انتبهوا واهدئوا قليلاً واغلقوا كتبكم مع عقولكم وافتحوا قلوبكم

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
أَجَابَ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً» (يوحنا 4: 10)
نحن وصلنا لجيل عقله اتسع جداً وصار مستنيراً بالفكر، وعقله مزدحماً بالأفكار الكثيرة، لكن قلبه صار في حالة من الصغر والضيق حتى أنه لا يستطيع أن يحمل رب المجد ويحبه فعلياً ويترجم هذا طاعة ثقة الإيمان، فمعظم كتابات وأفكار هذا الجيل، عبارة عن فلسفة فكر مملوء من كلام الإنسانية المقنع، إذ أن الكثيرين (منهم) صاروا يملكون كم هائل من المعارف المتسعة العميقة للغاية، ولكنهم لا يستطيعون أن يدخلوا للحضرة الإلهية ويجروا حديث الإيمان الحي مع الله نور النفس وحياة كل أحد، لذلك لا يستطيع الكثيرين اليوم أن يعرفوا عطية الله الثمينة ويدركوا قوتها المُخلِّصة لتصير نور لنفسه يشع من كل واحد ليجذب الجميع لله الحي.
فاليوم انبهكم يا إخوتي لترفعوا عيون قلبكم وتدققوا لتنظروا للغنى الفائق الذي صار لنا كنزاً عظيماً مُعطى لنا، ونحن غافلين عنه تماماً ومنشغلين بكثرة المعرفة اللاهوتية الفكرية والمعلومات الروحية، التي نظن أننا بها استنارنا، مع أن نور وجه الله غائب عنا تماماً، لذلك نحيا في فقر العالم وأمراض حزنه القاتلة للنفس.
فاصغوا للروح الذي فيكم ولا تحزنوه وتنشغلوا عنه بكثرة قراءتكم ومعارفكم، لأنه هو الروح الناري الذي يضرم فيكم هذا الشوق الخفي الذي يحرككم بلهفة نحو خالقكم العظيم، فانتبهوا إليه واسمعوا، واطلبوا ملكوت الله وبره، لكي تنسكب عليكم تلك القوة السماوية وتنفتح بصائركم على ذلك النور البهي، وتتذوقوا الكنز السماوي فتغتنوا، لأن في تلك الساعة ستحيون في العهد الجديد وتدخلوا راحة المسيح الرب وتصيروا نوراً للعالم وملح حقيقي للأرض، فتفكروا في موقف المسيح الرب مع السامرية وكيف رأته بقلبها وصدقت وآمنت، فارتوت وشبعت حتى انها تركت جرتها من فرحتها ونست ماء بئر يعقوب، وركضت بلا خجل تقول إنساناً قال لي كل ما فعلت، فقد نست احتياجاتها بل وخطيئتها لأنها سقطت بمجرد حديثها مع مسيح القيامة والحياة فأدركت عطية الله الثمينة، إذ قد تذوقت قوة غفرانه السري وفرحت أنها وجدت المسيا المنتظر، لأن عيون قلبها انفتحت.
فاغلقوا كتبكم ولو قليلاً وانتبهوا لرب المجد الحي الشاهد لنفسه ومعلنها لكل من يُريد، افتحوا قلوبكم لهُ، وأجروا معه حديثاً بروح الوداعة والاتضاع، لكي يفتح عيونكم على مجده الحقيقي برؤيا فعلية لتروه رباً حياً وحضوراً مُحيياً، ليعطي فرحاً وقوة لنفوسكم، ويجعلكم تحلقون في مجده مثل النسور، فالكلمة حينما تخرج من فمه تُقيم الميت الذي أنتن، بل وتُشفي كل علل النفس وأوجاعها الداخلية، لأن كلامه روح وحياة، فتحدثوا دائماً (قبل وبعد وأثناء كل شيء) مع المسيح الرب مباشرةً ودائماً، وانتم ستتذوقون ما يفوق كل تصوراتكم الخاصة وتغوصوا في بهاء مجده الخاص فتعرفوا ما لا تستطيع الكتب أو الأبحاث العميقة أن تُعطيه لكم، لأن هذا هو مستوى الصلاة الحقيقية لكل من يُريد حقاً ان يتعلم كيفية الصلاة التي غابت عن مفكري ومستنيري هذا الجيل الذين يظنون أن بكثرة معارفهم نالوا قوة مسيح القيامة والحياة.
 
التعديل الأخير:
أعلى