++ كيرلس ++
‡† الله محبة †‡
- إنضم
- 8 أغسطس 2009
- المشاركات
- 3,054
- مستوى التفاعل
- 717
- النقاط
- 0
هذه الشبهة عادة يتم عرضها من الذين لا يؤمنون بالغيبيات، لكن الرد عليها مفيد للجميع، لأنها تضعنا في المسار الصحيح للبحث العلمي، والذي مع أنه تطور بشكل هائل، الا أنه لم يُلغ أن يسوع المسيح حسب التاريخ والعلم هو نفسه يسوع المسيح حسب الايمان المسيحي القويم.
هذه المقالة منقولة من كتاب جوش ماكدويل "برهان جديد يتطلب قرارا"، الجزء الثاني من الكتاب، تحت عنوان "يسوع رجل التاريخ".
1(أ) المصادر العلمانية لشخصية يسوع التاريخية
وأقصد بالعلمانية هنا «الوثنية» أو غير المسيحية وغير اليهودية وهي عادة ضد المسيحية. لقد أشار الكثير من الكُتَّاب القدماء إلى يسوع والحركة التي قام بها. وكونهم أعداء للمسيحية في أغلب الأحيان يجعل منهم أفضل الشهود إذ ليس لهم مصلحة في الاعتراف بالأحداث التاريخية الخاصة بقائد ديني وأتباعه وهي الأحداث التي يزدرونها.
1(ب) كرنيليوس تاسيتوس
قال هابرماس : كان كرنيليوس تاسيتوس (حوالي 55- 120م) مؤرخاً رومانياً عاصر حكم بضعة أباطرة رومان. وقد أطلق عليه اسم «المؤرخ الأعظم» في روما القديمة. وهو معروف بوجه عام بين العلماء باستقامته الأخلاقية وصلاحه. (Habermas, VHCELJ, 87)، ومن أعماله الشهيرة «الحوليات» «والتواريخ». وتغطي «الحوليات» الفترة من موت أوغسطس عام 14م إلى موت نيرون عام 68م، بينما تبدأ «التواريخ» بعد موت نيرون وتصل إلى موت دوميتيان عام 96م. (Habermas, VHCELJ, 87)
وفي حديثه عن حكم نيرون، يشير تاسيتوس إلى موت المسيح ووجود المسيحيين في روما. وقد أخطأ في هجاء كلمة المسيح «Christus» وكان هذا خطأً شائعاً لدى الكُتَّاب الوثنيين. يقول تاسيتوس:
إن كل العون الذي يمكن أن يجيء من الإنسان، وكل الهبات التي يستطيع أن يمنحها أمير، وكل الكفارات التي يمكن أن تقدم إلى الآلهة، لا يمكن أن تعفي نيرون من جريمة إحراق روما. ولكي يسكت الأقاويل اتَّهم نيرون الذين يدعون «مسيحيين» ظلماً بأنهم أحرقوا روما، وأنزل بهم أقسى العقوبات. وكانت الأغلبية تكره المسيحيين، أما المسيح -مصدر هذا الاسم- فقد قُتل في عهد الوالي بيلاطس البنطي حاكم اليهودية في أثناء سلطنة طيباريوس. ولكن هذه البدعة الشريرة التي أمكن السيطرة عليها بعض الوقت عادت وانتشرت من جديد، لا في اليهودية فقط حيث نشأ هذا الشر، ولكن في مدينة روما أىضاً. (Annals XV, 44).
ويرى نورمان أندرسون أن هناك إشارة إلي قيامة المسيح في الفقرة السابقة: ربما كان قوله «هذه البدعة الشريرة التي أمكن السيطرة عليها بعض الوقت عادت وانتشرت من جديد» إشارة غير مباشرة واعتراف غير مقصود باعتقاد الكنيسة الأولى في أن المسيح الذي صُلب قد قام من الأموات. (Anderson, JC, 20)
ويشير ف.ف. بروس إلى أمر آخر ثانوي في فقرة تاسيتوس السابقة: «لا يُذكر بيلاطس في أي وثيقة وثنية أخرى وصلت إلينا.. ولعل من مفارقات التاريخ أن الإشارة الوحيدة الباقية لبيلاطس في كتابات كاتب وثني تأتي بسبب حكم الموت الذي أصدره على المسيح. وهنا يتفق تاسيتوس مع عقيدة المسيحيين الأوائل بالقول: «...قُتل في عهد بيلاطس البنطي» (Bruce, JCOCNT, 23)
أما ماركوس بوكمول الأستاذ بجامعة كمبريدچ فيشير إلى أن تعليقات تاسيتوس تعد شهادة لمؤرخ روماني رائد في عصره: شهادة مستقلة بأن يسوع عاش وحُكم عليه رسمياً بالموت في اليهودية أثناء سلطنة طيباريوس وولاية بيلاطس البنطي. وقد لا تبدو عنده الشهادة ذات أهمية كبيرة، ولكن أهميتها تكمن في دحض اثنتين من النظريات التي مازال البعض يطرحها. أولاً: أن يسوع الناصري لم يكن شخصية حقيقية، وثانياً: أنه لم يمت بموجب عقوبة الموت الرومانية. (Beckmuehl, TJMLM, 10, 11)
2(د) لوسيان الساموساطي
وهو من كُتَّاب الهجاء اليونانيين في النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي، وقد تحدث بازدراء عن المسيح والمسيحيين ولكنه لم يفترض أو يشكك مطلقاً في هذه الحقائق. ويقول لوسيان: إن المسيحيين كما نعلم يعبدون إلى هذا اليوم رجلاً ذا شخصية متميزة، وقد استحدث الطقوس الجديدة التي يمارسونها والتي كانت عَّلة صلبه... انظر كيف يعتقد هؤلاء المخدوعون أنهم خالدون مدى الدهر، وهو ما يفسر احتقارهم للموت وبذْل الذات طواعية وهو أمر شائع بينهم، وهم أيضاً يتأثرون بمشرِّعهم الأصلي الذي قال لهم إنهم جميعاً إخوة من اللحظة التي يتحولون فيها وينكرون كل آلهة اليونان ويعبدون الحكيم المصلوب ويعيشون طبقاً لشرائعه. وهم يؤمنون بهذه كلها مما يؤدي بهم إلى احتقار كل متعلقات الدنيا على حد سواء واعتبارها متاعاً مشتركاً للجميع (Lucian, the Death of Peregrine, 11- 13)
3(ب) سيوتونيوس
سيوتونيوس هو أحد المؤرخين الرومان وواحد من رجال بلاط الامبراطور هادريان وكان مؤرخاً حولياً للقصر الملكي، ويقول في كتابه «حياة كلوديوس»: لما كان اليهود يقومون بأعمال شغب مستمرة بتحريض من المسيح، طردهم (كلوديوس) من روما. ويشير لوقا إلى هذا الحدث في أعمال 18: 2، وهو ما وقع في عام 49م.
وفي أحد مؤلفاته الأخرى كتب سيوتونيوس عن الحرائق التي اجتاحت روما عام 64م أثناء حكم نيرون. يقول سيوتونيوس: لقد فرض نيرون العقوبات على المسيحيين، وهم جماعة من الناس يتبعون بدعة شريرة جديدة. (Lives of the Caesars, 26.2)
ويعتقد سيوتونيوس -الذي لم يكن محباً للمسيحية- أن يسوع صُلب في أوائل الثلاثينات من عمره وأن المسيحيين قد وُجدوا في المدينة الملكية قبل مرور عشرين عاماً من ذلك الوقت. وهو يحكي عن معاناتهم وموتهم بسبب عقيدتهم في أن يسوع المسيح قد عاش ومات وقام من الأموات حقاً.
4(ب) بلـّيني الصغير
وكان حاكماً لبيثينية في آسيا الصغرى (112م)، وكتب للإمبراطور تراچان يستشيره في كيفية معاملة المسيحيين. وقد أوضح له أنه كان يقتل الرجال والنساء، والصبية والفتيات منهم. ولما كان الكثير منهم يُقتلون، فقد تساءل فيما إذا كان ينبغي له الاستمرار في قتل أي شخص يكتشف أنه مسيحي أو أن يقتل فقط أشخاصاً معينين. وأوضح أيضاً أنه جعل المسيحيين يسجدون لتماثيل تراجان: ويواصل بلِّيني قائلاً: إنه جعلهم يلعنون المسيح، وهو الأمر الذي لا يقبله المسيحي الحقيقي. وفي نفس الرسالة يحكي عن الذين حوكموا: إلا أنهم أكدوا أن ذنبهم أو خطأهم الوحيد هو أنه كانت لهم عادة أن يجتمعوا في يوم معين قبل بزوغ النهار ويرنموا ترنيمة للمسيح، كما لو كان إلهاً، ويتعهدوا عهد الشرف ألا يرتكبوا شراً أو كذباً أو سرقة أو زناً، وألا يشهدوا بالزور وألا ينكروا الأمانة متى طُلب منهم أن يؤدوها. (Epistles X, 96)
5(ب) ثالوس
وثالوس هو أحد أوائل الكتَّاب العلمانيين الذين ذكروا المسيح. وحوالي عام 52م كتب تاريخاً لمنطقة شرق البحر المتوسط بدءاً من حرب تروجان إلى عصره (Habermas, VHCELJ, 93)، ولسوء الحظ فإن كتاباته غير متوفرة الآن إلا ما اقتبسه عنه الكُتَّاب الآخرون. ومن أمثال هؤلاء يوليوس أفريكانوس، وهو كاتب مسيحي دوَّن أعماله حوالي عام 221م. ومن أهم ما سجَّله ثالوس تعليقه على الظلمة التي غطت الأرض وقت الظهر عندما مات يسوع على الصليب. ويقول أفريكانوس: «يفسر ثالوس هذه الظلمة بحدوث كسوف للشمس- وهذا التفسير غير معقول من وجهة نظري لأن الكسوف الشمسي لا يمكن أن يحدث وقت اكتمال القمر، وكان ذلك الوقت هو وقت عيد الفصح عند اكتمال القمر عندما مات المسيح. (Julius Africanus, Chronography, 18.1)
وتبين هذه الإشارة أن رواية الإنجيل عن الظلمة التي غطت الأرض أثناء صلب المسيح كانت معروفة لغير المسيحيين، وحاولوا أن يوجدوا تفسيراً طبيعياً لها. ولم يكن لدى ثالوس أدنى شك في أن يسوع قد صُلب وأن حدثاً غير عادي قد ظهر في الطبيعة ولابد له من تفسير. وما شغل تفكيره هو أن يجد تفسيراً مختلفاً، أما الحقائق الأساسية فلم تكن موضع شك. (Bruce, NTDATR, 113)
6(ب) فليجون
كتب فليجون، وهو أحد المؤرخين غير المسيحيين الثقاة، تاريخاً سمَّاه «أخبار الأيام» ورغم ضياع هذا العمل، إلا أن يوليوس أفريكانوس قد احتفظ ببعض أجزائه القليلة في كتاباته. ومثل ثالوس فإن فليجون، يؤكد أن الظلمة خيَّمت على الأرض وقت صْلب المسيح، وهو يعتبر ذلك كسوفاً شمسياً: «وأثناء حكم طيباريوس قيصر حدث كسوف للشمس وقت اكتمال القمر» (Africanus, Chronography, 18.1)
كما ذكر إشارة فليجون هذه أيضاً كل من أوريجانوس، المدافع المسيحي الذي عاش في القرن الثالث (Contra Celsum, 2.14, 33, 59) والكاتب فلـيوبون من القرن السادس (De. Opif. Mund II 21). (McDowell/ Wilson, HWAU, 3)
7(ب) مارا بار- سيرابيون
وحوالي عام 70 م، كتب مارا بار- سيرابيون، وهو سرياني ولعله كان فيلسوفاً رواقياً، رسالة وهو في السجن إلى ابنه يشجعه على السعي في أثر الحكمة. وفي رسالته يقارن بين يسوع واثنين من الفلاسفة هما سقراط وفيثاغورس كتب يقول:
أية فائدة جناها الأثينيون من قتل سقراط؟ لقد أتى عليهم الجوع والوبأ جزاءً لجرمهم. وأية فائدة جناها أهل ساموس من حرق فيثاغورس؟ لقد غطت الرمال أرضهم في لحظة. وأية فائدة جناها اليهود من قتل ملكهم الحكيم؟ لقد تلاشت مملكتهم عقب ذلك. لقد انتقم الله بعدل لهؤلاء الرجال الثلاثة الحكماء: فقد مات الأثينيون جوعاً وغطَّى البحر سكان ساموس وطُرد اليهود من بلادهم حيث عاشوا في الشتات. ولكن سقراط لم يمت إلى الأبد ولكنه عاش في تعاليم أفلاطون ولم يمت فيثاغورس إلى الأبد، فقد عاش في تمثال هيرا. ولم يمت الملك الحكيم إلى الأبد، ولكنه عاش في التعاليم التي أعطاها. (Bruce, NTDATR, 114)
ومن المؤكد أن هـذا الأب لم يكن مسيحياً، لأنه وضع يسوع على قدم المساواة مع سقراط وفيثاغورس، وهو يعتبر يسوع حياً في تعاليمه وليس في قيامته، وفي موضع آخر يشير إلى إيمانه بتعدد الآلهة. إلا أن إشارته للمسيح تبيِّن أنه لم يشك في أن يسوع عاش حقاً.
هذه المقالة منقولة من كتاب جوش ماكدويل "برهان جديد يتطلب قرارا"، الجزء الثاني من الكتاب، تحت عنوان "يسوع رجل التاريخ".
1(أ) المصادر العلمانية لشخصية يسوع التاريخية
وأقصد بالعلمانية هنا «الوثنية» أو غير المسيحية وغير اليهودية وهي عادة ضد المسيحية. لقد أشار الكثير من الكُتَّاب القدماء إلى يسوع والحركة التي قام بها. وكونهم أعداء للمسيحية في أغلب الأحيان يجعل منهم أفضل الشهود إذ ليس لهم مصلحة في الاعتراف بالأحداث التاريخية الخاصة بقائد ديني وأتباعه وهي الأحداث التي يزدرونها.
1(ب) كرنيليوس تاسيتوس
قال هابرماس : كان كرنيليوس تاسيتوس (حوالي 55- 120م) مؤرخاً رومانياً عاصر حكم بضعة أباطرة رومان. وقد أطلق عليه اسم «المؤرخ الأعظم» في روما القديمة. وهو معروف بوجه عام بين العلماء باستقامته الأخلاقية وصلاحه. (Habermas, VHCELJ, 87)، ومن أعماله الشهيرة «الحوليات» «والتواريخ». وتغطي «الحوليات» الفترة من موت أوغسطس عام 14م إلى موت نيرون عام 68م، بينما تبدأ «التواريخ» بعد موت نيرون وتصل إلى موت دوميتيان عام 96م. (Habermas, VHCELJ, 87)
وفي حديثه عن حكم نيرون، يشير تاسيتوس إلى موت المسيح ووجود المسيحيين في روما. وقد أخطأ في هجاء كلمة المسيح «Christus» وكان هذا خطأً شائعاً لدى الكُتَّاب الوثنيين. يقول تاسيتوس:
إن كل العون الذي يمكن أن يجيء من الإنسان، وكل الهبات التي يستطيع أن يمنحها أمير، وكل الكفارات التي يمكن أن تقدم إلى الآلهة، لا يمكن أن تعفي نيرون من جريمة إحراق روما. ولكي يسكت الأقاويل اتَّهم نيرون الذين يدعون «مسيحيين» ظلماً بأنهم أحرقوا روما، وأنزل بهم أقسى العقوبات. وكانت الأغلبية تكره المسيحيين، أما المسيح -مصدر هذا الاسم- فقد قُتل في عهد الوالي بيلاطس البنطي حاكم اليهودية في أثناء سلطنة طيباريوس. ولكن هذه البدعة الشريرة التي أمكن السيطرة عليها بعض الوقت عادت وانتشرت من جديد، لا في اليهودية فقط حيث نشأ هذا الشر، ولكن في مدينة روما أىضاً. (Annals XV, 44).
ويرى نورمان أندرسون أن هناك إشارة إلي قيامة المسيح في الفقرة السابقة: ربما كان قوله «هذه البدعة الشريرة التي أمكن السيطرة عليها بعض الوقت عادت وانتشرت من جديد» إشارة غير مباشرة واعتراف غير مقصود باعتقاد الكنيسة الأولى في أن المسيح الذي صُلب قد قام من الأموات. (Anderson, JC, 20)
ويشير ف.ف. بروس إلى أمر آخر ثانوي في فقرة تاسيتوس السابقة: «لا يُذكر بيلاطس في أي وثيقة وثنية أخرى وصلت إلينا.. ولعل من مفارقات التاريخ أن الإشارة الوحيدة الباقية لبيلاطس في كتابات كاتب وثني تأتي بسبب حكم الموت الذي أصدره على المسيح. وهنا يتفق تاسيتوس مع عقيدة المسيحيين الأوائل بالقول: «...قُتل في عهد بيلاطس البنطي» (Bruce, JCOCNT, 23)
أما ماركوس بوكمول الأستاذ بجامعة كمبريدچ فيشير إلى أن تعليقات تاسيتوس تعد شهادة لمؤرخ روماني رائد في عصره: شهادة مستقلة بأن يسوع عاش وحُكم عليه رسمياً بالموت في اليهودية أثناء سلطنة طيباريوس وولاية بيلاطس البنطي. وقد لا تبدو عنده الشهادة ذات أهمية كبيرة، ولكن أهميتها تكمن في دحض اثنتين من النظريات التي مازال البعض يطرحها. أولاً: أن يسوع الناصري لم يكن شخصية حقيقية، وثانياً: أنه لم يمت بموجب عقوبة الموت الرومانية. (Beckmuehl, TJMLM, 10, 11)
2(د) لوسيان الساموساطي
وهو من كُتَّاب الهجاء اليونانيين في النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي، وقد تحدث بازدراء عن المسيح والمسيحيين ولكنه لم يفترض أو يشكك مطلقاً في هذه الحقائق. ويقول لوسيان: إن المسيحيين كما نعلم يعبدون إلى هذا اليوم رجلاً ذا شخصية متميزة، وقد استحدث الطقوس الجديدة التي يمارسونها والتي كانت عَّلة صلبه... انظر كيف يعتقد هؤلاء المخدوعون أنهم خالدون مدى الدهر، وهو ما يفسر احتقارهم للموت وبذْل الذات طواعية وهو أمر شائع بينهم، وهم أيضاً يتأثرون بمشرِّعهم الأصلي الذي قال لهم إنهم جميعاً إخوة من اللحظة التي يتحولون فيها وينكرون كل آلهة اليونان ويعبدون الحكيم المصلوب ويعيشون طبقاً لشرائعه. وهم يؤمنون بهذه كلها مما يؤدي بهم إلى احتقار كل متعلقات الدنيا على حد سواء واعتبارها متاعاً مشتركاً للجميع (Lucian, the Death of Peregrine, 11- 13)
3(ب) سيوتونيوس
سيوتونيوس هو أحد المؤرخين الرومان وواحد من رجال بلاط الامبراطور هادريان وكان مؤرخاً حولياً للقصر الملكي، ويقول في كتابه «حياة كلوديوس»: لما كان اليهود يقومون بأعمال شغب مستمرة بتحريض من المسيح، طردهم (كلوديوس) من روما. ويشير لوقا إلى هذا الحدث في أعمال 18: 2، وهو ما وقع في عام 49م.
وفي أحد مؤلفاته الأخرى كتب سيوتونيوس عن الحرائق التي اجتاحت روما عام 64م أثناء حكم نيرون. يقول سيوتونيوس: لقد فرض نيرون العقوبات على المسيحيين، وهم جماعة من الناس يتبعون بدعة شريرة جديدة. (Lives of the Caesars, 26.2)
ويعتقد سيوتونيوس -الذي لم يكن محباً للمسيحية- أن يسوع صُلب في أوائل الثلاثينات من عمره وأن المسيحيين قد وُجدوا في المدينة الملكية قبل مرور عشرين عاماً من ذلك الوقت. وهو يحكي عن معاناتهم وموتهم بسبب عقيدتهم في أن يسوع المسيح قد عاش ومات وقام من الأموات حقاً.
4(ب) بلـّيني الصغير
وكان حاكماً لبيثينية في آسيا الصغرى (112م)، وكتب للإمبراطور تراچان يستشيره في كيفية معاملة المسيحيين. وقد أوضح له أنه كان يقتل الرجال والنساء، والصبية والفتيات منهم. ولما كان الكثير منهم يُقتلون، فقد تساءل فيما إذا كان ينبغي له الاستمرار في قتل أي شخص يكتشف أنه مسيحي أو أن يقتل فقط أشخاصاً معينين. وأوضح أيضاً أنه جعل المسيحيين يسجدون لتماثيل تراجان: ويواصل بلِّيني قائلاً: إنه جعلهم يلعنون المسيح، وهو الأمر الذي لا يقبله المسيحي الحقيقي. وفي نفس الرسالة يحكي عن الذين حوكموا: إلا أنهم أكدوا أن ذنبهم أو خطأهم الوحيد هو أنه كانت لهم عادة أن يجتمعوا في يوم معين قبل بزوغ النهار ويرنموا ترنيمة للمسيح، كما لو كان إلهاً، ويتعهدوا عهد الشرف ألا يرتكبوا شراً أو كذباً أو سرقة أو زناً، وألا يشهدوا بالزور وألا ينكروا الأمانة متى طُلب منهم أن يؤدوها. (Epistles X, 96)
5(ب) ثالوس
وثالوس هو أحد أوائل الكتَّاب العلمانيين الذين ذكروا المسيح. وحوالي عام 52م كتب تاريخاً لمنطقة شرق البحر المتوسط بدءاً من حرب تروجان إلى عصره (Habermas, VHCELJ, 93)، ولسوء الحظ فإن كتاباته غير متوفرة الآن إلا ما اقتبسه عنه الكُتَّاب الآخرون. ومن أمثال هؤلاء يوليوس أفريكانوس، وهو كاتب مسيحي دوَّن أعماله حوالي عام 221م. ومن أهم ما سجَّله ثالوس تعليقه على الظلمة التي غطت الأرض وقت الظهر عندما مات يسوع على الصليب. ويقول أفريكانوس: «يفسر ثالوس هذه الظلمة بحدوث كسوف للشمس- وهذا التفسير غير معقول من وجهة نظري لأن الكسوف الشمسي لا يمكن أن يحدث وقت اكتمال القمر، وكان ذلك الوقت هو وقت عيد الفصح عند اكتمال القمر عندما مات المسيح. (Julius Africanus, Chronography, 18.1)
وتبين هذه الإشارة أن رواية الإنجيل عن الظلمة التي غطت الأرض أثناء صلب المسيح كانت معروفة لغير المسيحيين، وحاولوا أن يوجدوا تفسيراً طبيعياً لها. ولم يكن لدى ثالوس أدنى شك في أن يسوع قد صُلب وأن حدثاً غير عادي قد ظهر في الطبيعة ولابد له من تفسير. وما شغل تفكيره هو أن يجد تفسيراً مختلفاً، أما الحقائق الأساسية فلم تكن موضع شك. (Bruce, NTDATR, 113)
6(ب) فليجون
كتب فليجون، وهو أحد المؤرخين غير المسيحيين الثقاة، تاريخاً سمَّاه «أخبار الأيام» ورغم ضياع هذا العمل، إلا أن يوليوس أفريكانوس قد احتفظ ببعض أجزائه القليلة في كتاباته. ومثل ثالوس فإن فليجون، يؤكد أن الظلمة خيَّمت على الأرض وقت صْلب المسيح، وهو يعتبر ذلك كسوفاً شمسياً: «وأثناء حكم طيباريوس قيصر حدث كسوف للشمس وقت اكتمال القمر» (Africanus, Chronography, 18.1)
كما ذكر إشارة فليجون هذه أيضاً كل من أوريجانوس، المدافع المسيحي الذي عاش في القرن الثالث (Contra Celsum, 2.14, 33, 59) والكاتب فلـيوبون من القرن السادس (De. Opif. Mund II 21). (McDowell/ Wilson, HWAU, 3)
7(ب) مارا بار- سيرابيون
وحوالي عام 70 م، كتب مارا بار- سيرابيون، وهو سرياني ولعله كان فيلسوفاً رواقياً، رسالة وهو في السجن إلى ابنه يشجعه على السعي في أثر الحكمة. وفي رسالته يقارن بين يسوع واثنين من الفلاسفة هما سقراط وفيثاغورس كتب يقول:
أية فائدة جناها الأثينيون من قتل سقراط؟ لقد أتى عليهم الجوع والوبأ جزاءً لجرمهم. وأية فائدة جناها أهل ساموس من حرق فيثاغورس؟ لقد غطت الرمال أرضهم في لحظة. وأية فائدة جناها اليهود من قتل ملكهم الحكيم؟ لقد تلاشت مملكتهم عقب ذلك. لقد انتقم الله بعدل لهؤلاء الرجال الثلاثة الحكماء: فقد مات الأثينيون جوعاً وغطَّى البحر سكان ساموس وطُرد اليهود من بلادهم حيث عاشوا في الشتات. ولكن سقراط لم يمت إلى الأبد ولكنه عاش في تعاليم أفلاطون ولم يمت فيثاغورس إلى الأبد، فقد عاش في تمثال هيرا. ولم يمت الملك الحكيم إلى الأبد، ولكنه عاش في التعاليم التي أعطاها. (Bruce, NTDATR, 114)
ومن المؤكد أن هـذا الأب لم يكن مسيحياً، لأنه وضع يسوع على قدم المساواة مع سقراط وفيثاغورس، وهو يعتبر يسوع حياً في تعاليمه وليس في قيامته، وفي موضع آخر يشير إلى إيمانه بتعدد الآلهة. إلا أن إشارته للمسيح تبيِّن أنه لم يشك في أن يسوع عاش حقاً.