بنو إسرائيل والأرض الموعودة

Maya

Hebrew Christian
عضو مبارك
إنضم
2 ديسمبر 2005
المشاركات
1,243
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
Jerusalem - Israel
بنو إسرائيل والأرض الموعودة

أخوتي وأخواتي في المسيح الرب ...

إن قضية حق بني إسرائيل بأرضهم القديمة قد تكون غير واضحة للبعض الذين اختلطت معهم السياسة بأمور الدين والمسيحية ، وكثيراً ما واجهتْ الدارسين للكتاب المقدس وللتاريخ مسألة محيرة وهي كيف أهلك الله الكنعانيين وممالكهم ومنح الأرض والحق لشعب إسرائيل فيها لتكون أرضه إلى الأبد ؟

--------------

لذلك أقدّم هذه الدراسة حول هذا الموضوع وهناك إجابات لتساؤلات تدور في أذهان الكثيرين حول الفكرة التي تحدثتُ عنها :

" وَمَتَى أَتَى بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي حَلَفَ لآبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أَنْ يُعْطِيَكَ، إِلَى مُدُنٍ عَظِيمَةٍ جَيِّدَةٍ لَمْ تَبْنِهَا، 11 وَبُيُوتٍ مَمْلُوءَةٍ كُلَّ خَيْرٍ لَمْ تَمْلأْهَا، وآبار مَحْفُورَةٍ لَمْ تَحْفِرْهَا، وَكُرُومٍ وَزَيْتُونٍ لَمْ تَغْرِسْهَا، وَأَكَلْتَ وَشَبِعْتَ، 12 فَاحْتَرِزْ لِئَلاَّ تَنْسَى الرَّبَّ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. 13 الرَّبَّ إِلهَكَ تَتَّقِي، وَإِيَّاهُ تَعْبُدُ، وَبِاسْمِهِ تَحْلِفُ " .

********************

(1) كانت الأمم التي سكنت أرض كنعان قبل دخول بني إسرائيل إليها تحت قيادة يشوع في منتهى الشر والفجور، فلما أعطى الله نواميسه وأحكامه لبني إسرائيل حذّرهم من الرذائل والرجاسات ، وكرّر لهم القول إنه قد حكم بالقضاء على أولئك الشعوب ( الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ ) بسبب شرورهم و رجاساتهم (لاويين 18: 24-30) ، فإن كانت في تاريخ البشرية شعوب قد استوجبت غضب الله ونقمته فهي هذه الشعوب، لأن شرورهم قد وصلت إلى أقصى حد، حتى أن الأخلاق البشرية تنفر من مجرد تصورها!

(2) لا يمكن أن يُقال إن أولئك الشعوب كانت تنقصهم المعرفة، ولا بد أنّ ضمائرهم قد احتجَّت على شرورهم (رومية 1: 18-32) ، لقد كان عندهم الحق الذي ظهر نوره في حياة ملكي صادق، وإبراهيم واسحق ويعقوب، قبل القضاء على تلك الشعوب بنحو أربعة قرون ونصف، وهو يشهد ضدهم ، ومن المحتمل أيضاً أن ملكي صادق كاهن الله العلي قد خلَّف بعده قوماً عبدوا الإله الحقيقي، لأن الله لا يترك نفسه في أي جيل بلا شاهد،

(3) يجب أن لا ننسى أيضاً أن الله إله المحبة هو إله العدل أيضا ً، فهو يريد أن يغفر ويقبل، ولكن من يتمادى في رفض محبته والعصيان عليه فلا بد أن يقع تحت عدله، وكما أننا على يقين من وجود سماء ، كذلك لا ريب في وجود جهنم ونار أبدية ، قد يتعذّر على عقولنا القاصرة ومعرفتنا الناقصة أن نوفّق بين عدل الله ونعمته، ولكن الكتاب يعلـّّم عن الحقيقتين بكل وضوح،

(4) ولم يكن أمراً خارقاً للعادة أن يأتي قضاء الله على تلك الأمم بلا استثناء كبير أو صغير، ففي حادثة الطوفان هلك الجميع رجالاً ونساء ، كباراً وصغاراً، ما عدا نوحاً وعائلته، وعند إحراق سدوم و عمورة ( الغارقتين في الرذائل وعصيان شريعة الله وإرادته ) لم ينجُ من تلك المنطقة إلا لوط ومن استمع إليه ، وكذلك في وقتنا الحاضر إذا وقع وباء أو جوع على إقليم فإن الضربة تعمّ كل سكانه ولا يُستثنى الأطفال أيضاً ، ولما كانت طرق الله وأحكامه بعيدة عن الفحص وجب علينا التسليم بحكمته وعدم استغراب قضائه في هذه الحوادث وسواها، غير أن العقل البشري قد لا يجد في كل ما تقدم رداً على اعتراضه،

(5) من المحتمل أن الله من رحمته قضى على أولئك الأطفال ونقلهم من العالم الشرير قبل أن يكبروا فيسيروا في رجاسات أسلافهم ، مسوقين بإرادتهم الشريرة النجسة، وكما يُستفاد من نور تعليم الكتاب أنه خيرٌ للطفل أن يموت في عهد الطفولة من أن يكبر ويعيش في الشر ثم يموت في حالة عدم الإيمان بعد العصيان والتمرد على الله.( ومن يقرأ تاريخ الكنعانيين يرى كيف كانوا يربّون أولادهم وكيف كانوا يتعاملون مع كل من يحاول الإطلاع على عبادة وإيمان بني إسرائيل ومعرفة نور الله الحيّ ) .

(6) يعترض البعض على عدم إعطاء الكنعانيين فرصة للتوبة، ظانين أنهم كانوا يتوبون لو أمر الله بني إسرائيل بإرشادهم وتعليمهم بدلاً من إهلاكهم ، فعلاوة على ما سبقتْ الإشارة إليه في النقطة الثانية نقول: إن كان الله قد قَصَّر من عهد النعمة لتلك الأمم الأثيمة فلا بد أنه قد تصرّف بحكمة، ورأى بعلمه السابق أن الإرشاد ما كان يفيد أولئك الفجار الأثمة الأشرار الذين أعلنوا في قرارة نفسهم حرباً ضد الله وشريعته وشعبه بني إسرائيل !

(7) كان بقاء بني إسرائيل في حالة التعبد الصحيح يستلزم ليس فقط إخضاع أولئك الأثمة وإذلالهم، بل استئصالهم والقضاء عليهم، لأنهم لو بقوا في أرض كنعان لكانوا خطراً دائماً على طهارة عبادة الله، الأمر الذي قد حصل فعلاً (كما نرى أخيراً في تاريخ بني إسرائيل) ، فخير إسرائيل الروحي قضى بالانتقام من أولئك الشعوب الأثمة ، فيمكننا أن نقول في الختام إن الله في معاملته الكنعانيين بالعدل لم يتعدَّ ناموس رحمته، بمعنى أنه بيَّن محبته لإسرائيل باستئصال أولئك الفجّار، الذين لو بقوا لجلبوا عليهم الانحطاط الروحي والأخلاقي ولحاولوا إذلال الشعب القديم وجرّهم لعبادة الأوثان التي يعبدها الكنعانيون ، لذلك رأينا إرادة الآب وتصرفه الفائق الحكمة والعدل والالتزام بوعده لإبراهيم ونسله من بعده .


{{ اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ : أَنْتُمْ قَرُبْتُمُ الْيَوْمَ مِنَ الْحَرْبِ عَلَى أَعْدَائِكُمْ . لاَ تَضْعُفْ قُلُوبُكُمْ . لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْتَعِدُوا وَلاَ تَرْهَبُوا وُجُوهَهُم ْ، 4 لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ سَائِرٌ مَعَكُمْ لِكَيْ يُحَارِبَ عَنْكُمْ أَعْدَاءَكُمْ لِيُخَلِّصَكُم }} .
 
أعلى