كيف تحيا فى عصر القلق ؟_للراهب كاراس المحرقى

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,099
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
كيف تحيا فى عصر القلق ؟
05ev02enk3u3.gif

ما من إنسان إلا وعانى من القلق، ربما لحادث مؤلم تعرّض له، أو تعرّض له أحد أقربائه، وربما عقب فشل دراسي أو زيجي.. فإن واجهتك مشكلة، لا تقابلها بالانطواء أو الكبت أو بالانتقام من نفسك ..
لأن الانطواء يزيد الإحساس بالمشكلة، والكبت ما هو إلا وسيلة هروبية لا تحل مشاكلنا، وغالباً ما ينتج عنه أمراض نفسية وجسدية..
أما الانتقام من النفس فيفقد الإنسان احترامه.. إنه يدمر الإنسان خاصة إن كانت وسائل الانتقام كالسكر أو المخدرات إن مثل هذه الوسائل ليست مجدية لمواجهة تحديات العصر، ولها كثير من النتائج السلبية، ولهذا فإن أفضل وسائل الانتصار على القلق هي الآتي :
مواجهة النفس
إذا وجدت نفسك خائفاً.. فاسأل نفسك لماذا أنت قلِِق ؟ ربما يكون قلقك ناتجاً عن سقوطك في خطية، فواجه نفسك وحدد أسباب السقوط ، هل كان بسبب ضعف الروحيات والبعد عن الله ؟ أم بسبب أصدقاء السوء ؟ أم أن سقوطك نتج لكثرة اختلاطك بالشابات وعدم الاحتراس في معاملتهن ؟ أم أنك سقطت لتختبر لذة الخطية ؟ أم سقطت بجهل مثلما يقول البعض ضحكوا علينا ؟
عندما واجه الابن الضال نفسه وفكر في حالته، وما وصل إليه من انحطاط شعر بأمور عظيمة، فتمثلت أمام عينيه حالة الفقر والجوع التي وصل إليها، ثم عادت إلى مخيلته صورة المجد والغنى الوافر في بيت أبيه، ولهذا قال : " كم من أجير عند أبي يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعاً " (لو15 :7)، كذلك شعر بجرمه الذى ارتكبه عندما ترك بيت أبيه، وهذا دفعه إلى القول : " أقوم وأذهب إلى بيت أبي وأقول له أخطأت يا أبتاه.."، ويقيناً لو لم يجلس الابن الضال مع نفسه ما واجه مشكلته، وبالتالى ما كان قد وصل إلى حياة التوبة، ولا رجع إلى أبيه، ولا خرج من قبضة الشيطان إلى حيث لبس الحلة والخاتم..
إن تحديد أسباب المشكلة، من أهم عوامل التغلب عليها، فحاول أن تحدد أسباب قلقك، ثم ضع حلاً لكل سبب على حدة، وفي نفس الوقت لا تكبت مشاعرك، بل اكتشف الوسائل التي تساعدك على التعبير عن أحاسيسك الداخلية، بممارسة هوايات كثيرة: كالرسم أو الرياضة أو الموسيقى أو القراءة.. فمعظم أعمال الفنانين جاءت تنفيثاً عما في أعماقهم، من أشياء مختزنة وكانوا غير قادرين على إعلانها..
إن هذه الهوايات أشبه بالقارب الصغير، الذي كان يُلقيه البحّارة في البحر لينجوا من افتراس الحوت، فمن تقاليد البحارة قديماً أن يلقوا بقارب إذا صادفوا حوتاً في البحر ليشغلوه عن مهاجمتهم، ثم يحاولون صيد الحوت وهو منشغل بمناطحة القارب.. وهذا ما ينصحك به علماء النفس: أن تلقي لحوت همومك قارباً فارغاً يشغلها عنك ويشغلك عنها، إلى أن تنجح في اصطيادها والقضاء على أسبابها، وأقصر الطرق هو الثقة بالنفس، ونسيان التجارب الأليمة، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية، والهوايات المختلفة والخدمات الكنسية..
يقول الكاتب الشهير برناردوشو: " إن سر الإحساس بالتعاسة هو أن يتوفر لك الوقت لتتساءل هل أنت شقي أم سعيد ؟ " ! وقد وضع الأمريكي كارنيجي روشتة للتغلب على القلق والأحزان والهموم فيقول: " انشغل وابق منشغلاً دائماً.. لا تحزن على ما فات.. لا تبالغ في الخوف والاهتمام بما سيأتي " ! ويؤكد منهجه هذا قائلاً : " إن الطبيعة ضد الفراغ ، فلو أنك ثقبت مصباحاً كهربائياً مفرغاً من الهواء، فإن الهواء يتسلل إليه فوراً ويملأ كل فراغه، وكذلك عقل الإنسان إذا خلا مما يشغله تسللت إليه الهموم وتمكنت منه "، وفي كتاب اسمه فن نسيان الشقاء، للمؤلف الأمريكي جون كوبر بويز، يؤكد أنه عندما يستغرق الإنسان في العمل، يتسلل إليه الإحساس بالاطمئنان والسلام النفسي وينسى مؤقتـاً مشاكله وأحزانه.
وبجانب شغل فراغك بالعمل المجدى والهوايات النافعة، يفيدك أيضاً شئ هام ألا وهو: التعبير عن أحاسيسك ومشاعرك الداخلية، مع صديق حميم تثق فيه أو أحد المرشدين..
ضع في اعتبارك أن الحياة انتصارات وهزائم.. مكاسب وخسائر.. أفراح وأحزان.. والعاقل هو من لا يسمح لهزائمه الصغيرة أن تزلزل حياته وهذا ما أكده الكاتب العظيم شكسبير في مسرحيته الرائعة عُطيل عندما قال: " إن الرجل الذي يسرقه لص فيبتسم ترفعاً يسترد من السارق بعض غنيمته، أما من يحزن بلا طائل فإنه يسرق نفسه مرة أُخرى بعد أن سرقها اللص، لأنه يضيف إلى خسارته المادية خسارة معنوية جديدة لا تقدّر بثمن" !
والحياة أيضاً مد وجزر، أمواج متصاعدة تقتحم شاطئها، تتبعها أمواج متراجعة إلى عمق البحر، والإنسان الناضج هو من يتفهم فلسفة الحياة، فلا يتكبر عند المد ولا ينهار عند الجزر، بل تكون حياته واقعية، ملتزمة، إيجابية على الدوام، فإذا خسرت فابدأ من جديد ولكني أنصحك أن تبدأ بالألف وليس بالياء، أولاً (أ) ثم (ب) ثم (ت) .. وتأكد أنك في يوم ما ستصل إلى آخر حرف وهو حرف الياء.
لا تلعن الظلام
ماذا لو انقطع التيار فجأة ووجدت نفسك داخل حجرة مظلمة ؟ لابد أنك ستضئ شمعة حتى يتلاشى الظلام، أما الشمعة التي يمكنك أن تبدد بها ظلام القلق فهي الإيمان، فكل عادة ذميمة يمكنك التخلص منها وكل مشكلة عسيرة يمكنك أن تحلها.. إذا كان لديك إيمان، أى تؤمن أنك قادر أن تحطم كل حجر ضخم يسد باب الرجاء قدامك، فكل ما تؤمن بأنك قادر على تحطيمه، فإنك سوف تحطمه، ألم يقل الكتاب المقدس: " كل شئ مستطاع للمؤمن " (مر9: 23) !
إن الإيمان يحوّل نسيج الجسد، من مادة مؤقتة تشيخ إلى معنى روحي خالد.. ويحوّل واقع الإنسان الأليم، الذي يمتزج فيه الحزن بالفرح، والشقاء باللذة، والنور بالظلام، والجمال بالقبح، إلى معنى لا يموت، وإلى سمو وارتقاء لا يفنيان.
بالإيمان يصبح العالم غير مائت، ويصبح الإنسان في حماس دائم للحياة، وكأن الحياة تتحول بالإيمان إلى لحظات من النغم المتصلة والسعادة الدائمة.
وهل ينكر أحد أن الإيمان يحوّل الألم، إلى رغبة وشوق في معرفة المزيد من أسرار الذي تألم وهو بار!! يسوع المسيح الذي بآلامه قدس الألم وأعطاه معنى جديداً.
والموت، أليس الإيمان يحوله إلى رحلة لاكتشاف عالم جديد، عالم الخلود الخالي من الغش والرياء !! إن الإيمان يجعل كل العلوم التي نعرفها ونكتشفها ونسعى إلى إدراك أسرارها، مقدمات لشرح السر الأعظم ، سر الحياة بعد الحياة.

قصـة
على ظهر مركب جلست سيدة وقورة، كانت مسافرة لزيارة إبنتها، لكن في منتصف الطريق، حدث فجأة أن هاجت الأمواج وقامت عاصفة شديدة، اهتزت لها السفينة حتى كادت أن تنقلب، فتجمع الركاب وعلا صراخهم، وأخذهم الفزع، ومنهم من أخذ يسب الظروف ويلعن حظه.. أما السيدة فظلت جالسة في مكانها ساكنة خاشعة، يرتسم على وجهها ابتسامة هادئة، بينما تردد شفاهها كلمات صلاة هامسة، فاستجاب الله لصلاتها وهدأت الرياح، ولما استقر القارب وهدأت النفوس، إتجه الركاب إلى السيدة الهادئة وقالوا لها: كيف احتفظت بهدوئك ونحن نواجه موتاً محققاً ! فقالت السيدة في إيمان شديد: الواقع أن الموت كان سيغير البرنامج قليلاً، لكنه لم يكن سيعطل خطتي، فأنا كنت ذاهبة إلى إبنتي المتزوجة في زيارة قصيرة، ولكن لي إبنة أُخرى توفيت منذ سنوات، فلو أن القارب انقلب بي لكنت الآن أزور إبنتي الثانية، التي هي الآن وديعة في يد الله بدلاً من إبنتي الحية على الأرض.
إنه الإيمان بأن الله قادر أن ينقذنا من كل ما يتعبنا، حتى وإذا تركنا فيما لا نريده، فهو يعطينا القدرة على الصبر والاحتمال، بل ويعطينا النعمة لتتحول الضيقات إلى بركات والأحزان إلى أفراح.
ألم يحفظ الإيمان دانيال عندما أُلقى في جب الأسود ! والثلاثة فتية ألم يحفظهم الإيمان من لهيب النار، عندما ألقوا في الآتون فلم يصبهم ضرر! ويوسف الصديق، أليس بسبب إيمانه حفظه الله في السجن، وخرج منه ليصير ثانى رجل في مملكة مصر بعد فرعون!
ضع في اعتبارك، أن الله الذى أعطاك الحياة، هو الذى سيعطيك الطعام، الذى تحيا به فى هذه الحياة، وإذا كان الله أعطانا الجسد فلابد أنه سيعطينا ما نلبسه فوق الجسد، ويعطينا أيضا صحة الجسد ، ولكن هذا لا يلغي المشاكل والأحزان والتجارب والضيقات... فالسيد المسيح لم يقدم لنا طريقاً ممهداً مليئاً بالورود، لكنه قدم لنا أصعب طريق ألا وهو طريق الصليب !! وكل من يريد أن يتبعه عليه أن " يحمل صليبه ويتبعه " (مت16 : 24).
ولهذا فإن المسيحية لا تقول للفقير: ليكن لك إيمان أن الله سيغنيك، ولكنها تقول: إن الله قد يُغنيك إذا كان هذا لخيرك، ولكن لنفترض أن الله لم يُرسل لك مالاً، فما الذي يُقلقك مادامت عنايته تشملك ! وتقول للخائف من المرض والموت: قد تمرض وتموت، ولكن ما الذي يُخيفك من هذا ما دامت لك الحياة الأبدية !
ثق أنك بحصاة داود الفتى الصغير تستطيع أن تنتصر على الجبابرة والأشرار، فلا تهتز أمام التجارب، ولا تخر أمام الضيقات، إنما كن كالبيت المتين المبنى على الصخر، حيث لا تقوى عليه الأمطار والرياح (مت25:28).
إقطع أغصان الهموم الصغيرة
ماذا تفعل لو أردت قطع شجرة كبيرة ؟ لابد أولاً أن تقطع الأغصان الصغيرة ثم الأكبر وبعد ذلك الجزء الأعلى وأخيراً الجذع، أما إذا قطعت الجذع قبل الأغصان فسوف تسقط الشجرة، وربما تسقط على أشجار أُخرى مجاورة لها فتحطمها، أو على إنسان فتميته..
أيضاً شجرة القلق الضخمة، التي ترعرعت داخل عقلك على مر سنين كثيرة، يمكن معالجتها بقطع أغصانها أولاً إلى أن تصل للجذع، فمثلاً: تجنب التعبيرات الدالة على القلق، وقلل من الكلمات التي تشير إلى الخوف.. في أحاديثك، بل لا تشترك في أى حديث عن القلق، إنما ليتخلل الكلام عن الإيمان والرجاء كل أحاديثك.
إحفظ بعض الآيات التي تعزيك وتقوي إيمانك، كقول السيد المسيح : " لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها " (مت10: 28).. أو قول معلمنا داود النبى : " إن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي" (مز23 :4)، " إن يحاربني جيش فلن يخاف قلبي، وإن قام على قتال ففي هذا أنا مطمئن " (مز27: 3) فبهذه الطريقة سيمتلأ عقلك بأفكار الإيمان والرجاء والشجاعة..
إن عملية طرد أفكار القلق لها أهميتها، وإن لم تطردها فسوف تسد عقلك وتعطل فيض القوة العقلية والروحية داخلك، لأن أى فكر إذا ظل مدة طويلة في عقلك، فمن السهل أن تنفذه وتعمل به، وقد أكد الكتاب المقدس هذه الحقيقة بقول أيوب الصديق: " ارتعاباً ارتعبت فأتاني والذي فزعت منه جاء عليّ " (أى3: 25).
كما يجب أن تكون إيجابياً مع أفكارك، فإذا عُرض عليك عمل ما لا تقل: " لن أستطيع إنجازه " ، بل قل: " أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني"، وإذا جاءك فكر يقول لك: " غداّ سيكون لك يوم مشئوم! قل : لا، بل سيكون هذا اليوم أفضل من أمس وما قبل أمس.
قصـة
أراد رجل أن يبني شاليه، فأحضر عمالاً وقد بدأوا بالفعل في وضع الأساس لبناء الشاليه، لكن حدث أن هبت الرياح وهاجت الأمواج فتغطى الأساس بالوحل لأنه كان قريباً من الشاطئ، فلما رأى العمال هذا المنظر أُصيبوا باليأس وتألموا على الخسائر، واعتقدوا أن هذا اليوم مشئوم ولا يجب العمل فيه ! أما صاحب الشاليه لما نظر حزنهم إلتفت إليهم وقال : أنا أرى الوحل قد غطى كل الأساس وهذا ما أنتم ترونه أيضاً، ولكني أرى شيئاً آخر لم تنظروه ولم تلتفتوا إليه، إنها الشمس الموجودة فوق في السماء، والتى سوف تسطع بأشعتها بعد قليل وتجفف الوحل.. فلنستعد من الآن لنبدأ العمل من جديد !!
أهمية النظرة الإيجابية
كلُنا نعرف سلبيات القلق، التي تصل إلى درجة الإصابة بالكثير من الأمراض النفسية والجسدية، ولكن هل فكرت مرة، في اتخاذ موقف إيجابي من المواقف التي تضايقك لكى تتخلص من القلق ؟ الموقف الإيجابي باختصار هو: تحويل كل ما يتعبك ويجعل القلق يتسرب إلى حياتك، إلى وسيلة بنّاءة تقوّم بها نفسك وتؤمّن بها مستقبلك، فالطالب قبل الامتحان كثيراً ما يقلق خوفاً من الرسوب، فإذا استسلم للقلق لرسب، أما إذا اتخذ من القلق وسيلة لمضاعفة جهده حتى يحصل على نتيجة أفضل، فلابد أنه سينجح !
وربما تُكلّف بأعمال تخشى إنجازها لكنك لو إتخذت من القلق وسيلة إيجابية، تجعلك تلتزم بمواعيد، وتنهي المهام الموكولة إليك في ميعادها المحدد، لأنجزت، بل وأبدعت في كل ما يوكل إليك أو تُكلّف به.
حاول أن تتخذ من القلق وسيلة إيجابية، تحثك على البحث عن أفضل الوسائل لمواجهة أزماتك، فداود عندما وقف أمام جليات الجبار ليحاربه بكل تأكيد كان قلِقاً، ليس خوفاً منه، ولكن من أجل كثرة التفكير في معرفة أفضل الوسائل، التي يمكن أن ينتصر بها على عدوه الشرس فغالباً ما تسأل قائلاً :
كيف أتغلب على هذا الوحش ؟
ثم مـا هي أهم نقاط ضعفـه ؟
وما أنسب وسائل بدء الهجوم ؟
وبعد تفكير اهتدى إلى أن الدخول في مبارزة بالسيف والرمح مع هذا الجبار وسيلة مصيرها الفشل، لابد إذاً من استخدام وسيلة لم تخطر على باله من قبل، والمقلاع والحجارة فكرة بسيطة ولكنها جديرة بالتنفيذ، وأفضل مكان تصوب إليه، هو جبهة ذلك الفلسطيني الأغلف، فهي الجزء الوحيد غير المحصن، والذي إذا أُصيب كانت الإصابة في مقتل، فلو كان قلق داود قاده إلى التردد والهرب، لقتله جليات قبل أن يهرب منه.
تطلع دائماً إلى العظماء
ولعل أعظم العظماء الذين عاشوا على الأرض هو رب المجد يسوع، أُنظر إليه وتأمل حياته.. كيف عاش.. كيف واجه الحياة بكل مشاكلها.. ماذا فعل عندما شُتم أو ضُرب أو صُلب ؟ وهناك أيضاً عظماء من نفس طبيعتنا البشرية، قهروا اليأس وانتصروا على تحديات العصر، أُنظر إلى سيرتهم وتعلّم من أسلوب جهادهم..
هل سمعت عن ( هيلين كيلر ) معجزة الإرادة فى القرن العشرين ! لقد ولدت طفلة جميلة، تتحرك وتضرب بيديها وقدميها وتصرخ كسائر الأطفال.. وتحكي لنا أمها أنها أيضاً كانت ذكية، بل كانت أكثر ذكاءً من باقي الأشقاء، لكن الطفلة الجميلة تمرض في شهرها التاسع وتفقد مرة واحدة البصر والسمع والنطق ! لا ننكر أن الطفلة صارت موضع حب وعطف الجميع، لكنها في نفس الوقت صارت موضع تساؤلهم، ما هو مصيرها في الحياة ؟! كيف ستواجه المجتمع وهي تعاني من ثلاث عاهات.. ؟!
ولكن لا يأس مع الحياة ، فالإيمان والإرادة، يغطيان كل ثغرات حياتنا، ويحولان النقاط السوداء في حياتنا، إلى ظلال تُعطي المساحات البيضاء جمالاً، في أعظم أيقونة وهي أيقونة الحياة، فالطفلة الصغيرة بدأت تتعلم القراءة والكتابة عن طريق يديها ! ثم واصلت مسيرة العلم حتى حصلت على الدكتوراة في القانون، ثم نالت الدكتوراة الثانية في الأدب الإنساني، وفي مجال التأليف كتبت 10 كتب، وزارت معظم بلاد العالم، وعاشت رغم عاهاتها حياة عادية، بل أكثر من عادية، فقد كانت تتمتع بالحياة وتمارس عدة هوايات مثل : ركوب الخيل والمشي والسباحة والتجديف.. وكانت دائماً تقول: أنا عمياء ولكنى أبصر أنا صماء ولكنى أسمع أنا خرساء ولكنى أتكلم !
ورحلت ( هيلين كيلر ) عن عالمنا عام 1968م، بعد حياة حافلة طالت 88 سنة، استطاعت خلالها أن تهزم اليأس، وتنتصرعلى قسوة الحياة، وحققت المعجزة وعاشت على أصابعها.
لقد رحلت العبقرية المضادة لليأس
والمؤكدة للجهاد والانتصار والأمل !
ويعد (إديسون) من العباقرة، الذين هزموا اليأس المادى والنفسى، فقد فشل فى دراسته المدرسية، ولكنه عوّضها بالدراسة على يد أُمه الفاضلة، التى عندما واجهها ناظر المدرسة بخبر فصل ابنها قالت له: إن ابنى يحمل فوق كتفه رأساً فيه من الذكاء أكثر مما فى رأسك ورؤوس زملائك المدرسين ! كما أنه أُصيب بصمم ولكنه لم يهتم بل قال عبارته المأثورة : إن الصمم نعمة وليس نقمة، فهو يريح الإنسان من ثرثرة الناس وكلامهم الفارغ، ويشجعه على التركيز فى عمله!
وبعد أن قدم اختراعاته التى تزيد عن الألف، اشتعلت النيران فى كل معامله، وحولتها رماداً! فخسر ما يقرب من المليونى دولار، إلا أنه لم ييأس، وبدأ العمل من جديد بعد أن نطق عبارته المعزية: هذه حقاً كارثة إلا أنها لم تخلو من نفع.. فقد التهم الحريق جهدى ومالى، ولكنه خلصنى أيضاً من أخطائى، فشكراً لله، فنحن نستطيع أن نبدأ من جديد ولكن بلا أخطاء !!
هذا هو إديسون الذى لم يعرف اليأس طوال
حياته، بل هزمه كلما حاول الاقتراب منه !!
ويرحل إديسون عام 1931م، بعد أن أهدى العالم النور، الذى نقل الإنسان إلى عصر الكهرباء، فإديسون هو الذى اخترع المصباح الكهربائى والتسجيل...
ممارسة الوسائط الروحية
الوسائط الروحية أو وسائط النعمة، هي بمثابة الأسلاك التي توصل إلينا تيارالروح القدس، أو المجرى الحي الذي منه نشرب حليب النعمة الإلهية، فيتقوى إيماننا، ويثبت رجاؤنا، وتشتعل محبتنا لله، وننمو في كل شئ، هي التي تعطي الإنسان قوة ومعونة حتى يستطيع أن يصمد ضد التجارب التي تأتي عليه.. كما أنها تجعل الإنسان دائماً في حضرة الله، وفي هذا الحضور لا يجرؤ الشيطان أن يقترب إليه، ولا يمكن للقلق أن يتسرب قلبه، أما إذا أهمل ممارستها فإن حرارته الروحية تفتر ويعرض نفسه لمحاربات خطيرة وسقطات كثيرة، وفي وسط هذه التجارب يتسرب إليه القلق ويسيطر على عقله .
من أهم الوسائط الروحية: الاعتراف، التناول، الصوم، الصلاة، القراءة في الكتاب المقدس وكتب الآباء.. فإذا اعترفت كن صادقاً مع نفسك ومع أب اعترافك، وإذا تناولت فكن مستعداً ومؤمناً أنك لا تأكل خبزاً وتشرب خمراً، بل جسد الرب ودمه.. أما صومك فيجب ألا يكون امتناعاً عن الطعام الحيواني والاكتفاء بما هو نباتي، لأن هذا لا يقدم الإنسان إلى الله...
هناك حقيقة هامة يجب أن تعرفها ألا وهي: إن القلق لأجل الماضي والمستقبل لن يفيدنا شيئاً ! فالقلق لا يؤثر في الماضي لأنه قد مضى، والقلق لأجل المستقبل هو مجهود ضائع.
ألا ترى كثيرين لا يتمتعون بالحاضر لأنهم مشغولين بالغد ؟! فلا هم تمتعوا في حاضرهم ولا نالوا سعادة في المستقبل ! فالأفضل أن تنسى همومك وتتقدم إلى الأمام، حارقاً جسور القلق خلفك حتى تمضى إلى غير رجعة .

عن كتاب _الإنسان المجروح للراهب كاراس المحرقى.

منقوووووووول للأمانة
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus


شكرا

للموضوع الرائع

الرب يبارككم

 

مسرة

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
22 فبراير 2010
المشاركات
901
مستوى التفاعل
84
النقاط
28
الموضوع حلو و هادف
و قصة المرأة العجوز في السفينة كتير حلوي و ذكرتني بيسوع لمن كان على ظهر السفينة مع التلاميذ
فعلا القلق...مصيبة بس المؤمن ما عليه غير يسلم حياته لله و يصلي الرب يساعده
شكرااااااااا لك
 
أعلى