في دار للمسنيين في وسط البلد كان به حجرة يرقد بها اثنان من المرضي منذ اكثر من عشرون عاما احدهما مصاب بشلل رباعي نائم علي ظهره دائماَ تساعده احدي مشرفات الدار في تلبية كل احتياجاته من طعام وشراب وخلافه والاخر ليس له اقارب او اهل يسألوا عنه ولو بزياره , صارت صداقة بين الاثنين كل يوم يتجاذبون اطراف الحديث معاَ الرجل السليم يحكي لصديقه كل شيء يدور بالدار او خارج الدار يقول له الان انا شايف اطفال يحملون كتبهم علي ظهورهم وهم ذاهبون للمدرسة القريبة منا , انا شايف الان ناس كتيرة من رجال ونساء وشباب ماشيين في الشارع ذاهبين لعملهم كمان فيه عربيات اهي ماشية بالشارع انت شامم الرائحة العطرة دي من حديقة الدار دي بها اشجار كثيرة وكبيرة وجميلة وبها زهور وورود فكان الرجل المصاب بالشلل الكلي يسعد بالوصف والاخبار التي ينقلها صديقة له وفي يوم من الايام سمع الرجل المصاب بالعجز الكلي صوت طرب من غناء وزغاريد فتشوق لانه لم يري افراح عُرس من فترة طويلة فطلب من زميله ان يصف له الموقف بالتفصيل فقال له دا فيه عُرس بالمنزل المقابل لنا وهناك بنات ونساء يرتدن افخر الثياب وشباب ورجال يغنون بالطبل والمزمار وهناك سيارة مزينة و بهاعريس وعروسة , وفيه راجل راكب علي حصان جميل ومزين يالزينة . وكل يوم وكل لحظة علي هذا الحال الرجل يحكي ويصف لزميله المشلول كل ما يجري بالشارع المقابل للدار وكل ما يدور بالدار من زوار او مسنين مستجدين . وفي يوم من الايام استيقظ الرجل المشلول و نادي علي رفيقه ليحكي له ما يدور اليوم فلم يرد عليه فكرر النداء لكن دون جدوي واخيرا دخلت مشرفة الدار بالفطار وقالت للرجل البركه فيك صديقك توفي ليلة امس حزن الرجل كثيرا واكتئب وقل طعامه ولكن بعد فتره تماسك وترك امره لله وفي يوم طلب من المسؤلة عنه وعن الحجرة ان تنقله الي السرير الذي كان صديقه ينام عليه وان تساعده ليرتفع قليلاَ لكي يري الشارع ليتونس بالناس والحركه بالشارع المواجه للدار ولكن يا للمفاجأة ويا للصدمة لم يجد شارع مقابل للدار ولم يجد الحديقة التي حكي له عنها صديقه بل وجد حائط كبير ومواجه للشباك القريب من سريره عباره عن سور للمنور المحيط بالدار ففي غضب سئل المشرفه : هل هذه الحجرة التي كنا نسكن بها ؟هل هذا هو السرير الذي كان ينام عليه صديقي المرحوم ؟وعندما اكدت له المشرفه ذلك استغرب وقال اذا كيف كان يري صديقي الشارع والاطفال وهم ذاهبوا لمدارسهم وكيف .....؟ فقالت له المشرفه مش ممكن صديقك كان اعمي لم يري مطلقا