العهد الأول والعهد الثاني والبركة

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
يلزمنا أولاً أن نعلم – بحسب خبرة الإنسان مع الله على مر التاريخ – أن كل أعمال الله قائمة على تدبير،
وفي هذا التدبير غرس صالح جيد يُثمر في وقته – حسب طبيعته لأنه فاعل – لتتميم مشيئة الله المتجهة لخلاص الإنسان، لأن قلب الإنسان في العهد القديم يُشبه بالأرض التي تحتاج أن تُهيأ للغرس الجديد الصالح حسب وعد قائم وهو وعد الخلاص وشفاء البشرية المتعبة من أوجاعها الداخلية ونقلها من التعب والمشقة للراحة الحقيقية، لأن الموت دخل إلى العالم بالخطية ومن ثم الفساد، لأن الأرض الغير مُهيأة للزراعة لا تصلح للغرس الجيد، لئلا تموت النبتة لأنها قد تنبت إلى حين، لكنها لن تُثمر أبداً لأن الأرض لم تُهياً للزرع الجديد، فالأرض كلها أشواك وأعشاب ضارة تحتاج للتطهير والتنقية.
فالعهد القديم بكل ما فيه هو عهد العلامات التي تُشير للصورة الحقيقية التي ظهرت في ملء الزمان حسب التدبير، فكل ما في العهد الأول من علامات وطقوس وناموس وكهنوت ليست بذات نفع من جهة إشباع البشرية على مستوى الداخل، بل كلها علامات خارجيه عملها كله إرشادي توجيهي تأديبي وتهذيبي، لأن العلامات التي نجدها على طريق السفر تعتبر إرشادية للتوجيه لكي يصل كل واحد للهدف والغاية النهائية من مسيرته في الطريق السائر فيه، وبدون هذه الإرشادات والعلامات يتوه الإنسان في الطريق ولا يستطيع الوصول، وهذا هو الهدف من العهد الأول بكل ما فيه من ناموس وكهوت وطقوس [فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ قَدْ زِيدَ بِسَبَبِ التَّعَدِّيَاتِ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ النَّسْلُ الَّذِي قَدْ وُعِدَ لَهُ، مُرَتَّباً بِمَلاَئِكَةٍ فِي يَدِ وَسِيطٍ؛ وَلَكِنْ قَبْلَمَا جَاءَ الإِيمَانُ كُنَّا مَحْرُوسِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، مُغْلَقاً عَلَيْنَا إِلَى الإِيمَانِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ؛ إِذاً قَدْ كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى الْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِالإِيمَانِ؛ وَلَكِنْ بَعْدَ مَا جَاءَ الإِيمَانُ لَسْنَا بَعْدُ تَحْتَ مُؤَدِّبٍ (غلاطية 3: 19، 23 – 25)]، وبالتالي فأن كل تمسك بالعلامات الإرشادية والوقوف عندها على أساس أنها الأساس والغاية، البداية والنهاية، تجعل الإنسان لا يصل للهدف الموضوعة من أجله:
ثُمَّ الْعَهْدُ الأَوَّلُ كَانَ لَهُ أَيْضاً فَرَائِضُ خِدْمَةٍ وَالْقُدْسُ الْعَالَمِيُّ (أي الذي نشأ في هذا العالم الحاضر)،
لأَنَّهُ نُصِبَ الْمَسْكَنُ الأَوَّلُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ ((الْقُدْسُ)) الَّذِي كَانَ فِيهِ الْمَنَارَةُ، وَالْمَائِدَةُ، وَخُبْزُ التَّقْدِمَة، وَوَرَاءَ الْحِجَابِ الثَّانِي الْمَسْكَنُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ ))قُدْسُ الأَقْدَاسِ)) فِيهِ مِبْخَرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَتَابُوتُ الْعَهْدِ مُغَشًّى مِنْ كُلِّ جِهَةٍ بِالذَّهَبِ، الَّذِي فِيهِ قِسْطٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ الْمَنُّ، وَعَصَا هَارُونَ الَّتِي أَفْرَخَتْ، وَلَوْحَا الْعَهْدِ وَفَوْقَهُ كَرُوبَا الْمَجْدِ مُظَلِّلَيْنِ الْغِطَاءَ. أَشْيَاءُ لَيْسَ لَنَا الآنَ أَنْ نَتَكَلَّمَ عَنْهَا بِالتَّفْصِيلِ ثُمَّ إِذْ صَارَتْ هَذِهِ مُهَيَّأَةً هَكَذَا، يَدْخُلُ الْكَهَنَةُ إِلَى الْمَسْكَنِ الأَوَّلِ كُلَّ حِينٍ، صَانِعِينَ الْخِدْمَةَ، وَأَمَّا إِلَى الثَّانِي فَرَئِيسُ الْكَهَنَةِ فَقَطْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ، لَيْسَ بِلاَ دَمٍ يُقَدِّمُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ جَهَالاَتِ الشَّعْبِ، مُعْلِناً الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَذَا أَنَّ طَرِيقَ الأَقْدَاسِ لَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ، مَا دَامَ الْمَسْكَنُ الأَوَّلُ لَهُ إِقَامَةٌ، الَّذِي هُوَ رَمْزٌ لِلْوَقْتِ الْحَاضِرِ، الَّذِي فِيهِ تُقَدَّمُ قَرَابِينُ وَذَبَائِحُ لاَ يُمْكِنُ مِنْ جِهَةِ الضَّمِيرِ أَنْ تُكَمِّلَ الَّذِي يَخْدِمُ، وَهِيَ قَائِمَةٌ بِأَطْعِمَةٍ وَأَشْرِبَةٍ وَغَسَلاَتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَفَرَائِضَ جَسَدِيَّةٍ فَقَطْ، مَوْضُوعَةٍ إِلَى وَقْتِ الإِصْلاَحِ. (عبرانيين 9: 1 – 10)
ووقت الإصلاح هو وقت العهد الجديد
فالعهد الأول قائم على دم ذبائح حيوانية لا يُمكن من جهة الضمير أنها تطهر إنسان، ولم تعالج أحد قط، أما العهد الجديد قائم على دم ابن الله الحي:
[FONT=&quot]وَكَذَلِكَ الْكَأْسَ أَيْضاً بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلاً: هَذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ (
[FONT=&quot]διαθήκη
[FONT=&quot] = عَهْد؛ مُعَاهَدَة؛ مِيثاق) الْجَدِيدُ
[FONT=&quot]καινὴ
[FONT=&quot] بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ (لوقا 22: 20)

[FONT=&quot]الْجَدِيدُ (
[FONT=&quot]καινὴ[/FONT][FONT=&quot] = بِكْر؛ جَدِيد – وجديد هنا تحمل معنى جودة عالية فائقة) = [/FONT][FONT=&quot]عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ قَدْ صَارَ يَسُوعُ ضَامِناً لِعَهْدٍ أَفْضَلَ؛ وَلَكِنَّهُ الآنَ قَدْ حَصَلَ عَلَى خِدْمَةٍ أَفْضَلَ بِمِقْدَارِ مَا هُوَ وَسِيطٌ أَيْضاً لِعَهْدٍ أَعْظَمَ، قَدْ تَثَبَّتَ عَلَى مَوَاعِيدَ أَفْضَلَ (عبرانيين 7: 22؛ 8: 6)[/FONT]
[FONT=&quot]وهنا نرى تأسيس عهد جديد أعظم وأفضل تثبت على مواعيد أفضل
[/FONT]​
[FONT=&quot]وبما أن العهد يقوم على البركة، فأن العهد الجديد قام على بركة أفضل، وهي البركة الجديدة عوض البركة القديمة التي تختص بالعالم الحاضر، فالأولى تنتهي بالموت لأنها تخص الجسد والثانية تمتد – حسب طبعها – للأبدية.[/FONT]
+ وَأَمَّا رَأْسُ الْكَلاَمِ فَهُوَ أَنَّ لَنَا رَئِيسَ كَهَنَةٍ مِثْلَ هَذَا، قَدْ جَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ الْعَظَمَةِ فِي السَّمَاوَاتِ. خَادِماً لِلأَقْدَاسِ وَالْمَسْكَنِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي نَصَبَهُ الرَّبُّ لاَ إِنْسَانٌ؛ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ. لأَنَّهُ يَقُولُ لَهُمْ لاَئِماً: «هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ الرَّبُّ، حِينَ أُكَمِّلُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمَعَ بَيْتِ يَهُوذَا عَهْداً جَدِيداً. لاَ كَالْعَهْدِ الَّذِي عَمِلْتُهُ مَعَ آبَائِهِمْ يَوْمَ أَمْسَكْتُ بِيَدِهِمْ لِأُخْرِجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَثْبُتُوا فِي عَهْدِي، وَأَنَا أَهْمَلْتُهُمْ يَقُولُ الرَّبُّ. لأَنَّ هَذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَعْهَدُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ يَقُولُ الرَّبُّ: أَجْعَلُ نَوَامِيسِي فِي أَذْهَانِهِمْ، وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْباً. وَلاَ يُعَلِّمُونَ كُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ قَائِلاً: اعْرِفِ الرَّبَّ، لأَنَّ الْجَمِيعَ سَيَعْرِفُونَنِي مِنْ صَغِيرِهِمْ إِلَى كَبِيرِهِمْ. لأَنِّي أَكُونُ صَفُوحاً عَنْ آثَامِهِمْ، وَلاَ أَذْكُرُ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا بَعْدُ». فَإِذْ قَالَ «جَدِيداً» عَتَّقَ الأَوَّلَ. وَأَمَّا مَا عَتَقَ وَشَاخَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الاِضْمِحْلاَلِ[FONT=&quot] (عبرانيين 8: 1 – 2؛ 7 – 13)[/FONT]
[FONT=&quot]فبظهور العهد الجديد عُتق وشاخ العهد الأول[/FONT]
[FONT=&quot]بكل ما فيه من أمور تعتبر إرشادية توجيهية، حتى الناموس بكل ما فيه من طقوس وعلامات صارت بلا فاعلية لأنها أُبطلت في المسيح بسبب أن كل من صار فيه صار خليقة جديدة حرة من الناموس وكل متعلقاته، فالناموس له بركاتة الأرضية وله لعناته، وكلها تختص بالحياة الحاضرة في العالم، أما بركة العهد الجديد لا يوجد فيها لعنات وهي مختصة بمجد ملكوت الابن الحبيب: [/FONT]
لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ»؛ اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ» (غلاطية 3: 13)
لذلك فأن كل من يحيا في العهد الأول
يعيش برموزه وعلاماته وكل ما يختص بناموسه
فأنه كمن وقف عند علامات الطريق واعتبرها النهاية ولم يكمل مسيرته ولم يصل للهدف الموجودة من أجله، ولم يفهم رموزها مثل الذي يقود سيارة ولا يفهم العلامات والرموز الخاصة بالمرور فيتخبط في طريقة وربما يقع في حادث أليم يقضي على حياته، لذلك فأن كل الذين يحيون بحسب الناموس هم تحت لعنة ولن يصلوا أبداً للمسيح الرب.
فعلينا الآن أن نُدرك قيمة العهد الجديد لنعيش فيه تاركين العهد الأول لأنه عتق وشاخ
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
لأن العهد الجديد تثبت على مواعيد أفضل وبركات أعظم بما لا يقاس، لأن البركة الآن ليست مادية تختص بالأرض والثمار والأولاد والصحة.. الخ، بل بركة من نوع جديد آخر في المسيح يسوع ربنا، فالبركة في العهد الجديد هي: مِلْءِ بَرَكَةِ الْمَسِيحِ εὐλογίας Χριστοῦ (رومية 15: 29)، وهي بركة بركة إنجيل الخلاص:
[مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ، لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ، الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ، الَّتِي أَجْزَلَهَا لَنَا بِكُلِّ حِكْمَةٍ وَفِطْنَةٍ، إِذْ عَرَّفَنَا بِسِرِّ مَشِيئَتِهِ، حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ، لِتَدْبِيرِ مِلْءِ الأَزْمِنَةِ، لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، فِي ذَاكَ. الَّذِي فِيهِ أَيْضاً نِلْنَا نَصِيباً، مُعَيَّنِينَ سَابِقاً حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشِيئَتِهِ، لِنَكُونَ لِمَدْحِ مَجْدِهِ، نَحْنُ الَّذِينَ قَدْ سَبَقَ رَجَاؤُنَا فِي الْمَسِيحِ. الَّذِي فِيهِ أَيْضاً أَنْتُمْ، إِذْ سَمِعْتُمْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، إِنْجِيلَ خَلاَصِكُمُ، الَّذِي فِيهِ أَيْضاً إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ، الَّذِي هُوَ عَرْبُونُ مِيرَاثِنَا، لِفِدَاءِ الْمُقْتَنَى، لِمَدْحِ مَجْدِهِ.] (أفسس 1: 3 – 14)

[/FONT]
[/FONT]
 

كلدانية

مشرف
مشرف
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
64,062
مستوى التفاعل
5,421
النقاط
113
شكراااا كثير لمجهودك الرائع
الرب يبارك حياتك وخدمتك
 
أعلى