محبة الله للإنسان(1)

الكرمه الصغيره

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2012
المشاركات
2,622
مستوى التفاعل
786
النقاط
113
22048039_802791296566991_6482329604480465036_o.jpg

محبة الله للإنسان
كلمة صغيرة ولكن ما أعمقها وما أعظمها! تجدها في كل اللغات أجمل الكلمات، ولا عجب لأن الكتاب المقدس، كلام الله الموحى به، يخبرنا أن
"اللهَ مَحَبَّةٌ "
(1يوحنا 8:4 و16).
سنتكلم عن ثلاثة أشياء:
أولاً:
محبة الله للإنسان وخصوصاً للمؤمنين.
ثانياً:
وصايا الرب لنا بأن نحب بعضنا بعضاً.
ثالثاً:
الصفات التي تنشئها المحبة
*
موضوعنا في هذه الحلقة هو محبة الله للإنسان.
إننا نجد دلائل محبة الله للإنسان في الكتاب المقدس من أوله إلى آخره.
ففي أول فصل في الكتاب المقدس نقرأ أنه بعد أن خلق الله الإنسان باركه :
(تكوين 28:1).

وهذا دليل على محبته للإنسان، بل قبل أن يخلق الإنسان خلق له كل وسائل الراحة. خلق الشمس والقمر والنجوم، خلق البحار والأنهار والأشجار والثمار، ووضعه في جنة أعدّها له ولحواء امرأته. وحتى لما كثر شر الإنسان على الأرض في أيام نوح، وقرر الله أن يرسل الطوفان. يقول الكتاب المقدس:
" وَأَمَّا نُوحٌ فَوَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ."
(تكوين 8:6).
فأن يجد الإنسان نعمة في عيني الإله القدوس، الذي عيناه أطهر من أن تنظرا إلى الشر :
(حبقوق 13:1)

لهو دليل على النعمة والمحبة الإلهية. وإذا أتينا إلى آخر سفر في الكتاب المقدس، سفر الرؤيا، فمع أنه سفر دينونات ستُصبّ على هذا العالم الشرير، إلا أنه يطالعنا في الفصل الأول منه، بالحديث عن ذاك :

"..الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، "
(رؤيا 5:11).
وهناك آيات كثيرة في الكتاب المقدس عن محبة الله، ولكننا سنتأمل في عبارة واحدة، ولعلّها أشهر آية في الكتاب المقدس كله، ألا وهي:
"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ."
(يوحنا 16:3).
وسأخبرك أيها القارئ العزيز عن ثلاثة حوادث واقعية تتعلق بهذه الآية الجليلة:
الحادثة الأولى
هي من عالمنا العربي
منذ بضعة سنين وصلتني رسالة من أحد المستمعين لإذاعتنا، وهو شاب من شمال أفريقيا يخبرني أنه ذات يوم كان عائداً إلى قريته في المساء، ورأى جماعة من الرجال يسيرون أمامه، فأسرع ولحق بهم لكي لا يسير بمفرده، وبعد تبادل التحيات الكثيرة الجميلة، كما هي العادة عندنا نحن الشرقيين، واصل أولئك الرجال حديثهم. وكان موضوعهم هذه الآية نفسها. في تلك الليلة أَسَرَتْ محبة الله قلب ذلك الشاب، وكتب لي بعد فترة من الزمن يقول:
إنني لم أسمع عن محبة مثل هذه من قبل. فمحبة الله هي أقوى ما يجذب الإنسان نحوه، وبذلك ينال غفران الخطايا والحياة الأبدية.
الحادثة الثانية
هي من مجتمع وثني همجي
لما ذهب المبشر الدانماركي الشهير هانز إيجيدي (Hans Egede) إلى جرينلاند في عام 1721، وجد الناس هناك همجيين متوحشين وأخلاقهم رديئة جداً. فكر أن يعلمهم أولاً عن الشرائع والوصايا الإلهية، وعن حياة البر والأخلاق الحميدة. ومع أنه ربح صداقة البعض، إلا أنه عموماً شعر بالفشل وقال في موعظته الأخيرة هناك:
”لقد تعبت باطلاً“،
ورجع إلى بلاده. بعد ذلك ذهب إلى جرينلاند مرسل آخر اسمه جون بِكّ (John Beck). ومن أول ليلة وعظهم من :
(يوحنا 16:3)
"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ."
وذات يوم سأله رئيس القبيلة قائلاً:
”أريد أن أتأكّد أنني فهمت ما تقوله. هل تقول أن إلهك يحبني؟
نحن عندنا آلهة كثيرة ولكنها لا تحبنا، بل تجلب علينا المصائب وتقتلنا“.
عندئذ شرح له المبشر عن محبة الله، وعن المسيح الفادي. وهذا الرجل الذي كان وثنياً ومتوحّشاً أصبح إنساناً جديداً :
”إنساناً في المسيح“، ”خليقة جديدة“
بل أصبح مبشراً لقبيلته. هذه هي قوة جاذبية محبة الله!
الحادثة الثالثة
هي من المسيحية الاسمية وبالتحديد من
بريطانيا وأمريكا
مرة تقابل شاب مؤمن، في دبلن - إيرلندا، اسمه هاري مورهاوس مع المبشر الشهير د. ل. مودي، وطلب منه أي يسمح له أن يعظ في حملات مودي التبشيرية. ولكن مودي أراد أن يتخلص منه أو يتجاهل طلبه، وقال له أنه سيكاتبه. ولكن بعد عودة مودي إلى شيكاغو، وصلته رسالة من هاري مورهاوس يخبره أنه في نيويورك وسيحضر عنده ويتوقع أن يسمح له مودي أن يلقي بعض المواعظ. وإذ كان مودي ينوي أن يغيب عن شيكاغو يومين، قال لزوجته والعاملين معه أن يسمحوا لهاري أن يعظ ليلتين إلى أن يرجع مستر مودي. وبعد عودة مودي إلى شيكاغو سأل زوجته عن رأيها في وعظ هذا الشاب، فقالت له إنه أعجبني جداً، وأن أسلوب هاري يختلف عن أسلوب مودي. فرضي مودي أن يسمعه في الليلة التالية، ولكنه قال:
”قررت في نفسي أنه لن يعجبني“.
ولكن بعد سماعه أعجبه جداً حتى أنه سمح له أن يواصل تبشيره لنهاية الأسبوع، لأن مودي تأثّر جداً من وعظه وهكذا استمر هاري مورهاوس يبشر سبعة ليال. وفي كل ليلة كان موضوعه :
"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ."
وفي الليلة السابعة قال في ختام موعظته:
”لمدة سبعة ليال قد حاولت أن أخبركم كم يحبكم الله، ولكن هذا اللسان المسكين المتعثّر لم يسعفني في هذا. لو أمكنني أن أتسلّق سلم يعقوب وأسأل الملاك جبرائيل الواقف أمام القدير:
ما هو مقدار محبة الله لهذا العالم البائس التائه في الظلام، لن يستطيع جبرائيل أن يقول أكثر من :
"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ."
قال مودي:
لا يمكنني أبداً أن أنسى تلك الليالي، منذ ذلك الوقت أصبحت أبشّر بطريقة أخرى، ونلت قوة مع الله والناس. ومنذ ذلك الوقت أصبح هاري مورهاوس صديقاً حميماً لمودي وسانكي والآخرين. ولُقّب هاري بعد ذلك بأنه الرجل الذي حرّك الرجل الذي حرّك العالم. وذلك بسبب تأثيره على مودي.
ولو أدركت أيها القارئ العزيز كيف أن هاري مورهاوس في شبابه المبكر وُضع في السجن أكثر من مرة، وكيف كان قبل الإيمان، لأدركت مرة أخرى قوة محبة الله. حدث قبل إيمانه أنه مرّ بمكان سمع فيه ضوضاء وظن أنه هناك قوم يتشاجرون، فشمّر عن ذراعيه، ودخل المبنى لكي يشترك في المشاجرة، ولكن إذ دخل المبنى وجد واعظاً اسمه ريتشارد ويفر يعظ عن يسوع المسيح. وفي الحال أصبح هاري مورهاوس :
”أسير يسوع المسيح“.
هذه ملاحظات بسيطة عن محبة الله العجيبة. لا عجب أن الرسول كان يصلي من أجل المؤمنين لكي يعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة :
(أفسس 19:3).
والرسول يوحنا يقول:
"اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ"
(1يوحنا 1:3).
ويهوذا في رسالته يقول في عدد 1
"وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ،.."
وهذه المحبة أيها المؤمن لا تتغيّر أبداً. لذلك قال الرسول بولس في :
"فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا."
(رومية 38:8-39)
في المرة القادمة ، إن يتأنى الرب في المجيء وعشنا سنتأمل في وصايا الرب لنا بخصوص محبتنا للآخرين.
الله حبٌّ، فالسما والأرض تُبدي حبه
به لساني رَنَّمَ والقلب يهوى قربه

* * *
أشكرك أحبك كثيراً...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين

يسوع يحبك ...
 
التعديل الأخير:
أعلى