العقاب بين الفكر البشري والفكر الالهي

sam_msm

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
18 مايو 2007
المشاركات
1,496
مستوى التفاعل
317
النقاط
83
العقوبة بين الفكر البشري والفكر الالهي )
~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
لقد كشف لنا الروح الذي هو مصد الغني في طبيعتنا الروح الوديع الهادي الذي له المجد علي الدوام ان الكتاب المقدس يستخدم الفاظ بشرية لتعبر عن مواقف الله نحو الخطية والشر فقط لكي نستطيع نحن ان نفهم وليس حسب طبيعة الله حاشا لان طبيعة الله ليس فيها اي انفعال مثل انفعال الغضب او الندم الخ من خصائص الطبيعة البشرية التي هي تحت الضعف بل طبيعة الله فوق اي شيئ من هذا القبيل فالشمس قد ترسل شعاعها ليخترق البرك والمستنقعات هل تنزل الشمس البرك والمستنقعات عندما يقل الشمس نزلت علي البرك ولكن هذا المصطلح لنا نحن بل شعاع الشمس يخترق المستنقعات ليقضي علي ما بها من ميكروبات وغيرها من الكائنات الضارة هكذا قد يستخدم الكتاب المقدس هذه الالفاظ من اجلنا نحن ولكن هي بعيدة كل البعد عن طبيعة الله مثل بعض الالفاظ الغريبة جدا اصلا عن طبعنا عندما نستخدمها نحن البالغين لكي نتحدث مع الاطفال وانا ايها الاخوة لم استطع ان اكلمكم كروحيين، بل كجسديين كاطفال في المسيح سقيتكم لبنا لا طعاما، لانكم لم تكونوا بعد تستطيع
ون، بل الان ايضا لا تستطيعون
1 كو : 3 : 1 - 3
يقول العلامة اوريجينوس :- [ عندما نكلم طفلاً عمره سَنتان، نستخدم لغة [طفوليه] من أجل الطفل لأنه إن إلتزمنا باللغة الناضجه وتحدثنا إلى الطفل دون أن ننزل إلى طريقة كلامه فلن يفهمنا.
تخيل أن ما حدث هو ذات الأمر في حالة الله حين يتعامل مع البشر وبخاصه الذين مازالوا أطفالاً فإن سمعتَ عن غضب الله ونقمته فلا تفكر في النقمه والغضب كمشاعر يجتازها الله!
الله في الحقيقه ليس بناقمٍ ولا غاضبٍ ]
( العلامة اوريجينوس، عظات على سفر إرميا، 18
من الالفاظ الغريبة جدا ايضا عن طبيعة الله العقوبة التي نعرفها نحن في عالمنا البشري وهي الاقتصاص من فعل الخطأ ولكن هذا المفهومً بمعني الانتقام من الخاطي ليس في طبيعة الله
فطبيعة الله غير متغيرة ولا تنفعل مع عمل الانسان سواء من الشر او الخير بل طبيعة الله محبة مطلقة تتعامل مع الانسان بمنطق فائق تمام عن العقل البشري المحدود فعندما يقول الرب : لا تنتقموا لأنفسكم، أيها الأحباء، بل دعوا الغضب لله، لأنه قد كتب: «لي الانتقام، أنا أجازي، يقول الرب» رو 12 : 19
هل يوجد في طبيعة الله انتقام حاشا بل. طبيعة الله فوق جميع هذه الانفعالات انها الفاظ خاصة بنا هذا المعني يكشفه ابونا القديس انطونيوس بشكل واضح جدا في الكلمات التالية [ الله صالح وغير متغير، والذي يعتقد أنه من المنطق والحق أن نؤكد أن الله لا يتغير سوف يسأل في هذه الحاله :- كيف يمكن الحديث عن الله كَفَرِح بالصالحين، يُظهر رحمته لمُمَجِّديه، وكَمُتَحوِّل بعيداً عن الأشرار وغاضب على الخُطاة ؟!
وعن هذا يجب أن تكون الإجابة :- إن الله لا يفرح ولا يغضب لأن الفرح والاهانة مشاعر [متغيرات] والله لا يَكتسب عطيةً مِن مُمَجِّدِيه، فلا معنى لاعتبارهِ متأثراً بالمسرات ! ولا يصح أن يكون اللاهوت يشعر برضى أو عدم رضى من حالة الإنسان] ( أنبا أنطونيوس، الفيلوكاليا، المجلد الأول، فصل 150)
ولكن بمعني هذا انه لا يوجد دينونة للخطاة بالطبع يوجد والدينونة قادمة لا محالة ولكن طبيعة الله التي كشفها ابنه الوحيد انها محبة تامة ومطلقة هي لا تتغير ولكن لماذا هناك دينونة الحقيقة الله خلق الكون كله ليعمل وفق قوانين طبيعية كل من يعمل بهذه القوانين ويسير بها يستمر في الوجود ولكن عندما تنكسر القوانين في حالة اي خليقة مادية تحترق وتتلاشي بفعل نفس القانون الذي صنعه الله فالانسان عندما خلقه الله قد خلقه من العدم ونفخ فيه نسمة الحياة من ذات الله وجبل الرب الاله ادم ترابا من الارض، ونفخ في انفه نسمة حياة. فصار ادم نفسا حية. تم 2 : 7
وبالتالي ادم ليس فيه حياة من ذاته وقد وضع الله قانون يحكم حياة الانسان عندما قال واما شجرة معرفة الخير والشر فلا تاكل منها، لانك يوم تاكل منها موتا تموت» تك 2 : 17
وعندما اكل هل ثاترت طبيعة الله وغضبت علي ادام وحدث بها تغير حاشا لان طبيعة الله لاتتغير ولكن وقع ادام تحت الحكم الذي حدده الله بمعني ان الذي تغير هو الانسان ولكن حب الله للانسان ابدا لم يتغير بدليل انه من عمق حبه عاد وخلصه الله من حكم الموت لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الابدية يو 3 : 16
اذا سقط الانسان في التعدي جلب عليه حكم الموت هذا قانون طبيعي وضعه الله مثل جميع القوانين التي وضعها الله لتحكم الكون ولكن من جهة الله لم تتغير ابدا محبته نحو الانسان لانها طبيعته التي هي الحب الذي مستحيل يكون فيه تغير ! علي الاطلاق ولكن الله بين محبته لنا، لانه ونحن بعد خطاة مات المسيح لاجلنا.رو 5 : 8
والعجيب ان اباء كنيستنا الارثوذكسية كان هذا هو فكرهم علي مر العصور ولكن عندما اتسع العالم واختلطت الافكار تسرب لكنيستنا افكار اخري بعيده كل البعد عن الحق واليقين الذي هو الله فالعقوبة مصطلح بشري يعبر عن طبيعة الانسان المتغيرة والتى تنفعل وتتغير حسب المواقف ولكن. ليست في طبيعة الله علي الاطلاق وهذا بعض افكار اباء الكنيسة من ناحية العقوبة

يؤكد مار اسحق السرياني نفس المعنى ويقول :-
[ إن كنا نتخيل أن الغضب أو الغيره أو ما شابه له آيَّة صِله بالطبيعه الإلهية فإن هذا شيء كريه بالكُلّية لنا، فلا يوجد عاقل عنده أي نوع من الفهم و يمكنه أن يتصور بهذا الجنون!! شيئاً مثل هذا عن الله .
كما أننا لا نستطيع أيضا أن نقول إن الله من قبيل العقوبة يتصرف، حتى [ لو كان الكتاب المقدس من الظاهر يُعلن ذلك] فمجرد التفكير هكذا عن الله وتوقع أن عقوبة الشر موجودة عنده فهذا شيء كريه ..... لأنه تجديف أن نظن أن الله يكره أو أنه يرفض الخليقة]
( مار اسحق السرياني، المقالات النسكية )

ويقول ق. يوحنا ذهبى الفم :-
[ لأنه إذا كان غضب الله انفعالاً، ربما قد يشعر المرء باليأس الشديد من عدم قدرته على إخماد النار التي أشعلها بارتكاب الكثير من الأفعال الشريرة.
لكن بما أن الطبيعة الإلهية ليست قابلة للأهواء، فحتى حينما يُعاقِب وحتى حينما يَنتقم، فهو لا يفعل ذلك بغضبٍ، بل بعناية رقيقة ومحبة متحننة ]
(ق. يوحنا ذهبي الفم، إلى ثيؤدور 1: 4)
هذا هو خلاصة القول عندما يعقاب ( ليس بمفهومنا البشري فهذا لفظ مستخدم لعقولنا فقط وليست من طبيعة الله ) فهو يتمم هذا بعناية رقيقة ومحبة متحننة لان محبة الله كاملة ولا يوجد في طبيعة الله اي نوع من الصراع
صلاة : -
يا ربي وحبيب نفسي الحقيقي يسوع المسيح اشكرك جدا لانك قربت طبيعة الله من طبيعتنا طبيعة الله المرتفعة جدا فوق طبيعتنا ارتفاع السماء عن الله لانه كما علت السموات عن الارض هكذا علت طرقي عن طرقكم وافكاري عن افكاركم.اش 55 : 9
وعلي الرغم من ان طبيعة الله مازالت كما هي مرتفعة وغير متغيرة ولا يمكن وصفها بمفردات لغة البشر نهائيا ولكنك عندما تجسدت اصبحت انت فينا ونحن فيك لكي تخبرنا عن الله ولكن في طبيعتنا ولهذا يارب يسوع انت الوحيد الذي يستطيع ان يعلن عن الله الاب ليس احد يعرف من هو الابن الا الاب ولا من هو الاب الا الابن
لو 19 : 22
لهذا انا اقترب منك بقلبي واحيا بحبك الذي ينسكب في قلبي بروحك وعندما ادخل في حضورك يا الهي اعطني ان يصمت عقلي ولساني واشخص فيك وحدك لان كل مرة انظر فيها في وجهكً اري الحياة واسمع صوت الابدية فيك واشعر بطبيعتك الالهية ولكن ليس يالنطق او الفهم العقلي ولكن بالاعلان الذي هو من نور وجهك فليس هناك معرفة لله خارج عن حضورك ونور وجهك اتضرع اليك يا من تحبنا محبة الهية محتلفة تماما عن جميع العواطف البشرية بل محبة غير منطوق بها وغير موصوفة ولكنها ذات طبيعة اخري اعرفها يالهي وعشت فيها وبها العمر كله رافقت نفسي وشددت كياني الهش جدا الضعيف فمحبتك هذه هي سر وجودي وصخرة كياني وهى السياج الحصين الذي يلف نفسي ويحرسها من كل انحراف بل هي اللذة الحقيقية التي تدفعني لاسبح اسمك في كل وقت وكل ثانية اتضرع اليك ثبتنا في محبتك ووسع كياننا لكي ناخذ اعماق مع اعماق من حبك واعطي كل نفس تسعي اليها قوة وجذب لشخصك لكي يعرف بك ومن خلالك الله ليتمجد الله الاب بك وفيك وفينا الي الابد امين ••••امين
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,068
مستوى التفاعل
1,039
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

رائع جدا أستاذنا الحبيب sam ربنا يباركك، أحييك على تأملاتك العميقة وكتاباتك الجميلة دائما. أكتب أولا لتحيتك وتقديرك، وثانيا لكي نضيف لهذه الكوكبة من الآباء أيضا قديسنا الكبير معلم الكنيسة يوحنا كاسيان، الذي لم يكتفِ فقط بوصف الغضب والسخط الإلهي وكل هذه المعاني بأنها "تجديف" كما فعل مار إسحق، بل وصفها بأنها تجديف شنيع ـ رهيب ـ مروّع، واستخدم لذلك أقوى التعبيرات لكي يؤكد على فداحة هذا الخطأ لو أننا وصفنا الله حقا بأيّ من ذلك، تنزه سبحانه وتعالى عن كل أوصافنا.

أكتب ثالثا لأجل القارئ والأحباء جميعا، والأجيال الأصغر خاصة، لكي لا تكون عثرة ويكون خلط كما نرى للأسف حاليا بالكنيسة أو على صفحات الشبكة. بينما أنت مثلا، وضعفي كذلك، والآباء القديسون من قبلنا، ينفون تماما فكرة مقيتة كالغضب الإلهي، نجد أن بعض الخدام وحتى آباء الكنيسة الأجلاء يؤكدون عليها، حتى حبيبنا أيمن هنا ترك لنا موضوعا مطوّلا يؤكد فيه على حقيقة هذا الغضب!


ولكن لا تعارض أبدا أيها الأحباء. نحتاج فقط أن "نسمع" أولا وأن "نقرأ" جيدا ما يقول الآخر. نحتاج أن نحب فإن لم يكن فعلى الأقل أن "نحترم" تماما كل إنسان حولنا، كبيرا أو صغيرا، مُصيبا أو حتى مخطئا. نحتاج ألا نسارع أبدا بالنقد والهجوم واتهامات الانحراف والهرطقة عند الاختلاف، من ثم نقع في الانقسام والتحزب والتكتل وكل فخاخ الشيطان المهلكة!

فهذا هو الأساس أولا! بعد ذلك نقول: إن هناك ببساطة رأيان أو مدرستان هنا. الأمر يستحق بالتأكيد موضوعا مستقلا ولكن يكفي في هذا التعليق أن نوضح باختصار: أن هناك مَن ينفي الغضب الإلهي بناء على فكر لاهوتي معين يتعلق بفاعلية الفداء ودوره، ولذلك مثلا لا ينكر هؤلاء الغضب الإلهي بالعهد القديم ولكن فقط بالعهد الجديد. فهؤلاء ببساطة هم الذين كان يكتب أستاذنا أيمن ردا عليهم، ناهيك عن قدس أبينا الجليل داود لمعي وغيرهما من رجال وآباء الكنيسة.

(ينفي مثلا هؤلاء أن يكون وباء كورونا غضبا من الله. لماذا؟ لأن الوباء والطوفان وسدوم وعموره إلخ: كل ذلك كان ممكنا فقط قبل "الفداء" وقبل "المصالحة"، أما اليوم فيستحيل ذلك، وإلا فيم جاء المسيح ولماذا؟)


في المقابل: هناك مَن ينفي الغضب الإلهي أيضا ـ مثل ضغفي وأستاذنا الحبيب sam هنا ناهيك عن قديسي الكنيسة ـ بالأحرى من باب التنزيه له سبحانه، ولأجل فهم أفضل ومعرفة أعمق لحقيقته عزّ وجلّ وعلا، بديلا عن هذه الصورة الشعبية الشائهة، الكاريكاتير الذي يصوّره "إنسانا" كبيرا في السماء، غضوبا غيورا ثائرا، تعالى الله عن كل ذلك علوّا كبيرا. هذه الصورة ـ في تقديرنا ـ هي بالعكس ما عثر كثيرون بسببها! ولأنها صورة خاطئة تماما فما عادت ـ اليوم بالأخص ـ تحتمل وعي الإنسان أو أسئلة العصر، كالسؤال عن الشر عموما، عن بعض الجرائم كيف قبل الله بها، عن بعض الصلاوات كيف لا تستجاب، إلخ. مع ذلك نحن لا نقول هذا من باب "الحداثة" أو استجابة لهذا العصر، بل لأنه بالأحرى "درس اللاهوت الأول" وما سلّمه لنا آباء القرون الأولى! ينتفي الغضب الإلهي تماما، حتى في العهد القديم أيضا ليس فقط الجديد، وإن ذكر الكتاب نفسه غير ذلك فهو بالطبع مجاز كما تقول كل الشروح المنضبطة لاهوتيا، ناهيك عن تعليم الآباء. الغضب الإلهي ـ إذا أُخذ حرفيا ـ فهو ببساطة تجديف على الله!

(لذلك نحن أيضا لا نرى أن وباء كورونا غضب من الله، ولكن شتان كما رأينا بين منطلقاتنا ومنطلقات الرأي أو المدرسة الأولى)!

***

كما ذكرت: الأمر يحتاج إلى مقال مستقل نشرح فيه الأخطاء التي وقع بها الجميع تقريبا، لاهوتيا أو على الأقل سلوكيا ورعويا. حسبنا في هذا التعليق المختصر أن ننتبه فقط حتى لا تكون عثرة، وأن نعرف أن الذين ينكرون الغضب الإلهي والعقوبة وكل هذه المعاني ـ وان اتفقت أقوالهم ظاهريا ـ ليسوا أبدا سواء في هذا الأمر. ليسوا أبدا "أتباع" تيار واحد، مقابل تيار آخر، كلاهما اليوم للأسف يصف الآخر بالضلال والانحراف! لنكن أكثر وعيا أيها الأحباء، لنتريث فلا نسارع بالتحزب لهذا أو الانتصار لذاك، ولنفهم ختاما أن الكنيسة أكثر ثباتا ورسوخا من أي انقسامات ساذجة كهذه. بينما بعض الخلاف يعود حقا إلى أن هناك خطأ ما، عند هذا أو ذاك، بعضه الآخر بالعكس تعبير عن ثراء الكنيسة وحركتها، دليل على حياتها ونموها الدائم!


أعتذر لطول تعليقي عما كنت أتوقع. الشكر مرة أخرى لأستاذنا الحبيب sam الذي تشجع رغم كل هذه الخلفيات فقال قول الحق الذي يراه. أحييه وأشد على يديه وأدعم من قلبي كل ما كتب. بالأحرى أدعو لنشر هذا الفكر الناضج الصحيح، الجديد القديم، وتأييده إينما كان. (بشرط أن "نقرأ" بالطبع أولا، وأن "نسمع" جيدا، لكي نميّز بين الصالح والطالح، بين الحق الأمين الذي يأتينا بنعمة الرب، وبين الخطأ والانحراف الذي لا يحتاج في الحقيقة رفضا أو حربا بقدر ما يحتاج علاجا وشفاء ورعاية واهتماما وحبا)! النعمة مع الجميع.


 
التعديل الأخير:
أعلى