة وتوجهت إلى الشركة.

وما أن وصلت ودخلت من بوابة الشركة حتى تعجبت كل العجب !!!

فلم يكن هناك حراس عند الباب ولا موظف استقبال سوى لوحات إرشادية
تقود إلى مكان المقابلة.

و بمجرد أن دخلت من الباب لاحظت أن مقبض الباب قد خرج من مكانه
و أصبح عرضة للكسر إن اصطدم به أحد.

فتذكرت نصيحة أبي لي عند خروجي من المنزل بأن أكون إيجابيا،
فقمت على الفور برد مقبض الباب إلى مكانه و أحكمته جيدا.

ثم تتبعت اللوحات الإرشادية ومررت بحديقة الشركة فوجدت الممرات غارقة
بالمياه التي كانت تطفو من أحد الأحواض الذي امتلأ بالماء الى آخره.
و قد بدا أن البستاني قد انشغل عنه. فتذكرت تعنيف أبي لي على هدر المياه
فقمت بسحب خرطوم المياه من الحوض الممتلئ ووضعته في حوض آخر
مع تقليل ضخ الصنبور حتى لا يمتلئ بسرعة إلى حين عودة البستاني.

ثم دخلت مبنى الشركة متتبعا اللوحات وخلال صعودي على الدرج لاحظت
الكم الهائل من مصابيح الإنارة المضاءة ونحن في وضح النهار فقمت لا إراديا
بإطفائها خوفا من صراخ أبي الذي كان يصدح في أذني أينما ذهبت.

إلى أن وصلت إلى الدور العلوي ففوجئت بالعدد الكبير من المتقدمين لهذه الوظيفة .

قمت بتسجيل اسمي في قائمة المتقدمين وجلست انتظر دوري
و أنا أتمعن في وجوه الحاضرين وملابسهم لدرجة جعلتني أشعر بالدونية
من ملابسي وهيئتي أمام ما رأيته. والبعض يتباهى بشهاداته الحاصل
عليها من الجامعات الأمريكية.

ثم لاحظت أن كل من يدخل المقابلة لا يلبث إلا أن يخرج في أقل من دقيقة.

فقلت في نفسي إن كان هؤلاء بأناقتهم وشهاداتهم قد رُفضوا فهل سأقبل أنا ؟؟!!

فهممت بالانسحاب والخروج من هذه المنافسة الخاسرة بكرامتي
قبل أن يقال لي نعتذر منك.

و بالفعل انتفضت من مكاني وهممت بالخروج فإذا بالموظف ينادي على اسمي للدخول.

فقلت لا مناص سأدخل و ألقيت بحمولي علي رب المجد.

دخلت غرفة المقابلة وجلست على الكرسي في مقابل ثلاثة أشخاص
نظروا إليّ وابتسموا ابتسامة عريضة ثم قال أحدهم متى تحب أن تتسلّم الوظيفة ؟؟؟!!!

فذهلت لوهلة وظننت أنهم يسخرون مني أو أنه أحد أسئلة
المقابلة ووراء هذا السؤال ما وراءه.

فتذكرت نصيحة أبي لي عند خروجي من المنزل بألا أهتز وأن أكون واثقا من نفسي.

فأجبتهم بكل ثقة: بعد أن أجتاز الاختبار بنجاح إن بإذن ربنا :) :)

فقال آخر لقد نجحت في الامتحان و انتهى الأمر.

فقلت ولكن أحدا منكم لم يسألني سؤالا واحدا !!!

فقال الثالث نحن ندرك جيدا أنه من خلال طرح الأسئلة فقط لن نستطيع تقييم
مهارات أي من المتقدمين.

و لذا قررنا أن يكون تقييمنا للشخص عمليا ...

فصممنا مجموعة اختبارات عملية تكشف لنا سلوك المتقدم ومدى الإيجابية
التي يتمتع بها ومدى حرصه على مقدرات الشركة، فكنت أنت الشخص الوحيد
الذي سعى لإصلاح كل عيب تعمدنا وضعه في طريق كل متقدم، وقد تم توثيق
ذلك من خلال كاميرات مراقبة وضعت في كل أروقة الشركة.

حينها فقط اختفت كل الوجوه أمام عيني ونسيت الوظيفة والمقابلة وكل شيء...

ولم أعد أرى إلا صورة أبي !!!

ذلك الباب الكبير الذي ظاهره القسوة و لكن باطنه
الرحمة و المودة و الحب و الحنان و الطمأنينة.

شعرت برغبة جامحة في العودة إلى البيت و الانكفاء لتقبيل يديه وقدميه.

عند باب الدار رايت اقاربي و الجيران مجتمعين۔ينظرون الي نظرات ياس و عطف
فقد فهمت كل شيىء ۔۔وصلت متاخرا۔۔فات الاوان۔۔۔

اشتقت إلى سماع صوته و نغمة صراخه تطرب أذني.

لماذا لم أر أبي من قبل ؟؟؟

كيف عميت عيناي عنه ؟؟؟

عن العطاء بلا مقابل ...
عن الحنان بلا حدود ...
عن الإجابة بلا سؤال ...
عن النصيحة بلا استشارة ...

رحيلك مُرٌّ يا أبي

كنت أنت البارَّ بنا ولم تنل البر منا كما يجب أن يكون.

غبت يا أبي وغاب عني العقل الرشيد و السند المتين، و الناصح الأمين.

لم يمت أبي ولن يموت ...

العبرة
[Q-BIBLE]أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ كَمَا أَوْصَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ،[/Q-BIBLE]​
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,644
مستوى التفاعل
3,556
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
سأترك هذا البيت إلى غير رجعة
و سأرتاح من أبي و توبيخه الدائم لي.

كثيرون من الأولاد يتفوهون بمثل هذه العبارة بسبب انزعاجهم من توجيهات الآباء، غير مدركين الغاية السامية الى أن يفهموا المقصود، و للأسف البعض لا يفهمه إلا بعد فوات الأوان.

قصة جميلة يا أدمنتوس قرأتها و أعجبتني بالرغم من أني سبق و قرأتها على النت، لأنها مفيدة و فيها عبرة.

تسلم يدك على النقل.
 

AdmanTios

Ο Ωριγένη&
عضو مبارك
إنضم
22 سبتمبر 2011
المشاركات
2,815
مستوى التفاعل
1,566
النقاط
0
الإقامة
Jesus's Heart


كثيرون من الأولاد يتفوهون بمثل هذه العبارة بسبب انزعاجهم من توجيهات الآباء، غير مدركين الغاية السامية الى أن يفهموا المقصود، و للأسف البعض لا يفهمه إلا بعد فوات الأوان.

قصة جميلة يا أدمنتوس قرأتها و أعجبتني بالرغم من أني سبق و قرأتها على النت، لأنها مفيدة و فيها عبرة.

تسلم يدك على النقل.

سلمت يمينك أمي الغالية
طالما ننهل و نتعلم من كل حرف تخطُه يديكي
نعم يا أمي قد لا يتفهم الأبناء توجيهات الآباء لهم
و قد يدركون مثل هذه التوجيهات حينما يُصبحون آباء :) :)
و يتذكرون كم عانيت معنا يا أبي و أمي :)
لكن للخير بإذن رب المجد
 
أعلى