مناطق مُتنازع عليها

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
قال السيد المسيح :
مَتَى خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ، يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ يَطْلُبُ رَاحَةً، وَإِذْ لاَ يَجِدُ يَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ.
فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا.
ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِه ( لوقا 11 : 24 - 26 )
يتكلم السيد المسيح كلام عظيم جدًا، ومع أنه يتكلم عن أرواح نجسة، إلا ان كلامه لا ينطبق على الروح فقط، بل على النفس والجسد ايضًا، فياله من كلام . تتذكرون اول مرة قرأتم فيها في درس الأحياء عن جسم الانسان، وعن العظام والاوعية الدموية والاعصاب، وكيف تتحرك المفاصل ويدخل الأوكسجين الرئة وتحدث عملية التبادل مع ثاني اوكسيد الكربون بواسطة كريات الدم، وكيف ان مجرد معرفتنا لهذه المعلومات جعلتنا نتوقف للحظات تأمل في روعة وعظمة صنع الله: جسدنا، وكيف انه فعلًا سمفونية رائعة من الابداع والجمال والدقة والتناغم، بل انه اكثر مما يمكننا تخيله حتى. هكذا يحدث ايضًا لأرواحنا ونفوسنا، فكلما تعمقنا في الأمور الروحية والنفسية كلما اكتشفنا عوالم عظيمة كانت غائبة ادراكنا ووعينا. وكأننا بذلك نكون بيوت او مدن مظلمة، وكل مرة نكتشف شيء جديد وكأننا نضيء مصباح في حجرة من حجرات هذا البيت او شارع ومنطقة من مناطق هذه المدينة فتستنار. هكذا هي المعرفة، تنير ما كان مستتر عنا (ما كان في الظلمة) وتجلبه الى النور. والظلمة تعني اشياء مختلفة لكل جانب من جوانب حياتك: في الجانب الروحي تعني ان قلبك تحت سيطرة الخطيئة، وفي الجانب النفسي تعني انك تفكر بافكار وتشعر بمشاعر تحطمك لا تعيها او لا تعرف اسبابها، وجسديًا تعني انك تقوم بأفعال وتقول كلمات تؤذيك دون الانتباه لها ولا تستطيع ايقافها. فكلما انكشفت لك مصادر هذه، وكأنك حررتها من سلطان الظلمة، سلطان الجهل، الذي كان يحكمها وجلبتها إلى النور، ومجرد جلبها الى النور ومعرفتك بها يجعلك قادر على التحكم بها وادارتها. والسيد المسيح يقول: بعد أن تحررت هذه الجوانب من حياتك بعد أن عرفت الحقيقة عنها (الحق يُحرركم) فعليك الآن حمايتها عن طريق اخضاعها لله، وإلا فان ما خرج منها سيعود اليها باضعاف السوء الذي كانت عليه، فتصير الحال اردأ من السابق. وروحيًا هذا يعني ذلك انك بعد الخلاص (الإيمان بالمسيح) والتحرر من الخطيئة، فانك تحتاج إلى الروح القدس ان يسكن داخلك ليسيطر على القلب الذي تنقى بدم المسيح بالتوبة ليحميه ويحافظ عليه، لئلا تعود الخطيئة وتحكمه. ونفسيًا يعني ذلك أنك تقرر بأن الافكار والمشاعر الجديدة التي انكشفت لك تحتاج ان تعود وتُخضعها (تخضع نفسك مرة اخرى) الى طاعة المسيح، وإلا فأن الأشياء التي تحرّرت منها (كتأنيب الضمير، والكآبة، والاحساس بالفشل...) ستعود امور قديمة كنت قد تخلّصت منها مسبقًا وتحتل مكانها (كالغضب، والشهوة، والطمع... الخ) وتعيد هذه المناطق التي تحرّرت واتت الى النور الى حال اسوأ. وجسديًا يعني ذلك، على سبيل المثال، انك عندما تعي على انك تحلف وان الحلفان خطأ وتتوقف عنه، فانك تحتاج ان تستخدم تعابير جديدة محل الحلفان في مصطلحاتك الكلامية للتعبير عن نفسك، وإلا فان مكان الحلفان ستدخل الفاظ وكلمات اخرى اسوأ بكثير تعيدك الى وضع اردأ من السابق، كذلك ينطبق الأمر على الافعال مثل التدخين، والكحول، والمخدرات، و و و...الخ. فالسيد المسيح هنا يتكلم عن مبدأ "الاستبدال"، ويعني ذلك أن اي جانب جديد تكتشفه في حياتك تحتاج ان تخضعه لله (تعيّين له سيّد) ولا يُترك بحريته، فكل منطقة تتحرر في داخلك يومًا عن يوم، وهذا سيحصل باستمرار بعد أن آمنت بالسيد المسيح وبدأ يسري مفعول الخلاص في حياتك، فانت تحتاج ان تُخضع هذه المناطق (تعيد استغلالها بصورة مختلفة) لأشياء تليق بملكوت الله الذي بدأ في داخلك؛ وعدم فعل ذلك سيؤدي بك الى أن تعود الى حال اسوأ بكثير.



23722293_1712581278816158_8955127661032485557_n.jpg
 
أعلى