دراسة عن القسم

إنضم
21 مارس 2008
المشاركات
7,800
مستوى التفاعل
770
النقاط
113
الإقامة
عائدٌ من القبر
الموعظة على الجبل - القسم (متى 5: 33- 37)

القسم

تفسير (متى 5: 33) 33 «ايضا سمعتم انه قيل للقدماء:لا تحنث بل اوف للرب اقسامك.

فيما يلى تفسير انجيل متى - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

اي لا تكذب في قسمك . وتمم ما قد اقسمت به .



ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافي

موضوع ألاية كلام المسيح هنا عن الحلفان أو استعمال الأقسام المحرمة.

1) " لاَ تَحْنَثْ " هذه الكلمة لا توجد لفظاً بين الوصايا العشر ولا في غيرها من ألفاظ التوراة، ولكن مضمونها في لاويين ظ،ظ©: ظ،ظ¢ وهو قوله «لاَ تَحْلِفُوا بِاسْمِي لِلْكَذِبِ، فَتُدَنِّسَ اسْمَ إِلهِكَ» (لاويين ظ،ظ©: ظ،ظ¢). هذا يتضمن النهي عن الحنث، وهو الخلف في اليمين..

2) " بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ " هذا مأخوذ معنىً من العدد ظ¢ظ : ظ¢ والتثنية ظ¢ظ£: ظ¢ظ£. فاليهود فسروا هذه الأوامر بطريقة أضاعت معناها وقوتها، لزعمهم أن نكث القسم أو النذر الذي لم يُذكر فيه اسم الله ليس حراماً.

أنواع القسم / الحلف عند اليهود

أولا : أن كل حلف / القسم بالله جائز إلا الحلف بالكذب الذي يذكر فيه اسم الله .. (لا 19: 12) ولا تحلفوا باسمي للكذب فتدنس اسم الهك.انا الرب" (عد 30: 2) اذا نذر رجل نذرا للرب او اقسم قسما ان يلزم نفسه بلازم فلا ينقض كلامه.حسب كل ما خرج من فمه يفعل." (تث 23: 23) ما خرج من شفتيك احفظ واعمل كما نذرت للرب الهك تبرعا كما تكلم فمكعِلمًا أنّ كتبة اليهود، أي علماء كتابهم المقدَّس (وهو ‏أيضًا العهد القديم من الكتاب المقدَّس مسيحيًّا) والفقهاء، كانوا يتطلّعون إلى اسم ‏الله بوقار شديد، فلم يخاطروا بذكر اسمه "يهوه" لئلّا يخطئ الشخص في نطقه. ‏وكانوا، خلال حِقب نسخ الأسفار المقدسة، يمارسون طقسًا خاصًا عند كتابة اسم ‏الله؛ مِثالًا: غسل القلم قبل الكتابة به مباشرة. كما سمعت أحد الوُعّاظ المسيحيّين ‏يقول: صَنَعَ كتبةُ اليهود خَتْمًا خاصًّا بالكلمة التي تقابل "الله" في العِبرية، من ‏خشية الله وتعظيمًا لقدره قَسَم الإنسان شائع فى بلاد الشرق الأوسط منذ زمن المسيح وحتى الآن في سائر البلدان المُعَرَّبة والمؤسلَمة، القسم بالله لأتفه ‏الأسباب. وينتشر القَسَمَ بالله عبثًا في الشعر العربي وفي النثر، كقول قائل "والله، بالله، ‏تالله" ويسمع القسم في الأغاني العربية.واصبحت كلمة الله والقسم بها ليست ذو أهمية وقداسة وتبجيل يلوكها في أيّ حوار مع ‏الصديق ومع الخصم ويتغنّى بها؟

ثانيا : الحلف / القسم الذى لم يُلفظ فيه اسم الرب . لا تربط الإنسان أى لا يلزم بتنفيذها أى كأن لم تكن وهناك حلفان وقسم تستعمل فى حياتنا اليومية لا يذكر فيها إسم الرب وقد يكون القسم بشئ مقدس مثل : ( والكنيسة هذا حدث .. والكتاب المقدس لم يحدث .. ألخ أو قسم بشئ غير مقدس مثل "وحياة إبنى هذا حدث ، أو أعدم فلان أننى لم أقول هذا ، عليا النعمة إن .. ألخ

ثالثا: قَسَم الله؛ إذ أقسم الله بذاته في الكتاب المقدّس ولم يقسم بغير ذاته إطلاقًا. ‏فأمامي في سِفر التكوين 22: 15-16 {ونادَى مَلاَكُ الرَّبِّ إِبْرَاهِيمَ ثانِيَةً مِنَ ‏السَّمَاءِ وقالَ: بِذاتِي أَقسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ...} الذي استشهد به المزمور 105: 9 ‏والجدير ذِكره هو أنّ الله أقسم بذاته ولم يُقسِم بأيٍّ من مخلوقاته، لأنّ المخلوق ‏قطعًا دون الخالق منزلة. فالله أقسم بذاته لأنه لا شيء أسمى منه.وهناك آيات أخرى الرب يقسم بذاته (عب 6: 13- 17) فانه لما وعد الله ابراهيم، اذ لم يكن له اعظم يقسم به، اقسم بنفسه، 14قائلا:«اني لاباركنك بركة واكثرنك تكثيرا». 15 وهكذا اذ تانى نال الموعد. 16 فان الناس يقسمون بالاعظم، ونهاية كل مشاجرة عندهم لاجل التثبيت هي القسم. 17 فلذلك اذ اراد الله ان يظهر اكثر كثيرا لورثة الموعد عدم تغير قضائه، توسط بقسم (عب 7: 21) لان اولئك بدون قسم قد صاروا كهنة، واما هذا فبقسم من القائل له:«اقسم الرب ولن يندم، انت كاهن الى الابد على رتبة ملكي صادق»

رابعا : الأقسام التالية أُمرت بها الشريعة في (خر 22: 11) اذا اعطى انسان صاحبه حمارا او ثورا او شاة او بهيمة ما للحفظ فمات او انكسر او نهب وليس ناظر 11 فيمين الرب تكون بينهما هل لم يمد يده الى ملك صاحبه.فيقبل صاحبه.فلا يعوض" (لا 5: 1) واذا اخطا احد وسمع صوت حلف وهو شاهد يبصر او يعرف فان لم يخبر به حمل ذنبه. " .. تقدمة غيره رجل على إمرأته (عد 5: 19) ويستحلف الكاهن المراة ويقول لها ان كان لم يضطجع معك رجل وان كنت لم تزيغي الى نجاسة من تحت رجلك فكوني بريئة من ماء اللعنة هذا المر. " (تث 28: 12 و 14) " لكي تدخل في عهد الرب الهك وقسمه الذي يقطعه الرب الهك معك اليوم... وليس معكم وحدكم اقطع انا هذا العهد وهذا القسم "

والمسيح لم يأت لينقض الشريعة الموسوية. فمن واجبات المسيحي عندما يؤمر بالقسم شرعاً أن يقسم بكل وقار، لا ليجبر نفسه على الكلام بالصدق بل ليقنع الآخرين أنه يصدق.

وتعليم اليهود فى أولا وثانيا كان مناقضاً لتعليم الله في الوصيتين: الثالثة (خر 20 : 7) لا تنطق باسم الرب الهك باطلا لان الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلا. والوصية التاسعة.لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ.
فالمسيح يعلم هنا أن المخالفة لا تقوم بالألفاظ المستعملة في الحلف، ولا يكون غايته إثبات الكذب، بل باستعماله على أي صورة كانت بدون لزوم. وأن كل الأقسام والنذور تقيد الإنسان، سواءٌ لفظ فيها اسم الله أم لا.

العِظة على الجبل وقفة ما بين قَسَم الإنسان وقَسَم الله ‏ ما زلت أقرأ في متّى\ الأصحاح الخامس، حتّى وصلت إلى قول المسيح: {33 ‏أيضًا سمعتم أنه قيل للقدماء:لا تحنث بل أوفِ للرب أقسامك. 34 وأمّا أنا فأقول ‏لكم: لا تحلفوا البتّة... 37 بل ليكُنْ كلامُكم: نعم نعم لا لا. وما زاد على ذلك فهو ‏من الشّرّير} فأوّلًا أشار السيد المسيح في موضوع القَسَم إلى سِفر الخروج 20: ‏‏7 {لا تنطُقْ باٌسم الرب إلهك باطلًا لانّ الرب لا يبرئ من نطق باٌسمه باطلا} ‏المؤكَّد عليه في سِفر اللاويّين 19: 12 وفي التثنية 5: 11 ثمّ أكّد العهد الجديد ‏على قول المسيح في سِفر يعقوب 5: 12‏

تفسير (متى 5: 34) 34 واما انا فاقول لكم: لا تحلفوا البتة لا بالسماء لانها كرسي الله

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى

ذكر المسيح بعض أمثال ينهى بها عن كل الأقسام غير اللازمة.

1) "لاَ تَحْلِفُوا ظ±لْبَتَّة " حلف يعنى فى اللغة العربية اليمين أو القسم.. (يع 5: 12) ولكن قبل كل شيء يا اخوتي، لا تحلفوا، لا بالسماء، ولا بالارض، ولا بقسم اخر. بل لتكن نعمكم نعم، ولاكم لا، لئلا تقعوا تحت دينونة. " من الظاهر من هذه الآية أن المسيح يريد أن يمنع اليهود من خطأ إعتادوا أن يفعلوه وهو ان يحلفوا بالسماء والأرض ، مع أن الرب غير محدود ولا جسم له ولا يحتاج إلى عرش وإلى موطئ ، ولكن اليهود كانوا يظنون أن الله له جسم ، ويستدل من العهد القديم أنه لا لا يجوز أن يحلف بالعرش ولا بموطئ قدمه ولا بأورشليم كان سكناه فكيف يجوزون لأنفسهم أن يحلفوا بإسم الرب ، لهذا حظر عليهم القسم بالسماء أو بأى شئ آخر ليمنعم من القسم كليا ، وكانت عبادة الأصنام منتشرة فى شمال إسرائيل وكانوا يظنون أن السماء والأرض والجمال البشرى من طبيعتهما ما لم يستمدان من الخالق وهذه الآية تعلم اليهود أن السماء والأرض هما من صنع الرب وحتى البشر وكل شئ هو مخلوق من الرب لا يجوز القسم بأى منها وبهذا يقصد المسيح القسم الذى يقوله الناس بمناسبة أو غثر مناسبة فى أمورنا الشخصية والعامة، فلا تمس هذه الوصية واجباتنا للحكومة، فالمحاكم تضطر لكثرة الحنث بين الناس أن تطلب القسَم الشرعي واسطةً لإظهار الحق قبل ان بناقش الشاهد فى المحكمة . كالشؤون القضائية في المحاكم وفي بعض ‏المحافل الدولية وفي أداء اليمين الدستورية وفي الحفاظ على شرف المهنة بعد ‏التخرج الأكاديمي.‏ فلا ينهي المسيح عن مثل هذه الأقسام، بل عن المستعملة في المحادثات العادية لغير سبب هام .

والبشر يستعينون بإله أو شئ كبير فى أقسامهم وفى معظم الأحيان لا يستطيعون الوفاء بأقسامهم أو قد يكذبون وقد يقال أنه إذا طان القسم محظورا فكيف أقسم الرب فقد جاء مكتوبا " قد أقسم الله ولم يكذب " فنجيب أن المراد من هذا القول أن الرب يقسم بذاته وهو صادق وصدق فى قوله (رومية 3: 4) حاشا! بل ليكن الله صادقا وكل إنسان كاذبا" أما قوله "من الآن إلى ثلاثة أيام تخرب نينوى " فقد أراد بذلك تخويف أهلها لكى يرجعوا إليه تائبين "لا يريد هلاك الخاطئ مثلما يرجع ويحيا (حز23:18). .
ويظهر أنه لم يرد بقوله الأقسام الشرعية مما أتاه هو وأتاه الرسل بعده وأتاه الله نفسه وقد رفض المسيح ذاته وهو فى ضيقة وأثناء الحكم عليه الحلفان (مت 26: 62- 64) واما يسوع فكان ساكتا. فساله رئيس الكهنة: «استحلفك بالله الحي ان تقول لنا: هل انت المسيح ابن الله؟» قال له يسوع: «انت قلت! وايضا اقول لكم: من الان تبصرون ابن الانسان جالسا عن يمين القوة واتيا على سحاب السماء» وفيما يلى أمثلة لما يشبه القسم الذى ورد فى رسائل بولس : (رو 1: 9 - 10) فان الله الذي اعبده بروحي، في انجيل ابنه، شاهد لي كيف بلا انقطاع اذكركم، 10 متضرعا دائما في صلواتي عسى الان ان يتيسر لي مرة بمشيئة الله ان اتي اليكم. " (غلا 1: 20) والذي اكتب به اليكم هوذا قدام الله اني لست اكذب فيه. " (1كو 15: 31) اني بافتخاركم الذي لي في يسوع المسيح ربنا، اموت كل يوم


2) " لاَ بِظ±لسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ ظ±للّظ°ه " الحلف بالسماء هو كالحلف بالرب ذاته، لأن السماء مقامه ومحل عرشه، راجع (إش 66: 1) هكذا قال الرب.السموات كرسيي والارض موطئ قدمي.اين البيت الذي تبنون لي واين مكان راحتي." فلذلك يرتبط الإنسان بهذا القسَم كما يرتبط بقسمه باسم الرب يهوه .

تفسير (متى 5: 35) 35 ولا بالارض لانها موطئ قدميه ولا باورشليم لانها مدينة الملك العظيم.



فيما يلى تفسير انجيل متى - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

لقد كانت عادة اليهود ان يحلفوا بهذا مع ان الله غير محدود ولا جسم له ولا محتاج الى عرش والى موطىء . لكن اليهود كانوا يظنون ان الله جسماني ويستدل من كلامه انه اذا كان غير جائز للانسان ان يحلف بالعرش وبموطئ قدميه وباورشليم فكيف يجوز ان يحلف باسم الله . وقد حظر عليهم القسم بالسماء وغير ذلك ليمنعهم من القسم كلياً . وبما ان عبادة الاصنام كانت منتشرة جداً فلكيلا يظن اليهود كالحنفاء ان للسماء والارض العظمة والجمال من طبعهما ما لم يستمداهما من الخالق . لذلك افهم اليهود ان عظمة السماء والارض هي التقرب من الله تعالى .



ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
1) "لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ " جاء في إشعياء(إش 66: 1) «هكذا قال الرب: السماوات كرسيي والأرض موطئ قدميَّ» الأرض مقدسة لأنه موطش قدم المسيح . فمن يحلف بالأرض فكأنه حلف بالمسيح لأن علاقتها به تجعل الحلف ذا قيمة. وسُميت موطئ قدميه لأنها له، ولأنها حقيرة بالنسبة إلى عظمته.

2) " وَلاَ بِأُورُشَلِيم" لأنها سميت بمدينة الرب بهوه (مز 87 : 3) قد قيل بك امجاد يا مدينة الله. سلاه "

كانت عادة اليهود أن يصلّوا متجهين نحو أورشليم فقد كانت قبلتهم (دا 6: 10) فلما علم دانيال بامضاء الكتابة ذهب الى بيته وكواه مفتوحة في عليته نحو اورشليم فجثا على ركبتيه ثلاث مرات في اليوم وصلى وحمد قدام الهه كما كان يفعل قبل ذلك وكانت إتجاه مجامع اليهود فى كل انحاء الأرض إلى مدينتهم أورشليم وجائت تسمية الهيكل بإسم "البيت" (1مل 8: 38 و 42 و 44). 38 فكل صلاة وكل تضرع تكون من اي انسان كان من كل شعبك اسرائيل الذين يعرفون كل واحد ضربة قلبه فيبسط يديه نحو هذا البيت .. 42 لانهم يسمعون باسمك العظيم وبيدك القوية وذراعك الممدودة.فمتى جاء وصلى في هذا البيت .. 44 اذا خرج شعبك لمحاربة عدوه في الطريق الذي ترسلهم فيه وصلوا الى الرب نحو المدينة التي اخترتها والبيت الذي بنيته لاسمك


3) " مَدِينَةُ ظ±لْمَلِكِ ظ±لْعَظِيم" كانت مركز الهيكل وعاصمة يهوه ملك الشعب المقدس. فنسبتها إليه جعلت للحلف بها معنىً ووقاراً

(مز 46: 4) نهر سواقيه تفرح مدينة الله مقدس مساكن العلي "(مز 48: 2) جميل الارتفاع فرح كل الارض جبل صهيون.فرح اقاصي الشمال مدينة الملك العظيم.

تفسير (متى 5: 36) 36 ولا تحلف براسك لانك لا تقدر ان تجعل شعرة واحدة بيضاء او سوداء.



فيما يلى تفسير انجيل متى - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

انه يمنعنا منعاً باتاً من القسم مع علمه اننا لسنا قادرين ان نجعل في رؤوسنا شعرة واحدة بيضاء او سوداء حتى اذا اضطرنا الامر الى القسم فلا يجب ان نقدم عليه عملاً بامر الله الذي في استطاعته ان يزيل عنا هذه الضرورة . واذا كنا نحتج اننا لا نستطيع التخلص من الضرورة فذلك دليل على ضعف ارادتنا وعدم استطاعتنا في حفظ اوامره تعالى . ورب قائل يقول فاذا كان القسم محظوراً علينا فكيف اقسم الله اذاً . فانه جاء مكتوباً ” قد اقسم الله ولم يكذب ” فنجيب ان المراد من هذا القول هو ان الله قد صدق في قوله . ولكي نزداد اعتقادا بذلك عبر عنه بالقسم واما قوله تعالى من الان الى ثلاثة ايام تخرب نينوى فقد اراد بذلك تخويف اهلها لكي يرجعوا اليه تائبين .



ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) "بِرَأْسِك" يعتقد أن اليهود كانوا معتادين بالقسم بالرأس مثل القول " ورأس أبنى ، وراسى" حيث كان الذبح والقتل مشاعا فى هذه الأيام فلاَ يَقْدِر إنسان أن يحلف برأسه لأنه يدَّعي السلطان عليه، وهو لله وحده. فلا حق لنا أن نحلف بما هو له.
لا يجوز القسم بالرأس أو أى جزء بالجسم مثل الذى يقول "وحياة عينى " والحلف بالحياة كالحلف بالرأس لأن الله مصدر الحياة. فإذا حلفنا بها كأننا حلفنا به. ولا يقدر إنسان أن يخلق شعرة واحدة أو أن يغير لونها بمجرد قوة الإرادة، لأن هذا عمل الله وحده. وما قيل عن الرأس يقال عن اللحية والذقن والأولاد وغير ذلك، مما اعتادت العامة أن تحلف به. ويقول الأنبا بيشوي فى "كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي (مع حياة وخدمة يسوع) - 69- لا تحلفوا البتة : [ أي أنه يضع عينيه بقسم في مقابل تنفيذ ما قد وعد به أو تأكيد صحة ما يحكيه. وتكون النتيجة أنه لو أراد تنفيذ القسم عليه أن يقلع عينيه إذا لم يفِ بوعده أو إذا ظهر كذبه فيما حكاه. لا أحد يملك عينيه كقول الرسول: "إنكم لستم لأنفسكم، لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله" (1كو6: 19، 20). لقد اشترانا السيد المسيح بدمه وصارت أجسادنا وأرواحنا ملكًا له، كمفتداه بثمن كريم.. ليس من حق الإنسان أن يقسم برأسه ولا بعينيه ولا بشعرة واحدة من رأسه، ولا أن يقسم برحمة والده أو والدته التي لا يملكها، ولا بالسماء التي هي كرسي الله ولا بالأرض التي هي موطئ قدميه.
الله وحده هو الذي يملك ذاته بالكامل، يملك جوهره ويملك طبيعته، ويملك وجوده إذ لم يوجده أحد مثل المخلوقات التي خلقها الله وقيل عنها "للرب الأرض وملؤها، المسكونة وجميع الساكنين فيها" (مز23: 1). لهذا فعندما أوشك إبراهيم على تقديم ابنه إسحق ذبيحة خاطبه الرب وقال: "بذاتي أقسمت يقول الرب.. إني أباركك مباركةً وأكثر نسلك تكثيرًا" (تك22: 16، 17). عن هذه الواقعة الهائلة قال معلمنا بولس الرسول إن الرب "إذ لم يكن له أعظم يقسم به أقسم بنفسه" (عب6: 13). أعظم شيء في الوجود هو الله نفسه -لذلك أقسم الرب بنفسه أن يبارك إبراهيم هو ونسله لكي يتأكد الوعد بالخلاص بقسم.

تفسير (متى 5: 37) 37 بل ليكن كلامكم: نعم نعم لا لا. وما زاد على ذلك فهو من الشرير

فيما يلى تفسير انجيل متى - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد
اي في الايجاب ايجاب وفي النفي نفي ” وما زاد ” اراد بذلك ان الزيادة هي كذب من الشرير . فاذا كل من يكذب فهو شريك الشيطان . وقد فسر القديس يوحنا الذهبي الفم ” ما زاد على ذلك ” فقال ان معناها القسم لانه من الشرير . وقد اعترض بعضهم قائلا اذا كان القسم من الشيطان فلماذا امر الناموس ان يحلفوا ؟ فنجيب كما ان الحليب نافع للاطفال دون الرجال فكذلك القسم في الازمنة القديمة كان مفيداً لان الناس كانوا وقتئذ كالاطفال . اما في زمن المسيح فقد عد القسم انه من الشرير لان الطبع البشري قد بلغ حد الكمال . فالكمال مطلوب منا ازيد من الكتبة والفريسيين . وكما ان قتل هابيل حسب شراً . اما ايليا وفينحاس فحسب خيراً . والخمير كذلك في زمن يوخذ جيداً وفي زمن يوخذ ردياً .

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) " ليكن كلامكم: نعم نعم لا لا" لم ينهَ المسيح عن الأقسام الباطلة، بل نهى عن إستخدام إسم الرب أو أى شئ مما خلقه فى القسم بغير لزوم.(كو 4 : 6) ليكن كلامكم كل حين بنعمة، مصلحا بملح، لتعلموا كيف يجب ان تجاوبوا كل واحد. " فيجب أن نستعمل كلماتنا البسيطة: نعم أو لا، وعندما ننطقها كأننا ننطق بهما ونحن فى إيمان الرب ذاته هذا هو كلامنا الصادق نعم أو لا ونعتبرهما كأعظم الأقسام. فقصد المسيح أن يكون كلامنا بلا أقسام. فإن أراد الإنسان أن يزيد على قوله «نعم» لم يجُز له سوى تكرارها.(يع 5: 12) ولكن قبل كل شيء يا اخوتي، لا تحلفوا، لا بالسماء، ولا بالارض، ولا بقسم اخر. بل لتكن نعمكم نعم، ولاكم لا، لئلا تقعوا تحت دينونة. " والأقسام في أمور صغيرة خطايا كبيرة. فيجب أن نكون دائماً صادقين حتى يثق بنا الناس بدون قَسَم. وكل إنسان ملزم بأن يصدق بقوله سواء أحلف أم لم يحلف.

2) " وما زاد على ذلك فهو من الشرير:" إما لأن ذلك مضاد للشريعة الأخلاقية التى من المفروض أن تسود بين البشر ، أو لأن المحرك إليه الشيطان مصدر الشر رومية 12: 9) المحبة فلتكن بلا رياء. كونوا كارهين الشر، ملتصقين بالخير.(1 تس 5: 22) امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ. (يوحنا 8: 44) أنتم من أب هو إبليس، وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا. ذاك كان قتالا للناس من البدء، ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق. متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له، لأنه كذاب وأبو الكذاب." وعندما شاع الكذب في العالم فإضطر القضاة والمحافل الدولية إلى الأقسام الشرعية التى لا يجوز استعمالها إلا دفعاً للشر الأعظم، كما يجوز القتل محاماةً عن الحياة. والمسيحيون بالحق لا يحتاجون إلى الأقسام أبداً. ونستنتج من قول المسيح هذا أن من يتلفظ بالأقسام باطلاً يدل على شر قلبه. فيجب أن لا نثق بصدق من يخاطبنامن الذين يؤيدون كلامهم بكثرة الأقسام، لأن الذي يخالف الوصية الثالثة لا يصعب عليه أن يخالف التاسعة. ولا ريب في أن الإنسان كثير الأقسام هو إنسان خاطئ ولا يصدق .
 
التعديل الأخير:
أعلى