يسوع الذي أعرفه حسب إعلان إنجيل خلاصنا

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot]
في الحقيقة حينما فتشت عن مسيح الله الآتي في ملء الزمان وتتبعت شهادة بشارة إنجيل الخلاص، وجدت يسوع وسط الخطاة والأثمة وعامة الناس البسطاء الجالسين في ظلال الموت وليس عندهم فكر ولا فلسفة ولا حتى معرفة بمبادئ العلوم الروحية واللاهوتية التي يعرفها مُعلمي اليهود الكبار، ولا حتى الفلاسفة العظماء.

[FONT=&quot]لقد فتح الروح عين ذهني لأرى مشهد عظيم، وهو لقاء رب المجد مع العشارين والخطاة، وفتح آذاني لأسمع صراخ المرضى والمعوزين ينادون على ابن داود من أجل أن يرحمهم ويشفيهم، وبسبب نداء إيمانهم تحنن عليهم وأعطاهم قوة شفاء وظل يجول وسطهم يصنع خيراً و يشفي جميع المتسلط عليهم ابليس وكل من هو في حاجة للشفاء بكونه آمن بأن فيه قوة شفاء لكل محتاج.

[FONT=&quot]ورأيت مشهد آخر عجيب للغاية، وهو أن كثيرين سعوا أن يلمسوه لأنهم عرفوا أن منه تخرج قوة طبيعية للشفاء، فهو لم يقترب منهم، لكنهم هم من سعوا إليه واقتربوا منه ولمسوه بإيمان وثقة فنالوا شفاء، والمرأة النازفة أعظم شهادة في الإنجيل أمام كل من يُريد أن يعرف يسوع طبيب النفس وخلاصها الحقيقي، لأن المشهد عجيب، لأن والرب يسير وسط التلاميذ توقف فجأة ليقول من لمسني لأنه شعر بقوة تخرج منه، وهذا هو سرّ الصلاة الحقيقية، لأن المرأة قالت في نفسها ان مسست ثوبه فقط شفيت (متى 9: 21)، وهكذا كثيرين اختبروا وتذوقوا قوة شفاء نفوسهم لأنهم قالوا في أنفسهم إذا طلبناه فأنه لن يخزينا بل سيُشرق علينا بنور وجهه ويعطينا نعمة وقوة ترفعنا إليه.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي مقابل هذه المشاهد العظيمة المفرحة للمتواضعين، وجدت معلمي اليهود العظماء دارسي الناموس الذين يملكون العلم والمعرفة بكل اتساعها وعمقها التي تفوق أكبر عارف ومُعلم اليوم، يتجادلون مع الرب ويتناقشون ولكنهم لم ينالوا منه شيئاً بل أظلمت عيون أذهانهم بسبب معرفتهم التي صارت لهم حاجزاً قوياً بل حصناً منيعاً وحائط صد يمنعهم من رؤية نوره ومعرفته كمسيا منتظرين مجيئه حسب الوعد، لذلك لو عدنا لنيقوديموس معلم اليهود الذي أتى للمسيح الرب ليلاً خوفاً من أن يُطرد من المجمع، ففي حديث الرب معه لم يفهم منه شيئاً، بل تهكم على كلماته لأنها صارت حجر صدمه لفكره، وانصرف وهو متعجب مندهش من هذا الحديث الغريب للغاية.[/FONT]
[FONT=&quot]فيا إخوتي الإنجيل هنا يوضح لنا اتجاهين لمعرفة المسيح الرب، اتجاه فيه معرفة على مستوى تذوق خبرة واقعية ونوال نعمة منه لأن الإنسان هنا جوعان لبرّ الله، واتجاه آخر مضاد ومعاكس فيه حوار فلسفي لأن الإنسان غني بالمعرفة وفي النهاية يخرج مفلس لا يمتلك شيء سوى جمع معلومات وفلسفة فكر، وهذا ما نشهده اليوم لأن كثيرين امتلئوا بالفكر حتى الشبع وفاضوا فلسفة كلام كثير جداً حول يسوع ودراسة كلماته وملئوا الدنيا أبحاث عميقة متسعة في كتب للاطلاع والمعرفة، ولكنهم فارغين من قوته وغير عارفين كيف يلمسوه لينالوا قوة في الإنسان الباطن فتنفتح عيونهم ويروا نور وجهه الساطع فيشبعوا من بره ويشهدوا لعمله الخلاصي أمام الجميع، حتى يقترب الكل منه ويشبع ويفرح ويرتفع للعلو الحلو الذي للقديسين.[/FONT]
[FONT=&quot]لذلك علينا أن نُحدد الفريق الذي ننتمي إليه، فيا إما ننتمي لفريق المرأة النازفة والمرأة التي أُمسكت في ذات الفعل وأيضاً الخاطئة التي جلست عند أقدام يسوع تغسلهما بدموعها وتجففهما بشعر رأسها، ومع الخطاة والعشارين ومساكين الأرض والجياع والعطاش إلى البرّ، فننال منه قوة، أو نتبع فريق العلماء الأغنياء والمتفلسفين المحبين للكلام والذين يتصارعون على الألفاظ والمعاني وصار قلبهم خواء ويحيوا في حالة هجران النعمة وقوة الله المُخلِّصة، وقد باغتهم روح رديء يعزز كبرياء قلبهم، ويجعلهم يظنوا أنهم مُعلمين عِظام مع أنهم خارج التدبير الخلاصي والإنجيل منغلق أمامهم كقوة الله للخلاص، لأن الإنجيل ينفتح فقط أمام من يُريد أن يدخل في سرّ التدبير الإلهي ليتذوق قوة النعمة المُخلِّصة، وينغلق أمام من يبحث عن المعرفة لأن عقله جوعان للفلسفة، لأن هؤلاء يخرجون محملين من أفكار كثيرة كلها كلام إنسانية مقنع، أما الذين يدخلون للإنجيل لأن نفوسهم تشتهي أن تجد يسوع ينالوا برهان الروح والقوة ويحيوا ببر الإيمان الصالح.[/FONT]
[FONT=&quot]ليتنا ننتبه لمسيح القيامة والحياة الذي اتى لا لكي نتفلسف إنما لنتغير على صورته لنصير شبهه، لا كمعلومة ولا كانفعال عاطفي رومانسي، بل كخبرة نتذوقها في حياتنا اليومية باستمرار على الدوام، وبالطبع لن يفهم كلامي سوى من يبحث فعلياً عن يسوع المُخلِّص شمس البرّ الذي منه شفاء النفس وقوتها، لأنه وحده يستطيع أن يرفعها لعلو المجد السماوي بروحه حسب مسرة مشيئة الآب.[/FONT]
[FONT=&quot]ويلزمني الآن أن أختم بأروع نشيد عرفناه لأنه فيه ملخص الكلام كله ولا يحتاج لتعليق:[/FONT]
[FONT=&quot]فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ. وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللَّهِ مُخَلِّصِي. لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي. لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ. وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً. كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لِإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ». (لوقا 1: 46 – 55)[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,646
مستوى التفاعل
3,557
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
موضوع لن يعجب محبي الكلام و المعرفة الفلسفية لأن فيها تعويض عن نقصٍ سَبَبُهُ قيم وموازين العالم الساقط ... هؤلاء يريدون أن يرضوا العالم بحسب الجسد.

أما الغريب عن هذا العالم، المنسحق القلب و العطشان الى البر يسعى الى المخلص صارخا: " قلبا نقيا اخلق في يا الله، وروحا مستقيما جدد في داخلي. لا تطرحني من قدام وجهك، وروحك القدوس لا تنزعه مني".

كلنا خطأة يا أيمن و نحتاج الى بره... يبقى الفارق بيننا هو الزمن، فالبعض يحتاج الى وقت أطول لكي يفوق و يصحى و يدرك أين يقف.
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
قادر إلهنا الصالح أن يكون للجميع مُعين ويعطي الكل يقظة
لينتبهوا لعمله ويطلبوا مجده آمين
 
أعلى