نظرية العود الأبدي

[Namilos]

هل يوجد نقد لنظرية العود الأبدي لنيتشه؟

[خادم البتول]

هي نفسها تحتاج أولا إلى إثبات! مجرد نظرية قديمة أقرب للعبثية، وهذا ربما ما جعلها جذابة لنيتشه بعد أن ألحد وأنكر سائر الحقائق الروحية وفقد بالتالي كل غاية ومعنى لحياته. وجد نيتشه بالتالي ضالته في هذه النظرية فطوّرها، حاول أن يدعمها حتى علميا، ولكن هيهات. ما تزال نظرية ساذجة عقيمة لا معنى لها. سوف تجد نقدها مفصّلا في كتاب "نيتشه" للمفكر والفيلسوف المصري الكبير فؤاد ذكريا (بالمناسبة ضعفي شخصيا من عشاق نيتشه، رغم عدائه المعروف للمسيحية، ولكن حقا كما قال جبران: «لا يكسر القواعد إلا اثنان: المجنون والعبقري، وهما أقرب الناس إلى قلب الله»! فنيتشه كان بالقطع عبقريا، أو على الأقل مجنونا، وفي الحالتين أحبه ويحبه الله).

إذا كنت مهتما بهذه الأمور فابحث عما هو أنضج وأعمق، خاصة عند الحكماء الصينيين القدامى أصحاب نظرية "الزمن الدائري"، حيث يتقدم الزمن لا في خط مستفيم بل في دورات متتالية. هذا قريب مما تجد بنظرية العود، ولكنه أعمق كثيرا. على أي حال لا علاقة لكل ذلك بالمسيحية بعد، على الأقل ليس بشكل مباشر، نكتفي من ثم بهذا القدر.

[Namilos]

شكا عزيزي
هو استدل بأن قوي الكون فى ثبات و ليس زيادة أو نقص و هذا مؤيد علمياً

[خادم البتول]

نعم، قانون حفظ الطاقة، أو مصونية الطاقة. لا خلاف على هذه النقطة. ولكن هذا أولا ـ فيما أعلم ـ يقوم على افتراض أن النظام الكوني نظام مغلق، فهل هو مغلق؟ هناك ـ ثانيا ـ فيزياء الكوانتم التي قلبت كل الموازين رأسا على عقب وهدمت كل ما نعرفه عن الفيزياء وعن الكون عموما! يكفي مثلا قول العالم الفذ بوهر: «إذا لم تشعر بالصدمة بعد أن عرفت فيزياء الكوانتم، فهذا معناه أنك لم تفهمها بعد»! لم أقرأ شخصيا عن مصونية الطاقة في ضوء الكوانتم، ولكن أعرف على الأقل كيف حطمت هذه الفيزياء مفهوم الزمن ـ ناهيك عن مفهوم المادة ـ كما كنا نعرفه! آينشتين نفسه كاد يجن بسببها! (كتب آنذاك عبارته الشهيرة معترضا: «الله لا يلعب النرد»، فرد عليه بوهر قائلا: «يا دكتور آينشتين: لا تخبر الله عما يفعل»! )! الكوانتم باختصار كانت النقطة التي التقت عندها المادية والروحية أخيرا (ولذلك لا يريدون التحدث عنها أبدا)!

لذلك دعوتك أن تبحث عما هو أنضج وأعمق، سيان في باب العلم أو باب الفلسفة. "العود الأبدي" نظرية مدهشة ربما لنيتشه في زمانه، قبل أكثر من قرن تقريبا، أما اليوم فهي بالأحرى ساذجة! حتى في زمانه: لو أنه اجتهد قليلا، مع حكماء الصين والهند أو حتى الإغريق، لأتى بما هو أفضل كثيرا. لكنه للأسف ـ رغم عبقريته ـ كان ضحية عصره وثقافته وما ساد بتلك المرحلة من أفكار ومفاهيم، خاصة فيما يتعلق بالدين والكنيسة!


على أي حال إذا إردت الحوار حول هذه الأمر، أو غيره، فاطلب نقل الموضوع للمنتدى العام، أو افتح موضوعا جديدا هناك، لأننا لسنا بعد أمام أية "شبهة"، والناس في قريتنا لا يحبون أبدا هذا الخلط. أنت على أي حال عضو جديد وربما لم تستوعب بعد خريطة المكان جيدا، فتذكر بالتالي أن هناك مساحات أخرى لاستيعاب كل ما لديك، على الرحب والسعة دائما. تحياتي ومحبتي.